موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تناقض الإمارات بين نعي مبارك والتآمر لقتل مرسي

167

أبرز موقف النظام الإماراتي من وفاة الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك حدة التناقض الذي تعامت فيه أبو ظبي مع مصر ومرحلة ما بعد ثورة يناير 2011.

إذ نعت الإمارات بشكل رسمي مبارك وأعلنت الحداد عليه فور إعلان وفاته رسميا يوم أمس الثلاثاء، في وقت كانت امتنعت عن نعى أول رئيس منتخب لمصر محمد مرسي الذي توفى في حزيران/يونيو الماضي داخل سجنه.

وأعلنت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية أن رئيس الدولة خليفة بن زايد بعث برقية تعزية إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر “عبر فيها عن خالص تعازيه وصادق مواساته في وفاة الرئيس الأسبق للجمهورية محمد حسني مبارك”.

كما بعث محمد بن راشد نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ومحمد بن زايد ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة برقيتي تعزية مماثلتين إلى السيسي.

من جهتها قالت مصادر مصرية مطلعة إن رئاسة الجمهورية المصرية كانت مترددة في اتخاذ قرار تنظيم جنازة عسكرية لمبارك، لكن اتصالاً هاتفياً جاء من الإمارات حسم الأمر وجعل السيسي يقرر تنظيم جنازة عسكرية.

ونقلت صحيفة “العربي الجديد” الصادرة من لندن عن المصادر إن اتصالات أخرى من ملوك وأمراء في الدول العربية، ولا سيما في الخليج، تلقاها السيسي، أكدت حضور شخصيات مهمة من تلك الدول جنازة مبارك، وهو الأمر الذي سيجبر الرئيس المصري على حضور الجنازة اليوم.

يشار إلى أن أول نعي رسمي لمبارك جاء من قبل رئاسة الجمهورية المصرية، ولكن دون إعلان الحداد العام.

وقالت في بيان مقتضب على صفحة المتحدث الرسمي في “فيسبوك”: “تنعى رئاسة الجمهورية ببالغ الحزن رئيس الجمهورية الأسبق السيد محمد حسني مبارك، لما قدمه لوطنه كأحد قادة وأبطال حرب أكتوبر المجيدة، حيث تولى قيادة القوات الجوية أثناء الحرب التي أعادت الكرامة والعزة للأمة العربية”.

وأضافت: “تتقدم رئاسة الجمهورية بخالص العزاء والمواساة لأسرة الفقيد الذي وافته المنية صباح اليوم الثلاثاء الموافق 25 فبراير 2020”.

وبعد مرور ساعتين على صدور النعي الرئاسي، أصدرت الرئاسة بياناً جديداً أعلنت من خلاله الحداد العام.

وجاء في البيان: “إعلان حالة الحداد العام في جميع أنحاء الجمهورية لمدة ثلاثة أيام، حداداً على وفاة الرئيس الأسبق لجمهورية مصر العربية محمد حسني مبارك، وذلك اعتباراً من يوم الأربعاء الموافق 26 فبراير 2020”.

وقد جاء إعلان الحداد العام في مصر بعد إعلان دولة الإمارات تنكيس الأعلام لمدة يوم واحد في جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية داخل الدولة إلى جانب السفارات والبعثات الدبلوماسية في الخارج.

وكانت دولة الإمارات دعمت ثورة مضادة في مصر قادت إلى انقلاب عسكري صيف عام 2013 وعزل أول رئيس منتخب ديمقراطيا للبلاد محمد مرسي الذي ظل معتقلا في ظروف احتجاز غير إنسانية حتى توفى خلال إحدى جلسات محاكمته.

وكعادة الأنظمة السلطوية لم يُسمح بجنازة لمرسي خوفاً من ردة الفعل الشعبية، وتم دفنه بحضور العائلة والمحامي في منطقة غير مسقط رأسه.

