القضاء السويسري يحقق بفضيحة فساد كبرى مرتبطة بسفير إماراتي
يحقق القضاء السويسري في فضيحة فساد كبرى مرتبطة بسفير دولة الإمارات في الولايات المتحدة الأمريكية يوسف العتيبة تتعلق بقرابة 6 مليارات دولار، يشتبه في أن شركة إماراتية اختلستها من الصندوق السيادي الماليزي.
ونظرت محاكمة في سويسرا في 19 حزيران/يونيو بقضية فساد العتيبة، والتي لها آثار غير عادية على سمعة الإمارات.
وتقوم القضية التي تم الكشف عنها منذ سنوات على أن شركات مرتبطة بالعتيبة تلقت 66 مليون دولار من شركات “أوفشور”، يقول المحققون إنها حصلت على أموال مختلسة من صندوق “1MDB” الماليزي.
من جهته أكد موقع تقرير سوراك (sarawakreport) الماليزي أنه تم تحديد العتيبة كونه يُستشهد به منذ فترة طويلة كشريك تجاري برجل الأعمال الماليزي لو تايك جهو، والذي تقول وزارة العدل الأمريكية إنه المتآمر الأساسي في عملية الاختلاس من صندوق “1MDB”، التي طالت 4.5 مليار دولار أمريكي.
وبحسب الموقع فإنه في أوراق المحكمة تم محاكمة ضابط في بنك Lombard Odier على أنه تلقى 30 مليون دولار من كيان لو تايك جهو في الخارج، من صندوق Pacific Harbour Global Growth.
بموازاة ذلك تلقى الشريك التجاري لعتيبة والاتصال الرئيسي مع لو تايك جهو، رجل الأعمال شاهر عورتاني، 20 مليون دولار كجزء من نفس الصفقة الزائفة.
وقد فتح كل من رجلي الأعمال الإماراتيين حساباتهما في البنك في وقت واحد، قبل وصول الأموال مباشرة في عام 2013.
جاء ذلك بعد فترة وجيزة من قيام رئيس الوزراء الماليزي السابق نجيب عبد الرزاق بجمع إصدار سندات Goldman Sachs من صندوق “1MDB” الماليزي. بقيمة 3 مليارات دولار، كجزء من شراكة استراتيجية مزعومة مع صندوق الثروة السيادية في أبو ظبي والذي كان مصدر الأموال.
واستشهد الضابط تيم ليسنر بالعتيبة في شهادته أمام المحكمة كواحد من اللاعبين الذين حددهم لو تايك جهو أنه مستحق الحصول على رشوة لتسهيله على مستوى عالٍ في صفقة السندات إلى جانب سندين سابقين تم جمعهما بنفس الطريقة – إجمالي الأموال التي تم جمعها في 2012- 13 كان 6.5 مليار دولار.
وتُظهر الوثائق أن المحققين الذين فحصوا الصفقة حددوا على الفور الأعلام الحمراء الكلاسيكية المرتبطة بجميع مخططات جوه لو الملتهبة التي تنطوي على أشخاص سياسيين مكشوفين (PEPs) ، ومن الواضح أن العتيبة كان أحدهم.
نظرًا للوثائق غير الكافية والهواة المقدمة لشرح المدفوعات الهائلة للخدمات المزعومة المقدمة لشركة Pacific Habor، بدأ موظفو البنك في مناقشة جدوى التحويل. وتم تجميد الأموال لبضعة أسابيع.
أحد عناصر المعلومات التي حصلوا عليها من التحقيق مع عملائهم هو أن الأموال نشأت من العقود المنفذة لصالح صندوق “1MDB” الماليزي.
ومع ذلك، عندما طلب البنك الاتصال بمسؤولين محددين من موقع صندوق “1MDB” الماليزي. لتلقي طمأنة بشأن الأمر، تم رفض ذلك.
ومن الجوانب الأخرى غير المرضية للأعمال الورقية عدم وجود هوية للملكية المفيدة لشركة Pacific Habor الخارجية، والتي تأكد الآن أنها مملوكة إلى لو تايك جهو نفسه.
توصل المصرفيون إلى الرسالة المتعلقة بالمخاطر والتهديدات التي ينطوي عليها الأمر، والتي عززتها التحذيرات الواردة من هذا الموقع.
ومع ذلك، وفقًا لوثائق المحكمة، اختاروا تقييم هذه المخاطر مقابل فوائد الاستمرار في التعامل مع المحتالين الأثرياء من صندوق “1MDB” الماليزي. وشركائهم في أبو ظبي.
