موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

اتهامات للسلطات الإماراتية بتصفية مواطن مختفي قسريا منذ 8 أعوام

239

اتهمت أوساط حقوقية السلطات الإماراتية بتصفية مواطن إماراتي خارج إطار القانون إثر تعرضه للإخفاء القسري منذ أكثر من ثمانية أعوام.

وقال مركز مناصرة معتقلي الإمارات إنه مرت 8 أعوام و4 أشهر و10 أيام، على المرة الأخيرة التي شوهد فيها مُدرس التربية الإسلامية الإماراتي جمال الحمادي، قبل أن يختفي قسرياً في ظروف مجهولة، وربما للأبد.

ورغم اختلاف قصة اختفاءه القسري الذي يُعد الأطول لمعتقل في الإمارات، لكنك لن تجد الكثير من المعلومات على الانترنت عنه، وربما بالكاد تعثر على صورة له.

والحمادي مواطن إماراتي، ترعرع في مدينة خورفكّان التي تتبع لإمارة الشارقة، ودرسَ الدراسات الإسلامية في جامعة الإمارات، ويعيش حياة هادئة كمدرسٍ للتربية الإسلامية في المدينة.

اعتقل الحمادي في يوم تفجير برجي التجارة العالمييْن 11 سبتمبر، من قبل قوات مسلحة تتبع جهاز أمن الدولة الإماراتي. لينضم إلى حملة اعتقال شنها الأمن على أشخاص بميول إسلامية.

بقي الحمادي محتجزاً في سجون سرية بدون تهمة أو محاكمة لمدة 4 سنوات، لاقى فيها أبشع أصناف التعذيب الجسدي والمعنوي الذي تشتهر به سجون أمن الدولة، وقد أصدر الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي في الأمم المتحدة قراراً في 26 مايو 2005، وَصف اعتقاله بالتعسفي.

وبدلاً من الإفراج عنه نُقل إلى سجن آخر وحوكم دون أي دليل، سوى اعترافات من أحد المعتقلين، الذي كشف لاحقاً عن انتزاع اعترافاته تحت التعذيب، ليتنقل الحمادي بين سجون أمن دولة لمدة 8 سنوات، حتى تم الإفراج عنه في 2009 حافظاً لكتاب الله، ودارساً للفقه خلال سجنه.

وبعد عام على خروجه، وبينما ظن الحمادي أن مشكلته قد انتهت، فوجئت أسرته بأكثر من 20 مسلحاً من أمن الدولة يقتحمون البيت ويقومون باعتقاله مرة أخرى.

وبعد عام ونصف على اعتقاله أفرجت السلطات عنه، واعتذرت له عن احتجازه دون تهمة وقامت بإعادته إلى عمله السابق كمدرس للتربية الإسلامية.

بعد خروجه من الاعتقال الثاني، حاول الحمادي العودة إلى حياته الطبيعية رغم تضييق السلطات، حيث تزوج ورزق بولد، وذهب لأداء العمرة إثر حصوله على موافقة من أجهزة الأمن الإماراتية التي كانت تحتجز جواز سفره.

لكن محاولاته للعودة إلى حياته الطبيعية ستشهد عقبة جديدة، حيث قامت السلطات الإماراتية هذه المرة باعتقال شقيقه الأصغر فؤاد الحمادي بتهمة الانتماء لجميعة الإصلاح.

وقد اتفق جمال مع محامي شقيقه أن يكون أحد شهود النفي، حيث أراد مساعدة شقيقه بأي طريقة، واتفق مع المحامي أن ترتكز شهادته حول وقائع تعذيبه داخل سجون أمن الدولة، لكنه لم يكن يعلم أن تهمة الكلام في الإمارات أكبر كثيراً من تهمة الإرهاب.

فقبل أسبوع من جلسة الشهادة المفترضة، وتحديداً في 20 أبريل 2013، حين كان جمال عائداً إلى بيته في مدينة خورفكان، بعد يوم متعب قضاه مع والدته في المركز الطبي بإمارة الفجيرة، اختفى جمال.

