موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تسارع تحركات النظام الإماراتي للتقارب مع إيران بمعزل عن السعودية

252

أبرز مركز الإمارات للدراسات والإعلام “إيماسك” تسارع تحركات النظام الإماراتي للتقارب مع إيران بمعزل عن حليفته المملكة العربية السعودية.

وجاءت تصريحات الرئيس الإيراني حسن روحاني قبل يومين حول زيارات متبادلة لمسؤولين إماراتيين وإيرانيين وسط تقدم في العلاقات بين أبوظبي وظهران، لتكشف عن تسارع التحركات الإماراتية تجاه إيران بمعزل عن حليفتها السعودية التي تشهد علاقاتها مع إيران حالة من التوتر الشديد لا سيما بعد الهجمات التي استهدفت مجمع أرامكو النفطي، في حين تسعى باكستان للعب دور الوسيط بين الطرفين.

وتظهر تصريحات روحاني أن الإمارات لم تبحث عن وسيط يحمل رسائلها إلى إيران، ولا تبادلت معها رسائل الود عبر وسائل الإعلام، بل شقت طريقًا سالكًا إلى طهران رغم الخلافات الطافية في العلن، حيث تأخذ هذه العلاقات مختلف المجالات الاقتصادية والأمنية.

وتخفي طهران بعض التطورات بقصد إنجاح جهود التهدئة برأي مراقبين، لكنها تعلن البعض الآخر، فهي تحدد علنًا أُطرها لخفض التوتر، وتعلن ذلك لزوارها صراحةً، ففي حين يستلزم تخفيض التزاماتها بالاتفاق النووي وقف واشنطن العقوبات، تبدأ حلول أزمات المنطقة برأيها من اليمن بحسب ما أورده تقرير لموقع “نون بوست”.

وبعد سنوات من اتهامها بزرع بذور الفتنة ببن دول المنطقة وإثارة الحروب المدمرة ببعض دولها بحجة ضرورة معاداتها ومواجهة مشروعها، كشفت طهران عن أن الإمارات توفد كبار المسؤولين فيها سرًا لطهران سعيًا لاسترضاء الإيرانيين وخطب ودهم.

تأكيد روحاني الذي كشفه خلال مؤتمر صحفي عقده، يوم الإثنين، سبقته أنباء عن زيارة غير معلنة إلى طهران، ولشخص الزائر الإماراتي أهمية بالغة الدلالة، إذ نقل موقع “ميدل إيست آي” أنه الشيخ طحنون بن زايد الشقيق الأصغر وأقرب مستشار الأمن القومي لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، وهو يُوصف بأنه “رجل الظل والمهمات الصعبة والسرية”، وهو ما نفته طهران لاحقاً.

وكان الموقع البريطاني زعم أن المسؤول الإماراتي موجود في إيران منذ 48 ساعة من تاريخ نشر تقريره، في مهمة سرية تهدف إلى نزع فتيل التوتر وتجنيب منطقة الخليج شبح المواجهة، وهذه المهمة هي أرفع اجتماع بين الجانبين منذ اندلاع الأزمة، وتأتي وسط محاولات لتسهيل المحادثات بين السعودية وإيران.

قد تكون إيران أكدت هذه الزيارة، لكنها تجاهلت فقط التفاصيل المتعلقة بتوقيتها الذي نفته وكالة “إسنا” الإيرانية، وقالت “بل في الأسابيع الماضية زارنا مسؤول إماراتي كبير مرتين”، لكنها لم توضح هوية المسؤول أو المهمة التي جاء من أجلها.

إن صح توقيت الأسابيع، فإنه يقابل في جدول الأحداث ذروة مواجهة القوات السعودية مع جماعة الحوثي وسيطرة الأخيرة على عشرات المواقع الحيوية في جبهة نجران العسكرية، أو يتزامن ذلك مع استهداف منشآت أرامكو النفطية، ما يعني أن الإمارات تتقرب إلى إيران في وقت تتكبد فيه جارتها خسائر هائلة على يد الحوثيين الموصوفين بـ”ذراع إيران في اليمن”.

وبغض النظر عن جدلية توقيت الزيارة، فإنها تمثل استدارة إماراتية بدت في نظر المحليين متقدمة بشكل كبير عن تحرك السعودية بالاتجاه نفسه، حيث لا تزال الرياض تلجأ إلى نقل الرسائل عبر وسطاء، ورغم نفيها ذلك، تتحرك العراق وباكستان واليابان على خط التوتر الإقليمي، وتحديدًا السعودية، والدولي، وتحديدًا الولايات المتحدة.

في مقابل التحركات السعودية العلنية، تعبِّر التفاهمات الإماراتية في طياتها عن حركة دبلوماسية ثنائية بدت فيها الإمارات منفردة في سعيها الدبلوماسي بعيدًا عن حليفتها السعودية التي قاسمتها المواقف النارية والتحركات الميدانية ضد ما تصفانه بـ”التهديدات” الإيرانية للمنطقة، إلى الحين الذي فرض فيه الإحجام الأمريكي عن مجابهة إيران مراجعةً للحسابات.

