موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الموانئ اليمنية تحت النفوذ الإماراتي: عسكرة المرافئ وتعطيل الاقتصاد الوطني

2٬022

أبرزت دراسة تحليلية بعنوان “الموانئ اليمنية تحت النفوذ الإماراتي: عسكرة المرافئ وتعطيل الاقتصاد”، أبعاد السيطرة الإماراتية على الموانئ والجزر والمنشآت الحيوية في اليمن منذ العام 2015، وكيف انعكس ذلك على سيادة الدولة واقتصادها الوطني.

وأكدت الدراسة الصادرة عن مركز “هنا عدن للدراسات الاستراتيجية”، أن الدور الإماراتي في اليمن تجاوز كونه مجرد شريك ضمن التحالف العسكري، ليأخذ شكلاً فاعلاً مستقلاً يمتلك رؤية استراتيجية إقليمية تستهدف رسم خرائط النفوذ في البحر الأحمر وبحر العرب والمحيط الهندي، تحت شعارات معلنة مثل “تأمين الملاحة” و”دعم الشرعية”.

غير أن الممارسة على الأرض عكست مسارًا مغايرًا، إذ تحولت الموانئ اليمنية إلى قواعد عسكرية مغلقة، وأذرع لوجستية لمشروع إماراتي يسعى لإعادة رسم خرائط النفوذ البحري.

عسكرة الموانئ وتفريغها من دورها الاقتصادي

أوضحت الدراسة أن الموانئ اليمنية جرى تفريغها من معناها الاقتصادي وتحويلها إلى نقاط ارتكاز عسكرية.

ميناء عدن، الذي كان مؤهلاً ليكون منافسًا لميناء جبل علي في دبي، أُعيد إدخاله في “سبات طويل” بفعل التعطيل الممنهج.

ميناء المخا تحول إلى ثكنة عسكرية مغلقة، لا يؤدي أي دور مدني أو تجاري.

منشأة بلحاف للغاز في شبوة، وهي الشريان الاقتصادي الأهم لليمن، أُغلقت وتحولت إلى قاعدة عسكرية محرومة من دورها في دعم الموازنة العامة.

السواحل والموانئ في حضرموت والمهرة وسقطرى وميون أصبحت تحت سيطرة قوات محلية مدعومة إماراتيًا، ما أعاد رسم خطوط السيطرة بعيدًا عن سيادة الدولة.

استراتيجية “إمبراطورية الموانئ”

تقرير “هنا عدن” وصف المشروع الإماراتي بأنه سعي لبناء “إمبراطورية موانئ” تمتد من الخليج إلى القرن الأفريقي، وهو ما يفسر التوسع العسكري والاقتصادي في المرافق الحيوية.

ولم يقتصر الأمر على السيطرة المباشرة، بل شمل بناء شبكات من الوكلاء المحليين يضمنون استدامة النفوذ الإماراتي حتى في حال أي ترتيبات سياسية مستقبلية.

انعكاسات على السيادة الوطنية والاقتصاد

السيطرة الإماراتية على الموانئ اليمنية لم تكن مجرد مسألة عسكرية، بل انعكست مباشرة على الاقتصاد الوطني:

تعطلت صادرات الغاز والنفط، وتضررت موارد الدولة المالية.

حُرم آلاف الصيادين من مصادر رزقهم نتيجة الحظر والإغلاق العسكري للمياه الساحلية.

فقدت الحكومة اليمنية القدرة على إدارة أهم منشآتها السيادية، ما أدى إلى تعميق حالة “الاحتباس الاقتصادي”.

وبحسب الدراسة، فإن ما يجري في اليمن جزء من صراع جيوسياسي أكبر على الممرات البحرية العالمية، حيث تُستخدم الموانئ كأدوات ضغط ونفوذ بدلاً من كونها أدوات تنمية.

توصيات الدراسة

قدمت الدراسة جملة من التوصيات العملية لاستعادة الدور الوطني للموانئ والجزر:

إدراج ملف الموانئ والجزر في صدارة أي مفاوضات سياسية أو اتفاقات سلام قادمة، بوصفه ملفًا سياديًا لا يقل أهمية عن وقف إطلاق النار أو إعادة الإعمار.

النص الصريح على انسحاب القوات الأجنبية من جميع المرافق الاستراتيجية وإعادتها إلى إشراف الدولة اليمنية.

إنشاء هيئة وطنية مستقلة لإدارة الموانئ، تضم خبراء في النقل البحري والاقتصاد وممثلين عن الحكومة المركزية والسلطات المحلية.

إعادة تشغيل الموانئ وفق خطة اقتصادية متكاملة تعظم العوائد المالية وتعيد توزيعها بعدالة على المناطق الساحلية.

ربط تشغيل الموانئ بخطط تنمية المجتمعات الساحلية، بما يشمل إعادة تأهيل قطاع الصيد البحري وتوفير بدائل معيشية للمتضررين.

تفعيل الرقابة الإعلامية والمجتمع المدني لضمان الشفافية في أي عقود أو اتفاقيات مستقبلية، ومنع إعادة إنتاج نموذج الوصاية الاقتصادية.

فتح تحقيقات شفافة حول الخسائر والانتهاكات التي لحقت بالاقتصاد والمجتمع اليمني جراء عسكرة الموانئ.

وخلصت الدراسة إلى أن السيطرة على الموانئ اليمنية تمثل لبّ الصراع الجيوسياسي في المنطقة، وأن استعادة اليمن لسيادته البحرية شرط أساسي لإنهاء حالة الشلل الاقتصادي المستمرة منذ سنوات.

فالموانئ ليست مجرد منشآت خدمية، بل مفاتيح السيادة الوطنية، وأي تسوية سياسية تتجاهل هذا الملف ستظل ناقصة وعرضة لإعادة إنتاج الأزمات.