موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: في الإمارات.. التسامح غطاء للقمع وتكريس الاستبداد

129

يصعد النظام الحاكم في دولة الإمارات تكريس القمع والاستبداد في وقت يرفع فيه شعار التسامح كغطاء للتغطية على انتهاكاته.

ولم يتوقع الإماراتيون والمراقبون للوضع في الدولة أن يتم استخدام “السعادة” لتبرير القمع والتعذيب والسجون السرية، و”التسامح” للتضييق على المواطنين في المساجد، والاعتقالات والأحكام السياسية.

غادر أكاديميون ومسؤولون سابقون ونشطاء وسياسيون وعلماء من المواطنين الدولة من أجل البقاء، بعد أن مضت حملة القمع قُدماً، ومع اعتقال أخر الأصوات التي تتحدث عن حقوق الإنسان في الإمارات الناشط أحمد منصور، زادت حملة المغادرة كما تُظهر الأرقام الصادرة عن مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.

فقد طلب اللجوء عام 2017 (182 إماراتياً) وفي 2016 طلب اللجوء (165) وفي 2015 طلب اللجوء (101)، في عام 2014 طلب اللجوء (83)، وفي عام 2013 طلب اللجوء (46) إماراتياً، وفي عام 2012 طلب (24) إماراتياً اللجوء.

ومع هذا الوضوح في رفض القمع والتضييق على المواطنين، أعادت السلطات تفعيل البرامج المتعلقة ب”التسامح” مع مطلع هذا العام. فعلى سبيل المثال أعادت وسائل الإعلام الحديث عن “البرنامج الوطني للتسامح” الذي تم الإعلان عنه في يونيو/حزيران 2016م، بعد أن ظل هذا البرنامج غائباً طوال 29 شهراً، بلا إنجازات.

وبعد 29 شهراً من البرنامج الذي يفترض أنه شكل لجان ميدانية للنزول والتوعية والمتابعة، لم يوقف حالة المراقبة في المساجد ومنع الدعاة من تقديم النصح للمجتمع، وحظر تجمع المصلين في المسجد بعد الصلاة.

عدا “البرنامج” توجد لدى الدولة وزارة التسامح التي بدأت عملها في عام 2017، بتعيين الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان كأول وزير على رأسها، وخلال العامين الماضيين، تتجاهل الوزارة وبرامجها القمع الحاصل في البلاد وإدانة حرية الرأي والتعبير بدلاً من التسامح معها.

وفي مقابلته الأخيرة مع اسوشيتد برس الأمريكيّة يوم (24 يناير/كانون الثاني2019) يعترف الشيخ نهيان آل نهيان بالتضييق على المساجد والقمع السياسي المتفشي في البلاد لكنه يعتبر ذلك جزءاً من إجراءات لمواجهة التطرف. وهي مبررات واهية تضع كل الإماراتيين في سلة واحدة كإرهابيين محتملين لأنهم يؤدون صلاتهم في المسجد ولكونهم يرغبون بتجمع بسيط لدقائق للقاءات دينية واجتماعية أمام الناس وليس في دهاليز الأمن الخاصة.

وكشف “آل نهيان” أن مهمة وزارته ليست التسامح بين الإماراتيين وتضييق فجوة الخلافات والرأي بين الحُكام والسلطات، بل تقتصر “بالتواصل مع المقيمين في الإمارات من مختلف الأديان والخلفيات من أجل جعلهم يشعرون بالأمان والاحترام”.

بموازاة ذلك فمن الواضح أن هناك قصور قانوني وأخطاء كبيرة في النظام تستوجب الانتقاد، حتى السلطات في حديثها مع الدول والهيئات القانونية والحقوقية تتحدث عن محاولات إصلاح هذا القصور والخلل الكبير في الأنظمة. مع ذلك تحتفي وسائل إعلام الدولة دائماً، بالنظام القانوني الاتحادي وتعتبره واحد من الأنظمة المتحضرة. وهي دعاية مدفوعة من جهاز أمن الدولة، فبالنظر إلى تعامل السلطات وإدارة السجون تظهر كأنها قادمة من العصور الوسطى وليست في القرن العشرين.

ومع إعلان الدولة عن 2019 باعتباره عام التسامح، فالبداية من القوانين والتعامل مع السجناء والمعتقلين، فبدون تعديلها وإخضاعها للمراجعة فإن “التسامح” شعارات زائفة تستهدف غسيل السمعة السيئة في ملف حقوق الإنسان.

وتحتفي وسائل إعلام الدولة دائماً، بالنظام القانوني الاتحادي وتعتبره واحد من الأنظمة المتحضرة. وهي دعاية مدفوعة من جهاز أمن الدولة، فبالنظر إلى تعامل السلطات وإدارة السجون تظهر كأنها قادمة من العصور الوسطى وليست في القرن العشرين.

ويمكن رصد عديد المآخذ على النظام القانوني في الإمارات وكيف يستخدم وسيلة لتكريس القمع أبرزها:

أولاً: أمر من النيابة بالاعتقال، يُعتقل الكثير من المواطنين بالذات أولئك المُتهمين بالانتقاد على شبكات التواصل الاجتماعي، دون وجود أوامر اعتقال من النيابة العامة، وهو أبرز خلل يؤكد فشل النظام القانوني في الالتزام بأهم شروط الاعتقال المتمثل بإبراز أمر الاعتقال.

