موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

مركز دراسات: نشطاء حقوق الإنسان في الإمارات بين المنفى والسجن

93

أبرز مركز الإمارات للدراسات والإعلام “إيماسك” واقع نشطاء حقوق الإنسان في الإمارات بين المنفى والسجن، في وقت تفشل الانتهاكات في إيقاف المهمة الوطنية للدفاع عن الحقوق الأساسية لمواطني الدولة.

وبحسب المركز تمر الإمارات بأسوأ مرحلة في تاريخها الحديث في ملف حقوق الإنسان، حيث أن كلّ -وليس معظم- نشطاء حقوق الإنسان الذين يتحدثون علانية سُجنوا، وأولئك الذين تمكنوا من الفرار قبل اعتقالهم يعانون الأمرّين خارج بلادهم، في ظل التهديدات المستمرة من السلطات، والقوانين سيئة السمعة التي تتوعدهم بالمحاكمة بجرائم متعلقة بالإرهاب.

بدأ في دبي هذا الشهر (أكتوبر/تشرين الأول2021) معرض إكسبو دبي، ومع الأسابيع الأولى من هذا المعرض تصاعدت الأصوات الدولية الحقوقية التي تطالب بالإفراج عن المعتقلين في المعرض.

بما في ذلك تنظيم معرض حقوق الإنسان البديل، الذي أقيم على الإنترنت في 14 أكتوبر / تشرين الأول 2021، حيث أشادت أكثر من 25 منظمة حقوقية بالمدافعين عن حقوق الإنسان من الإمارات ودعت إلى إطلاق سراحهم خلال معرض “دبي إكسبو”.

وسبق هذا المعرض، بيان لأكثر من 70 منظمة حقوقية دولية تطالب الإمارات بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، بمناسبة افتتاح “إكسبو”.

في 22 أكتوبر/تشرين الأول قبل 52 عاماً ولِد الناشط الحقوقي “أحمد منصور”، الذي يقضي حكماً بالسجن عشر سنوات بسبب تغريدات على حسابه الرسمي في تويتر.

أمضى منصور في السجن أربع سنوات وسبعة أشهر في سجن غير معلوم ويتواصل نادراً مع عائلته ومحامية؛ تعرض للتعذيب وأضرب مراراً عن الطعام رفضاً لظروف سجنه، ما تسبب بمضاعفات صحية كبيرة، في وقت يصبح فيه عرض المعتقلين على الأطباء أمراً نادر الحدوث، بل إن المعتقلين يضربون عن الطعام للمطالبة بالحصول على أدوية لأمراضهم المزمنة.

إن الانتهاكات التي تمارسها السلطات الأمنية على أحمد منصور تسلط الضوء على وضع عشرات المعتقلين الآخرين بينهم: الدكتور ناصر بن غيث عالم الاقتصاد، الدكتور محمد المنصوري المستشار والفقيه القانوني، الدكتور محمد الركن المحامي والفقيه الدستوري، الشيخ الدكتور سلطان بن كايد القاسمي رئيس جمعية دعوة الإصلاح، والقاضي الدكتور أحمد الزعابي، والشيخ الدكتور محمد عبدالرزاق الصديق أستاذ الشريعة، وعشرات الآخرين من أكاديميين ومحامين ونشطاء وقادة مجتمع مدني.

في السجون

معظم هؤلاء يقبعون في “سجن الرزين” وهو سجن سيء السمعة في أبوظبي، لا يخضع لأية قيود أو رقابة قانونية، وهو مسرح لكل أنواع الانتهاكات ضد المعتقلين، ومعظمهم المسجونين في هذا السجن هم من المعتقلين في القضية المعروفة “الإمارات 94”.

واعتقل هؤلاء في (2012) بسبب مطالبتهم بالإصلاحات السياسية- مجلس وطني اتحادي (برلمان) كامل الصلاحيات منتخب من الشعب الإماراتي- ومارسوا حقهم في التعبير عن الرأي، وأدين معظمهم بالسجن عشر سنوات.

