موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تصاعد المطالب بالتحقيق في سجن الإمارات السري للمعتقلين الإيغور

303

تصاعدت المطالب بالتحقيق في إقامة الإمارات سجن سري للمعتقلين من أقلية الإيغور المسلمة نيابة عن الصين في واقعة شكلت فضيحة محرجة لأبوظبي.

ودعا مجلس العلاقات الإسلامية- الأمريكية (كير) وزارة الخارجية الأمريكية للتحقيق في تقارير عن سجن “موقع أسود” صيني يستخدم لاحتجاز مسلمي الإيغور في الإمارات.

وقال روبرت مكاو مدير الشؤون الحكومية في (كير) في بيان إن التقارير المقلقة عن  “موقع أسود” صيني في الإمارات يجب أن تخضع لتحقيق شامل من قبل وزارة الخارجية ولجنة الولايات المتحدة للحرية الدينية.

وتشن الصين حملة إبادة جماعية ضد مسلمي الإيغور، ومن المرجح أن ينتهي الأمر بأي مسلم إيغوري عائد للصين بالاحتجاز في معسكرات الاعتقال.

وأضاف مكاو أن الولايات المتحدة يجب أن تحاسب من يساعد الصين على الإبادة الجماعية.

والمواقع السوداء، هي مرافق سرية تستخدمها بعض الدول كسجن أو مراكز استجواب، ولكن الحكومات تنفي وجودها.

وبحسب تقارير إعلامية، قالت شابة صينية إنها أُحتجزت لمدة ثمانية أيام في منشأة سرية تديرها الصين في دبي، وأشارت التقارير إلى أن خطيب الشابة كان قد شكك في التغطية الصينية لاحتجاجات هونغ كونغ والاشتباك الحدودي بين الصين والهند.

وأبلغت المرأة عن اختطافها من فندق في دبي من قبل المسؤولين الصينيين واقتيادها إلى سلسلة من المباني في شارع مهجور، وخلال الأيام الثمانية التي أمضتها في المنشأة، تم استجوابها وتهديدها وإجبارها على التوقيع على وثائق قانونية باللغتين العربية والإنكليزية تفيد بأن خطيبها أساء إليها.

وذكرت المرأة أنها شاهدت امرأتين من الإيغور في المنشأة، وكانت إحداهما تتوسل للحراس للسماح لها بالعودة إلى تركيا بدلاً من الصين.

وقبل يومين كشف المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط عن تحركات أوروبية لفتح تحقيق مع دولة الإمارات بشأن إقامتها سجون سرية نيابة عن حكومات أجنبية بغرض التحقيق مع معارضين واحتجازهم خارج نطاق القانون.

وقال المجهر وهو مؤسسة أوروبية تعنى برصد تفاعلات قضايا الشرق الأوسط في أوروبا، إن التحركات يقودها أعضاء في البرلمان الأوروبي ونشطاء في منظمات حقوق إنسان دولية وتتضمن توقيع عريضة للضغط على الاتحاد الأوروبي بشأن فتح التحقيق مع الإمارات.

وذكر المجهر أن ما كشفته وكالة Associated Press العالمية للأنباء قبل يومين بشأن إقامة الصين سجنا سريا في دبي لاستجواب واحتجاز معارضين أثار قلقا واسعا في الأوساط الأوروبية بشأن تصاعد حدة انتهاكات الإمارات وعملها كوكيل أمني نيابة عن حكومة قمعية.

وأبرز المجهر تصريح رادها ستيرلنغ الرئيسة التنفيذية لمنظمة “محتجزون في دبي”، بأنها عملت مع حوالي عشرة أشخاص أفادوا بأنهم محتجزون في فيلات في الإمارات بما في ذلك مواطنين من كندا والهند والأردن.

وقالت ستيرلنغ: “ليس هناك شك في أن الإمارات احتجزت أشخاصًا نيابة عن حكومات أجنبية متحالفة معها”.

وكان تحقيق لوكالة Associated Press نقل عن فتاة صينية تدعى وو هوان، اتهامها بكين باحتجازها ثمانية أيام بسجن سري تديره الصين في دبي، مع ما لا يقل عن شخصين من الإيغور.

وصرحت وو هان بأنها اختُطفت من فندق في دبي واحتجزها مسؤولون صينيون في فيلا تم تحويلها إلى سجن، حيث شاهدت أو سمعت سجينين آخرين، كلاهما من الإيغور.

وذكرت أنه جرى استجوابها وتهديدها باللغة الصينية، وأُجبرت على التوقيع على وثائق قانونية تدين خطيبها وتتهمه بالتحرش بها. وقد أُطلقَ سراحها أخيراً في 8 يونيو/حزيران، وهي الآن تسعى للحصول على حق اللجوء في هولندا.

وأبرزت الوكالة أن رواية الفتاة الصينية تظهر كيف أن بكين تستغل نفوذها الدولي لاحتجاز المواطنين المطلوبين أو إرجاعهم من الخارج، سواء كانوا معارضين أو متهمين بالفساد، أو أقليات عرقية مثل الإيغور.

