موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: فضائح متتالية للإنتربول في ظل رئاسة مسئول إماراتي للمنظمة

194

توالت فضائح منظمة الشرطة الجنائية الدولية “الإنتربول” من التستر على مطلوبين للعدالة إلى تسليم معارض لنظام بلاده وذلك في ظل رئاسة المسئول الأمني الإماراتي أحمد الريسي للإنتربول.

وقبل أيام سلّمت السلطات الصربية معارضاً بحرينياً بالتعاون مع “الإنتربول”، رغم صدور أمر قضائي من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ينص على ضرورة تأجيل التسليم إلى ما بعد 25 فبراير/شباط المقبل من أجل تقديم المزيد من المعلومات للمحكمة.

وذكرت صحيفة “ذا غارديان” البريطانية، أن المحكمة طلبت المزيد من الأدلة من السلطات الصربية حول القضية، وحذرت من أن عدم الامتثال لذلك يعني أن صربيا تخاطر بخرق الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

وأكد محامو المعارض البحريني أحمد جعفر محمد علي أن قاضياً في بلغراد أبلغ السلطات الصربية والإنتربول بالحكم يوم الأحد الماضي، وسُلِّم علي للبحرين في ساعة مبكرة قبل أيام على متن طائرة مستأجرة تابعة لشركة “رويال جيت”، وهي شركة طيران إماراتية خاصة يرأسها أحد أفراد الأسرة الحاكمة في أبوظبي.

ويمثّل تسليم علي أول قضية من نوعها منذ انتخاب اللواء أحمد ناصر الريسي، وهو مسؤول أمني إماراتي بارز، لرئاسة “الإنتربول”.

واتُّهم الريسي، الذي أشرف على نظام الاحتجاز الإماراتي، من قبل معتقلين سابقين، بالتواطؤ في التعذيب وسط قلق متزايد من أن انتخابه قد يشجع أيضاً الأنظمة الاستبدادية على إساءة استخدام هياكل “الإنتربول” لاعتقال معارضين في الخارج.

ونقلت “ذا غارديان” عن سيد أحمد الوادعي من معهد البحرين للحقوق والديمقراطية، أن “حقيقة أن الإنتربول قد شرع في هذا التسليم للبحرين على الرغم من علمهم بأنهم انتهكوا قراراً مباشراً من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان يحظر عودة أحمد، يبعث برسالة مدمرة مفادها أنه في ظل قيادة الريسي، سيتم تجاوز الخطوط الحمراء”.

وأضاف: “هذه الفضيحة تكشفت في عهده (المسؤول الإماراتي)، والإنتربول سيكون الآن متواطئاً في أي سوء معاملة يواجهه علي”.

وهذا الشهر كشف المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط، عن امتناع الريسي عن الاستجابة لطلب إسباني لتسليم تاجر أسلحة هارب من العدالة يقيم في الإمارات ما يشكل فضيحة مدوية للمنظمة.

وقال المجهر الأوروبي وهو مؤسسة أوروبية تعنى برصد تفاعلات قضايا الشرق الأوسط في أوروبا، إن السلطات الإسبانية قدمت طلبا رسميا لمكتب الانتربول في مدريد طلبا لتسليم تاجر الأسلحة الهارب الإسباني من ذوي أصول لبنانية عبد الرحمن الأسير (72 عاما) الذي يقيم في الإمارات.

وذكر المجهر الأوروبي أن الريسي امتنع عن الاستجابة للطلب الإسباني في سقوط مدوي له في أول اختبار بشأن تسليم مجرمين وهاربين من العدالة يقيمون في الإمارات وتلاحقهم بلدانهم.

أبرز المجهر الأوروبي أن الريسي فضلا عن امتناعه عن الاستجابة للطلب الإسباني، باشر بممارسة ضغوط على الأمين العام للانتربول يورغن شتوك بعدم تمرير الطلب الإسباني وتجاهله.

ويعد هذا أول سقوط للريسي في أول اختبار يواجهه بعد أسابيع من انتخابه لرئاسة الإنتربول على الرغم من انتقادات منظمات حقوق الإنسان واعتراضها على تورطه بقضايا التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان، ما يفرض المزيد من الرقابة على قرارات الإنتربول.

وعبد الرحمن الأسير هو صديق مقرب من الملك الفخري لإسبانيا خوان كارلوس الذي لجأ للإقامة في الإمارات منذ منتصف عام 2020 هربا من ملاحقته في قضايا فساد وتلقي رشاوي مالية.

في هذه الأثناء فإن الشكاوى التي تلاحق الريسي بتهم التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان دمرت سمعة الإنتربول.