وعدا الانتهاكات التي يتعرضون لها مثل الضرب المبرح، والسجون الانفرادية، والتفتيش المهين، والتجويع، والإهمال الصحي، وتعريضهم لدرجات حرارة عالية أو منخفضة، والحرمان من ممارسة الرياضة، والحرمان من التعرض للشمس، والحرمان من النوم لفترات طويلة، وفتح مكبرات الصوت إلى أعلى مستوى وبث الأغاني في أوقات النوم أو الراحة، وغارات ليلية يشنها الحراس على عنابرهم.. الخ، يمنع المعتقلون من الزيارة.

ومعظم المعتقلين في سجن الرزين لم يتلقوا أي زيارة منذ 2020 تحت ذريعة تفشي وباء كورونا، وكثير منهم يتم منعه من الاتصال مع عائلته لأشهر طويلة، أو حبسهم في زنازين انفرادية لا يصلها ضوء الشمس.

يتعرض أهالي المعتقلين لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان: حيث تُسحب جنسياتهم، ويمنعون من التوظيف والتعليم والرعاية الصحية، وتخوض السلطات حملات مستمرة لتشويه سمعتهم ومحاربتهم والتحذير من التواصل معهم أو الاقتراب منهم.

بعد انتهاء أحكام السجن

عوضاً، على وقف الانتهاكات والإفراج عن المعتقلين، تقوم السلطات بأمرين لإبقائهم في السجن:

الأول، توجيه تهم جديدة: أنهت الناشطتين مريم البلوشي وأمينة العبدولي  فترة سجنهما في نوفمبر/تشرين الثاني2020، وفيما كانت عائلتهما بانتظار خروجهما من السجن، علما أن السلطات وجهت لهما اتهامات أخرى في 2019، بعد أن سربتا رسائل إلى خارج السجن تتحدث عن انتهاكات ارتكبتها السلطات بحقهما وحق رفقيتهما “علياء عبدالنور” التي توفيت في السجن بسبب الإهمال الطبي والتعذيب.

وفي الثاني من أكتوبر/تشرين الأول قال مركز حقوقي إن السلطات حكمت في ابريل/نيسان2021 على الناشطتين بالسجن ثلاث سنوات بتهمة “نشر معلومات تخل بالنظام العام”.

الأمر الثاني، تقوم السلطات بتمديد فترات سجنهم -إلى أجل غير مسمى- بوضع المعتقلين في مراكز مناصحة سيئة السمعة حيث تحتجز السلطات سبعة معتقلين في سجن الرزين- بعد انتهاء مدة العقوبة بحجة إعادة تأهيلهم في مركز المناصحة.

وهم: عبد الله الحلو والذي انتهت عقوبته في 22 أبريل/نيسان 2017، وعبد الواحد حسن بادي، الذي انتهت عقوبته في 26 مارس/آذار 2018، وخليفة ربيعة الذي انتهت عقوبته في 23 يوليو/تموز 2018، وعبد الله الهاجري ، الذي انتهت عقوبته في 16 يوليو/تموز 2019.

كذلك عمران الرضوان الحارثي والذي انتهت عقوبته في 16 يوليو/تموز 2019، وفهد الهاجري والذي أنهى عقوبته منذ 2 مارس/آذار 2020، ومحمود الحوسني والذي انتهت عقوبته في 16 يوليو/تموز 2019.

تستخدم السلطات الإماراتية القوانين سيئة السمعة مثل “قانون مكافحة الإرهاب” باحتجاز المعتقلين حين تفشل في العثور على أدلة تبقيهم في السجن، وتبقيهم في مراكز المناصحة تحت مزاعم توافر الخطورة الإرهابية.

خارج الإمارات

هذا مصيّر نشطاء حقوق الإنسان داخل الإمارات، أما الذين تمكنوا من الفرار إلى خارج البلاد قبل موجة الاعتقالات، فتعرضوا لعشرات الانتهاكات: الاختطاف، والملاحقة من عملاء المخابرات، والاعتداء، تعريض عائلاتهم للانتهاكات ومنعها من السفر، والتهديد المستمر لحياتهم وعائلاتهم..الخ

لكن أخطر ما واجهه هؤلاء النشطاء هو توجيه تُهم الإرهاب لهم والتي ظهرت قبل أسابيع فقط من معرض “إكسبو” حيث أعلنت السلطات السياسية عن قائمة جديدة بالمنظمات والأشخاص “الإرهابيين” وتضمنت أربعة معارضين موجودين في الخارج.

