بينما يسارع النظام الحاكم في دولة الإمارات السبعة لإنفاق مليارات الدولارات على الحرب والدمار في سبيل نشر “الثورة المضادة” في الوطن العربي، تتجه إماراته واحدة تلو الأخرى نحو الاقتراض لسنوات طويلة وأخرها الشارقة.
وفي الوقت الذي تتصاعد حدة التوتر بين إمارتي أبو ظبي ودبي، عقب الأزمة الاقتصادية التي تسبب فيها انتشار فيروس كورونا داخل دولة الإمارات، اتجهت إمارة الشارقة إلى الاقتراض من بوابة الصكوك، بقيمة إجمالية 4 مليارات درهم (1.09 مليار دولار) بغرض تعزيز سيولة البنوك.
وقالت الدائرة المالية المركزية بإمارة الشارقة (حكومية)، إنه تم إصدار الصكوك المقومة بالدرهم الإماراتي لمدة 12 شهرًا على عدة شرائح.
وذكرت الدائرة أن السيولة المحققة من الطرح ستمكن البنوك التي مقرها إمارة الشارقة، من ضخها في الدورة الاقتصادية وفق معايير محددة.
وأشارت إلى أن “بنك الشارقة” اكتتب بقيمة 2 مليار درهم (544.5 مليون دولار)، ضمن الشريحة الأولى، بينما ستقوم مصارف أخرى بالاكتتاب لاحقاً بالشريحة الثانية وبقيمة 2 مليار درهم أيضاً.
وكانت الإمارة جمعت نحو ملياري درهم (544.54 مليون دولار) من إصدار خاص لصكوك لأجل عام لدعم اقتصادها خلال الجائحة.
والشارقة ثالث أكبر إمارات دولة الإمارات التي تضم سبع إمارات وتضررت جميعها اقتصاديا وماليا، من تبعات هبوط أسعار النفط الخام وتفشي جائحة كورونا ما دفعها إلى خفض النفقات.
وفي 20 أبريل/ نيسان الماضي، اقترضت إمارة أبوظبي 7 مليارات دولار من خلال سندات سيادية، على 3 شرائح، لتعويض السيولة التي فقدتها من تراجع أسعار النفط الخام.
وتبحث دبي عن قرض بمليارات الدولارات لإنقاذ نفسها، بعد تعطل منشآتها الاقتصادية بفعل فيروس كورونا، وتخشى في الوقت ذاته، من قبول مساعدات مالية من أبو ظبي لتجاوز الأزمة الحالية، لتترقب دعما ماليا من جارتها الغنية بالنفط.
وتباطأ النمو الاقتصادي في دبي قبل الجائحة وتبددت آمال الاستفادة من استضافة معرض إكسبو العالمي في أكتوبر /تشرين الأول حين جرى تأجيل الحدث إلى 2021.
وتصطف العشرات من اليخوت البيضاء عند الميناء ولا تتحرك، في منطقة مارينا دبي التي لطالما جذبت السياح، فيما تعيش الشركات العاملة في مجال الخدمات المترفة التي تشتهر بها الإمارة حالة من عدم اليقين في مواجهة أزمة الفيروس.
واختفت الحشود المعتادة من سياح صينيين أو بريطانيين أو روس عند الممشى في المنطقة التي بنيت على قناة مائية اصطناعية.
وخسرت شركة اليخوت “تقريباً بين 200 ألف و300 ألف درهم (50-70 ألف يورو) منذ بداية الأزمة”، فيما لم يحصل الموظفون سوى على نصف رواتبهم (في مارس/آذار) واضطروا إلى أخذ إجازات في الشهر التالي، حسب الوكالة الفرنسية.
ويرجح محللون ومصادر في القطاع المالي أن تلجأ دبي إلى صفقة إنقاذ مماثلة لتلك التي قدمتها لها أبوظبي الغنية بالنفط بعد أزمة مالية في 2009، لكن الآمال في تحقيق ذلك هذه المرة ربما تكون صعبة في ظل تحديات تهاوي عائدات النفط مع الانهيار الحالي للأسعار.
