تعتزم “مجموعة طيران الإمارات” – شركة مملوكة بالكامل لحكومة دبي – الاستغناء عن نحو 30 ألف وظيفة؛ لتقليص التكاليف وإنقاذ المدينة السياحية التي غاب عنها السياح منذ تفشى فيروس كورونا في أحدث دليل على انهيار اقتصاد الإمارة.
ونقلت وكالة بلومبيرغ الأمريكية، عن أشخاص مطلعين على الأمر بأن مجموعة الإمارات تسعى لتقليص التكاليف بالاستغناء عن نحو 30 ألف وظيفة، لتخفض بذلك عدد موظفيها بنحو 30 بالمائة من أكثر من 105 آلاف موظف لديها في نهاية مارس/ آذار.
وقالت الوكالة الأميركية إن الشركة تدرس أيضا تسريع التقاعد المزمع لأسطولها من طائرات إيه380.
ومطلع مارس/آذار الجاري، طلبت شركة “طيران الإمارات”، من موظفيها الحصول على إجازة، في إطار تداعيات انتشار فيروس “كورونا”، وتأثيره على رحلات الطيران حول العالم.
وإزاء ذلك، توقع الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) أن تخسر الإمارات 13.6 مليون راكب وإيرادات أساسية بقيمة 2.8 مليار دولار، فضلا عن تهديد 163 ألف وظيفة بقطاع الطيران بسبب كورونا.
وشهد مطار دبي الدولي انخفاضا بعدد المسافرين بنحو 20% في الربع الأول من هذا العام مع تفشي جائحة كورونا. وهبط عدد المسافرين إلى نحو 18 مليونا، كما تراجعت حركة النقل الجوي بنحو 19%.
وأعلنت مجموعة طيران الإمارات تراجع أرباحها خلال العام المالي 2019 – 2020 بنسبة 28 في المائة، وسط تأثر العائدات بسبب الجائحة.
وأوضحت المجموعة ومقرها إمارة دبي، في بيان، أن الأرباح بلغت 1.7 مليار درهم (456 مليون دولار) خلال العام المالي المنتهي في 31 آذار/مارس 2020.
وكانت أرباح المجموعة بلغت 2.3 مليار درهم (626 مليون دولار) خلال العام المالي 2018 – 2019.
ونفى المكتب الإعلامي لحكومة دبي نشر تغريدة على “تويتر”، قبل أيام، وجود محادثات تجرى حاليا مع إمارة أبوظبي بشأن دعم اقتصادي مقدم من صندوق مبادلة.
ويعكس ذلك حدة الخلافات غير المعلنة بين قيادي إمارتي أبو ظبي ممثلة بولي عهدها الحاكم الفعلي للإمارات محمد بن زايد وحاكم دبي محمد بن راشد الذي لطالما انتقد سياسات التدخلات والحروب الخارجية للدولة وتأثيرها السلبي على الاقتصاد الإماراتي.
وتعمل أبو ظبي على ابتزاز إمارة دبي وترهن تقديم أي دعم مالي، لإنقاذ دبي من الخسائر الفادحة التي يخلفها فيروس كورونا، بالحصول على أصول حيوية أو دمج قطاعات مالية، في خطوة من شأنها إفساح المجال أمام صندوق مبادلة التابع لأبوظبي للتوسع في إمارة السياحة والتسوق والمال.
وتفتقر دبي إلى الثروة النفطية التي تحوزها أبوظبي لتخفيف التداعيات السلبية. وقدمت أبوظبي دعماً لدبي بعد أزمة 2009 بقرض حكومي قيمته 10 مليارات دولار، جرى تمديده في وقت لاحق، وسندات بقيمة 10 مليارات دولار أصدرتها دبي للبنك المركزي الإماراتي.
وقالت ثلاثة مصادر مطلعة لوكالة “رويترز”، إنه من المرجح أن يضطلع “صندوق مبادلة” بدور رئيسي في أي اتفاق بين الحكومتين.
وقال أحد المصادر إن أي دعم من أبوظبي يجري الاتفاق عليه الآن سيتم “تنسيقه، عبر عمليات اندماج لأصول تتنافس فيها أبوظبي ودبي بشكل مباشر أو حيث لهما ملكيات مشتركة”.
وأضاف المصدر: “الصفقة الأكثر ترجيحاً بأن تتم في الأمد القريب هي اندماج لأسواق الأسهم المحلية”، مضيفا أنه من المحتمل اندماج بنوك أيضاً.
