كشفت أوساط أوروبية عن خفايا تغلغل الإمارات عبر خطة متدرجة في منظمة الشرطة الدولية “الإنتربول” بهدف حماية مسئوليها المتهمين بجرائم حرب وملاحقة المعارضين.
وقال المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط إن التغلغل المتزايد لدولة الإمارات العربية المتحدة منظمة الشرطة الدولية “الإنتربول” والتحكم بالمناصب الرفيعة فيها يثير المزيد من القلق الحقوقي الدولي.
وذكر المجهر وهو مؤسسة أوروبية تعنى برصد تفاعلات قضايا الشرق الأوسط في أوروبا، أن أوساطا حقوقية أوروبية ودولية عبرت بشكل متزايد عن متابعتها بخطورة لتنامي نفوذ الإمارات في منظمة الإنتربول لأهداف تخدم أجنداتها.
وتعتقد الأوساط الحقوقية أن مخطط الإمارات يقوم على نفوذها في التضييق على معارضيها بما في ذلك المدافعين عن حقوق الإنسان وحماية كبار مسئوليها من مطاردات قادمة بسبب ما ارتكبته من جرائم في حق الشعوب في السنوات القادمة.
وبهذا الصدد نبهت الأوسط الحقوقية إلى مخاطر إنشاء الإمارات مؤسسة (الإنتربول) في جنيف واستخدامها كواجهة لدفع الرشاوي المالية من أجل زيادة نفوذها في المنظمة الدولية وتدعيم فرص تسلم مسئولين مناصب رفيعة فيها.
وبحسب الموقع الالكتروني لمؤسسة الإنتربول فإنها منذ شهر أيار/مايو 2016، قدمت المؤسسة الدعم لسبع مبادرات أساسية للإنتربول، وذلك عبر التبرع بمبلغ 50 مليون يورو على مدى خمس سنوات، كجزء من اتفاق المساهمات المقدمة من حكومة الإمارات.
ورصد المجهر الأوروبي زيادة تغلغل الإمارات في مناصب رفيعة المستوى في الإنتربول على رأس دفعها اللواء أحمد الريسي -الذي شغل المفتش العام رفيع المستوى في وزارة الداخلية الإماراتية- لرئاسة الإنتربول.
يضاف إلى ذلك قائمة من عدد من مسئولي الإمارات يشتغلون عددا من المناصب في الإنتربول بينهم مبارك سعيد الخيل مدير مكتب الخليج في الإنتربول، وعبد العزيز محمد عبيد الله مدير مكتب إقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الإنتربول، وخالد الطائي مدير علاقات العمل في الإنتربول ويختص بالدعم الفني لجميع القارات.
كما تشمل قائمة تغلغل مسئولي الإمارات في الإنتربول: حميد العميمي رئيس قسم مكافحة الفساد في المنظمة، وناصر الثلاي ضابط يعمل في المكتب الإقليمي للشرق الأوسط، إلى جانب سعيد الكعبي مرشح للجنة مراقبة المحفوظات في الإنتربول.
وضمن خططها لترأس الإنتربول، عمدت الإمارات منذ أشهر إلى إطلاق خطة لتسويق مرشحها المنبوذ دوليا اللواء الريسي عبر إعداد زيارات له إلى الدول الأعضاء في الإنتربول لحشد الدعم لانتخابه بما في ذلك تقديم دعما لوجستي ومالي لتلك الدول.
وتتضمن الخطة كذلك حشد مؤسسات علاقة عامة وجماعات ضغط تمولها الإمارات بغرض دعم حظوظ الريسي في ظل ما يواجهه من معارضة دولية واسعة.
وقبل أشهر رفع مركز الخليج لحقوق الإنسان دعوى قضائية ضد الريسي لتعذيبه معتقلي الرأي خاصة الناشط الحقوقي أحمد منصور في سجون النظام الإماراتي.
وقدم الدعوى محامي حقوق الإنسان الفرنسي ويليام بوردون شكوى رسمية، بالنيابة عن مركز الخليج لحقوق الإنسان، إلى مكتب المدعي العام في باريس.
والدعوى ضد الريسي تتعلق بقضية الاعتقال غير القانوني لعضو مجلس إدارة مركز الخليج لحقوق الإنسان أحمد منصور ومعتقلي رأي آخرين في الإمارات.
وتستند الشكوى إلى مفهوم الولاية القضائية العالمية وتسعى إلى تقديم الرئيسي للعدالة أثناء وجوده في فرنسا سعياً لرئاسة الإنتربول هذا العام.
وفي 5 مايو/أيار2021، أصدر مركز الخليج لحقوق الإنسان وهيومن رايتس ووتش نداءً مشتركاً قالا فيه إن ترشيح الريسي لمنصب رئيس الإنتربول قد يعرض للخطر التزام منظمة الشرطة الجنائية الدولية بتعهداتها في مجال حقوق الإنسان.
وسيعين الإنتربول رئيسه الجديد في اجتماع جمعيته العامة بمدينة ليون بين 23-25 نوفمبر/تشرين الثاني 2021.
شغل الريسي منصب المفتش العام رفيع المستوى في وزارة الداخلية الإماراتية منذ أبريل/نيسان 2015، مما جعله مسؤولاً، من بين أمور أخرى، عن التحقيق في الشكاوى ضد الشرطة وقوات الأمن. ويتمتع جهاز أمن الدولة الإماراتي بسجل طويل من الانتهاكات المتعددة.
والريسي هو عضو في اللجنة التنفيذية للإنتربول، وهي الهيئة الإدارية التي تشرف على تنفيذ قرارات الجمعية العامة وعمل الأمانة العامة.
وفي حزيران/يونيو 2021 أعلن 35 برلمانيا فرنسيا موقفا مناهضا لتولى الريسي رئاسة الإنتربول، في ظل سجله الحقوقي الأسود وتورطه بتعذيب معتقلي الرأي والمعارضين في الإمارات.
وأرسل النواب وهم أعضاء في البرلمان ومجلس الشيوخ من الأغلبية والمعارضة، مكتوبا إلى الرئيس إيمانويل ماكرون طالبوا فيه باريس بمعارضة ترشيح الريسي للمنصب.
وقال البرلمانيون إن الريسي “في طريقه” ليتم انتخابه على رأس المؤسسة الدولية ومقرها في مدينة ليون، شرق فرنسا، في حين أن “سجله الثقيل يجب أن يبعده عن مثل هذه المسؤولية”.
وأضاف النواب في رسالتهم أن الريسي “مسؤول بشكل مباشر عن أجهزة الشرطة في بلاده التي تعمل بإفلات شبه كامل من العقاب”، واتهموه بلعب “دور مركزي في الاعتقال التعسفي والانتهاكات التي عانى منها العديد من نشطاء حقوق الإنسان”.