موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الإمارات وصنع مجمع ثقافي ثقافيًا مواليا لأجندتها

55

من المثير للفضول تتبع الكيفية التي تعمل بها الآلة الثقافية والإعلامية في الإمارات، أو حتى على الأقل قراءة المكتوب بين سطورها لرؤية ما هو أبعد مما تراه العين المجردة.

والقراءة الواعية للجوائز الثقافية التي تمنحها وشخصياتها وأهدافها، والحاصلين عليها تلقي بكثير من الضوء على أجندة البلد الداعم، ونوعية “المجتمع” الذي تصدره لجاراتها من العرب.

كيف اشترت الإمارات مجتمعًا ثقافيًا مواليًا لها؟ وكيف تبدو أدبيات هذا المجتمع؟ بالكثير والكثير من المراكز البحثية والجوائز والمال طبعًا. إحدى هذه الجوائز  المركزية في دوائر صنع الهيمنة الإماراتية “جائزة الشيخ زايد للكتاب”، التي توصف (على موقعها) بأنها “بأنها جائزة مستقلة تكرم صناع الثقافة والمفكرين والمبدعين والناشرين والشباب، عن جهودهم في مجالات التنمية والتأليف والترجمة”. وجدير بالتنويه إلى أن قيمة الجائزة الإجمالية سبعة ملايين درهم إماراتي.

ذهبت جائزة شخصية العام السابق إلى أمين معلوف الذي حصد عدة جوائز مهمة في تاريخه، ولكنه لكي ينشر قيم التسامح أطل في الثاني من حزيران/يونيو، في السنة نفسها، ضيفًا على شبكة “آي 24″ الإعلامية الإسرائيلية، كنوع من الترويج للتطبيع مع إسرائيل، حتى ذهب البعض إلى وصفه بـ”ليون الإسرائيلي” على غرار روايته “ليون الأفريقي”.

أما “جائزة الشيخ زايد للتنمية وبناء الدولة” فذهبت إلى جمال سند السويدي، عن كتابه “السراب”، الذي كان يوزع “مجانًا” في معرض الإسكندرية للكتاب الذي بدأت وانتهت فعالياته في نيسان/أبريل الماضي .

جمال سند هو مدير عام “مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجيَّة”، لذا حاز الكتاب على كل دعاية ممكنة له بسبب “تحليل متعدد المستويات لحركات الاسلام السياسي”! كانت جماعات الإسلام السياسي هي الهدف الأساسي للكتاب بما فيها الإخوان المسلمون.

وهذا يقودنا إلى نوعية “الاسلام السياسي الآخر” الذي ترضى عنه و تدعمه الإمارات العربية المتحدة، ويمكننا رؤية نسخة منه على موقع “مؤسسة طابة” حيث نرى بين أعضاء المجلس الاستشاري الأعلى أسماء مثل على جمعة، مفتي الديار المصرية، المقرب من نظام عبد الفتاح السيسي بطبيعة الحال، وأسماء محمد سعيد رمضان البوطي، والحبيب عمر بن حفيظ، وغيرهم من رموز “الإسلام” الموالي للسلطة.

أما مؤسسة “مؤمنون بلا حدود” فهي مؤسسة تتحدث في أدبياتها عن حرية المعتقد وكرامة الإنسان، ومقرها الرباط، ويبدو أن نشاطها في القاهرة يعمل من خلال “مركز دال للبحث والإعلام”. كلام براق لا يبدو أي غبار عليه، حتى تبحث في صفحة الأفلام الوثائقية لتجد فيلم “الطريق إلى رابعة”، الذي يحمل مغالطات كبيرة بغض النظر عن الانتماء الأيديولوجي، وقد استخدمته شبكات إعلامية، تغطياتها ترتقي إلى مستوى الفضائح الإعلامية مثل كل من سكاي نيوز عربية وقناة العربية، فيما يبدو أنه محاولة لتزييف الحقائق لحساب الأجندة.

في النهاية؛ وفي خطوة تبدو تتويجًا لما يسمى بـ”جهود الإمارات ” لخلق مجتمع صحفي وثقافي ودبلوماسي موالٍ لأجندتها السياسية والإعلامية، يُدفع له بسخاء كبير، ويتم من خلاله تمرير التوجه العام للبلاد نحو جاراتها من العرب، وفي الولايات المتحدة.

فقد أسست الإمارات ما يسمى بـ”مجلس القوة الناعمة للإمارات”، وقد أعلن عنه في بداية أيار/مايو من هذا العام، وهو مركز استراتيجي يتبع مجلس الوزراء، سيصب فيه على ما يبدو خلاصة كل مؤسساتها الفكرية والثقافية والمهتمة بالتنمية المستدامة بشكل حكومي رسمي، من خلال اللعب على وتر “مراجعة كل التشريعات والسياسات المؤثرة على سمعة دولة الإمارات”.

والحقيقة أن أحدًا لا يعرف هل تشمل سمعة الإمارات ما تم ذكره من منع أندرو روس، الأستاذ في جامعة نيويورك عام 2015 من دخول الإمارات، لإجراء أبحاث حول أوضاع  العمالة المهاجرة؟ كما ورد في مقابلة معه في نفس العام في “نيويورك تايمز”، إذ مُنع روس من دخول الإمارات، وجاءت حيثيات منعه من الدخول “لدواع أمنية”! كذلك الحال بالنسبة لاستقدام عشرات الشخصيات الإسرائيلية تحت عنوان خبراء في مجالات عدة، خاصة بالتنسيق مع مؤمنون بلا حدود واستخدامها شعار الديانات السماوية الثلاث لتمرير حزم مكتملة من الأنشطة التطبيعية مع إسرائيل.

لا تبدو المشروعات البحثية الإمارتية في النهاية أنها تحمل أي محتوى حقيقي، يسعى إلى نشر الفكر والثقافة البناءة وتشجيع الإبداع الخلّاق، بل يبدوالأمر وكأنه إلباس الرجعية بأساليب تقدمية من خلال مراكز الأبحاث والدراسات داخلها وخارجها ، لتضمن الولاء لرؤية محددة، تُقرأ بشكل مباشر من طموحات وأحلام الطبقة الحاكمة، التي تنسق مع نسخة من “إسلام” لا يتطلع إلى السلطة، ومثقفين يتبنون رؤى تتسامح مع التطبيع، ومراكز بحثية تتبنى مغالطات معلوماتية لمصلحة الرؤية السياسية للإمارات.