موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحليل: الإمارات في اليمن .. وكيل إقليمي لتقويض السيادة وكسب النفوذ

213

أثبتت سياسة الإمارات في اليمن أنها وكيل إقليمي لتقويض سيادة البلاد وكسب النفوذ عبر إيجاد موطئ قدم لها في الجزر والموانئ اليمنية.

وشكلت السياسة الإماراتية في اليمن أكثر خطورةً من أي طرف في الصراع من حيث أثرها على وحدة الأرض اليمنية واستقلالها وسيادتها.

وذلك لمراهنة أبوظبي على إسناد القوى الكبرى التي تتقاطع مصالحها في اليمن، وكذلك اتكائها على مظلّة تدخلها العسكري، ووصايتها على وكلائها المحليين، بوصفه إطارا قانونيا، وإن كان غير شرعي بهدف فرض مشروعها في اليمن.

ولم تكن سياسة عزل المناطق اليمنية بعضها عن بعض، وإقامة قواعد عسكرية في الجزر والمدن اليمنية الحدودية سوى الفصل الأخير من مشروع التهام اليمن، بدءًا بجزيرة سقطرى اليمنية، مروراً بمدينة المهرة إلى جزيرة ميون على مضيق باب المندب.

وارتبطت السياسة الإماراتية في اليمن، منذ الشهور الأولى لتدخلها العسكري، بإيجاد موطئ قدم لها في الجزر والموانئ اليمنية.

إذ سعت في البداية إلى السيطرة العسكرية المباشرة على هذه المواقع الحيوية.

إلا أن صدامها السياسي مع السلطة الشرعية، جعل الإمارات تتجه إلى خيار أقل كلفة، وأكثر فعالية على المدى البعيد، وذلك بتنمية وكيل محلي، ينازع السلطة الشرعية، وينوب عنها في إدارة مصالحها الاقتصادية، وبتصعيد وكيلها المحلي، المجلس الانتقالي الجنوبي، قوة عسكرية وسياسية.

بتواطؤ حليفها السعودي، نجحت الإمارات في ضمان تمثيل مصالحها في جنوب اليمن، ليس في مرحلة الحرب فقط، وإنما في المستقبل، الأمر الذي دفعها إلى تركيز أهدافها في مرحلة لاحقة نحو تطويق الجزر اليمنية الاستراتيجية، من خلال إقامة وضع خاص لها في هذه المواقع.

ومثّلت جزيرة سقطرى اليمنية، المطلة على المحيط الهندي، الضلع الثاني للمصالح الحيوية للإمارات في اليمن، بحيث كثّفت وجودها العسكري في جزيرة سقطرى، تحت مظلة التحالف العربي الذي تقوده السعودية.

ومن ثم تقاسمت النفوذ على الجزيرة مع حليفها السعودي، وسلطة وكيلها، المجلس الانتقالي، إذ يؤكد الوضع الحالي للجزيرة أن الإمارات ما زالت حاضرة عسكرياً واقتصادياً وسياسياً كسلطة إقليمية فعلية، سواء من خلال وكلائها، أو بشكل مباشر، على الرغم من إعلانها سحب قواتها من جزيرة سقطرى قبل أربعة أعوام، وسحب قواتها العسكرية من اليمن في آواخر 2019.

ولا يقتصر الوجود الإماراتي الكثيف في الجزيرة على إدارة استثمارات اقتصادية عديدة لصالح رعاياها واستغلال موارد الجزيرة الطبيعية والحيوية، وإنما الإشراف على شؤون الجزيرة، بما في ذلك تقييد سفر اليمنيين إلى جزيرة سقطرى، فيما وحدها من ينظّم رحلات إلى الجزيرة في تحدٍّ سافر للسيادة اليمنية.

وأثبتت سياسة تنمية الوكلاء المحليين بالنسبة للإمارات أنها الأداة الناجحة لضمان سيطرتها على الموانئ اليمنية والجزر والممرّات التجارية التي تشرف عليها، حيث دفعت لتشكيل قوة عسكرية موالية لها، ممثلة بقوات العميد طارق محمد عبد الله صالح.

وبذلك حققت أبوظبي حضوراً عسكرياً غير مباشر في موانئ الساحل الغربي، كنقطة انطلاق إلى مضيق باب المندب، رابع أهم الممرّات المائية العالمية الذي يمر عبره خمس التجارة العالمية قادمة من البحر المتوسط عبر قناة السويس، والمضيق الاستراتيجي الذي يصل البحر الأحمر بالبحر العربي وخليج عدن.