وفي وقت تنهال فيه الوساطات على إيران، يمثل الكشف الإيراني المحطة الثانية من مسار تقارب بدأ الصيف الماضي بزيارة وفد عسكري إماراتي إلى طهران لحضور اجتماع قيل إنه دوري بعد انقطاع دام 6 سنوات بين حرس الحدود الإيراني وخفر السواحل الإماراتية.

قالت أبوظبي يومها بشأن الاجتماع الذي أثار جدلاً كبيرًا إنه كان استكمالاً للقاءات الدورة السابقة للجنة المشتركة بين البلدين، والتي تم تشكيلها لبحث مسائل تجاوز الصيادين للحدود البحرية للبلدين وحل مسائل الإفراج عن المخالفين لقواعد الصيد ومكافحة عمليات التهريب.

سبق أن كشف المستشار السابق في وزارة الدفاع الإيرانية، أمير موسوي في حوار مع موقع “فرارو” الإيراني، عن زيارات إماراتية متكررة إلى طهران وتقارب متواصل بين البلدين

الاجتماع الذي تزامن مع وجود البوارج الحربية في مياه الخليج، أبدى حينها مصدر مسؤول بالخارجية الإماراتية ارتياحه للنتائج التي أسفر عنها، مع حصره حسب جدول الأعمال على ما يتصل بشئون الصيادين المواطنين ووسائل الصيد المملوكة لهم، مؤكدًا أهمية هذه الاجتماعات في ظل الاحتياجات العملية المتعلقة بالحدود البحرية بين البلدين.

وتم اعتبار هذا الاجتماع في هذا التوقيت الدقيق منسجمًا مع ما وُصف على لسان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، في مقابلة تليفزيونية، بأنه “شيء ما يجري في الكواليس بين أبو ظبي وطهران”، وأن “هناك مؤشرات على أن الإمارات بصدد اتخاذ سياسات جديدة في المنطقة، وهذا يصب في مصلحة حكومتها”.

 أمَّا إيران فما فتئت تتحدث عن تعاون أمني وحدودي متواصل عقب اجتماع بين مسؤولين من الجانبين في طهران بهدف تأمين التجارة وسلامة الملاحة البحرية، والحد من التنقل غير الشرعي بين البلدين، وسبل سفر مواطنيهما، بالإضافة إلى تسهيل وتسريع تبادل المعلومات بين البلدين

في ذلك الوقت، صمتت السعودية وتحدثت باسمها الإمارات، وبادرت على لسان وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش بالقول “إنه (الاجتماع) تحرك منسق مع الرياض غرضه تغليب الحوار السياسي على المواجهة”، وإن بلاده والسعودية تشتركان في موقف موحد فيما يتعلق بالأزمة مع إيران، لكن قوله لم يخف استياء سعوديين عبروا عن استغرابهم من اللقاء الإماراتي الإيراني الذي جاء بعد أسابيع قليلة من انسحاب قوات تابعة لـ”أبوظبي” من مناطق في اليمن.

ورغم أن إيران كانت أحد أسباب حصار قطر الذي لعبت فيه الإمارات الدور الأكبر، فإن هذا الاجتماع لم يكن الأول في مسار التقارب الإماراتي الإيراني المعاكس للسعودية، فقد سبق أن كشف المستشار السابق في وزارة الدفاع الإيرانية، أمير موسوي في حوار مع موقع “فرارو” الإيراني، عن زيارات إماراتية متكررة إلى طهران وتقارب متواصل بين البلدين.

وتشهد العلاقات الإيرانية الإماراتية، انفتاحا غير مسبوق خلال المدة الأخيرة، طاول المجالات الاقتصادية الأكثر أهمية بالنسبة لطهران، منها المجال المصرفي والمالي الذي يخضع لعقوبات أميركية مشددة، الأمر الذي ترك آثارا إيجابية على العملة الإيرانية، وساهم في تحسنها بشكل لافت.

وفي السياق، عزت الوكالات والتحليلات الإيرانية أحد أهم أسباب تحسن الريال الإيراني أخيرا بشكل ملحوظ إلى تخفيض الإمارات ضغوطها على عمليات التحويلات المالية والحوالات إلى إيران.

وفي الخامس من يوليو/ تموز الماضي، ذكرت وكالة “فارس” الإيرانية، المحسوبة على الخط المحافظ، في تقرير، أن “الإمارات خفضت في الأسابيع الأخيرة ضغوطها على الصرافات الناقلة للأموال إلى إيران بشكل ملحوظ جدا”.

