تواجه كبرى الكيانات الاقتصادية في الإمارات تواجه خطر الإفلاس مع تصاعد أزمة الدولة وسط تقارير دولية متطابقة ترصد تداعيات حادة للأزمات المالية.
وتسعى شركة إن إم سي هيلث لتشغيل المستشفيات (NMC Health) لجمع ما يبلغ 250 مليون دولار من الديون، وبينما تتأهب لإجراءات إشهار الإفلاس في الإمارات، عينت مؤسسة بيريلا واينبرج بارتنرز (PWP) للخدمات الاستشارية لتقديم المشورة بشأن العملية.
وقال مصدران مطلعان إن الشركة -التي تدار من جانب أوصياء على الإدارة من ألفاريز أند مارسال (Alvarez & Marsal)- كلفت أيضا بيريلا ببيع أسبين هيلثكير ومقرها المملكة المتحدة، وهي الشركة التي استحوذت عليها في 2018.
وإن إم سي هيلث هي أكبر مقدم لخدمات الرعاية الصحية من القطاع الخاص في الإمارات، وتشغل أكثر من 200 منشأة بما يشمل مستشفيات وعيادات وصيدليات.
وخضعت إن إم سي هيلث، الشركة القابضة لمجموعة مستشفيات والمدرجة في لندن، للوصاية الإدارية في أبريل/نيسان الماضي بعد أشهر من اضطراب بشأن أوضاعها المالية.
وقالت مصادر لرويترز إن كيان الشركة في الإمارات يبحث التقدم بطلب لإشهار الإفلاس بموجب صلاحية أسواق أبو ظبي العالمية للحصول على حماية من المحكمة لأي إنفاذ من جانب الدائنين.
وأشارت المصادر إلى أن القرض البالغ حجمه 250 مليون دولار سيساعد الشركة على الحفاظ على عملياتها ويغطي رسوم المستشارين في الوقت الذي تنفذ فيه الشركة إجراءات إشهار الإفلاس.
وأضاف أحد المصادر أن التمويل مرهون بقبول أسواق أبو ظبي طلب إن إم سي بموجب صلاحياتها.
وذكرت المصادر أن التمويل سيأتي على الأغلب من بنوك إماراتية منكشفة بشكل كبير على الشركة، إذ إن دعم عملياتها سيحسن فرص تلك البنوك في استعادة جزء من ديونهم المستحقة السداد.
ويصل إجمالي حصيلة القروض التي منحتها البنوك مجتمعة للشركة المتعثرة إلى نحو 3 مليارات دولار، حصة المصارف الإماراتية منها أكثر من ملياري دولار.
وقال أحد المصادر إن بعض الديون المصرفية القائمة لإن إم سي هيلث عرضت على مشترين للديون المتعثرة عند 10-20 سنتا في الدولار هذا الأسبوع، بينما تعرض سنداتها المقومة بالدولار الأميركي مستحقة السداد في 2023 نحو 15 سنتا في الدولار بحسب بيانات مؤسسة رفينيتيف (Refinitiv).
وقالت مصادر إن بيريلا تقدم أيضا المشورة للشركة فيما يتعلق ببيع أنشطة الخصوبة العالمية، وهي صفقة تقدر قيمتها بما يفوق 500 مليون دولار.
في هذه الأثناء أظهر بريد إلكتروني مرسل للموظفين داخل شركة طيران الإمارات أن الشركة عرضت على بعض الطيارين وأطقم الضيافة إجازة تصل إلى 4 أشهر دون أجر، في الوقت الذي تكابد فيه الشركة لمواجهة تبعات جائحة فيروس كورونا.
وتواجه الناقلة المملوكة لحكومة دبي أزمة سيولة بسبب الجائحة، وخفضت بالفعل الرواتب وسرحت آلاف الموظفين، وشمل ذلك طيارين وأطقم ضيافة.
وذكر البريد الإلكتروني أن الطيارين وأطقم الضيافة المشمولين في هذا العرض يمكنهم أخذ إجازة تصل إلى 4 أشهر بين شهري أغسطس/آب ونوفمبر/تشرين الثاني المقبلين دون راتب، لكن سيستمرون خلالها في تلقي المنافع الوظيفية مثل الإقامة على حساب الشركة.
وأوضح البريد الإلكتروني “نتيجة لقيود السفر التي فرضت مؤخرا بشكل غير متوقع من بعض الدول ظهرت فرصة لنعرض على طيارينا وأطقم ضيافتنا إجازة دون راتب، اخترنا أن نقترح عرض هذا الخيار كتدبير على المدى القصير لتقليل نفقاتنا”.
