موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

النظام الإماراتي يغرق الدولة ببؤر استيطانية كقواعد عسكرية للدول

229

حذر مركز الإمارات للدراسات والإعلام “إيماسك” من مخاطر سياسة النظام الإماراتي في إغراق الدولة ببؤر استيطانية كقواعد عسكرية للدول وهو ما يهدد حاضرها مستقبلها.

وأشار المركز إلى عثور وكالات المخابرات الأمريكية على أدلة هذا العام على أعمال بناء لما تعتقد أنه قاعدة عسكرية صينية سرية في العاصمة الإماراتية (أبوظبي)، والتي تم إيقافها بعد ضغوط مارستها واشنطن.

تكشف هذه المعلومات، كيف أصبحت الإمارات في قلب التنافس (حرب باردة) بين الولايات المتحدة والصين، والمخاطرة التي يتبعها صناع القرار ومستشاريهم في  أبوظبي في جهودهم لخلق توازن على حساب الإمارات ومستقبلها.

وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال يوم الجمعة (19 نوفمبر/تشرين الثاني) أن صور الأقمار الصناعية لميناء خليفة في أبوظبي، كشفت عن أعمال بناء مشبوهة داخل محطة حاويات تم بناؤها وتشغيلها من قبل شركة الشحن الصينية (كوسكو).

وتضمنت الأدلة حفريات ضخمة لمبنى متعدد الطوابق، وكان الموقع مغطى في محاولة للتهرب من التدقيق.

وفيما أجرت إدارة جو بايدن محادثات عاجلة مع السلطات الإماراتية. وقال مسؤولون للصحيفة إن الرئيس بايدن أعرب شخصيا مرتين لولي عهد أبوظبي محمد بن زايد عن قلقه إزاء تواجد الصين المتزايد في الإمارات، في مايو/أيار ثم في أغسطس/آب، وكان رد ولي عهد أبوظبي على ذلك أنه “سمع بوضوح” هذا التحذير.

وقالت الصحيفة إن واشنطن حذرت أبو ظبي من أن وجود الصين العسكري على أراضي الإمارات يهدد علاقاتهما.

أزمة جهاز الأمن

قالت السلطات الإماراتية للأمريكيين إنها لم تعرف بالأنشطة العسكرية الصينية!.

وقالت سفارة الإمارات في واشنطن لصحيفة وول ستريت جورنال: إن أبوظبي لم تجر محادثات ولم يكن لديها أي خطة أو نية لاستضافة أي قاعدة أو موقع عسكري صيني على أراضيها. مؤكدة أن الإمارات “لا علم لها بهذا الأمر”.

تملك الإمارات واحد من أكبر أجهزة المخابرات في دول الخليج العربي، نفي عدم علمها بوجود الأنشطة العسكرية الصينية في عاصمة الدولة يشير إلى أمرين الأول: أن هذا الجهاز يركز على ملاحقة ومطاردة الإماراتيين والمقيمين، ويتجاهل الأخطار الخارجية.

إذ تعتقل عشرات الإماراتيين منذ سنوات معظمهم بتهم متعلقة بتهديد الأمن القومي الإماراتي بسبب تغريدات تنتقد السلطات على تويتر أو مقالات رأي، وتفرض نظام مراقبة هائل على التواصل الاجتماعي والانترنت لمطاردة أي انتقاد للسلطات.

هذا النظام يبدو أنه فعال ضد حقوق وحرية الإماراتيين لا لمتابعة تهديد يتم بناءه أمام أعين المسؤولين.

الثاني: أن السلطات كانت تعلم وسمحت للصينين ببناء قاعدة عسكرية ومخابراتية في أبوظبي، وهذا أكثر من سيء. حيث توجد في أبوظبي عديد من القواعد العسكرية “أمريكية، فرنسية، أسترالية” وهذه الدول في المعسكر المناهض للصين، وجود قاعدة عسكرية صينية قد يحول عاصمة الإمارات إلى نقطة اشتباك.