ثانياً: وجود المحامي، يفترض بالمحامي أن يكون مع المعتقل أو المحتجز منذ لحظة الإمساك به، لكن السلطات توفر المحامي أثناء المحاكمة! ويوضع المعتقل في سجن انفرادي لأسابيع، يتعرض خلالها للتعذيب الشديد.

ثالثاً: الاعتماد على الاعتراف، وليس على الأدلة الدامغة بارتكاب “الجريمة”، وعندما يَصل المعتقلون إلى المحكمة يشكون أنهم وقعوا اعترافاً تحت التعذيب، أو وهم معصوبي العينيين، لكن المحكمة تتجاهل هذه الشكاوى وتمضي قُدماً في القضية. بعض السجناء لا يتحدثون العربية ويتم إجبارهم على التوقيع على أوراق باللغة العربية تكون في النهاية اعترافاً بتهم ضدهم؛ رغم أن النيابة تقول إن مترجماً يكون حاضراً أثناء التوقيع.

وتصدر المحكمة الحكم بناءً على ذلك الاعتراف وليس على انعدام الأدلة. ويمكن لاعتراف شخص واحد أن يجرَّ معه عشرات الأخرين لنفس الحكم السياسي كما حدث في قضية “الإمارات 94” حيث استندت محكمة أمن الدولة إلى اعترافات أُخذت تحت التعذيب من الخبير التربوي أحمد غيث السويدي لإدانة المجموعة كاملة.

رابعاً: خلل في فهم القانون، يمكن أن يصدر قانون والمُتهم في السجن ويتم تطبيق مواد هذا القانون على المتهم رغم أن الحادثة وقعت بعد اعتقاله. فالأصل في القانون انه لا يسري على الماضي، وهذا ما أسماه فقهاء القانون بمبدأ (عدم رجعية القوانين).

خامساً: المحاكمة العادلة والشفافة، لا يسمح للسجناء بالذات في قضايا أمن الدولة بمقابلة المحامين أو استلام نسخة من القضية إلا قبل وقت قصير من النطق بالحكم، كما أن لقاء السجين بالمحامي صعب للغاية. وعادة لا تكشف السلطات عن مكان احتجاز السجين إلا نادراً وبضغط من المحامي يتم نقله إلى سجن شرعي. وتمنع السلطات وسائل الإعلام غير الحكومية والمنظمات الدولية من حضور جلسات المحاكمة. وإذا كان المُتهم من دولة أخرى فإن الدبلوماسيين يواجهون صعوبات من أجل مقابلة السجين أو توكيل محامين له.

سادساً: قوانين سيئة السمعة، من أجل تبرير القمع والتعذيب قام جهاز أمن الدولة بإصدار قانوني الجرائم الإلكترونية ومكافحة الإرهاب، وقام بتعديل قانون العقوبات، وهذه القوانين تحمل مواداً فضفاضة للغاية بشأن الانتقاد يمكن أن تضع الشخص في السجن عشرات السنوات وربما الإعدام بسبب انتقاد على شبكات التواصل الاجتماعي.

سابعاً: التحقيق في جرائم التعذيب، على الرغم من أن المحكمة الاتحادية العليا في الدولة تلقت عشرات الشهادات من متهمين بتعرضهم للتعذيب والسجن التعسفي والانفرادي والبقاء في السجون السرية لأسابيع وربما أشهر إلا أن المحكمة لم تحقق في واقعة واحدة من تلك الوقائع.

ثامناً: حق الزيارة، تحظر السلطات حق السجناء في قضايا أمن الدولة في تلقي الزيارات من عائلاتهم أو التواصل معهم، وهذه جريمة ضد القانون نفسه وضد الإنسانية.

تاسعاً: البقاء في السجن رغم انتهاء المُدة، حيث أبقت السلطات عدد من المعتقلين انتهت فترات سجنهم خلال عام 2018 في السجن بحجة أنهم ما يزالون يمثلون خطراً، مع أن الاتهامات كانت متعلقة بالانتقاد على شبكات التواصل الاجتماعي. وهم: أسامة النجار وعبد الله الحلو وفيصل الشحي وبدر البحري وأحمد الملا وسعيد البريمي وعبد الواحد البادي.

عاشراً: حقوق السجناء، تتعامل السلطات بدونية مع السجناء وتمنع عنهم الحقوق الأساسية في الأكل الجيد والكافي، وتهاجم سجناء في أماكن سجنهم، وتشن غارات على أماكن نومهم في ساعات متأخرة من الليل. وعندما يضطر السجين للإضراب عن الطعام من أجل المطالبة بحقوقه لا يحصل عليها.

الحادي عشر: السماح بتفتيش السجون، إذا كانت السلطات تعتقد أن سجونها وفق المواصفات الدولية فيما يخص حقوق السجناء، لماذا تحظر زيارات الأمم المتحدة والمنظمات إلى السجون ومقابلة السجناء والمعتقلين.

الثاني عشر: يحدد النظام القانوني للإمارات العلاقة بين القوانين الاتحادية والمحلية في الإمارات السبع، ومن الواضح أن السلطات الاتحادية ممثلة بجهاز أمن الدولة تخرق بشكل دائم النُظم المحلية.