إلا أن المكاسب الاستراتيجية والعسكرية والسياسية، وكذلك الاقتصادية، المترتبة على الإشراف المباشر على مضيق باب المندب، جعلت الإمارات تتبنّى سياسة أكثر جدّية لضمان موقع لها في جزيرة ميون، الواقعة على مضيق باب المندب، حيث سيضاعف ذلك ثقلها الإقليمي، شرطيا ثانويا يشرف على مصالح الدول الكبرى.

كما سيفرضها طرفا إقليميا يدير صراع القوى الدولية المتنافسة على البحر الأحمر، وضبط تهديد القوى الإقليمية المناوئة، بما في ذلك المكاسب الاقتصادية المترتبة على الإشراف على باب المندب.

وقد دفع تمدّد الصراع في اليمن إلى البحر الأحمر، نتيجة ضلوع جماعة الحوثي، وكيل إيران، بهجمات متكرّرة على سفن دولية ومن ثم تهديد التجارة العالمية إلى سعي الدول الكبرى إلى تأمين باب المندب، بما في ذلك تزايد نفوذ إيران في البحر الأحمر.

فقد تنامى حضور الإمارات، صديقة إسرائيل، وكيلا إقليميا ينوب عن الدول الكبرى للإشراف على مضيق باب المندب، ومحاصرة نفوذ إيران ووكيلها في اليمن.

يعود النشاط العسكري الإماراتي في جزيرة ميون إلى السنوات الأولى من الحرب، إذ جاءت تقارير صحافية على محاولة الإمارات المبكرة إنشاء مدرج طائرات في جزيرة ميون، إلا أن أعمال البناء توقفت مؤقتاً، ثم استأنفت عملها في الجزيرة.

إذ كشفت صور الأقمار الصناعية التي نشرتها وكالة أسوشييتد برس أخيرا عن أعمال بناء مدرج طيران جديد لقاعدة عسكرية جوية إماراتية في جزيرة ميون، إضافة إلى وصول تعزيزات عسكرية إماراتية ضخمة للجزيرة.

ويبدو أن استئناف الإمارات بناء المدرج ارتبط بحرصها على إيجاد موقع بديل، وذلك بعد تفكيك قاعدتها العسكرية في ميناء عصب الإريتري قبل عام.

ومن جهة أخرى، لاشتداد التنافس بين القوى الدولية على الموانئ الأفريقية، بحيث أصبح وجودها، ومن ثم حماية مصالحها في أفريقيا مكلفا بالنسبة للإمارات على عكس جزيرة ميون التي مثلت خياراً آمناً ومريحاً بالنسبة لها، سواء من حيث موقعها الجغرافي وتركيبتها السكانية، أو طبيعة السلطة التي تقع تحت دائرتها.

فإضافة إلى موقع جزيرة ميون الاستراتيجي على مضيق باب المندب، والذي يمنحها امتياز مراقبة البر اليمني والأفريقي المقابل، والقيام بتدخلات عسكرية سريعة لمواجهة أي تمرّد محلي يهدّد مصالحها.

بما في ذلك مراقبة الأعمال العدائية لجماعة الحوثي في البحر الأحمر، وتطويق حليفها الإقليمي، إيران، وكذلك مراقبة حركة الملاحة في المضيق.

ووقوع جزيرة ميون تحت السلطة الاسمية لوكيلها المحلي، قوات العميد طارق، يسهل للإمارات التموضع في الجزيرة من دون مواجهة أي تحدّيات عسكرية مكلفة.

كما أن قلة عدد السكان في الجزيرة الذين ينحصرون في مجتمع الصيادين، بما في ذلك فقرهم، يجنّبها الوقوع في صدام مستقبلي مع السكان، إضافة إلى بعد الجزيرة عن المرافق المدنية في الساحل الغربي.

بحيث شكّل ذلك كله عوامل إيجابية تمنح الإمارات تسهيلات لممارسة نشاطها في جزيرة ميون، والذي يتعدّى وضع الحرب الحالية إلى إقامة وجود دائم.

الأكثر فداحةً من كل هذه الشرور التي يواجهها اليمنيون اليوم أن الإمارات وهي قرصان إقليمي لا تمثل مصالحها فقط، ومصالح رعاتها، وإنما مصالح دولة إسرائيل، حليفة أبوظبي في المنطقة، والتي تطمح، هي الأخرى، للتمدّد نحو الجزر والمضائق اليمنية، وأن يكون لها نصيبٌ من الغنيمة اليمنية.