تنتهج دولة الإمارات القمع وانتهاك حقوق الإنسان عبر اعتقالها مئات ناشطي حقوق الإنسان والمعارضين والمدونين في وقت يزعم فيه نظامها الحاكم زورا تبنيه التسامح.
وتؤكد منظمات حقوق إنسان دولية أن تبني الإمارات شعار التسامح للعام الجاري لا يمثل سوى دعاية زائفة للاستهلاك الإعلامي وهو ما تثبته جرائمها وانتهاكاتها لحقوق الإنسان داخليا وخارجيا.
ولعل في دعوة عشرات المنظمات الحقوقية إلى ضرورة مقاطعة القمة العالمية للتسامح المقررة في الإمارات هذا الشهر ليس سوى دليلا دامغا على تلطخ سمعة الإمارات وصورتها في المحافل الحقوقية.
فقد دعت منظمات حقوقية عربية ودولية الدول والشخصيات المشاركة في القمة العالمية للتسامح التي ستنعقد في دبي يومي 13 و14 نوفمبر، إلى إلغاء مشاركتهم في هذه القمة كونها تهدف إلى تلميع صورة الإمارات العربية المتحدة وتقديمها كنموذج للتسامح والانفتاح.
وطالبت هذه المنظمات الدول والجهات المشاركة في هذه القمة إلى إعادة النظر في مشاركتها، مؤكدة أنها تأتي ضمن الترويج زورا لدولة الإمارات باعتبارها “العاصمة العالمية للتسامح” بينما يتم سجن المئات بسبب التعبير عن آرائهم بشكل سلمي، هو في حد ذاته مساهمة في إسكات أصواتهم.
وتسعى الإمارات من خلال هي القمة العالمية الثانية للتسامح التي بدأت عام 2018 “لتعزيز مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة كنموذج للتعايش والتسامح الثقافي في جميع أنحاء العالم”، وذلك للتغطية على الواقع المظلم والمرير لحقوق الإنسان في الدولة التي زجت بالعشرات من خيرة أبناء الإمارات ومن الوافدين إليها في السجون على خلفية قضايا سياسية أو قضايا تتعلق بحرية الرأي والتعبير.
وبحسب رسالة وقعها نحو 23 من المنظمات الحقوقية العربية والدولية إلى المشاركين في القمة العالمية للتسامح ، فإنه و منذ بداية الربيع العربي عام 2011 ، شددت الحكومة الإماراتية حملتها القمعية الشرسة على حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وحاكمت السلطات وسجنت المعارضين السياسيين والناشطين الحقوقيين والصحفيين، وكتم الأصوات المعارضة بشكل ممنهج، إلى درجة الاختفاء الفعلي لحرية التعبير والمجتمع المدني من البلاد.
وأشارت هذه المنظمات إلى البيان الذي صدر مؤخرًا عن سبعة خبراء من الأمم المتحدة يعربون فيه عن القلق الشديد إزاء حالة المدافع عن حقوق الإنسان المعتقل أحمد منصور، الذي يقضي حاليًا عقوبة سجنية مدتها 10 أعوام، بتهمة “المساس” بهيبة ومكانة دولة الإمارات ورموزها “بما في ذلك قادتها”، الأمر الذي يشكل بوضوح عملا انتقاميا بسبب نشاطه السلمي.
كما أطلقت الشهر الماضي أكثر من 140 منظمة غير حكومية من جميع أنحاء العالم مطالبة إلى دولة الإمارات بالإفراج عن أحمد منصور، الذي أمضى عيد ميلاده الخمسين في زنزانة انفرادية في سجن الصدر سيء السمعة.
وتضمن بيان المنظمات الحقوقية الإشارة إلى قرار البرلمان الأوروبي الصادر في أكتوبر 2018، والذي دعا الإمارات ضمن أمور أخرى، إلى وقف جميع أشكال المضايقة ورفع حظر السفر فورا عن المدافعين عن حقوق الإنسان.
وفي حينه حث البرلمان الأوروبي السلطات الإماراتية على “ضمان حرية المدافعين عن حقوق الإنسان في القيام بأنشطتهم المشروعة في مجال حقوق الإنسان، داخل البلاد وخارجها، دون خوف من الأعمال الانتقامية”.
وبينما تعرض مئات ضحايا في الإمارات للاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب والمحاكمات الجائرة، فإن السلطات مسؤولة أيضاً عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي خارج إقليمها.
وتعتبر الإمارات منذ اندلاع الحرب في 2015، أحد الأطراف المتحاربة الرئيسية في اليمن. وقد أدت الهجمات التي شنها التحالف السعودي الإماراتي إلى مقتل أكثر من 8000 مدني من خلال الاستهداف المباشر وحده.
وعبر فريق الخبراء البارزين الدوليين والإقليميين بشأن اليمن مؤخرًا عن قلقهم إزاء الدور الفعلي لدولة الإمارات العربية المتحدة في هذا الصراع والهجمات العشوائية التي تشنها الإمارات وغيرها من أطراف النزاع ضد المستشفيات ومحطات المياه والأسواق وغيرها من المنشآت المدنية.
وأدان الفريق جميع أطراف النزاع الذين منعوا وصول المساعدات الإنسانية، كما ندد باستخدام التجويع كوسيلة حرب، الذي قد يرقى إلى جريمة حرب. وقدرت منظمة “أنقذوا الأطفال” (Save the Children) أن 85000 طفل دون سن الخامسة قد ماتوا من الجوع حتى الآن نتيجة النزاع.
كما أدان خبراء الأمم المتحدة الاستخدام الممنهج للاختفاء القسري والتعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء من قبل أطراف النزاع، ولا زالت حكومة الإمارات العربية المتحدة تكرس المزيد من الجهود للتستر عن انتهاكاتها لحقوق الإنسان بدلاً من معالجتها، وتواصل بكثافة إنشاء ورعاية مؤسسات وفعاليات ومبادرات إعلامية تهدف إلى إبراز صورة إيجابية للعالم الخارجي.
وبناء على ما سبق وغيره من مسلسل طويل من انتهاكات النظام الحاكم في دولة الإمارات فإن القمة العالمية للتسامح ليست إلا أداة أخرى في حملة الدولة لمحاولة تلميع سجلها الأسود في مجال حقوق الإنسان.