موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الإمارات تنخرط في مخطط التهجير الطوعي لسكان غزة بالتنسيق مع إسرائيل

483

تتزايد الدلائل على وجود مخطط منسَّق بين إسرائيل وبعض الأطراف الإقليمية، وعلى رأسها الإمارات، لفتح مسارات “التهجير الطوعي” لسكان قطاع غزة بعد عامين من حرب الإبادة التي حوّلت القطاع إلى أنقاض ودمرت قدرته على الحياة.

ورغم محاولة هذه الأطراف تغليف العملية بغلاف “إنساني”، إلا أن الوقائع المتلاحقة — من ترتيبات السفر إلى الصمت السياسي — ترسم صورة مقلقة لعملية تهجير منظمة تتعارض جذريًا مع القانون الدولي.

وكشفت تقارير إعلامية أن وسيطاً مقره دبي ولديه مكاتب في جنوب إفريقيا طلب عروض أسعار بالجملة لرحلات طيران عارض “في أقرب وقت ممكن” بهدف تسيير رحلات هجرة طوعية لسكان قطاع غزة.

وقد أثار هذا الطلب غير العادي موجة تساؤلات في الأوساط الحقوقية والأمنية، خاصة أنه جاء بالتزامن مع وصول 153 فلسطينياً بطائرة مستأجرة إلى جوهانسبرغ الشهر الماضي في رحلة لم تُكشف ملابساتها بالكامل.

واللافت ليس فقط هوية الوسيط أو توقيت طلبه، بل سياق النشاط في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية المدمّرة لعامين، وانهيار كامل لمنظومات السكن والخدمات في قطاع غزة، فضلا عن غياب أي ضمانات لعودة النازحين بفعل المحاولات الإسرائيلية المعلنة لدفع الفلسطينيين إلى “الخروج طوعاً”.

أبوظبي وتل أبيب: تنسيق سياسي يتجاوز التطبيع

منذ توقيع اتفاقيات أبراهام عام 2020، اتخذ التعاون الإماراتي–الإسرائيلي أشكالًا متعددة: استخبارية، اقتصادية، ولوبي سياسي داخل أوروبا وأمريكا. لكن التطور الجديد — وفق مصادر دبلوماسية وإعلامية — يتمثل في تنسيق مباشر مرتبط بملف غزة.

وقد أعلنت إسرائيل مرارًا أن “الهجرة الطوعية” هي هدف إستراتيجي بعد الحرب. وفي المقابل، لا تُظهر الإمارات أي معارضة لهذا التوجه، بل تمضي في ترتيبات لوجستية تُسهّل تنفيذ المرحلة الأولى من إخراج السكان، خصوصًا الفئات القادرة على السفر.

وتُشير المعطيات إلى أن أبوظبي تلعب دورًا في خلق الواقع العملي الذي يمهّد للخروج الجماعي، عبر فتح قنوات سفر لا تخضع لرقابة فلسطينية أو دولية ودعم شبكات الوساطة الخاصة التي تتولى مهام الاستقطاب وتقديم سردية “الفرصة” بدلاً من “التهجير” عبر استثمارات ووظائف ومساعدات.

جنوب إفريقيا تنقلب على الإعفاء وتكشف المخفي

جنوب إفريقيا — المعروفة بمواقفها المناهضة لنظام الفصل العنصري — شكّلت المفاجأة الكبرى عندما ألغت إعفاء التأشيرة للفلسطينيين بصورة عاجلة. صحيفة IOL كشفت أن القرار جاء بعد كشف ترتيبات “هجولة طوعية” مرتبطة بجهات إسرائيلية.

وإلغاء الإعفاء هو إشارة سياسية إلى وجود شبكات تحاول استخدام مسارات السفر لدفع الفلسطينيين إلى الخروج الجماعي. السلطات في بريتوريا أدركت أن استمرار الاستقبال دون ضوابط سيحوّلها إلى محطة في مشروع تهجير يستغل التعاطف الدولي.

وبالنسبة لحكومة جنوب إفريقيا، التي تقود حاليًا حملات قانونية ضد إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، التراخي في ملف السفر كان سيقوّض خطابها الأخلاقي. ومن ثم جاء القرار حاسمًا، بهدف قطع الطريق على أي ترتيبات تُدار من الخارج.

“التهجير الطوعي”: المصطلح الأخطر منذ النكبة

يقدّم الاحتلال الإسرائيلي هذا المخطط بوصفه “خيارًا إنسانيًا” للفلسطينيين الذين فقدوا منازلهم، لكن المسألة في جوهرها إعادة إنتاج لسيناريو النكبة بـمفردات جديدة.

فحين يُترك سكان غزة بلا مأوى، بلا ماء، بلا كهرباء، بلا وظائف، وتغلق الحدود أمامهم إلا عبر “خيار السفر”، فإن “الطوعية” تتحول ببساطة إلى إكراه اقتصادي وإنساني.

وإن دور الإمارات في هذا السياق — سواء بالتنسيق السياسي أو التمويل أو التسهيل اللوجستي — يجعلها شريكًا في خلق البيئة التي تُجبر الفلسطيني على الهجرة. فالمسألة ليست تقديم مساعدات إنسانية، بل توفير منصات سفر تُستخدم كأداة سياسية لإفراغ غزة من سكانها.

ويمكن تفسير السلوك الإماراتي من عدة زوايا:

التماهي مع التحالف الأمني الجديد في المنطقة والذي تقوده إسرائيل والولايات المتحدة، بهدف إعادة تشكيل خرائط النفوذ.

طمأنة تل أبيب بأن التطبيع لم يعد يقتصر على الاقتصاد، بل يشمل ملفات استراتيجية حساسة.

محاولة لعب دور “القوة الإقليمية الحاسمة” التي تدير الأزمات العربية، سواء في السودان أو اليمن أو ليبيا، وصولًا الآن إلى غزة.

استثمار مأساة غزة لبناء نفوذ سياسي داخل إفريقيا من بوابة الهجرة والعمليات الجوية.

لكن هذه المقاربة قد ترتد على الإمارات سياسيًا، لأنها تجعلها في موقع الطرف المساعد في جريمة التهجير القسري كما تعرفها اتفاقيات جنيف.

فالمشهد بأكمله يشير إلى أن الإمارات ليست مجرد طرف محايد يقدم خدمات إنسانية، بل جزء من بنية سياسية–لوجستية تسعى لتنفيذ الرغبة الإسرائيلية في إفراغ غزة. ومع تصاعد الضغوط الدولية، فإن هذا الملف مرشح لأن يصبح قضية قانونية عالمية تمس مسؤوليات الدول المشاركة في “الهجرة المنظمة”.