موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحليل/ ثوار السودان والجزائر يقاومون وصاية الإمارات ومؤامرات الثورة المضادة

304

يقاوم ثوار السودان والجزائر ما تحاول الإمارات وحليفتها السعودية من فرض وصاية عليهم وتمرير مؤامرات الثورة المضادة مستفيدين في ذلك من تجارب دول الربيع العربي الأخرى.

وتحول رفض التدخل الإماراتي والسعودي إلى أحد أبرز عناوين الاحتجاجات الشعبية في كل السودان والجزائر بعد أن أضحت كل النماذج والسيناريوهات مكشوفة أمام شعبيهما وذلك حتى لا يقعوا في فخ ثورة يناير المصرية، مدركين أن عليهم أن يقفوا بالمرصاد لأطماع العسكر المتربصين بثورات الشعوب.

كما استفاد ثوار السودان والجزائر من تجربة مخاطر الانزلاق إلى المستنقع الذي وقعت فيه ثورة فبراير اليمنية، عبر رفض أي وصاية إماراتية سعودية على ثورتهم، وإن ادّعت السند والمبادرة (وظلم ذوي القربى أشد مرارةً)، ويجب أن لا يسمحوا لفرد، فضلا عن فصيل، أن يمتلك السلاح من دون الدولة.

وحتى لا تتلاشى ثورتهم، كما حدث مع الثورة السورية ونظيرتها الليبية، فإن الدعوات تبقي تتوجه إلى المعارضة في البلدين (الجزائر والسودان) أن توحد صفوفها، وأن تتخذ كل التدابير للحيلولة دون التشرذم وانفلات الأمور.

الربيع العربي، وإن أخفق في بعض الدول، يستمر عبر آلية التحفيز بالروح والشجاعة والخبرة. وما حدث في السودان والجزائر نكسة كبيرة للدول الداعمة للثورات المضادة للربيع العربي (الإمارات والسعودية)، ومن يواليهم ويساندهم، ممن ظنّوا أنهم بدعمهم الثورات المضادة التي أعادت عجلة التنمية في دول الربيع إلى أسوأ مما كانت قبل الربيع حتى، وأحالتها إلى أطلال دول، ظنا منهم أنهم وأدوا فكرة الربيع في نفوس الشعوب المقهورة والتواقة للتغيير، وهذا ما لم يحدث، فقد استعاد الربيع، بموجته الثانية، وهجا أكبر مما كان عليه في موجته الأولى، وها هو يستمر ويستمر.

حاولت الإمارات والسعودية دفن أحلام الشعوب المقهورة في دول الربيع، ولم يعوا أن الأحلام ما هي إلا بذور لا تموت حتى تنبت في مكان آخر لم يتوقعه أحد.

إذ أن ما يميز الشباب العربي المؤمن بحتمية التغيير وبصوابية الربيع، أن لديه من المرونة ما يجعل المسافة شاسعةً بينه وبين اليأس، وأنهم على ثقة تامة بأن للدهر يومين، وأن ربيعهم سيزهر مرة أخرى وثانية وثالثة، وأن أحلامهم ستتحقق، ولو اجتمع طغاة الإمارات والعالم على قلب أفجرهم لوأدها.

وتتزايد الدلائل والتأكيدات الدولية على الدور التخريبي لدولة الإمارات في قيادة الثورة المضادة لموجات الربيع العربي منذ انطلاقها عام 2011 سعيا من أبو ظبي لمنع الديمقراطية والحريات عن العرب.

وأكد تقرير حديث نشرته مجلة فرنسية أن الإمارات تواصل دورها المشبوه التخريبي لموجات الربيع العربية بدليل ما يحدث حاليا في السودان والجزائر عبر أدواتها من العسكر.

وفي مقال افتتاحي في العدد الأخير من مجلة “بوليتيس” الأسبوعية الفرنسية، يتحدث الرئيس والمدير السابق للمجلة، دونيس سييفير، عن الثورات المضادة في العالم العربي، التي وصلت، وفقا له، إلى حد “التدويل” في المنطقة بعد ما حققه العسكر بمصر ومخافة انتشار المطالب الداعية للتغيير.