رفضت جيبوتي طلبات متكررة من روسيا بإقامة قاعدة عسكرية على أراضيها، ورفضت السلطات الجيبوتية السماح لموسكو ببناء قاعدة عسكرية خشية الاشتباك على أراضيها أو تحوّل بلادهم إلى منطقة للعمليات المخابراتية بين الدول في المعسكرين المختلفين.

وقبل أربع سنوات أنشأت البحرية الصينية منشأة في جيبوتي، كأول قاعدة عسكرية خارج أراضيها، والتي تم وضعها داخل ميناء تجاري تديره الصين في دوراليه.

وتثير هذه القاعدة البسيطة المتعلقة بالميناء احتكاكات متصاعدة مع القاعدة العسكرية الأمريكية، وهو أمرٌ لو كان في دولة ذات اقتصاد كبير مثل الإمارات لأثر بشكل سلبي جداً عليه.

الضغوط الأمريكية

يقول تقرير وول ستريت جورنال إنه في أواخر سبتمبر/أيلول، ذهب مستشار الأمن القومي الأمريكي “جيك سوليفان” ومنسق البيت الأبيض للشرق الأوسط “بريت ماكغورك” إلى الإمارات وقدموا تفاصيل المخابرات الأمريكية عن الموقع للسلطات الإماراتية، وعاد “ماكغورك” هذا الأسبوع (منتصف نوفمبر/تشرين الثاني) إلى الإمارات للقاء ولي العهد.

وقال التقرير إنه بعد أن فتش المسؤولون الأمريكيون موقع ميناء خليفة مؤخرا، تم تعليق أعمال البناء.

وقال مسؤول أمريكي كبير: “قال الإماراتيون إن هذا لن يحدث. أحيلكم إلى الإماراتيين حول هذا المشروع بالتحديد. لكن يمكنني أن أخبرك أننا ملتزمون بشراكتنا الدائمة بين الولايات المتحدة والإمارات “.

إن تقرير “وول استريت جورنال” هو أحدث مثال على التنافس العالمي المتصاعد بين الولايات المتحدة والصين. وهو تنافس حذرت الإمارات من تحوله إلى حرب باردة ستؤثر على المنطقة بشكل كبير.

كان من الممكن أن يهدد بناء الموقع الصيني المزعوم في ميناء خليفة الصفقة العسكرية الضخمة بقيمة 23 مليار دولار بين واشنطن وأبو ظبي والتي تشمل خاصة تصدير 50 مقاتلات أمريكية من الجيل الخامس “أف -35 ” إلى الإمارات التي تعتبرها واشنطن جوهرة التاج لأسلحتها.

في أغسطس/آب الماضي كان تحذير في الكونجرس الأمريكي يلمح إلى القاعدة العسكرية الصينية في الإمارات.

إذ علق السناتور تود يونغ، أكبر جمهوري في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ خلال اجتماع للجنة، على محادثات البنتاغون مع الإمارات: “نحن نتفهم أنه ستكون هناك علاقة اقتصادية أو تجارية مع الصين، تمامًا مثل الولايات المتحدة، ولكن هناك فئات معينة من الأنشطة أو المشاركة التي قد يفكر فيها شركاؤنا مع الصين والتي، إذا فعلوا ذلك، ستشكل خطرًا على الولايات المتحدة”.

وقال السيناتور كريس مورفي: “ما مدى صعوبة إنشاء الصين لقاعدة في بلد مثل الإمارات التي على وشك الحصول على بعض من أكثر معداتنا الدفاعية حساسية (طائرات اف-35)؟”.

العلاقة مع الصين

العلاقة الإماراتية مع الصين توسعت خلال العقدين الماضيين، بما يتضمن “التكنلوجيا، الصحة، العلاقات العسكرية والسياسية”، وفي مطلع الألفية الحالية، وصل حجم التجارة الثنائية السنوية مع الإمارات إلى ملياري دولار.