وبينما جرى على نطاق واسع عربيا وإقليميا نعي محمد مرسي والتنديد بما جرى له من اعتقال ومن ثم قتل متعمد، التزمت الإمارات الصمت الرسمي بل حرضت أذرعها الإعلامية على النيل من الرجل والتذكير بأنه قيادي في الإخوان المسلمين بغرض التحريض عليه.

وقد دعمت الإمارات الانقلاب العسكري في مصر بمليارات الدولارات وتم إسقاط د مرسي من السلطة ليتربع الجنرال عبدالفتاح السيسي السلطة وينهي آمال المصريين بحكم مدني بعد عام واحد فقط من بدء الفترة الرئاسية لمرسي عقب ثورة 25 يناير2011.

لم ترد الإمارات منذ الوهلة الأولى تصديق قيام شرعية لقوة إسلامية منتخبة انتخابًا ديمقراطيًا في مصر أو غيرها من دول الربيع العربي، ومن بينها -كما يقول المصريون اسباباً اقتصادية- حيث شكلت ملامح التوجهات الخارجية لجمهورية مصر إبان حكم محمد مرسي تغييرًا في خارطة الفاعلين الإقليمين وتبدل في المواقع أثر عمومًا على المحاور السياسية القديمة، واعتبرت دولة الإمارات هذه الملامح تهديدًا لمصالحها الجيوسياسية في المنطقة.

وتسببت مِنح إماراتية لمصر تجاوزت 52 مليار دولار منذ يوليو/تموز2013 وحتى منتصف 2018 في اضطرابات محلية لتمسك السلطة العسكرية بالسلطة التي تُدر عليهم أرباحاً من دول الخليج، وعلى رأسها أبو ظبي.

أما قبل الانقلاب فيشير كتاب للصحفي والمؤرخ ديفيد كيركباتريك حمل عنوان “في أيدي الجنود: الحرية والفوضى في مصر والشرق الأوسط” يناقش وضع مصر بعد 2011م، إلى أن الإمارات قدمت ملايين الدولارات لما عُرفت بالمعارضة الشعبية ضد مرسي، وأن هذه الملايين كانت تمر عبر بوابة وزارة الدفاع المصرية التي كان يرأسها آنذاك الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي. في عام 2018 كانت السلطات المصرية تبتز الإمارات بهذه الأموال بعرضها على المحاكم.

خلال السنوات الست من الانقلاب العسكري، وبقاء الرئيس المصري محمد مرسي في السجن دعمت أبوظبي السلطات العسكرية من أجل: إقصاء القوى الإسلامية من المشهد الاجتماعي والسياسي المصري، واعتبار حركة الإخوان المسلمين حركة إرهابية.

إضافة إلى حصر أولويات الدولة في مكافحة الإرهاب وإحلال الأمن وذلك من أجل الهروب من الاستحقاقات المحلية. ودفعت بملايين الدولارات والمدرعات والأسلحة الحية والذخيرة. بما في ذلك الدور الكبير لأبوظبي في فض اعتصام رابعة العدوية والذي أدى إلى مقتل المئات من المعتصمين.

كما دعمت الإمارات النظام العسكري المصري ضد شعبه بتحجيم قوى الحراك الثوري من خلال إنكار حقهم في التجمع أو رفض أفكارهم أو تنظيم المظاهرات.

كذلك دعمت الإمارات الاعتراف بالانقلاب العسكري دولياً من خلال جماعات الضغط والمستشارين الذين سخرتهم طوال السنوات الماضية لدعم هذا النظام.

وفي منتصف مارس/أذار 2019 استعرضت محكمة جنايات القاهرة المصرية وثائق “سرية” تشير إلى أن الإمارات موّلت مجموعة معارضة في عهد مرسي.

