تبرز أوساط حقوقية أن النظام الإماراتي يستخدم ما يضعه من قوانين تعسفية بهدف جوهري يقوم على خنق للحريات ومنح حصانة لحكامه ومسئوليه من الانتقاد الشعبي.
وأبرز مركز الإمارات لحقوق الإنسان أن قانون الجرائم الإلكترونية في الإمارات يحمل سياسةً واضحة لخنق الحريات والسيطرة على النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان وتجريم الأنشطة المشروعة التي ترى فيها السلطات تهديدًا لنفوذها وسياساتها.
وأشار المركز إلى أنه منذ عام 2011 فرضت السلطات الإماراتية قيودًا شديدة على حرية التعبير وإبداء الآراء في مسائل مختلفة تخص البلاد خاصة الشأن السياسي، حيث أن انتقادك للحكومة أو الوزراء يعدّ جريمة قد تودي بصاحبها إلى السجن.
ولفت إلى أن الناشط الحقوقي البارز معتقل الرأي أحمد منصور يعد من أبرز ضحايا قانون الجرائم الإلكترونية في الإمارات، حيث أدين في مايو 2018 بموجب المادة 22 بتهمة “نشر معلومات كاذبة تضر بالوحدة الوطنية وبسمعة البلد” بسبب تغريدات على موقع تويتر، ليواجه حكمًا بالسجن لـ 10 سنوات وغرامة قدرها مليون درهم (272 ألف دولار أمريكي).
ونبه المركز الحقوقي إلى أن قوانين الإمارات تخالف القوانين الدولية لحقوق الإنسان التي تكفلّت بالتأصيل بشكل واضح لاحترام حرية الرأي والتعبير.
إذ أوضحت المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها بأي وسيلة كانت.
جاء #قانون_الجرائم_الإلكترونية_في_الإمارات يحمل سياسةً واضحة لخنق الحريات والسيطرة على النشطاء والمدافعين عن #حقوق_الإنسان، وتجريم الأنشطة المشروعة التي ترى فيها السلطات تهديدًا لنفوذها وسياساتها pic.twitter.com/6P6tpuw3R8
— الإمارات لحقوق الانسان (@UAE_HumanRights) February 12, 2022
ومؤخرا قالت منظمة OpenGlobalRights الدولية إن دولة الإمارات تكرس القمع وتسحق الحريات العامة من خلال قانون الجرائم الإلكترونية الذي يعزز سلطات نظامها الحاكم المستبد.
وذكرت المنظمة أن القانون المذكور في الإمارات تتضمن أحكامًا تجرم نشر المحتوى على الإنترنت “الذي يتعارض مع النظام العام والأخلاق”، ويسهل مساعدة الجماعات الإرهابية، إلى جانب الكشف عن المعلومات الحكومية السرية المتعلقة بالأمن القومي أو الاقتصاد.
وأشارت إلى أن الإمارات تعد في مقدمة الحكومات المتورطة بتجريم النشاط الحقوقي من خلال مقاضاة منظمي الاحتجاج والصحفيين ونشطاء الإنترنت وقادة منظمات المجتمع المدني.
وذلك بموجب قوانين تجرم إهانة الشخصيات العامة ونشر معلومات من شأنها الإضرار بـ “النظام العام” و “الأمن القومي” و “الأخبار الكاذبة”. ”
وعمدت الإمارات القمعية إلى تسليح ترسانتها القانونية بشكل أكبر من خلال اعتماد قوانين مكافحة جرائم الإنترنت التي تطبق هذه القيود غير المتصلة بالإنترنت الفضفاضة وغير المحددة بشكل مفرط على الاتصالات عبر الإنترنت.
وأبرزت المنظمة أنه في عصر تكون فيه الاتصالات عبر الإنترنت في كل مكان، وفي المجتمعات التي تتعرض فيها الصحافة الحرة للشلل، فإن القوانين التي تجرم تعزيز حقوق الإنسان على شبكات التواصل الاجتماعي وغيرها من المنصات عبر الإنترنت تقوض القدرة على الإعلان عن انتهاكات حقوق الإنسان ومناقشتها وتهدد أسس أي حركة حقوق الإنسان.
وأكدت أنه هناك بالتأكيد ضرورة للتصدي لانتشار وتأثير الجرائم الإلكترونية ولكن دون تجريم الأشخاص الذين يتحدثون عن حقوق الإنسان.
وبحسب المنظمة تكمن مشكلة المدافعين عن حقوق الإنسان في منطقة الخليج والدول المجاورة في أن الدول قد استغلت الفرصة لمواءمة قوانين الجرائم الإلكترونية الخاصة بها مع المعايير الأوروبية لمضاعفة القوانين التي تقيد التعبير المشروع على الإنترنت.
تتمتع الدول الأوروبية بإشراف قوي على حقوق الإنسان من قبل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، والتي تضمن أن القيود المفروضة على حرية التعبير على الإنترنت تتوافق مع المعايير الدولية الصارمة لكن لا توجد رقابة مماثلة لحقوق الإنسان في منطقة الخليج.
بدون مراجعة قضائية دولية كافية، يمكن للحكومات استغلال العمليات الدولية بنجاح لتعزيز قدرتها على خنق التعبير على الإنترنت.
تكمن مشكلة المدافعين عن حقوق الإنسان في منطقة الخليج والدول المجاورة في أن الدول قد استغلت الفرصة لمواءمة قوانين الجرائم الإلكترونية الخاصة بها مع المعايير الأوروبية لمضاعفة القوانين التي تقيد التعبير المشروع على الإنترنت.
يتبع قانون الجرائم الإلكترونية الإقليمي النموذجي الذي صاغته الإمارات واعتمدته جامعة الدول العربية في عام 2004 التوجيهات الدولية.
ومع ذلك، فهو يتضمن تطورًا إقليميًا ويتضمن أحكامًا تجرم نشر المحتوى على الإنترنت “الذي يتعارض مع النظام العام والأخلاق”، ويسهل مساعدة الجماعات الإرهابية، إلى جانب الكشف عن المعلومات الحكومية السرية المتعلقة بالأمن القومي أو الاقتصاد.
راجع خبراء الأمم المتحدة قانون الإمارات وأعطوه ختم الموافقة، مشيرين إلى أنه يمتثل للاتفاقية الأوروبية، متجاهلين حقيقة أن خبراء حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة قد وثقوا مرارًا وتكرارًا أن الحكومات تستخدم مثل هذه القيود لقمع المعارضة.
دراسة حول الجرائم الإلكترونية العالمية برعاية الأمم المتحدة ، نُشرت في عام 2013 ، قللت بالمثل من تهديد تجريم المعارضة عبر الإنترنت من خلال الإشارة إلى أن الحكومات لديها فسحة لحماية القيم المحلية. لا تمتد هذه الحماية لتشمل الدفاع عن الحقوق العالمية مثل المساواة والديمقراطية.
يحتاج المجتمع الدولي إلى زيادة الضغط على الإمارات للامتثال لالتزاماتها الدولية لحماية حرية التعبير خارج الإنترنت وعلى الإنترنت. وإن الابتعاد عن الأدلة الواضحة على أن الحكومات القمعية توسع نطاق القانون الجنائي لخنق نشاط حقوق الإنسان على الإنترنت يقوض الجهود الدولية المشروعة للتصدي للجرائم الإلكترونية.