تم توثيق دور العتيبة بشكل صريح، إذ كانت هناك تكهنات بأن لعبته باهظة الثمن، وهي قصر ماليبو بقيمة 50 مليون دولار تم شراؤها في أعقاب هذه الدفعة الضخمة، هي بالفعل جائزة أخرى من سرقة مليارات الدولارات من شعب ماليزيا.
ومع ذلك فإن العتيبة، المحاط بالحصانة الدبلوماسية وتحيط به الوضع الممنوح له كسفير للإمارات قد سبح ببساطة فوق النزاع.
لم تفعل أبو ظبي أي شيء بعد بشأن الموقف المحرج الذي تجاهله بنفس الطريقة التي تجاهلوا بها شراء يخت منصور بن زايد آل نهيان الفائق بنفس المال.
يشار إلى أنه في آب/أغسطس 2020 نشر موقع “تقرير ساراواك” الماليزي تقريرا قال فيه إن الحكومة الماليزية أوقفت إجراءات دعوى قضائية في المحاكم البريطانية ضد شركة أبو ظبي العالمية للاستثمار في النفط، لإفساح المجال أمام تسوية دبلوماسية مع حكومة أبو ظبي.
وكان الادعاء الماليزي اتهم الرئيس الإماراتي محمد بن زايد – ولي عهد أبو ظبي في حينه- وشقيقه منصور بن زايد بالتواطؤ مع نجيب عبد الرزاق، للتستر والاحتيال ضد ماليزيا بدلا من فضح ما وصفها بأكبر سرقة في العالم.
وقادت فضيحة الصندوق السيادي الماليزي إلى الكشف عن بعض الأدوار التي قيل إن الإمارات لعبتها في الفضيحة التي هزت البلاد عام 2016، من خلال التواطؤ مع رئيس الوزراء الماليزي السابق الذي جرى محاكته بسبعة اتهامات تتعلق بخيانة الثقة واستغلال النفوذ وغسل الأموال، ضمن سلسلة من قضايا فساد تلاحقه.
من جهته وصفت صحيفة “تايمز” فضيحة الفساد المالي لهذا الصندوق بأنها “أكبر فضيحة فساد في العالم”، وأشارت إلى أن التحقيقات حول هذا الفساد تجري في 3 قارات.
وأوضحت أن هناك دعاوى في أميركا تزعم أن نحو 4.5 مليارات دولار سرقت من هذا الصندوق، وأُنفقت في شراء أعمال فنية وأبنية ومجوهرات ويخت مترف.
فيما أوردت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن يوسف العتيبة والماليزي لو تايك جهو علاقة شراكة منذ عام 2000 تقريبا، وأشار لو إلى الصداقة التي تجمعه بالعتيبة في مقابلات عدة على مدى الأعوام الماضية.
وأظهرت تحقيقات جنائية أجرتها السلطات في سنغافورة بحق مصرفي سويسري أن خمسين مليون دولار حولت على دفعات إلى شركات يملكها يوسف العتيبة، بما في ذلك “دينسمور الاستثمارية المحدودة في جزر فيرجين البريطانية، و”سيلفر كوست” للإنشاءات، و”بورينغ” في الإمارات.
وفي وثائق منفصلة اطلعت عليها “ووال ستريت جورنال” ذات علاقة بالتحقيقات التي جرت في سنغافورة حول غسيل الأموال المزعوم والمرتبط بصندوق “1MDB”، تصف السلطات شركة “دينسمور” بأنها تدار من قبل يوسف العتيبة وشاهر عورتاني.
وتصف هذه الوثائق دفعات أخرى منفصلة بقيمة 16 مليون دولار أمريكي حولت إلى شركة “دينسمور” على شكل قروض من شركة ذات ارتباط بالاختلاس المزعوم.
وبحسب معلومات أدلى بها أشخاص لهم اطلاع على هذا الموضوع، فإن يوسف العتيبة وشاهر عورتاني هما اللذان أسسا معا كلا من شركة “سيلفر كوست” للإنشاءات وشركة” دينسمور”.
وفي الخامس من أيار/ مايو من عام 2015، أرسل أحد المدراء الماليين، وهو موظف يعمل في دبي لدى شركة يديرها يوسف العتيبة وشاهر عورتاني، برسالة إيميل إلى يوسف العتيبة يخبره فيها بأن لو تايك جهو أصدر تعليماته إغلاق حسابات في مصرف “BSI”، وهو مصرف خاص يقول المحققون في الولايات المتحدة الأمريكية وفي سويسرا وسنغافورة، إنه لعب دورا محوريا في عملية الاختلاس المزعومة والمتعلقة بصندوق “1MDB”. وكان لشركة “دينسمور” حساب في مصرف “BSI”.