لكنها ارتفعت منذ ذلك الحين إلى 50 مليار دولار2019، وقبل تفشي الوباء، كانت الإمارات تأمل في زيادته إلى 70 مليار دولار في 2020م.

وقدمت   الإمارات نفسها على أنها شريك أساسي للتوسع الصيني، بعد أن أنشأت علاقة تجارية متينة إلى جانب الاتفاقات التكنولوجية في السنوات الأخيرة، وتعزيز موقعها الخاص كمركز مالي ومركز النقل البحري الدولي. وردت الصين بالمثل واصفة الإمارات بأنها “لؤلؤة براقة على طول الحزام والطريق”.

وتلتقي سياسات البلدين في مواجهة الديمقراطية. وتملك “بكين” سجناً سرياً في دبي لمطاردة مسلمي الأيغور حسب تحقيق لوكالة اسوشيتد برس الأمريكية نشر في أغسطس/آب الماضي.

وقال مسؤول غربي: “أصبحت الإمارات جبهة توسع النفوذ الصيني. وكانت الولايات المتحدة قد أبعدت الإمارات عن هذه المنافسة سابقاً، لكنها أصبحت الآن تهاجم الإماراتيين بسبب هذه العلاقة، هناك شعور بأنك إما معنا أو علينا في هذه الحرب الباردة؛ مما أبرز التوترات التي تتراكم منذ بعض الوقت”.

ويبدو أن تأزم العلاقة مع واشنطن سيستمر في التصاعد، حيث فقدت أبوظبي حرية التأثير والضغط على إدارة بايدن، كما فعلت مع سلفه دونالد ترامب، ففي يوليو / تموز، وجهت إلى مسؤول سابق في إدارة ترامب تهمة ممارسة الضغط سرا لصالح الإمارات.

ويقول جوناثان هارفي الباحث المتخصص في السياسة الدولية: بينما تعلق الصين شروطاً سياسية أقل على العلاقات مع الإمارات، ستتحول أبوظبي بشكل متزايد نحو بكين في المستقبل، لا سيما إذا تراجع نفوذ واشنطن في المنطقة أكثر، لكن على المدى المنظور ستستمر أبوظبي في إيجاد طرق أخرى للبقاء على مقربة من واشنطن؛ مثل استقبال “أشرف غني” رئيس الوزراء الأفغاني، وإجلاء الدبلوماسيين من كابول.

ما تحتاجه الإمارات

ترى الإمارات “أن الولايات المتحدة هي شريكنا الاستراتيجي المهيمن، ولكن الصين مع الهند هي الشريك الاقتصادي الأول أو الثاني”.

يجب تحرير قرار الإمارات من الهيمنة الغربية، الأمريكية/البريطانية، ليكون قراراً وطنياً والبداية بإعادة مستشاري الحُكام والهيئات التنفيذية في الحكومة لمواطنين إماراتيين، بدلاً من المستشارين الأجانب.

كما تحتاج إلى التوازن في العلاقة وعدم الرضوخ للإملاءات الخارجية، والعمل بما تحتاجه الإمارات وينفع مستقبلها. لكن ليس على حساب فتح بؤر استيطانية كقواعد عسكرية للدول الأخرى، بل يجب العمل على إزاحة تلك القواعد والاعتماد على الإمارات وشعبها والمنظومة العربية في مواجهة الاعتداءات والمخاطر المحتملة.

في الوقت ذاته تحتاج إلى أن يكون صوت الشعب مسموعاً عبر الوسائل المعروفة والمؤثرة كمراقب، ومشرع، لأن الشعب وقيادته شركاء في الوطن وما يجري من استهداف للإمارات هو استهداف للشعب.

وما يؤثر على الإمارات هو تأثير على الشعب ومستقبل الأجيال القادمة، ولن يكون ذلك إلا بعد اهتمام جهاز الأمن (المخابرات) بمسؤولياته في حماية وتقدير حجم المخاطر المتعددة المؤثرة على الإمارات لا ملاحقة المواطنين وتكميم أفواه المنتقدين.