قال مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات إن الهجمات على أبوظبي أنهت مرحلة تفاهمات سرية بين الإمارات وجماعة أنصار الله “الحوثيين”.
وأبرز المركز في دراسة له، أن هجمات الحوثي تهدد مكانة الإمارات الاقتصادية، لاسيما أن الاستثمارات الدولية فيها، وانفتاحها على السياحة الإقليمية والدولية، وصغر مساحتها، يجعل من الهجمات الحوثية أكثر تأثيراً.
وقال إن حالة استقرار المشاريع الاقتصادية في الإمارات مهدَّدة أكثر بعد الهجمات الأخيرة، ولهذا حاولت الإمارات سابقاً تجنيب نفسها كلفة المواجهات المباشرة في اليمن، وعمدت إلى تدريب تشكيلات عسكرية تابعة لها، وإعلان انسحابها من اليمن، هروباً من ضريبة المواجهة المباشرة.
وأضاف أنه ربما سيكون للأحداث الأخيرة في حال استمرارها انعكاس مباشر على الاستثمارات الدولية في أبو ظبي ودبي، وعلى البورصة الخليجية وأسعار النفط الخليجي عموماً.
وقد برر الحوثيون عدم استهدافهم للإمارات في الفترة الماضية أن الإمارات أعلنت انسحابها من اليمن، ويدرك الحوثيون جيداً أن الإمارات لا تزال باقية في عدد من المحافظات اليمنية من خلال الأسلحة والقيادات العسكرية الرفيعة والتشكيلات المسلحة التابعة لها، وأن وجودها في اليمن يفوق الوجود السعودي.
وهذا الأمر يفيد أن هناك تفاهمات بين الطرفين الإماراتي والحوثي، غير أن هذا التطور الجديد له انعكاساته على المعادلة السياسية والعسكرية في اليمن.
والهجمات العسكرية نتيجة طبيعية لتأخر حسم المعركة في اليمن التي بدأت منذ ست سنوات، على الرغم من إمكانية حسمها، في ظل توجهات المجتمع الدولي حينها المؤيدة للتحالف بشكل كبير، وهي فرصة كان يمكن استثمارها جيداً لمصلحة المنطقة.
لكن انحراف الإمارات عن أهداف التحالف أسهم كثيراً في إضعاف الشرعية في اليمن ومصادرة القرار السياسي للحكومة اليمنية، وتعطيل مواردها العامة، وهذا الأمر يعد خدمة مباشرة للحوثيين، مكنتهم من إعادة ترتيب أوراقهم وتعزيز قدراتهم العسكرية أكثر.
على الرغم من محدودية الخسائر البشرية والمادية للهجمات الحوثية ضد الإمارات، فإن الأثر المعنوي للحدث أشد عمقاً، في المقابل تعد الهجمات فرصة جديدة أمام التحالف، لأن المجتمع الدولي يضغط باتجاه استجابة الحوثيين للحوار، وفي هذا الإطار هناك فرصة للتحالف لتغيير المعادلة على الأرض.
والهجمات الحوثية لها أثرها في الموقف الدولي، لا سيما الموقف الأمريكي، خصوصاً بعد تصريحات مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، التي وصف فيها الهجوم على أبو ظبي بالإرهابي.
وقال: “إن واشنطن ستتعاون مع الإماراتيين ومع شركائها الدوليين لمحاسبة الحوثيين”، وهناك مطالب إماراتية للمجتمع الدولي بإعادة تصنيف الحوثي جماعة إرهابية، ولعل إعادة تصنيف الجماعة قد تكون فرصة لمزيد من الضغط على إيران في ظل المفاوضات النووية.
هذه التحولات في الموقف الأمريكي ضد الحوثيين، وإن كانت بسيطة فإنها بدت مشجعة للإمارات، فأمريكا انتقلت من الانفتاح على الحوثيين ومحاولة رفع الحصار عن مطار صنعاء تشجيعاً لهم على الحوار، إلى تصعيد لغة انتقادهم، ومحاولة الضغط السياسي عليهم للجنوح للحوار، وهي فرصة للتحالف وربما تكون الأخيرة.
من جهتها إسرائيل وجدت فرصة من خلال هذه الهجمات، وأعلن استعداده لمساعدة الإمارات، وهذا الأمر يفسر حالة الفراغ الأمني في المنطقة، وطموح الكيان الإسرائيلي لملء هذا الفراغ، وحرصها على أن تكون عنصراً فاعلاً في المعادلة السياسية والعسكرية في المنطقة.
وأمام ذلك تبدو الخيارات العربية تبدو عاجزة حالياً عن تشكيل قوة ذاتية تقطع الطريق أمام التنافس المحموم على المنطقة، والواقع أن إسرائيل تبحث عن فرص التدخل المباشر في المنطقة، وهذا الأمر سيوجد مبرراً أكثر لزيادة التوسع الإيراني.
وخلصت الدراسة إلى أنه يترتب على الهجمات الحوثية على الإمارات انعكاسات سلبية عدة، وعلى الرغم من تأثيرها على دول التحالف والملف العسكري في اليمن، فإنها قد تكون فرصة للتحالف لاستثمار الإدانة الدولية للحوثيين والضغط السياسي الأمريكي، وكذلك حالة الارتباك لدى الحوثي، والخسائر العسكرية الأخيرة على الأرض، والمأزق الإيراني السياسي والعسكري، لمواصلة التصعيد العسكري الميداني في اليمن.
لكن في المقابل يبدو أن الإمارات حريصة على الأمن الداخلي جداً، ولا تمتلك قدرة على المخاطرة أكثر خوفاً على المصالح الاقتصادية، وتهرباً من مواجهة العمليات داخل حدودها، وهذا الأمر قد يكون مشجعاً للحوثي لتوسيع هجماته أكثر على الإمارات، وتحويل الهجمات من السعودية إلى الإمارات، لكونها ربما أكثر تأثيراً.