موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

خفايا إعلان الإمارات إعفاء السودانيين من غرامات الإقامة

1٬235

يرى مراقبون في إعلان سلطات دولة الإمارات إعفاء السودانيين من غرامات الإقامة خطوة “إنسانية” بوجه سياسي يخفي تورطاً عدوانياً في السودان ودول عربية أخرى مماثلة.

ففي خطوة وصفها الإعلام الرسمي الإماراتي بـ”الإنسانية”، أعلنت الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية والجمارك وأمن المنافذ في دولة الإمارات عن إعفاء رعايا جمهورية السودان من الغرامات المترتبة عليهم فيما يتعلق بتصاريح الإقامة وأذونات الدخول.

ورغم الطابع الإنساني الظاهري للقرار، إلا أن توقيته وسياقه يشيان بأهداف سياسية وأمنية تتجاوز مجرد “التسامح” أو “التعاطف” مع السودانيين.

فالقرار يأتي في لحظة حرجة تتزايد فيها الضغوط الدولية والانتقادات الحقوقية ضد الدور الإماراتي في المنطقة، خصوصاً في الملفين اليمني والسوداني، حيث تلعب أبوظبي أدواراً خفية ومعلنة في تأجيج النزاعات، وزعزعة الاستقرار، وإدارة مصالحها العسكرية والاقتصادية بلا اكتراث بالكلفة الإنسانية.

حقنة موضعية في جبهة مشتعلة

بحسب مصادر مطلعة، فإن الإعفاء من الغرامات ليس قراراً إدارياً عابراً، بل إجراء محسوب بدقة في إطار معركة “إدارة السمعة” التي تخوضها الإمارات على أكثر من جبهة.

فمع تصاعد الغضب الشعبي السوداني تجاه الدور الإماراتي المزعزع في الصراع السوداني الداخلي، وجدت أبوظبي نفسها بحاجة إلى تقديم “تنازل رمزي” يُسكّن الغضب ولا يغيّر من سياساتها الفعلية.

فالعمالة السودانية في دول الخليج، وتحديداً في الإمارات، تشكل ركيزة اقتصادية حيوية لقطاعات الإنشاءات والخدمات.

وأي تصعيد في الاحتقان الشعبي تجاه سياسات أبوظبي، سواء من السودانيين في الداخل أو الجاليات بالخارج، قد يحمل تبعات اجتماعية واقتصادية وأمنية لا ترغب الإمارات في تحملها حالياً.

رسالة مزدوجة للغرب

من ناحية أخرى، يحمل القرار رسالة موجهة إلى العواصم الغربية التي تتابع بقلق متزايد حجم الانتهاكات الناتجة عن التدخل العسكري الإماراتي في اليمن والسودان.

إذ تحاول الإمارات عبر هذه الخطوة أن تُصدّر صورة لدولة “حامية للعمالة” و”مضيافة” للمضطهدين، في وقت تتورط فيه طائراتها المسيّرة وميليشياتها المدعومة في عمليات قصف وتهجير في السودان واليمن.

مصدر دبلوماسي غربي وصف القرار بأنه “محاولة لتغطية التدخلات العسكرية بمساحيق إنسانية”، مشيراً إلى أن “رفع الغرامات عن السودانيين لا يمكن أن يُقرأ بمعزل عن السلوك الإماراتي الأوسع في المنطقة، حيث تتحول المساعدات الإنسانية إلى أدوات ضغط سياسي”.

اليمن والسودان: الوجه الآخر “للتسامح”

التدخل الإماراتي في اليمن ليس جديداً، لكنه في المرحلة الراهنة يأخذ أبعاداً أكثر تعقيداً، مع دعم أبوظبي لميليشيات انفصالية وأطراف محلية تسعى إلى فرض وقائع على الأرض بعيداً عن المسار السياسي الدولي.

ورغم إعلانها الانسحاب العسكري الرسمي منذ 2019، لا تزال الإمارات تدير قواعد عسكرية في سقطرى والمخا، وتدعم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، ما يجعلها طرفاً أساسياً في تعقيد المشهد اليمني.

أما في السودان، فالتقارير تتواتر عن تورط إماراتي في دعم قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، سواء عبر تمويل مباشر أو من خلال تزويد لوجستي غير معلن.

وقد أثارت هذه الأدوار ردود فعل غاضبة داخل السودان، حيث يُنظر إلى الإمارات كجهة تضاعف معاناة المدنيين من أجل مصالحها الاقتصادية والأمنية، لا سيما في مجالات التعدين والذهب.

معركة السمعة… أولوية فوق الدماء

تدرك القيادة الإماراتية أن صورتها الدولية كـ”نموذج للتسامح” و”مركز إنساني عالمي” تتعرض لتآكل متسارع بفعل سياساتها التدخلية. ومن هنا، تأتي قرارات مثل إعفاء السودانيين من الغرامات كجزء من معركة رمزية تهدف إلى الحفاظ على الحد الأدنى من التوازن بين طموحاتها الجيوسياسية وبين ضغوط الرأي العام الغربي والمنظمات الحقوقية.

لكن مراقبين يشيرون إلى أن مثل هذه القرارات لا يمكنها أن تعوّض عن كلفة التدخلات العسكرية والسياسية، ولا يمكن فصلها عن السياق الأوسع لاستراتيجية “القوة الناعمة” التي توظفها أبوظبي كغطاء لسياساتها الخشنة.

وفي المحصلة، يبدو قرار إعفاء السودانيين من غرامات الإقامة أقرب إلى محاولة لضبط إيقاع جبهة استراتيجية ملتهبة، وليس تعبيراً عن سياسة إنسانية خالصة.

فالإمارات لا تستطيع الاستغناء عن عمالة سودانية تشكّل العمود الفقري لكثير من قطاعاتها، وفي الوقت ذاته تسعى إلى تخفيف حدة الانتقادات الموجهة لها بسبب تدخلاتها العسكرية.

ومع استمرار النزيف في اليمن وتصاعد الحرب الأهلية في السودان، تبقى هذه الخطوات “التجميلية” مجرّد مسكّنات موضعية لا تغير من واقع أن الإمارات طرف رئيسي في تأجيج النزاعات، بقدر ما تحاول أن تظهر بمظهر المنقذ الإنساني.