موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

رغم الإنفاق المهول على التسليح.. الإمارات أظهرت هشاشة بمواجهة الحوثيين

220

أبرزت دراسة بحثية أن الإمارات أظهرت هشاشة في مواجهة هجمات جماعة أنصار الله “الحوثي” وذلك على الرغم من الإنفاق المالي المهول لأبوظبي على التسليح العسكري.

وأشار الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (IFRI) جان لو سمعان، في دراسة إلى تعرض أبوظبي في 17 كانون الثاني/يناير الماضي لهجوم بطائرات مسيّرة أودى بحياة ثلاثة عمال أجانب.

وذكر لو سمعان أنه تلا هذا الهجوم ضربات أخرى لاحقاً، لكنه ألقى الضوء على هشاشة دولة الإمارات أمام قوة ضرب الحوثيين.

وعلى نطاق أوسع، بيّن الهجوم أيضاً الأهمية المتنامية للطائرات المسيّرة – أي الطائرات صغيرة الحجم، دون طيار، والتي يُتحكم بها عن بعد – في النزاعات في الشرق الأوسط.

خلال السنوات الأخيرة، تمّ استخدام هذه المسيّرات من قبل مختلف الأطراف من ليبيا إلى غزة، مروراً بالسعودية. ولئن كانت لا تغير طبيعة المواجهات المحلية، فهي تساهم في تفاقمها.

يذكر هذا السباق الإقليمي لامتلاك الطائرات المسيّرة في بعض جوانبه بالسباق الذي بدأ في الستينيات للتسلح بالصواريخ الباليستية.

وذلك عندما حاولت إسرائيل ثم مصر وسوريا والعراق تطوير ترساناتها الخاصة، إما من خلال اقتناء تلك الصواريخ من دول أخرى (فرنسا بالنسبة إلى إسرائيل حتى عام 1969 ثم الاتحاد السوفياتي بالنسبة إلى الدول العربية)، أو عبر تطوير صناعاتها الوطنية الخاصة. وهو نفس المنطق الذي يخضع له حالياً انتشار الطائرات المسيّرة في الشرق الأوسط.

تقتني دول المنطقة أعداداً متزايدة من الطائرات المسيّرة، وتلجأ أكثر فأكثر في ذلك إلى الصين التي أصبحت أحد المزوّدين الرئيسيين خلال العشرية الأخيرة. وهذا حال الأردن والعراق.

من جهتها، اشترت السعودية مسيّرتين صينيتين من نوع سي إتش-4 في عام 2014، وخمسة من نوع وينغ لونغ II. في الوقت نفسه، تعتزم الرياض تطوير صناعتها الخاصة في هذا المجال معتمدة على الشراكة مع شركة الصين للعلوم والتقنيات الجوفضائية، ومهمتها دعم المملكة في إنشاء مصنعها الخاص.

يشاع كذلك حصول الإمارات على طائرات مسيّرة صينية من نوع وينغ لونغ II في عام 2017، رغم أن السلطات الصينية والإماراتية رفضت حتى الآن تأكيد هذه المعلومة.

هذا الحضور المتزايد للصين في سوق الطائرات المسيّرة في الشرق الأوسط أثار قلق واشطن، فلطالما أبدى كلّ من الكونغرس ووزارة الخارجية تحفظات تجاه تصدير هذه التكنولوجيا إلى الدول العربية.

غير أنّ البنتاغون بدأ عام 2020 بيع الطائرات المسيّرة بريداتور للإمارات وريبر لقطر، وذلك في سياق عزمه الوقوف أمام اللجوء المتزايد لشركائه الخليجين للأسلحة الصينية.

من جهة أخرى، اعتمدت دول عدة في العشرية الماضية على صناعاتها الوطنية من أجل تطوير قدرات إنتاج ذاتيّة. وهو حال إسرائيل التي تعدّ منذ وقت طويل فاعلاً رئيسياً في مجال تطوير الطائرات المسيّرة، وأيضاً تركيا وإيران والجزائر.

تبدو الحالة التركية هنا جديرة بالاهتمام لكونها تعكس سرعة تغيّر المشهد الإقليمي في بضع سنوات فقط. فقد حمل الخلاف السياسي بين تل أبيب وأنقرة في نهاية سنوات 2000 رجب طيب أردوغان على حثّ الصناعة التركية على تعزيز قدراتها الذاتية، خصوصاً من أجل تعويض المسيّرة الإسرائيلية هيرون بنظام آخر تصنعه بنفسها.

وخلال عشر سنوات بالكاد، انتقلت تركيا من مصاف المستوردين إلى صفوف مصدري الطائرات المسيّرة، إذ صمّمت مصانعها قرابة 130 نموذجاً مختلفاً من بينها بيرقدار تي بي 2، التي صارت قصة نجاح حقيقي في مجال صناعة الأسلحة التركية، وقد لعبت هذه المسيّرة دوراً تجاوز حدود البلد.

