موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: هكذا غدرت الإمارات بمصر في ملف أزمة سد النهضة

178

تظهر الوقائع غدر دولة الإمارات بجمهورية مصر العربية في ملف أزمة سد النهضة وانحياز أبوظبي لصالح إثيوبيا.

وظهر جليا غياب موقف إماراتي داعم دون شروط لمصر في نزاعها مع إثيوبيا بشأن سد النهضة في ظل حرص أبوظبي على مصالحها مع أديس بابا.

وعلى الرغم من توقيع مصر والسودان وإثيوبيا على إعلان للمبادئ في الخرطوم في مارس/آذار 2015، كان من المفترض أن يمثل انطلاقة لتفاهم ثلاثي بشأن السد العملاق الذي تكلف نحو 5 مليارات دولار.

فإن أديس أبابا تتصرف في القضية من منطلق أنها تمتلك مياه نهر النيل وتشارك في جولات ماراثونية من المفاوضات دون أن تلزم نفسها بأي اتفاق.

واتضح ذلك بصورة لا تقبل الشك في الجولات التي استضافتها واشنطن أواخر عام 2019 وبدايات العام الماضي.

إذ غابت إثيوبيا عن الجولة الأخيرة للتوقيع على اتفاق تم التوصل إليه بالفعل ثم أعلنت رفضها للاتفاق.

وأصدرت السعودية والبحرين وسلطنة عُمان بيانات داعمة للموقف المصري والسوداني في ملف سد النهضة.

في المقابل غاب دعم الإمارات لمصر بشكل واضح رغم التحالف المعلن بين أبوظبي والقاهرة منذ وصول عبدالفتاح السيسي إلى الحكم عام 2014.

وأصدرت الخارجية الإماراتية أمس بياناً عنوانه “تثمين الجهود المصرية في تعويم السفينة”، وتطرق البيان نفسه إلى ملف سد النهضة.

وجاء في البيان “ثمنت دولة الإمارات جهود جمهورية مصر العربية الشقيقة في التعامل مع الحادث العرضي في قناة السويس جراء جنوح إحدى السفن ونجاحها في تعويمها، وإعادة الحركة في القناة إلى مسارها الطبيعي بكفاءة عالية، ومهنية ملحوظة وفي وقت قصير، وعبرت عن ثقتها باقتدار وكفاءة الإدارة المصرية لهذا الشريان المائي الحيوي لخطوط الملاحة الدولية والتجارة الدولية والمعبر المهم لإمدادات الطاقة وسلاسل التوريد الحيوية”.

كما أكدت الإمارات “اهتمامها البالغ وحرصها الشديد على استمرار الحوار الدبلوماسي البناء والمفاوضات المثمرة لتجاوز أية خلافات حول سد النهضة بين الدول الثلاث، مصر وإثيوبيا والسودان، وأهمية العمل من خلال القوانين والمعايير الدولية المرعية للوصول إلى حل يقبله الجميع ويؤمن حقوق الدول الثلاث وأمنها المائي، وبما يحقق لها الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة، ويضمن ازدهار وتعاون جميع دول المنطقة”.

ولا يحتاج البيان الإماراتي للتفسير، فعنوانه “يدعو إلى حوار بناء” لا يختلف، في الأعراف الدبلوماسية والتعبير عن المواقف عن بيان صادر عن إثيوبيا نفسها تعليقاً على ما قاله الرئيس المصري، رغم أن السيسي كان واضحاً في قوله إن “مصر لا تهدد أحداً”.

ويثير البيان الإماراتي تساؤلات كثيرة، فالدعوة لحوار بناء تأتي كما لو أنه لم يحدث حوار أو مفاوضات أو كأن الأزمة في بدايتها والسد الإثيوبي مجرد مشروع أعلنت أديس أبابا أنها ستشرع في بنائه بينما مصر ترفض.

