موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تصاعد فضيحة الإمارات بعد تمويلها استطلاع رأي معادي للمسلمين في فرنسا

849

تتصاعد في فرنسا عاصفة غضب بعد الكشف عن أن استطلاع رأي مثير للجدل حول المسلمين في البلاد جرى حديثا تمّ تمويله من جهة إعلامية مرتبطة مباشرة بأجهزة الاستخبارات الإماراتية، في خطوة اعتبرها مسؤولون فرنسيون “اختراقًا أجنبيًا خطيرًا” و“محاولة منهجية لبث الكراهية بين مكونات المجتمع الفرنسي”.

وأعلن المحاميان رافائيل كيمبف ورومان رويز، من نقابة المحامين في باريس، أنهما سيتقدمان بشكوى ضد مجهولين بتكليف من مجالس الشؤون الدينية الإسلامية احتجاجًا على استطلاع أجراه المعهد الفرنسي للرأي العام (ايفوب) بعنوان: “نظرة عامة على العلاقة بالإسلام والتطرف الإسلامي بين المسلمين في فرنسا”.

وأكد المحاميان أن الاستطلاع ينتهك مبدأ الموضوعية الوارد في قانون 19 يوليو/تموز 1977، ويعتمد على أسئلة متحيّزة تركز على نتائج تُسخَّر لأغراض جدلية، وتغذي خطاب الكراهية في وقت ارتفعت فيه الاعتداءات المعادية للمسلمين بنسبة 75% بحسب أرقام وزارة الداخلية. ووصفا الاستطلاع بأنه “إهانة صريحة للمسلمين في فرنسا وتلاعب سافر بالرأي العام”.

نائبة فرنسية: كيف سمحنا للإمارات بخوض حرب إعلامية داخل فرنسا؟

في السياق ذاته أثارت عضو البرلمان الفرنسي كليمانس غيتّي القضية بقوة على منصة X، مؤكدة أن الاستطلاع حظي بتضخيم واسع من وسائل الإعلام اليمينية المتطرفة، قبل أن يتبين أنه تمّ بتكليف من منظمة مرتبطة بالاستخبارات الإماراتية.

وتسألت غيتّي بغضب: “إلى متى سنسمح لقوى أجنبية بنشر المعلومات المضللة وتحريض الفرنسيين على بعضهم؟، كيف تتواطأ مؤسسة محترمة مثل IFOP في عملية كهذه؟ وكيف تسمح وسائل الإعلام بتضخيمها؟”.

وقد وضعت أسئلة غيتّي دولة الإمارات في قلب فضيحة سياسية وإعلامية دفعت كثيرين للمطالبة بفتح تحقيق رسمي حول التدخل الأجنبي في فرنسا.

استطلاع مشحون بالكراهية: المسلمون كـ“عدو داخلي”

قدّم استطلاع IFOP صورة قاتمة ومقلقة زعمت وجود “تصلّب إسلامي” في المجتمع المسلم، مدّعيًا أنّ 46% من المسلمين يريدون تطبيق الشريعة في البلد الذي يعيشون فيه. هذه الأرقام أثارت موجة هستيرية داخل الأوساط اليمينية.

ووصفت السياسية الفرنسية ماريون مارشال لوبان النتائج بـ“المرعبة”، محذرة من “ملايين المسلمين المتطرفين”. وفي المساء ذاته، بدا وزير الداخلية لوران نونيز وكأنه يلتقط الرسالة، معلنًا الحاجة إلى “مرحلة ثالثة” من محاربة “تسلل الإسلام السياسي”.

لكن تلك الاتهامات قوبلت بانتقادات حادة من قادة الجالية المسلمة، الذين رأوا أن الاستطلاع يستخدم لغة “شيطنة ممنهجة”، تربط الروحانية بالتطرف، وتحوّل ملايين المواطنين إلى خطر وتهديد.

وشبه الصحافي جان بيير أباتي خطاب الاستطلاع بالخطاب المعادي لليهود في مطلع القرن العشرين، مؤكدًا أن منهجيته “تهدف لإنتاج خوف مصطنع”.

ومن أبرز الانتقادات الموجهة للاستطلاع المذكور اعتماده على عينة غير تمثيلية (1005 مشاركين فقط) وإبراز استنتاجات مبالغ فيها حول الحجاب انطلاقًا من 149 امرأة فقط إلى جانب التركيز على مصطلحات فضفاضة مثل “إسلاموية” و“سلفية” دون تعريف وتعمد مزج نسب وإجابات مختلفة لخلق انطباعات مخيفة.

وأكد محللون أن الاستنتاجات صيغت مسبقًا، ثم تمت صناعة الأرقام لتبريرها.

البصمة الإماراتية: دولة تموّل حملات تشويه عبر أوروبا

لم تتوقف القضية عند حدود الاستطلاع، بل أعادت فتح ملف كبير يعرف باسم “أسرار أبوظبي”، والذي كشفته تحقيقات “ميديا بارت” في 2023، وتبيّن فيه أن الإمارات دفعت 5.7 مليون يورو لشركة الاستخبارات السويسرية Alp Services لشنّ حملة تشويه واسعة استهدفت سياسيين فرنسيين، ومنظمات مدنية، وأكاديميين، ومنظمات أوروبية في 18 دولة.

وبحسب الصحافة الفرنسية، فإن وسائل إعلام مثل Global Watch Analysis، الراعي لاستطلاع IFOP، مرتبطة مباشرة بجهاز الاستخبارات الإماراتي الذي يعمل عبر شركات وهمية مسجلة في بريطانيا.

وقد جاءت الفضيحة الأخيرة بعد تحقيق نشرته صحيفة L’Informé، كشف أن الإمارات ضغطت على وحدة الاستخبارات المالية الفرنسية (TRACFIN) لإصدار مذكرة ضد النائب كارلوس مارتينز بيلونغو، المعروف بانتقاد سياسات أبوظبي.

ووصف بيلونغو الأمر بأنه “فضيحة حقيقية” مشيرًا إلى تدخل أجنبي مباشر في عمل مؤسسات الدولة الفرنسية.

وعقب النائب بول فانييه من حزب “فرنسا المتمردة”: “عملية وصم المسلمين التي عززتها لوبان واليمين كله، كُلّفت بها منظمة مرتبطة مباشرة بالاستخبارات الإماراتية.”

نفس الموقف تبنته كليمانس غيتّي التي اعتبرت أن فرنسا أصبحت “مسرحًا لحملات إعلامية خارجية هدفها تفكيك المجتمع من الداخل”.

وقد توالت التحذيرات في الأوساط السياسية والإعلامية في فرنسا من محاولة هندسة الرأي العام عبر معهد استطلاعات فرنسي عريق وخطورة مخطط الإمارات في تغذية صراع اجتماعي خطير بين المسلمين وباقي المجتمع

ورغم محاولات نفي الإمارات المتكررة، إلا أن الأدلة – بحسب الصحافة الفرنسية – تكشف نمطًا ثابتًا من تدخل أبوظبي في أوروبا عبر شراء النفوذ الإعلامي، وتمويل حملات التشويه، واستخدام شركات استخبارات خاصة.