موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

من يدافع عن الإمارات؟

133

تساءل الكاتب الساخر والشاعر الأردني باسل طلوزي في مطلع مقال له “من يدافع عن الإمارات؟”.

وقبل الإجابة عن هذا السؤال، رأي طلوزي أنه: يستحسن أن نستظهر هذه الحكاية:

يروى أن طاغيةً كان على قناعةٍ لا تخامرها ذرة شك بأن منعة دولته لا تقوم إلا على حبس المعارضين والبطش بهم؛ لأنهم، وفق حساباته، يمثّلون نقطة الضعف الوحيدة في بنيان الدولة. أما العدل والحريات وحقوق الإنسان، فتدخل في باب لزوم ما لا يلزم، ما دامت القبضة الحديدية أساس الحكم.

وعليه، يمثل تأبيد المعارضين في السجون الضمانة الوحيدة لاستقرار الدولة ومتانتها، بل ذهب به الشطط إلى أبعد من ذلك، حين وضع المعارضين لا في خانة التهديد الداخلي لحكمه فقط، بل جعلهم أساس الأخطار الخارجية برمّتها، على اعتبار أنهم متهمون، دومًا، بأنهم ينفذون “أجنداتٍ خارجية”.

ووفق تلك الرؤية الضيقة، برمج الطاغية سلطته وجدول حساباته كلها، فكان أول ما يبدأ به نهاره الاطمئنان إلى سجونه ومعتقلاته، وضرورة اكتظاظها بكل صاحب رأي آخر لا يدور في فلك آرائه الضيقة، وهو عين ما يختتم به نهاراته أيضًا، كي ينام قرير العين، مطمئن النفس.

ظلت أمور الحكم تسير وفق هذا المنوال حتى حدثت الكارثة، حين تعرّض البلد إلى تهديد خارجيّ حقيقي، لا علاقة للمعارضين به، فقد أقدمت دولة مجاورة على التحرّش بدولة الطاغية، وراحت تقترب من حدودها رويدًا رويدًا.

وكان المتوقع، بحسب الضرورات العسكرية، أن يستشعر الطاغية حدود الخطر الخارجي جيدًا، فيسارع إلى إعلان النفير العام، على أقل تقدير، غير أن ما حدث أنه ظل على قناعته البالية بأن الخطر الحقيقي لا يمثله غير المعارضين في سجونه. وبدلًا من أن يفكر بكيفية ردع العدوان على حدوده، اختار عوضًا عن ذلك أن يعزّز الحراسات الأمنية حول المعتقلات، وأن ينشر جيشه في مواجهة أي محاولةٍ لخروج المعتقلين من السجون.

ويقول ملخص خاتمة الحكاية إن العدوّ الخارجي، وبعد أن لمس ضحالة تفكير الطاغية، ولكي يكفي نفسه عناء الغزو وتحريك الجيوش، عرض على الطاغية فكرةً قوامها احتلال البلد مقابل الإبقاء على المعارضين في السجون، فوافق الطاغية بلا تردّد، معتبرًا ما حدث نصرًا له. وراح يتغنّى بهذا النصر، على الرغم من أنه نُفي عن بلده، وجرّد من سائر سلطاته.

وأما مصير المعارضين فلم يُعرف بعد، فقد تضاربت الروايات بشأن ذلك، غير أن أصدقها يقول إنهم استغلوا فترة الاضطراب التي تلت مغادرة الطاغية “منتصرًا” ففرّوا من السجون لا إلى الخارج، بل إلى الحدود ليدافعوا عن الوطن الذي فرّط فيه الطاغية.

اعتمادًا على هذه الرواية نعاود السؤال، من سيدافع عن الإمارات إذا تعرّضت إلى عدوان خارجي؟ الإجابة بسيطة: كثيرون سيدافعون عنها، لأنها أرض عربية، أولًا، ولا مجال للتردّد في دافع كهذا، غير أن هؤلاء “الكثيرين”، لسوء تصرّفات حكام الإمارات، إما أنهم في السجون وإما ممنوعون من دخول البلاد.

سيُفاجأ حكام الإمارات، ربما، بأن أول عربي سيدافع عن الإمارات هو الرئيس المصري المطاح بفضل أموال الإمارات، محمد مرسي، غير أن مرسي سجينٌ الآن لدى طاغيةٍ يعتبره “التهديد” الداخلي والخارجي لمصر كلها، مثلما كان لحكام الإمارات الذين رأوا فيه، وفي ثورات الربيع العربي، أضخم خطر يهدّد كراسيّها، فحرصت على “نعف” أموالها في كل الاتجاهات، لإجهاض هذه الثورات والفتك برموزها.

وسيدافع عن الإمارات شعب اليمن الذي يعبث بمصائره الآن شيوخ الإمارات، ويحوّلون بلده إلى معتقلات وسجون وبؤر فقر وإذلال، وستدافع عنها قطر المبتلاة بحصار الأشقاء من بعض دول الخليج بتحريض رئيسي من الإمارات.

وسيدافع عن الإمارات أفراد على غرار الصحفي الأردني تيسير النجار الذي بطشت به وبمستقبله مخابرات الإمارات، حين سجنته في معتقلاتها ثلاث سنوات بتهمة “خطيرة”، قوامها انتقاد مواقف بعض دول الخليج من العدوان الصهيوني على غزة، كما سيفعل الأمر ذاته معتقلون سياسيون كثيرون في الإمارات حاليًّا من أبناء البلد وسواهم.

كل تلك الأطراف ستكون خط الدفاع الأول عن الإمارات، بلا تردّد، وليس الهنود والآسيويون والأوكرانيون وبائعات الهوى المتأهبات للانقضاض على “الأعداء”، غير أن الخشية الحقيقية أن يحذو حكام الإمارات حذو ذلك الطاغية الذي ترك البلد نهبًا للغزاة، في مقابل الإبقاء على تأبيد حياة المعتقلين في السجون، وإجهاض ثورات الربيع، واغتيال الحريات.