ووفقا لصحيفة “الشروق” المصرية، فقد استعرضت المحكمة تقريرا معنونا بأنه للعرض على المستشار النائب العام، مؤرخ من أعلاه 19 شباط/ فبراير 2013، ومُدون عليه بأنه سري للغاية، ويُفرم عقب قراءته، يتناول التقرير وقائع المحضر رقم 609 لسنة 2013 إداري قصر النيل، الذي يشير إلى أنه في 30 كانون الأول/ يناير حرر قسم قصر النيل محضرا، أثبت فيه محرره قيام تشكيلات عصابية بتنفيذ مشاريع إجرامية ممنهجة، غرضها إحداث الفوضى، والتعدي على قوات الشرطة.

الوثائق عرضت “محاضر وتقارير رسمية” من “جهات الأمن” أفادت بأن “مراقبات هواتف” والتحريات والمحاضر كشفت أن الإمارات وسفارتها في القاهرة كانت تمول “تشكيلات لتنفيذ مشاريع ممنهجة، غرضها إحداث الفوضى، والتعدي على قوات الشرطة”.

وجاء في المحضر اسم الشخص المتعامل من داخل السفارة الإماراتية، ويدعى “نوار”، وكان يمد المتهم “إيهاب مصطفى حسن عمار”، وشهرته “إيهاب عمار”، بالأموال، ويحصل منه على معلومات.

وتشير المحاضر إلى أن مجموعات تمركزت خلف فندق سميراميس، وبحوزة بعضهم أسلحة نارية، استخدموها في إطلاق الأعيرة النارية في الهواء عشوائيا، مُحدثين الفوضى في محيط الفندق، وقاموا باقتحامه على موجتين فيما بين الثانية عشرة بعد منتصف الليل، حتى الثالثة فجرا من اليوم ذاته، وتمكنوا من سلب بعض محتوياته، والفرار بها تحت ستار الأعيرة النارية التي أطلقوها صوب قوات الشرطة التي كانت تلاحقهم.

ومثلما كانت سببا في الانقلاب عليه ومن ثم اعتقاله فإنه من غير المستبعد أن تكون الإمارات تورطت بدعم قتل مرسي حتى لا يكشف أي حقائق إضافية عن دورها التخريبي في مصر.

وكانت دولة الإمارات تكنّ العداء الشديد لنظام مرسي، حيث أكدت تقارير عديدة وشخصيات قيادية دعم أبوظبي لانقلاب السيسي، الذي كان حينها قائداً للجيش.

وفور إعلان السيسي بيان انقلابه على مرسي، يوم الثالث من يوليو 2013، غرد بن زايد مزهواً قائلاً: “مبروكة يا أم الدنيا”.

وقال حينها في بيان صحفي أيضاً: “إن جيش مصر العظيم يثبت من جديد أنه بالفعل سياج مصر وحاميها ودرعها القوي، الذي يضمن لها بأن تظل دولة المؤسسات والقانون التي تحتضن كل مكونات الشعب المصري الشقيق”.

الاجتماع الذي سبق وفاة مرسي، قالت عنه صحف مصرية وإماراتية إنه تم خلاله تأكيد “مساندة القاهرة للإمارات ودعم أمنها واستقرارها في هذه المرحلة الدقيقة التي تتعاظم فيها التحديات، وكذا دعم مواقفها داخل جميع المحافل الدولية والإقليمية، ودعم الإمارات لعملية التنمية والاستثمار والإصلاح الاقتصادي في كل ربوع مصر”.

كما أكد السيسي لبن زايد خصوصية العلاقات المصرية الإماراتية الممتدة عبر عقود من التعاون المثمر والتنسيق الوثيق بين البلدين.

وذكرت مجلة الإيكونومست الأمريكية، في أبريل 2018، أن الإمارات قدمت ملايين الدولارات لما عُرفت بالمعارضة الشعبية ضد الرئيس المصري المنتخب مرسي، وأن هذه الملايين كانت تمر عبر بوابة وزارة الدفاع المصرية، التي كان يرأسها آنذاك السيسي.