ويستحضر سييفير أمثلة السودان وليبيا ومصر، حيث الجيش يبدأ بمنح الشعب بعضَ الأسباب للأمل، “في انتظار ساعته من أجل استعادة الوضعية التي تُفلت من يديه”. ويعود للتجربة المصرية المريرة قائلا: “مصر، للأسف، بسطت هذا السيناريو حتى النهاية”، موضحا أنه “في سنة 2013، انتهى الأمر بمشير الكاريكاتور إلى السيطرة على الحكم، من أجل قمع كل نية في الاحتجاج، بوحشية”، في إشارة إلى الانقلاب الذي قاده عبد الفتاح السيسي، على أول رئيس منتخب في مصر، محمد مرسي.

وعلى الرغم من إقرار سييفير بأن الوضع في السودان والجزائر ما زال مفتوحاً أمام سيناريوهات، إلا أنه أشار إلى “أننا نعرف، على الأقل، ما يمكن انتظاره. فالعسكر الذين يمارسون السطو على هذه البلدان، منذ فترة طويلة، لن يتخلوا عن الحكم، بسهولة”. ويقدم بعض الأمثلة عن القمع الدموي للعسكر في السودان للمتظاهرين، وإلغاء الاتفاقات مع ممثليهم، إذ إن “نموذجهم المعلن ليس سوى الماريشال المصري السيسي”.

ويتابع قائلا: “ليس المشير السيسي وحده من يدعم النظام السوداني، بل توجد المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وتوجد، أيضاً، روسيا والصين”، إذ “بينما تقصف روسيا محافظة إدلب، مع حليفها بشار الأسد، لا تنسى أن تُشهر الفيتو في مجلس الأمن أمام قرار يدين مجزرة 3 يونيو/ حزيران الماضي، بدعوى أنه ليس من عادتها التدخل في الشؤون الداخلية للدول”.

موقف يدعو للضحك الساخر، يعلق سييفير، قبل أن يضيف: “الجبهة الواسعة للثورة المضادة، لا يمكن تفسيرها، فقط، بالمصالح الاقتصادية المشتركة، إذ يقودها، أيضا، الخوفُ من العدوى”.

ويطالب الصحافي الفرنسي بـ”قطع الصمت عما يحدُثُ في محافظة إدلب، مع المطالبة الملحة من فرنسا بوقف مبيعات أسلحتها للسعودية ومصر”، معتَبِراً أن “الكذب الرسمي، في ما يَخُص مبيعات الأسلحة الفرنسية، ليس فقط غيرَ مسموح به، أخلاقياً، بل ويُسمِّم ديموقراطيتنا”.

وفي التفاتة معبرة من الصحافي الفرنسي تجاه الراحل سمير قصير، وخاصة كتابه اللافت: “تأملات في شقاء العرب”، الصادر سنة 2004، يكتب سييفير: “هذا الكتاب الذي حرَّك، في حينه، الضمائر، لا يزال يرنّ، اليوم، بشكل غريب. فقد عبّر سمير قصير عن القلق من خضوع العالم العربي وعن الشعور بالعجز”.

ويعتبر الصحافي الفرنسي أنه “بعد كثير من الانتفاضات ومن التعبئة التي يمكن وصفها، من دون تشدق، بالبطولية.. حلّت عقلية التمرد مكان الاستسلام”. وفي ما يتعلق بالعجز، الذي تحدث عنه قصير، فهو “ليس فعل شعوب، بل فِعْل تدويل الثورة المضادة، ولم يَعُد عجزا عربيا”.

وتمنى سييفير، لو أن قصير “هذا الذي كلَّفَته نضالاتُه من أجل القضية الفلسطينية وضد الاحتلال السوري للبنان حياتَهُ” لا يزال حيّاً بيننا، حتى “يستطيع تمديد تأملاته اليوم”.