وأكدت متحدثة باسم طيران الإمارات اقتراح الإجازة دون أجر.
وتسيّر الشركة عددا محدودا من الرحلات بسبب القيود على الحدود حول العالم، وتعتزم تسيير رحلات إلى 62 وجهة في أغسطس/آب المقبل مقارنة بتسيير رحلات إلى 157 وجهة قبل الجائحة.
وقالت طيران الإمارات إنها ستغطي نفقات طبية بما يصل إلى 150 ألف يورو ونفقات الحجر الصحي بما يصل إلى 100 يورو في اليوم لمدة 14 يوما لأي راكب تتأكد إصابته بفيروس كورونا المستجد خلال السفر.
وقبل أسابيع استغنت الشركة عن مزيد من الطيارين والعاملين في أطقم الضيافة ضمن خطة لخفض الوظائف وتقليص القوة العاملة بسبب جائحة فيروس كورونا.
ونقلت رويترز في وقت سابق عن مصادر قولها إن القوة العاملة -التي تشمل 4300 طيار ونحو 22 ألفا يعملون في أطقم الضيافة- ربما يجري خفضها بمقدار الثلث مقارنة بمستويات ما قبل الجائحة.
وفي مايو/أيار الماضي قالت الشركة إنها ستستدين لتجاوز أزمة وباء فيروس كورونا، وإنها قد تضطر لاتخاذ تدابير أشد لمواجهة شهور ستكون الأصعب في تاريخها.
وفي السياق قالت وكالة “ستاندرد آند بورز” للتصنيف الائتماني إن الشركات في الإمارات التي تضررت بسبب تراجع أسعار النفط وأزمة فيروس كورونا، سترجئ على الأرجح الاستثمارات هذا العام حيث تولي اهتمامها للتكاليف والسيولة. وحذرت الوكالة من أن التعافي سيستغرق ما لا يقل عن بضعة فصول.
وأصدرت الوكالة تقييمات سلبية لستة عشر كيانا في دول مجلس التعاون الخليجي الست بينها الإمارات، وتتوقع انكماشا اقتصاديا في نطاق بين منتصف وأقصى خانة الآحاد لمعظم دول المجلس هذا العام.
وقالت الوكالة في تقرير: “نتوقع ضغطا شاملا في معظم القطاعات والأسواق في المنطقة، لكن البعض سيشعرون به أكثر من غيرهم مع تباطؤ النشاط الاقتصادي وتراجع الدخل المتاح للإنفاق وضعف اتجاهات التوظيف”. وذكر التقرير أن الطيران والسياحة هما الأكثر تضررا، لا سيما في دبي حيث للنقل والسياحة أهمية كبيرة للاقتصاد.
وقالت الوكالة إن قطاع العقارات في دبي، الذي تباطأ طيلة معظم العقد الماضي، سيواجه المزيد من الضغط. وخفضت هذا الشهر التصنيف الائتماني لاثنتين من أكبر شركات العقارات في الإمارات إلى “عالي المخاطر”.
وتتوقع “ستاندرد اند بورز” ضعفا واضحا في معدلات الائتمان، في ظل تعافٍ محدود في النصف الثاني من العام الحالي وكذلك استمرار تخمة المعروض وضعف الطلب خاصة من المشترين الدوليين.
وكشفت بيانات رفينيتيف أن السندات الدولية التي أصدرتها إعمار العقارية، أكبر شركة عقارات في دبي، انخفضت ثمانية في المائة منذ بداية العام.
وقالت الوكالة: “نظرا لتحديات نمو الإيرادات وغياب الرؤية الواضحة بشأن توقيت التعافي، فإن التركيز الرئيسي لمعظم الشركات التي نصنفها هو إدارة التدفقات النقدية والحفاظ على السيولة”.
وتراجع الشركات تكاليف التشغيل، وتعيد التفاوض بشأن العقود ولجأت إلى خفض الأجور وتسريح العمالة.
كما تخفض شركات النفط التكاليف، وتستفيد تلك الشركات من ميزة تتعلق بالتكلفة مقارنة بالشركات العالمية المناظرة. وتحظى شركات الاتصالات والمرافق بوضع أكثر أمانا، لكنها قد تتأثر برحيل العمال الأجانب الذين يشكلون نسبة كبيرة من تعداد سكان المنطقة.