إذ أن المفاوضات بين الجانبين مستمرة منذ 10 سنوات قدمت مصر خلالها تنازلات لم تكن واردة فيما مضى، وأبرزها إعلان المبادئ نفسه الذي وقعه السيسي.

كما وافقت مصر على المقترح الأمريكي رغم أنه كان يشمل تخفيضاً لحصة مصر من مياه النيل طوال سنوات ملء السد ورغم ذلك رفضت إثيوبيا بعد أن وافقت.

الموقف الإماراتي الضبابي، على أقل تقدير، ليس مفاجئاً في ضوء عدد من المؤشرات شهدتها الفترة الأخيرة وكان أحدثها رفض مصر وساطة أبوظبي في ملف سد النهضة.

وذكر موقع المونيتور الأمريكي، أن القاهرة أبلغت الخرطوم – التي جاء مقترح الوساطة الإماراتية عبرها – أن مصر متمسكة بالتدخل الرباعي الدولي (الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي) في مفاوضات السد المتعثرة.

وأشار الموقع إلى أن الإمارات تمتلك أوراق ضغط قوية يمكن من خلالها أن تؤثر على إثيوبيا.

إذ لدى الإمارات استثمارات ضخمة في إثيوبيا وعلاقات وثيقة مع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد.

ففي الوقت الحالي هناك 92 مشروعاً استثمارياً إماراتياً في إثيوبيا، وهي متركزة في قطاعات الزراعة والصناعة والعقارات والرعاية الصحية والتعدين، وفي 20 مارس/آذار 2019.

كما أن الصادرات الإماراتية إلى إثيوبيا في 2018 وصلت إلى 200 مليون دولار، بزيادة 46% عن عام 2017.

وبلغت استثمارات بلاده في السودان وصل إلى 7 مليارات دولار، وكان أبرز هذه الاستثمارات في مجالات الزراعة والسياحة.

كما تعد الإمارات واحدة من أكبر المستثمرين الدوليين في مصر، إذ وصلت استثمارات الإمارات في مصر إلى 1.61 مليار دولار خلال العام المالي الماضي.

وربما يقف هذا الاستثمار الإماراتي في الدول الثلاث، ولو بصورة جزئية، وراء الموقف الضبابي لأبوظبي في ملف سد النهضة رغبة في تجنب وصول الأمور إلى مواجهة عسكرية تتسبب في اضطرابات عنيفة في المنطقة.

فيما يرى بعض المحللين أن غياب موقف إماراتي داعم لمصر والسودان بشكل واضح غير مبرر أيضاً من هذا المنطلق، على أساس أن إثيوبيا هي الطرف المتعنت والرافض للتوقيع على اتفاق قانوني ملزم.

البعض الآخر يرى أن مواقف الإمارات تجاه مصر أصبحت لغزاً يحتاج للتفسير، وبصفة خاصة منذ إعلان التطبيع مع إسرائيل منتصف أغسطس/آب من العام الماضي وتوقيع اتفاقيات لتطوير ميناء حيفاء الإسرائيلي والحديث عن خط أنابيب لنقل النفط من الخليج إلى أوروبا عبر إسرائيل دون المرور من قناة السويس، وهو ما يعني فقدان القناة لأكثر من ثلث عائداتها التي تأتي من ناقلات النفط.

وفي قضية إثيوبيا أيضاً، تحدثت تقارير كثيرة عن الدعم الذي قدمته أبوظبي لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في حربه ضد إقليم تيغراي من خلال القاعدة الإماراتية في القرن الإفريقي.

مع عدم استغلال أوراق الضغط الهائلة التي تمتلكها لدى رجل إثيوبيا القوي كي يتبنى موقفاً أكثر عقلانية في ملف سد النهضة، خصوصاً أن مياه النيل تمثل مسألة “حياة أو موت” للمصريين ومواصلة آبي أحمد تعنته وصولاً للملء الثاني الأحادي في يوليو/تموز المقبل يعني ببساطة انفجار الموقف، فهل هذا ما تريده الإمارات؟.