وأعادت الأزمة القائمة المشهد إلى الأزمة السابقة عندما تضرر اقتصاد إمارة دبي بدرجة كبيرة، وتدخلت أبوظبي لدعمها بمبلغ 10 مليارات دولار، واقترنت بتغيرات حادة في نمط العلاقة بين الإمارتين.
وبحسب مراقبون فإن ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد لا يتبني خيار التدخل العاجل أو الإنقاذ الفوري، وبدلاً من ذلك يتأخر حتى تتعمق الأزمة وتتقلص المقاومة، “هنا يبدأ في عرض خدماته متجهزاً للحصول على تنازلات قاسية من حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم؟”.
كما توقعت وكالة “ستاندرد آند بورز” للتصنيف الائتماني ارتفاع القروض المتعثرة وتكلفة المخاطر لدى البنوك الإماراتية خلال الأشهر الـ12-24 القادمة؛ بسبب انخفاض أسعار النفط الحاد، وتراجع النشاط الاقتصادي نتيجة تداعيات احتواء وباء “كوفيد-19”.
وقالت الوكالة الدولية، في تقريرها، إن ارتفاع المخاطر يأتي على الرغم من أن البنوك الإماراتية تعمل بمقاييس ربحية قوية.
وذكرت أن توجه البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نحو موقف أكثر تكيفاً ستكون له آثار سلبية على هوامش البنوك الإماراتية.
وتوقعت ارتفاع الخسائر الائتمانية خلال الفترة الممتدة ما بين 2020-2021؛ ما سيؤدي إلى تراجع الربحية في القطاع المصرفي الإماراتي.
وصنفت الوكالة القطاع المصرفي الإماراتي ضمن المجموعة “5”، (وذلك على مقياس مكون من 1 إلى 10، حيث يمثل 1 أدنى مستوى المخاطر)، فيما يصل المستوى الابتدائي للتصنيف الائتماني للبنوك العاملة عند “bbb-“.
وأفاد التقرير بأنه رغم إيجابية خطة الدعم الاقتصادي الموجهة التي قد تخفف من الضغوط على مُصدري الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة لكن هذه الخطة لم تؤدِّ إلى شطب المخاطر الائتمانية من ميزانيات النظام المصرفي.
ورصدت الوكالة ثلاث نقاط ضعف؛ تمثلت بزيادة الخسائر الائتمانية نتيجة تراجع الظروف الاقتصادية، والتنافسية العالية في الأسعار بسبب العدد الكبير من البنوك في القطاع المصرفي الإماراتي، والتركيزات العالية على قطاعات وعملاء محددين.
وشهد القطاع المصرفي الإماراتي، مؤخرا، حالة من الجدل، بعد استيلاء رجل الأعمال الهندي “آر بي شيتي”، مالك ومؤسس مجموعة «إن إم سى هيلث» على 6.6 مليارات دولار، والعودة لبلاده منذ نحو شهرين، من زاوية تعامل الدولة وتسهيلات البنوك معه، ومقارنة ذلك مع ما يجري مع المواطنين ممن تعطلت مصالحهم بسبب تداعيات انتشار جائحة “كورونا”.
وتعرضت هذه البنوك لصدمة لاحقة، بعد أسابيع قليلة من تعرضها لأكبر عملية احتيال في التاريخ.
ونشرت وكالة “رويترز” وثيقة تقول: إن شركة فينيكس كوموديتيز بي.في.تي، المتخصصة في تجارة المنتجات الزراعية ومكتبها الرئيسي دبي، تخضع للتصفية بعد تكبدها خسائر بأكثر من 400 مليون دولار، ما يمكن أن يعرض بنوكا إماراتية لمخاطر بخسارة المبلغ المذكور.