ومعظم الشكاوى التي قدمت في عدد من الدول مثل بريطانيا وفرنسا والسويد وتركيا، رُفضت من المحاكم بدعوى عدم الاختصاص، نظراً لعدم إقامة الريسي على الأراضي الأوروبية أو حتى تواجده داخل تلك الدول، لكن انتقاله إلى مقر (الإنتربول) في ليون الفرنسية لممارسة عمله الجديد، جعله عرضة للملاحقة القضائية مرة أخرى.

وقالت توجبا بيار أستاذة القانون الدولي، “إن هناك احتمالين للمسار الذي يمكن أن تتخذه الشكاوى الجديدة المقدمة ضد الريسي في باريس، الأول هو فتح تحقيق بها من قبل القضاء الفرنسي، وفي هذه الحالة فقد يتم اعتقاله أو استدعاؤه للتحقيق على الأقل”.

وتابعت “أما المسار الثاني فهو رفض الشكوى مرة أخرى بسبب الحصانة الدبلوماسية التي يتمتع بها بموجب اتفاق عام 2008 الذي يحكم العلاقات بين (الإنتربول) وفرنسا”.

وتعتقد بيار أنه في حال تطبيق القانون الدولي بشكل سليم بعيداً عن التأثيرات السياسية، فإن المسار الأول هو الأكثر ترجيحاً، لأن القضاء الفرنسي “أصبح مختصاً بالنظر في القضية لتواجد الريسي على أراضيه.

كما أن التذرع بالحصانة الدولية غير ممكن لأن الريسي مازال يمارس عمله في الشرطة الإماراتية”، لكنها لا تستبعد أن تؤدي التأثيرات السياسية إلى إغلاق ملف الشكاوى كما حصل سابقاً.

من جهته، يرى المستشار القضائي والقانوني الإماراتي محمد بن صقر الزعابي، أنه بغض النظر عن المسار الذي سوف تتخذه هذه الشكاوى، إلا أنها ستؤدي إلى “التأثير بشكل كبير على سمعة منظمة (الإنتربول) ومصداقيتها”.

ويؤكد الزعابي أن مثل هذه الشكاوى بغض النظر عن نتيجتها، فإنها تضع الريسي تحت أنظار العالم، وتجعل ممارسته لأي تجاوزات وانتهاكات قانونية جديدة غير ممكناً، لعلمه أن المنظمات الحقوقية والمجتمع الدولي “يراقبونه”.

ويتفق الزعابي مع بيار، حول التداخل الموجود في هذه القضايا بين الشق القانوني والسياسي، مشيراً إلى أن أصل القضاء الفرنسي مختص في مثل هذه القضايا وفقاً لمبدأ الولاية العالمية له، كما أن “المتهم أصبح يتردد على فرنسا، ولا عذر في عدم السير في هذه القضايا سوى تدخل السلطة التنفيذية التي قد لا ترغب في فتح مثل هكذا ملف بسبب مصالحها مع النظام الإماراتي”.

وعن أهداف تقديم هذه الشكاوى يقول خالد إبراهيم، رئيس مركز الخليج لحقوق الإنسان، أحد الأطراف التي قدمت شكاوى بالتعذيب ضد الريسي، أنها “مهمة جداً في تقديم الصورة الحقيقة للإمارات كدولة تحصل فيها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وبسبب غياب الآليات المحلية لتحقيق العدالة لابد لنا من تحقيقها باستخدام مبدأ العدالة الدولية”.

ويتوقع إبراهيم حصول تأثير على الريسي بشكل حتمي لأن هذه الدعاوي القانونية ستلاحقه وتظهره “كشخص مطلوب للعدالة”، وتسلط الضوء على دوره في “ممارسة التعذيب الذي لحق بأحمد منصور وغيره من الإماراتيين”، مؤكدا أن “الحق سيظهر ويعاقب الجلادون في الإمارات وبقية بلدان المنطقة ولو بعد حين”.

أما روشني فاجيلا، مديرة منظمة الحملة الدولية للحريات في الإمارات، فأكدت أن الحملة الدولية تأمل في “اتخاذ إجراءات إيجابية من السلطات الفرنسية رداً على شكاوى التعذيب هذه”، وأن ينال الضحايا بمن فيهم الناشط الحقوقي أحمد منصور والأكاديمي البريطاني ماثيو هيدجز، العدالة التي يستحقونها”.

وأشارت فاجيلا إلى أن الحملة الدولية تدين مرة أخرى منح منصب رئيس (الإنتربول) للريسي، في ضوء “السجل المروع لحقوق الإنسان لدولة الإمارات ومشاركة الريسي في جهاز أمني يقمع بلا هوادة المعارضة ويستهدف المدافعين عن حقوق الإنسان”.

يشار إلى أن وكالة الأنباء الفرنسية فرانس برس، كشفت الثلاثاء الماضي تقديم شكاوى جديدة بارتكاب “التعذيب” و”أعمال وحشية” لدى قسم الجرائم ضد الإنسانية التابع لنيابة مكافحة الإرهاب ضد اللواء الريسي الموجود حاليا في فرنسا.