ينتظر اقتصاد الإمارات تداعيات وخيمة بعد تسجيله انكماشا قياسيا في عام 2020 بفعل العجز الحكومي وتفشي الفساد في الدولة.
وأظهرت بيانات للبنك المركزي الإماراتي، انكماش اقتصاد الدولة بنسبة 5.8 في المائة في عام 2020 وسط توقعات نمو محدود للعام الجاري.
وتضرر اقتصاد الإمارات بشدة جراء هبوط أسعار النفط، وتداعيات جائحة كورونا على قطاعات مهمة أبرزها السياحة والعقارات.
وقال البنك المركزي الإماراتي، إنه يتوقع نمو إجمالي الناتج المحلي غير النفطي بنسبة 3.6 بالمئة هذا العام.
غير أن ذلك مرهون باستقرار الناتج النفطي دون تغيير بسبب تخفيضات متفق عليها في إطار تحالف “أوبك+”.
وبرر البنك توقعاته بنمو الناتج غير النفطي بـ”زيادة في الإنفاق وتسارع الائتمان والتوظيف، واستقرار نسبي لسوق العقارات”.
ويعول البنك على أنشطة عالمية في الإمارات ومنطقة الخليج، مثل معرض “أكسبو دبي” بعودة اقتصاد الإمارات إلى النمو بوتيرة ما قبل الجائحة.
وكان يفترض انطلاق فعاليات “أكسبو دبي” في أكتوبر/ تشرين الأول 2020، لكنه تأجل لعام كامل جراء تفشي فيروس كورونا.
ومن المقرر افتتاح المعرض بالموعد الجديد في أكتوبر القادم، ويستمر حتى مارس/آذار 2022.
وتتصاعد أزمة شاملة لاقتصاد الإمارات مع تسجيل خسائر مدوية للبنوك وانخفاض قياسي لأسعار العقارات في ظل فشل وفساد حكومي مزمن.
وانخفضت أرباح البنوك المدرجة في أسواق المال الإماراتية خلال العام 2020 بنسبة 44% على أساس سنوي، وسط تقلص الإيرادات وارتفاع المخصصات لمواجهة تداعيات فيروس كورونا.
واستناداً إلى افصاحات البنوك المقيدة في بورصتي أبوظبي ودبي، يتبين أن أرباح 19 بنكا إماراتيا انخفضت إلى 25.3 مليار درهم (6.9 مليارات دولار).
وذلك بعدما كانت أرباح البنوك بلغت 45.2 مليار درهم (12.32 مليار دولار) في الفترة نفسها من 2019.
ويبلغ عدد البنوك المقيدة في بورصات الإمارات 19، موزعة بواقع 7 مدرجة في بورصة دبي، و12 في سوق أبوظبي.
ورصد التقرير انخفاض أرباح البنوك المدرجة في سوق دبي بنسبة 60% إلى 9.6 مليارات درهم (2.61 مليار دولار)، وسط انخفاض أرباح 4 بنوك وخسارة 3 أخرى خلال العام.
وسجل الإمارات دبي الوطني (أكبر بنك في دبي) أعلى تراجع في الأرباح بنسبة 52%، إلى 6.95 مليارات درهم (1.89 مليار دولار).
في المقابل، سجل بنك المشرق أكبر خسارة بقطاع البنوك في سوق دبي بقيمة 1.27 مليار درهم (345 مليون دولار).
وفي سوق العاصمة أبوظبي، فتقلصت أرباح البنوك المدرجة بنسبة 25% إلى 15.74 مليار درهم (4.28 مليارات دولار).
وسجلت 3 بنوك نموا في الأرباح مقابل خسارة 4 بنوك وتراجع أرباح 5.
وتصدر بنك أبوظبي الأول (أكبر بنوك الإمارات من حيث الموجودات) قائمة الأعلى ربحية خلال العام الماضي بقيمة 10.55 مليارات درهم (2.87 مليار دولار)، إلا أنه سجل تراجعا سنويا في الأرباح بنسبة 15.7%.
وتواجه البنوك الإماراتية ارتفاع مستويات التكلفة وانخفاض الإيرادات.
وذلك في ظل الضربة المزدوجة للاقتصاد جراء تداعيات كورونا وانخفاض أسعار النفط.
ويعمل في الإمارات 48 مصرفا، بينها 22 محليا، و26 أجنبيا، تخدم أكثر من 9.5 ملايين مواطن ومقيم.
في هذه الأثناء تؤكد توقعات وكالة التصنيف الائتماني الأميركية العالمية “ستاندرد أند بورز” أن سوق العقارات في دبي، ولا سيما المساحات السكنية والمكتبية، قد ينخفض قياسياً ليبلغ القاع خلال 2022، بعدما تجاوز عاماً صعباً سنة 2020.
وانكمش النمو الاقتصادي في الإمارات بنحو 11% في بلد يعاني من أكبر انخفاض سكاني في منطقة الخليج.
وقالت المحللة في “ستاندرد أند بورز” سابنا جاجتياني “عانت السوق فعلاً من خلل في العرض والطلب قبل ظهور فيروس كورونا الذي زاد الوضع سوءاً”.
وتتوقع جاجتياني أن يكون العرض منخفضاً في القطاع السكني هذا العام، وأن تظل معدلات الرهن العقاري منخفضة، الأمر الذي سيشجع السكان على شراء العقارات بدلاً من استئجارها.
كذلك من المتوقع، بحسب جاجتياني، أن تساعد معدلات التطعيم المرتفعة في الإمارات، التي دبي جزء منها، على العودة إلى المكاتب، بما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار المساحات المكتبية.
وتشير التوقعات أيضاً إلى أن النشاط السياحي في دبي سيكون “ضعيفاً للغاية” في العام 2021.
وأدت وفرة العقارات والطلب المتعثر في دبي إلى انخفاض الأسعار بأكثر من الثلث منذ أن بلغ السوق ذروته قبل نحو 7 سنوات، قبل أن تفاقم جائحة وباء فيروس كورونا هذا التراجع.
وذكرت شركة الوساطة العقارية “جيه.إل.إل” في يناير/ كانون الثاني المنصرم، إن مطوّري العقارات في دبي من المرجح أن يواصلوا زخم العرض المرتفع هذا العام، وهي زيادة تعني عامين آخرين من انخفاض الأسعار.
وفي السياق، قالت شركة “داماك” العقارية، وهي من أكبر المطوّرين العقاريين في دبي، الشهر الماضي، إن الأمر سيستغرق ما لا يقل عن عام إلى عامين حتى يخرج سوق العقارات من الانكماش.
في غضون ذلك، أكدت “ستاندرد أند بورز” أن دبي عانت من أكبر انخفاض سكاني في منطقة الخليج العام الماضي، بينما تقلص الناتج المحلي الإجمالي بنحو 11%، وفقاً لتقديرات الوكالة.