وهم: الخبير التربوي أحمد النعيمي، والمستشار القانوني والقضائي محمد بن صقر الزعابي، والحقوقي والكاتب حمد الشامسي، ورئيس جمعية دعوة الإصلاح -رأس الخيمة- السابق سعيد بن ناصر الطنيجي. فبعد وجودهم خارج الإمارات منذ تسع سنوات والحكم عليهم غيابياً عام 2013بالسجن 15 عاماً في محكمة سياسية تفتقر لأدنى معايير العدالة ضمن قضية “الإمارات94”.

ويعتبر هذا القرار السياسي رسالة للإماراتيين أن المنظومة العدلية هي مجرد ديكور صوري، في القضايا المتعلقة بالسياسة والانتقاد وحرية الرأي والتعبير، وأن القرارات المتخذة في هذا النوع من القرار ستكون سريعة بقرار سياسي لا يمكن نقضه.

كما أن خطر الاختطاف من أي دولة قائم بحد ذاته، حيث تم اختطاف الشيخ عبدالرحمن بن صبيح السويدي، من أندونيسيا ونقله إلى أبوظبي في (2015) ثم جرت محاكمته وسجنه عشر سنوات (2016)، وتحت التعذيب والإكراه والمقايضة بالإفراج عنه مقابل تحسين صورة الدولة وإدانة المعتقلين تم الإفراج عنه بعفو رئاسي عام (2019).

يبقى الموت خارج أراضي البلاد محتملاً للناشطين الحقوقيين، آلاء الصديق الناشطة الحقوقية البارزة -ابنة المعتقل محمد عبدالرزاق الصديق- التي توفيت بحادث مروري في المملكة المتحدة هذا العام. رفضت أبوظبي استقبال جثتها في استمرار للانتهاكات بحقها حتى بعد موتها لتدفن في “قطر” الدولة المجاورة للإمارات.

خلال تسع سنوات مضت كانت “آلاء” في دفاع مستميت عن والدها وعن كل المعتقلين السياسيين في الإمارات، الذين سجنوا لمطالبتهم بالإصلاحات السياسية، والسجن هو إبعاد لهؤلاءِ النخّبة عن المجتمع في أحلك ظروف الدولة وفي هذه الفترة الزمنية العصيبة على الإمارات سلطة وشعباً.

لكن “آلاء الصديق” كانت حاملة لتلك الراية التي عجز كثيرون عن حملها للدفاع عن وطنهم وحقوق شعبهم. فمثلت الإمارات خير تمثيل، كما مثلت دول الخليج والدفاع عن حقوقهم كذلك أفضل تمثيل.

ما الذي يريدونه؟!

وسط كل هذه الانتهاكات والدموع والخوف، ما الذي يريده نشطاء حقوق الإنسان في الإمارات؟

يقوم النشطاء بمهام وطنية فهم يريدون الحقوق الأساسية التي تُمنح للمواطنين بصفتهم بشراً ويفترض أن لا تنتزعها السلطات من مواطنيها: الحق في حرية الرأي والتعبير ويشمل حريُّة الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى، الحق في حرية الفكر والدين، الحق في التجمع السلمي، الحق في تكوين الجمعيات والنقابات، الحق في مراعاة القوانين وفي العدالة القضائية والمحاكمة العدالة، الحق في المشاركة السياسية والتمثيل البرلماني، الحق في الخصوصية وعدم التجسس.

تقول السلطات الإماراتية إن التقدم الاقتصادي والتحديث يتطلب التنازل عن الحقوق، وهذا غير صحيح أبداً على العكس من ذلك الحقوق المدنية تدفع بعجلة الاقتصاد والتحديث، وإلغاء الحقوق المدينة يتسبب بضرر على باقي المجالات.