وبعد ساعات، لاحظ أهله وزوجته اختفاءه، وحاولوا الاتصال به مراراً وتكراراً لكن هاتفه كان مغلقاً، وقد ازداد قلق أهله خصوصاً بعد توارد أخبار بأن سيارة جيب سوداء تابعة لأمن الدولة اعتقلت شخصاً في مدينة خورفكان، فقام الأهل بالاتصال بالأمن الذي نفى معرفته بمكان ابنهم.

في اليوم التالي، ذهب والد جمال إلى مركز شرطة المدام للتبليغ عن اختفاء ولده، لكن الشرطة لم تعطه إجابات واضحة، وطلبت منه استلام سيارة جمال.

وبعد أشهر عديدة على اختفاء جمال، بدأت بعض الرسائل مجهولة المصدر تصل إلى زوجته تفيد بذهابه للقتال في سوريا، وبأنه سيتحدث معهم قريباً، ولكن ذلك لم يحصل.

بعد 7 أشهر، أخذت قصة جمال منعطفاً جديداً، حيث أعلن موقع “24” الإماراتي التابع للسلطات الإماراتية مقتل جمال في سوريا، وذلك نقلاً عن ما أسماها بالمصادر الموثوقة.

رفضت عائلة جمال هذه الرواية تماماً، خصوصاً أن الموقع المذكور كان الجهة الوحيدة التي أعلنت مقتله، وأن جمال منذ اختفائه لم يتحدث صوتياً مع أحد.

وقد أزعج رفض العائلة لرواية مقتله السلطات الإماراتية، حيث قام الأمن لأول مرة منذ اختفاء جمال بالتواصل مع والده ليخبره بمقتل ابنه في سوريا، وأن الملف قد أغلق، وتبع ذلك اتصال من مسؤول رفيع في إمارة الشارقة طلب من والده فتح بيت العزاء واستقبال المعزين لابنه الذي استشهد في سوريا، لكن الوالد الطلب حتى يشاهد جثة ابنه.

في 5 فبراير 2014، استطاعت عائلة جمال التأكد من أن رواية السلطات ملفقة، حيث نقل معتقلون سابقون لأهله رؤيتهم جمال في أحد السجون السرية لأمن الدولة، وأن ظروف احتجازه كانت صعبة ومروعة.

لم يقم المعتقلون السابقون بتحديد وقت مشاهدته بدقة، لكنه على الأرجح كان قبل شهر نوفمبر 2013، أي حين أعلن الموقع الإماراتي مقتله، لأنه بعد تلك الواقعة لم تحصل العائلة على أية معلومة جديدة بخصوص جمال.

في 20 أبريل القادم، سيكون قد مضى على اختفاء جمال 9 أعوام كاملة دون أن يعرف أحد ما جرى على وجه الدقة، لكن جميع المؤشرات تقود إلى أن السلطات الإماراتية قامت بتصفيته خارج إطار القانون، واستخدمت من قصة سوريا وسيلة للتغطية على جريمتها.

ويبدو أن السلطات الإماراتية أرادت أن ترسل رسالة موقعة بالدم إلى جميع المعتقلين السابقين، بأن الحديث عن الانتهاكات التي تحصل في السجون الإماراتية له ثمن باهظ جداً، وقد استطاعت للأسف تحقيق جزء من هذا الهدف، حيث مازال كثير من المعتقلين السابقين يخشون الحديث عن ما حصل لهم خوفاً من أن يكون مصيرهم مشابهاً لجمال.

كما أن ربط جمال بسوريا والجهاديين رغم أنه لم يكن معروفاً عنه مثل هذه التوجهات، جعل العديد من المنظمات الحقوقية تتجنب الحديث عنه، لكن الحقيقة أن جمال دفع ثمن كلام لم يقله أصلاً، وها هو الآن يدفع أو قد دفع ثمن رغبته في الدفاع عن أخيه.