وأكد مصدر ثان إجراء المحادثات، وقال إن صندوق مبادلة، الذي يدير أصولاً بنحو 230 مليار دولار، سيقوم “بخطوة كبيرة في دبي” دون أن يذكر تفاصيل.
وتدور منافسة بين الإمارتين، بينما تطورت دبي سريعاً لتصبح مركزاً للسياحة والتجارة والأعمال في الشرق الأوسط، في حين أن أبوظبي هي العاصمة السياسية للدولة بسبب حجمها وثروتها النفطية الهائلة.
وقال نائب رئيس الإمارات وحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: “قد ندمج وزارات.. ونغير هيئات”، وذلك عقب اجتماعات افتراضية استمرت ثلاثة أيام بشان استراتيجية البلاد بعد فيروس كورونا.
ووقعت اندماجات بعد أن قدمت أبوظبي دعما ماليا لدبي عقب أزمة 2009، والتي انهار خلالها سوق العقارات بدبي، مما أجبر تقريبا بعض الشركات المرتبطة بالحكومة على التخلف عن سداد ديون بمليارات الدولارات.
وقامت الإمارات بدمج شركتي الألومنيوم في دبي وأبوظبي لتأسيس شركة الإمارات العالمية للألمنيوم، المملوكة بشكل مشترك لمبادلة ومؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية.
وأكد الخبير الاقتصادي، محمد فارس، أن أبوظبي تسعى تدريجيا للهيمنة الاقتصادية على دبي مستغلة ضعف الأخيرة وفشلها في إيجاد حلول لإنقاذها على مدار أكثر من 10 سنوات.
وقال فارس إن أبوظبي ستبدأ في الاستحواذ التدريجي على قطاعات دبي الاقتصادية “المأزومة”، ثم يعقب ذلك استحواذا اقتصاديا وسياسيا كاملا.
وقالت مؤسسة كابيتال إيكونوميكس للأبحاث ومقرها لندن، إن دبي أكثر الاقتصادات في الشرق الأوسط وأفريقيا عرضة لخطر الضرر الاقتصادي الناجم عن التدابير الهادفة للحد من انتشار فيروس كورونا.
وذكرت كابيتال إيكونوميكس أن اقتصاد دبي قد ينكمش بما لا يقل عن خمسة إلى ستة في المائة هذا العام، إذا استمرت هذه التدابير حتى الصيف.
وتباطأ النمو الاقتصادي في دبي قبل الجائحة وتبددت آمال الاستفادة من استضافة معرض إكسبو العالمي في أكتوبر/ تشرين الأول، حين جرى تأجيل الحدث إلى 2021.
ويعد “إكسبو” من أهم الفعاليات العالمية، ويعود تاريخه إلى عام 1851، إذ أقيم المعرض الدولي الأول في لندن. وكانت تقديرات المنظمين تفيد بأن يجذب المعرض نحو 11 مليون زائر إلى دبي من خارج البلاد. وتعتمد الإمارة على السياحة بشكل كبير، ويزورها نحو 16 مليون شخص سنوياً.
وفي فبراير/ شباط الماضي، ذكرت وكالة “ستاندرد آند بورز” للتصنيفات الائتمانية العالمية في تقرير لها، أن قطاع الضيافة في دبي هو الأكثر تعرّضاً لمخاطر كورونا في منطقة الخليج.
وكانت مصادر مطلعة قالت إن دبي أجرت مناقشات في الأسابيع الأخيرة مع بنوك بخصوص عدد من خيارات التمويل التي تشمل القروض والسندات الخاصة، مضيفة أن الإمارة تدرس أيضا جمع تمويل مدعوم بإيرادات رسوم الطرق.
وأصدرت دبي، الشهر الماضي، تعميماً بشأن خفض الإنفاق الرأسمالي بواقع النصف على الأقل، وتقليص النفقات الإدارية والعامة، بما لا يقل عن 20%، ووقف التعيينات الجديدة حتى إشعار آخر.
وأبلغت دبي جميع الهيئات الحكومية بتعليق جميع مشاريع التشييد التي لم تبدأ حتى إشعار آخر، وعدم السماح بأي زيادات في الإنفاق لمشاريع البناء الجارية.
ونص التعميم على خفض المصروفات الرأسمالية بحد أدنى 50%، مع الأخذ بعين الاعتبار إيقاف العمل بالمخصصات المالية لبنود (السيارات، الأثاث، البرمجيات، جميع المبالغ المخصصة للاستبدال والإحلال).