تفاعل أوروبي واسع

وحظي التقرير عن الفتاة الصينية والكشف عن إقامة بكين سجنا سريا في دبي بتفاعل واسع في وسائل الإعلام الأوروبية وسط إجماع على إدانة سلوك الإمارات وتفضيلها التحالف مع الصين على التورط بانتهاكات لحقوق الإنسان.

وبهذا الصدد قالت صحيفة The Times البريطانية إن منح الإمارات مساحة على أراضيها إلى الصين كي تستجوب المعارضين وأبناء الإيغور يشكل ثمناً بسيطاً بالنسبة لولي عهد أبوظبي محمد بن زايد في سبيل تعزيز العلاقات مع بكين.

وذكرت الصحيفة أن الكشف عن سجن صيني في الإمارات يعد دليلاً على أن العلاقات بين الإمارات والصين أصبحت أقوى في السر مما هي عليه في العلن بشكل يهدد مصالح الغرب.

وحسب الصحيفة فإن السجون السرية ممارسة إماراتية شائعة، سواء داخل أراضي البلاد التي تتمتع سجونها الرسمية بسرية هائلة، أو في خارجها مثلما يحدث في اليمن، ولكن استضافة الإمارات لسجن صيني دليل على أنها لم تعد تأبه كثيراً بدواعي قلق الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية.

وأشارت الصحيفة إلى الطبيعة السرية للسجون في الإمارات، مثلما يستطيع أن يشهد على ذلك ماثيو هيدجز، طالب الدكتوراه البريطاني الذي احتُجز وظل معزولاً عن العالم الخارجي لأسابيع في حيازة أمن الدولة عام 2018.

وقد حكم على هيدجز بالسجن مدى الحياة، وإن كان قد حصل على عفو، لكن ذلك يقدم دليلاً على أن السلطات الإماراتية لم تعد ترى أي مصالح لها قريبة من مصالح بريطانيا والولايات المتحدة.

ولكنها لفتت إلى أن قضية الشابة الصينية وو هوان، تكشف أن حليفاً مقرباً لأمريكا يتخذ خطوات بالتنسيق مع الخصم الاستراتيجي الرئيسي للغرب على صعيدين صارا مصدرين رئيسيين للقلق: حرية التعبير ومعاملة الإيغور.

وفي واقع الأمر، على مدى عقد من الزمان وحتى الآن، يرى محمد بن زايد الحاكم الفعلي للإمارات، أن الدول الأوروبية وواشنطن غير موثوقين. فعندما يتعلق الأمر بالأمن الوطني يرى أن الحفاظ على النظام الملكي المطلق للإمارات هو مشروعه الأول.

وأبرزت الصحيفة أن تشابه مواقف الإمارات والصين لا يقتصر في مجال سحق حقوق الإنسان، والحساسية الشديدة من الديمقراطية، ولكن بكين تمثل سوقاً كبيرة لنفط الخليج في وقتٍ يتحول فيه الغرب إلى البدائل “الخضراء”.

وأشارت إلى أن الولايات المتحدة قلقة من توثيق العلاقات بين الإمارات والصين، وسبق أن تلقت أبوظبي إشارة تحذيرية في هذا الصدد، رفضت السفارة الأمريكية في أبوظبي، في يونيو/حزيران 2020، عرضاً إماراتياً للتبرع بمئات من اختبارات فيروس كورونا صينية الصنع لفحص موظفيها.

ولكن ظلّت ردود فعل أمريكا محدودة على هذا التوجه الإماراتي، وقد يكون هذا هو أحد الأسباب التي تشجع الإمارات على المضي قدماً في توثيق العلاقة مع الصين، بما في ذلك في قضايا حساسة.

وبحسب الصحيفة فإن أمريكا رغم غضبها من هذه العلاقة المتنامية، فإنها واقعياً لم تتخذ أي رد فعل ضدها، خاصة أن أبوظبي توازن ذلك بتوثيق العلاقة مع إسرائيل.

والنتيجة أن الإمارات كانت أول مستهلك للقاحات الصينية في المنطقة، وأكبر مشترٍ لطائرات بكين المسيّرة، وفي الوقت ذاته كانت أول دولة عربية والوحيدة التي تتلقى موافقة مبدئية من أمريكا على شراء طائرات إف 35 الشبحية.

وبالنسبة لمحمد بن زايد فإنه يحاول كسب الصين دون خسارة أمريكا، متجاهلاً قلق الأخيرة من هذه العلاقة المتنامية مع بكين ما دام هذا القلق مقتصراً على الإشارات والكلام.

وعلى أقل تقدير، يشكل منح الإمارات مساحة على أراضيها إلى الصين كي تستجوب المعارضين وأبناء الإيغور ثمناً بسيطاً بالنسبة لمحمد بن زايد، من أجل الحصول على تأييد صوت إضافي في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في إشارة إلى الصين.