وجهت إيران إهانة بالغة للإمارات بشأن النزاع على الجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى في وقت التزمت أبوظبي الصمت التام.
وأعلنت السلطة القضائية في إيران إصدار سندات ملكية رسمية خاصة بالجزر الثلاث “باعتبارها أراضيَ مملوكة للدولة ضمن سندات تمليك رسمية وقانونية، بحيث يُدرج اسم إيران في الخانات المخصصة لاسم المالك لهذه الأراضي”.
وتتنازع إيران مع الإمارات على ملكية الجزر الثلاث، إذ تطالب أبو ظبي بإرجاعها من يد طهران، في حين تؤكد الأخيرة أن ملكيتها للجزر “غير قابلة للنقاش”.
وأعلنت إيران في فبراير/شباط الماضي عن افتتاح أول مطار رسمي في جزيرة طنب الكبرى بحضور قائد القوات البحرية بالحرس الثوري الأدميرال علي رضا تنكسيري.
كما سيّرت أول رحلة بين طهران ومطار طنب الكبرى في خطوة قال تنكسيري إنها ستؤدي إلى تنشيط حركة التجارة في هذه المنطقة، وتعزيز مستوى الأمن المستدام بمياه الخليج، وفق تعبيره.
خلال الشهر الجاري ردت طهران على البيان الصادر عن الاجتماع الـ153 لوزراء خارجية مجلس التعاون للخليج، مؤكدة أن الجزر الثلاث المحتلة، هي “جزء لا يتجزأ من الأراضي الإيرانية”.
ووصف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، ما اعتبرته طهران “اتهامات” واردة في بيان وزراء خارجية مجلس التعاون للخليج، بأنها “لا أساس لها من الصحة، وأن هذه الجزر الثلاث: “أبو موسى، وطنب الكبرى، وطنب الصغرى”، جزء لا يتجزأ من الأراضي الإيرانية”.
ويحاول مجلس التعاون الخليجي منذ عام 1992م أصبح موضوع الجزر الثلاث، بنداً ثابتاً على جدول أعمال المجلس الأعلى والمجلس الوزاري.
ولقد ساندت دول المجلس موقف الإمارات العربية المتحدة من قضية الجزر، وطالبت إيران بإنهاء احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث، والدخول في مفاوضات مباشرة مع الإمارات حول هذه القضية، أو إحالتها إلى محكمة العدل الدولية.
ومن الخطوات الهامة في هذا الإطار، قـرار المجلس الوزاري في دورته الحادية والسبعين التي عقدت في مدينة جده بتاريخ 3 يوليو 1999م، الخاص بإنشاء لجنة وزارية من كل من المملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان، ودولة قطر، ومعالي الأمين العام لمجلس التعاون، بهدف وضع آلية لبدء المفاوضات المُباشرة لحل قضية احتلال إيران للجزر الثلاث .
وكانت دول المجلس تتطلع لأن يكون استقبال إيران لهذه اللجنة والتعامل معها مدخلاً هاماً يُمهِّد لحل قضية الجـزر الثلاث. ولكن إيران رفضت استقبال اللجنة.
وفي تحرك دولي موسع، ناشدت دول مجلس التعاون الدول والمجموعات الإقليمية والدولية بالعمل على إقناع إيران وحثها على القبول بالجهود السلمية للإمارات لحل قضية الجزر الثلاث.
ورغم صغر مساحة الجزر الثلاث فإن أهميتها الاستراتيجية والاقتصادية كبيرة جدا وهي احتلال إيران لها والنزاع عليها، فهي تقع في منطقة حساسة من الخليج العربي وتوجد بالقرب منها الممرات الآمنة للملاحة البحرية فيه.
وتشرف الجزر على مضيق هرمز الذي يمر عبره يوميا حوالي 40% من الإنتاج العالمي من النفط، ويربط بين خليج عُمان والخليج العربي المعبر الرئيسي إلى المحيط الهندي. ومن يتحكم في هذه الجزر يسيطر على حركة المرور المائي في الخليج العربي.
وبحكم هذا الموقع الجغرافي المتميز للجزر فإنها صالحة للاستخدامات العسكرية؛ مما يجعلها مركزا ملائما للرقابة العسكرية على السفن التي تعبر الخليج العربي، أما سواحلها فيمكن استخدامها ملجأ للغواصات وقواعد إنزال آمنة، لكون مياهها عميقة وتصلح لإقامة منشآت عسكرية.
ومن الناحية الاقتصادية فإن هذه الجزر تزخر ببعض الثروات الطبيعية المهمة مثل: البترول، وأكسيد الحديد الأحمر، وكبريتات الحديد، والكبريت.
والشهر الماضي كشفت وثيقة بريطانية رسمية عن موافقة دولة الإمارات على التنازل عن الجزر الثلاث طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى لإيران.
وبهذا تكون الإمارات أول دولة عربية تقدم جزءا من أراضيها مجانا كموطئ قدم للتمدد الإيراني في المنطقة بحسب ما نشرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).
إذ بحلول صيف عام 1971، بدأ شكل الدول العربية الخليجية بالتبلور. فقد استقلت كل من البحرين وقطر في شهر أغسطس / آب، ووضعت خطط لتوحيد إمارات أبو ظبي ودبي والشارقة وأربع امارات أخرى ضمن اتحاد سمي دولة الامارات العربية المتحدة.
ولكن موضوع الجزر الثلاث المتنازع عليها لم يحل. كانت الجزر تحكم من قبل إمارات أصبحت جزءا من دولة الإمارات في ديسمبر / كانون الأول 1971، ولكن إيران لم تسقط مطالبتها بها.
ونقلت وثيقة سرية لوزارة الخارجية الإيرانية قول الشاه لوزير الخارجية البريطاني آنذلك أليك دوغلاس هيوم، “هذه الجزر ملك لإيران ويجب أن تعاد إلى إيران، سنستعيد هذه الجزر مهما كلّف الثمن.”
ظل المسؤولون البريطانيون يصرّون علنا عن أن الجزر الثلاث تعود للإمارات المتصالحة، ولكن ثمة أدلة كشفت عنها بي بي سي تشير إلى أن الدبلوماسي والاداري الاستعماري المخضرم السير وليام لوس اتفق سرا مع الشاه على إعادة الجزر إلى إيران بعد انسحاب القوات البريطانية من منطقة الخليج في ديسمبر / كانون الأول 1971.
ويظهر الشريط أنه، ورغم احتجاجات دولة الامارات العديدة حول احتلال الشاه للجزر الثلاث في 30 نوفمبر / تشرين الثاني 1971، كان رئيس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ونائبه الشيخ راشد آل مكتوم قد احيطا علما بالقرار البريطاني قبل احتلالها من قبل القوات البحرية الإيرانية.
كما تكشف الوثائق التي أزيلت عنها السرية مؤخرا أن الشيخ زايد كان موافقا على القرار البريطاني.
أما اليوم، فما زالت دولة الامارات تناقض ادعاء إيران سيادتها على الجزر الثلاث. وما زالت هذه المسألة تشكل مصدرا للتوتر بين إيران من جهة والعالم العربي عموما من جهة أخرى.