تفضح الحقائق لتطورات الأمور في اليمن والمنطقة تآمر النظام الحاكم في دولة الإمارات على المملكة العربية السعودية وسعي أبوظبي لتقويض مكانة حليفتها لصالح مؤامراتها وأطماعها الخاصة.
إذ تتحرك الإمارات على نقيض قائدة التحالف العربي السعودية فتتورط أبوظبي علنا في تقويض الحكومة الشرعية في اليمن وتدعم تقسيم البلاد للسيطرة على مناطقه الجنوبية في انحراف فاضح لأهداف التحالف.
لكن مؤامرات الإمارات لا تقتصر على ذلك، بحيث تؤكد تسريبات أمنية موثوقة بأن النظام الإماراتي لديه اتفاق مع جماعة أنصار الله الحوثيون يقوم على عدم استهداف أراضي الدولة والتركيز فقط على السعودية مقابل عدم استهداف أبوظبي للجماعة.
وترى التسريبات أن التهديدات المتكررة من جماعة الحوثي للإمارات عارية عن الصحة وعلاقة الجانبين مثالية بدليل أن الجماعة لا تشن أي هجمات على أراضي الدولة وتركز فقط على السعودية.
يقول ضابط إماراتي في تسريب “علاقتنا مع الحوثي ممتازة ومازلنا ننقل لهم الأسلحة بشكل منتظم، واجتماعات سرية في أبوظبي وإرسال احداثيات المقاومة اليمنية، ومواقع تمركزات الجيش السعودي، والمواقع الحيوية”.
ويضيف أن تهديدات المتحدث العسكري الحوثي المستمرة للإمارات “هي فقط للاستهلاك الإعلامي وإبعاد شبهة خيانة النظام الإماراتي للسعودية”.
ولم تشكل أحداث مدينة عدن جنوب اليمن، نقطة تحول في الخلافات بين السعودية والإمارات، بقدر ما تثبت خروج الصراعات من الخفاء إلى العلن بين البلدين وإظهار الإمارات خلال السنوات الأخيرة تحركات مباشرة معاكسة لما تقوم به الرياض.
وليس فقط التطورات السياسية من تفضح تآمر أبوظبي على تقويض مكانة السعودية وخدمة أطماعها، بل الحقائق المتعلقة بالمكاسب الاقتصادية التي تحققها الإمارات من الهجمات المتتالية للحوثيين على المملكة.
بهذا الصدد كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية عن أن الإمارات أصبحت المستفيد الرئيسي من الهجمات التي استهدفت منشأتي نفط لشركة “أرامكو” السعودية في 14 سبتمبر الجاري.
وقالت الصحيفة إن الإمارات زادت من صادراتها النفطية خلال الأسبوعين الأخيرين بنحو 100 ألف برميل يوميا.
وكشفت الصحيفة أن السعودية تشتري أيضا خام “مربان” من الإمارات القريب من خصائص النفط العربي الخفيف الذي لا تستخدمه كثيرا للتكرير في مصافيها النفطية، ما يرجح أنها تبيعه لسد الثغرات في المعروض لديها.
وأشارت الصحيفة إلى استفادة دول أخرى أيضا من هذه الهجمات من بينها روسيا والعراق، بسبب صعوبات تواجهها أرامكو لتوفير الخام عالي الجودة للمتعاملين الآسيويين الذين اتجهوا نحو أسواق أخرى بسبب ذلك.
وعلى الرغم من أن إنتاج الشركة وصل إلى المعدل ذاته تقريبا قبل وقوع الهجمات، حسب مسؤولين سعوديين، إلا أن “أرامكو” غير قادرة عل إيصال كل الإنتاج للأسواق العالمية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين تنفيذيين في “أرامكو” أن جزءا من الإنتاج الحالي للشركة لا يمكن تنقيته وإعداده للتكرير أو التصدير؛ لأن بعض وحدات المعالجة لم يتم إصلاحها بعد.
وقال أحد المسؤولين: “إنتاج النفط شيء، ومعالجته من أجل بيعه شيء آخر”. وذكر تجار نفط أن بعض شركات التكرير الهندية اتجهت نحو شراء النفط الخام الروسي (مزيج الأورال) بدلا من الخام السعودي.
لكن “الفائز الأول”، بحسب الصحيفة، هي الإمارات، ونقلت الصحيفة عن سماح أحمد، كبيرة محللي النفط الخام في شركة Kpler لبيانات السلع، إن ناقلة نفط نرويجية كانت متجهة إلى رأس تنورة بالمملكة قبل أن تغير مسارها الأسبوع الماضي إلى ميناء الفجيرة الإماراتي لشحن مليوني برميل من النفط الخام.
وتشير البيانات إلى أنه خلال الأسبوعين الماضيين، أي بعد وقوع الهجمات، زادت شحنات الخام الروسية والإماراتية المنقولة بحرا بمقدار 100 ألف برميل يوميا وفقا لشركة بيانات السلع.
وقالت الشركة إن صادرات العراق ارتفعت بمقدار 31 الف برميل يوميا في الأيام الـ10 الماضية. وتعرضت منشآت نفطية سعودية (بقيق وهجرة خريص) لاستهداف بالطائرات المسيرة، في 14 سبتمبر 2019، ألقى بظلاله بقوة على الأسواق العالمية؛ إذ انخفض إنتاج المملكة النفطي إلى النصف، في هجوم تبنته ميليشيا “الحوثي” اليمنية.
وفي الأشهر الأخيرة، كثف الحوثيون من إطلاق صواريخ عبر الحدود مع السعودية، وشنوا هجمات بواسطة طائرات مسيرة، مستهدفين قواعد عسكرية جوية ومطارات سعودية ومنشآت أخرى، مؤكدين أن ذلك يأتي ردا على غارات التحالف في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة في اليمن.
في المقابل فإن الحوثيين امتنعوا عن شن أي هجمات على الإمارات أو الاضرار باقتصاد الدولة على الرغم من أن أبوظبي تلعب دورا محوريا في التحالف على اليمن لكنها تكرس جهدها في تحقيق فعلي لهدف الحوثي وهو تقسيم اليمن وتفتيته.
ومن أبرز أسباب الخلاف في اليمن هو في طلب السعوديّة أن تتركّز عمليات التحالف شمالي اليمن، حيث معاقل الحوثيين وتنطلق من هناك الهجمات ضد مطاري جيزان وأبها؛ بينما تولي الإمارات أهميّة أكبر للسيطرة على جنوبيّ اليمن، وخصوصًا على مطار عدن.
والعلاقة بين الإمارات والسعودية في حقيقتها ليست أكثر من تحالف انتهازي تكشفه خلافات البلدين العميقة وتعارض أجنداتهما في أكثر من ملف، خصوصاً في اليمن، التي كشفت أن الأخيرة أوقعت الرياض في مستنقع مع الحوثيين وإيران، بينما فضّلت العمل على الاستيلاء على جنوب اليمن وترك الحوثيين دون قتال.
ووجدت الرياض نفسها عاجزة أمام تحرك الإمارات في اليمن بعد انقلاب على الحكومة الشرعية نفذته قوات موالية لأبوظبي في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد في 14 أغسطس الماضي، كما قام الطيران الإماراتي بقصف قوات الجيش اليمني المدعوم من الرياض.