ففي ليبيا، نشر الجيش التركي عشرًا منها دعماً لحكومة طرابلس في حزيران/يونيو 2019. وفي ناغورني كاراباخ، لعب استخدامها من قبل أذربيجان في نزاعها عام 2020 مع أرمينيا دوراً حاسماً.

وأخيراً في المغرب العربي، حصل المغرب على بيرقدار تي بي 2 بالتوازي مع استثماره في شراء طائرات مسيّرة إسرائيلية.

وترى الرباط في ذلك وسيلة لتعويض النقص الذي تعاني منه في نزاعها المضمر منذ أكثر من سنة مع الجزائر (التي يبدو أنها اتجهت نحو الصين للحصول على طائراتها المسيّرة).

يأتي الحصول على الطائرات المسيرة، سواء كان ذلك من خلال الاستيراد أو الإنتاج المحلي، استجابة لدوافع عدة.

ويدخل جزء لا يستهان به من تلك الدوافع في نطاق الشعور بالاعتزاز الوطني الذي صارت توفّره قدرة بلد ما على الحصول على هذه النظم.

فكما كان الأمر بالنسبة إلى الصواريخ سابقاً، تقوم الطائرات المسيّرة بوظيفة رمزية للتأكيد على القوة والإحالة على شكل من أشكال “القومية التقنية”، في استعادة لعبارة روبرت رايخ1.

لكن علاوة على هذا الاستغلال السياسي، تلعب الطائرات المسيرة وظيفة عسكرية حقيقية. فهي تمكّن بدايةً دول المنطقة من سدّ أوجه القصور لدى جيوشها التقليدية.

إذ يمكن للمسيرات في هذا الإطار أن تقوم مقام جيش سلاح الجو وبكلفة منخفضة، تمكّن مسؤولي أي بلد من تعويض التأخر على مستوى المعدات أو الموارد البشرية سريعاً.

وهذا ما يعيدنا إلى المقارنة مع انتشار الصواريخ الباليستية في الستينيات والسبعينيات، عندما كانت الدول العربية ترى في تطوير ترساناتها الباليستية وسيلة لسد الفجوة مع إسرائيل من ناحية القوة الجوية.

بالنسبة إلى الإمارات، تعد المسيّرات وسيلة لتجاوز محدودية مواردها البشرية: تبلغ عدة الجيش الإماراتي 63 ألف رجلٍ (من بينهم 2000 و4500 فقط للقوات الجوية).

ويبقى التناقض صارخاً ما بين التطلعات الإقليمية لدولة الإمارات الصغيرة وحجم جيشها الذي يعكس بدوره نتيجة منطقية للعدد المحدود من السكان المواطنين الذين يمكن تجنيدهم.

ومن شأن هذا المعيار الديموغرافي تفسير الاستعانة بالروبوتات والذكاء الصناعي كمحور أساسي في السياسات الأمنية لهذه الدول، سواء في الداخل (كما رأينا ذلك في استخدام الروبوت الشرطي في دبي2) أو في الخارج (بنشر الطائرات المسيّرة).

يتيح تطوير أسطول من الطائرات المسيّرة لدول الشرق الأوسط التدخل أكثر خارج الحدود. فبالنسبة إلى إسرائيل، يمكن للطائرات المسيّرة القيام بمهام استطلاع لجمع المعلومات، أو أن يتم استخدامها في ضربات موجهة ضد خصومها في غزة ولبنان.

ولئن كانت هذه الأجهزة لا تُعوّض تماماً جيش الجو أو القوات الخاصة الإسرائيلية، فقد أصبحت بالنسبة إلى أصحاب القرار في إسرائيل الخيار المحبّذ في الحالات التي تُعتبر أكثر تعقيداً وخطورة.

كما نجد مقاربة مماثلة في تركيا، حيث يستعمل جيش أردوغان طائراته المسيرة أكثر فأكثر في إطار حملته الجوية ضد المجموعات الكردية في سوريا وفي العراق.

وبرغم فورة اقتناء هذه الطائرات وكثرة استخدامها، فإنّها حتى الآن لم تغيّر بصورة جذرية أسلوب دول الشرق الأوسط في خوض الحروب، إذ لم تشهد جيوش المنطقة تغييرات جوهرية في عقيدتها أو تنظيمها من جرّاء استخدام هذه النظم الجديدة.

وبالنسبة إلى إسرائيل وتركيا اللتين تعدّان الأكثر تقدماً في هذا المجال، أتت الطائرات المسيّرة لتكمّل عمل قواتها أو أن تتولى دورها في بعض الأحيان، لكن دون أن يهمّش هذا الخيار جيوش الجو أو يقلّل من شأنها.

بتعبير آخر، تُفاقم الطائرات المسيّرة سباق التسلح في المنطقة لكنّها لا تغيّر طبيعة النزاعات.