وكان رئيس اتحاد التجار الإيرانيين في دبي، عبد القادر فقيهي، قد أعلن الشهر الماضي، في حوار مع موقع “رويداد 24” الإيراني، أنه أجرى مباحثات مع السلطات الإماراتية لحل مشاكل التجار الإيرانيين وتلقى وعودا بذلك.

يذكر أن الإمارات تأتي في المرتبة الثالثة كحليف تجاري رئيسي للصادرات والواردات الإيرانية، بعد الصين والعراق، حسب المعهد الدولي للإحصاء “إيليا”.

ويبدو أن حكام الإمارات يقدمون مصلحتهم الخاصة حتى في الأوقات الحرجة، فرغم تضامنهم مع السعودية بعد قطع علاقاتها بإيران، فإنهم لم يقطعوها واكتفوا بتخفيض التمثيل الدبلوماسي، بل وحافظوا على علاقات قوية معها.

وهنا يبقى السؤال مطروحًا عن سبب هذه الاستدارة الإماراتية التي تبدو أكثر جرأة بطريقة قد تبعدها عن حليفها في الرياض، خاصة وأنها تأتي في وقت عصيب للرياض وسط تفاقم الأزمة في اليمن وفشل التحالف في تحقيق أهدافه وفقد السعودية السيطرة الكاملة على أمنها، لدرجة أن تخسر نصف صادراتها في ضربة واحدة.

ويتساءل محللون: هل تريد أبوظبي استثمار العلاقة بين أبوظبي والحوثي للخروج بأقل الخسائر من اليمن، خاصة بعد ضرب ناقلات على شواطئها ونشر صور ما أخفته عن الهجوم على مطار أبوظبي وبعد الهجوم على منشآت أرامكو السعودية؟

كثيرون رأوا ثمار التفاهمات سريعًا بتحييد الإمارات عن خطر جماعة الحوثي أو باقي ما تُوصف بأذرع إيران المسلحة في المنطقة، وهو ما تأكد بإعلان عضو المكتب السياسي للحوثيين محمد البخيتي أنهم قرروا في أغسطس/آب الماضي تجميد الهجمات ضد الإمارات بعد تغيير وصفه بالملموس في مواقف أبوظبي السياسية والعسكرية من الحرب في اليمن، والتي تمثلت بعقد اتفاقيات جديدة مع حليفتها إيران، وسحب قواتها من اليمن.

ومنذ الأيام الأولى لإعلان تقليص الوجود العسكري الإماراتي في اليمن، ربط محللون القرار بالتهديدات التي أطلقها الحوثيون بقصف أهداف اقتصادية داخل أبوظبي ودبي، في وقتٍ ما تزال الجماعة تثبت فيه قدرتها على مهاجمة أهداف داخل العمق السعودي.

كل ذلك ربما ما زال يرسم في مخيلة أبوظبي أسوأ المخاوف التي قد تضرب الاقتصاد الإماراتي في مقتل إذا تعرضت لهجمات حوثية مشابهة، وهو ما دفعها في نظر خبراء إلى التراجع خطوة إلى الخلف فيما يخص الدور العسكري في اليمن، قبل أن تكشف أبوظبي عما هو أبعد من ذلك، بالإسراع بفتح الطريق التفاهمات المباشر إلى طهران.

هذه التفاهمات التي أبدت جماعة الحوثي ارتياحها لنتائجها جنت أبوظبي ثمارها سريعًا، ولم يخف الحوثي نفسه الأمر حين تحدث عن إيجابية إماراتية سمَّاها “تغيير سلوك أبوظبي”، وهذا منطق معناه أن أبوظبي صارت وسيطًا في موسم الوساطات، وفي نفس الوقت طرفًا مهادنًا لعدو حليفتها الخليجية المجاورة، وتلك غرائب لا يفسرها إلا أنها تتوسط لنفسها بنفسها.

وعلى فرضية دور أبوظبي في الوساطة مع إيران، فإنها إن نجحت في إحداث هذا الاختراق لها ولشريكتها الرياض، فإن السؤال سيكون: لِم تستعين المملكة الآن بأطراف أخرى للتوسط مع إيران؟ وأين تحالف وحدة المسار والمصير في السراء والضراء الذي يقع حمله الأكبر على ولي العهد السعودي بعد انسحاب الإماراتيين جزئيًا من المشاركة في حرب التحالف العسكري على اليمن؟

وتضع إيران وقف الحرب في اليمن، أي عمليًا وقف عمل التحالف، شرطًا من شروط الحوار مع المملكة، بل تطلب أن يكون الحل مع الحوثي لا معها، وذاك طريقًا عسيرةً منعرجاته على السعودية وسالكةً للإمارات التي دخلت تفاصيل الأمن اللاحقة لتفاهمات السياسة، تاركة المملكة من جديد في وحدتها الممتدة تتأمل في الأحلاف والخُلَّان فلا تجد غير عمران خان.