موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

إمارات ليكس ترصد: تفاصيل صادمة لهروب أبنة حاكم دبي من جحيم عائلتها

528

في أمر نادر، نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية مادة صحفية مطولة، باللغة العربية، كشفت فيها خبايا رحلة الهروب الجريئة التي قامت بها الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات وحاكم دبي، التي كانت تحلم بأن تتحكم بحياتها، وتعيش بحرية.

لم تغادر الأميرة المعروفة باسم الشيخة لطيفة دبي، الإمارة المتألقة التي يحكمها والدها، منذ 18 سنة. فقد رُفضت طلباتها بالسفر والدراسة في مكانٍ آخر، كما أُخذ جواز سفرها منها، ومُنعت من الذهاب إلى منازل أصدقائها، وُمنعوا هم أيضاً من زيارة قصرها.

وبعمر الثانية والثلاثين، لم يكن مسموحاً للشيخة لطيفة بنت محمد آل مكتوم أن تذهب إلى أي مكان من دون سائق يراقبها.

صورت الشيخة لطيفة فيديو مدته 39 دقيقةً كاملة العام الماضي، تحدثت فيه بطلاقةٍ باللغة الإنكليزية وبصوتٍ هادئٍ وقوي عن حياتها ووصفتها بالمليئة بالامتيازات المقيدة والآمال المكبوحة.

وأعربت عن أملها بأن يتغير ذلك إذا استطاعت الحصول على اللجوء السياسي في الولايات المتحدة. وقالت: “لا أعرف كيف سأشعر إذا استيقظت في الصباح وأنا أفكر أنه يمكنني أن أفعل ما أريده اليوم. سيكون شعوراً جديداً ومختلفاً. سيكون الأمر رائعاً”.

وخوفاً على حياتها إذا أُلقيَ القبض عليها، قالت إنها تسجل الفيديو في حال فشلت في الهروب. وأضافت: “لن يعيدوني حيةً. لن يحصل هذا. فإذا لم أنجُ حيةً، على الأقل هناك هذا الفيديو”. وقالت في فيديو سجلته سراً: “ما من عدالة هنا، لا سيما إذا كنت امرأة، فيمكن التخلص من حياتك”.

تلقّى أصدقاؤها في الخارج بدهشةٍ كبيرة رسالةً منها على تطبيق واتساب في آذار/مارس الماضي تعلن فيها أنها “غادرت دبي للأبد”، فردت عليهم الأميرة: “أنا حرة. وسآتي لأراك قريباً”. ثم أضافت رمزاً تعبيرياً بشكل قلب. دام هروبها، الذي خططت له على مدى عدة سنوات بمساعدة مدربة كابويرا فنلندية ورجل يقول إنه جاسوس فرنسي سابق، أقل من أسبوع.

في صباح يوم الهروب أوصل السائق الشيخة لطيفة لتناول وجبة الفطور مع السيدة جاوياين في مطعم، مثلما كانت تفعل عادةً. ووفقاً للسيدة الفنلندية تينا جاوياين، التي بدأت عام 2010 تدرب الشيخة لطيفة على الكابويرا، فقد ركبت مع الشيخة لطيفة سيارتها وتوجهتا إلى سلطنة عُمان حيث ركبتا في طوافةٍ قابلة للنفخ ثم دراجة مائية وصولاً إلى يخت السيد هيرفي جوبير.

وفي صورة السيلفي التي التقطتاها في السيارة، تظهر الشيخة لطيفة مبتهجةً ومبتسمةً ابتسامةً عريضة وراء نظارات شمسية عاكسة. قالت جاوياين ممازحةً: “نحن مثل ثيلما ولويز”، مشيرةً إلى فيلم أمريكي من عام 1991. أجابت الشيخة لطيفة معترضةً: “لا تقولي ذلك. إن نهاية هذا الفيلم حزينة”.

وبينما كانوا يبحرون نحو الهند في مساء يوم 4 آذار/مارس، كانت الفتاتان تتحضران للنوم في الطابق السفلي من اليخت عندما سمعتا أصواتاً مرتفعة. فحبستا نفسيهما في المرحاض، ولكنه امتلأ بالدخان. فكان الحل الوحيد الخروج منه.

وعلى سطح اليخت، قام رجال مسلحون، وهم هنود وإماراتيون، بحسب السيدة جاوياين، بدفع السيد جوبير والسيدة جاوياين وطاقم السفينة الفليبيني على الأرض وقيّدوهم وضربوهم. وقالوا للسيدة جاوياين أن تلفظ أنفاسها الأخيرة.

ورأت السيدة جاوياين الشيخة لطيفة على الأرض مقيدةً، ولكنها تركل وتصرخ أنها تريد الحصول على اللجوء السياسي في الهند.

وبعد وقتٍ قصير، صعد رجل يتحدث اللغة العربية على متن اليخت. وقالت السيدة جاوياين إنه أوضح أنه جاء ليعيد الشيخة.

وتتذكر السيدة جاوياين ما قالته الشيخة: “أطلق عليّ النار هنا. لا تعيدني إلى هناك”. ثم اختفت. لم يرَ  أحدٌ الشيخة لطيفة منذ ذلك الحين، باستثناء بعض الصور التي نشرتها عائلتها في كانون الأول/ديسمبر والتي تُفيد بأنها تعيش بأمان في المنزل بعد نجاتها مما وصفته عائلتها بعملية اختطاف.

طفولة الشيخة لطيفة

عندما كان عمر الأميرة لطيفة 14 سنةً، هربت شقيقتها الكبرى شمسة من رجال أمن عائلتها خلال رحلةٍ إلى إنجلترا، حيث يملك والدهما الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم دبي ورئيس وزراء الإمارات العربية المتحدة ونائب رئيس الدولة، عقاراً كبيراً وإسطبلاً بارزاً لسباق الخيول الأصيلة “جودلفين”.

وذكرت التقارير الإخبارية في ذلك الوقت أن الموظفين الإماراتيين تعقبوا شمسة في نهاية المطاف إلى شارعٍ بمدينة كامبريدج وأجبروها على ركوب السيارة.

وعندما بدأ محقق من مقر الشرطة البريطانية “سكوتلاند يارد” بالتحقيق في قضيتها كعملية خطف، رفضت السلطات في دبي السماح له بإجراء مقابلةٍ معها. ووصلت القضية إلى طريقٍ مسدود عندها.

وقالت الشيخة لطيفة إن شمسة، وهي الشقيقة الوحيدة المقربة منها من بين 30 أخاً وأختاً، قد خُدّرت منذ ذلك الحين.

وأضافت: “إن ذلك يشبه المشي مع قفص يتبعها”. ارتعبت لطيفة من معاملة شمسة، وقالت إنها حاولت الهروب عبر الحدود إلى سلطنة عُمان. وتمت إعادتها على الفور تقريباً، وقالت إنها احتجزت في الحبس الانفرادي لأكثر من 3 سنوات.

وقالت إنها كثيراً ما كانت تُسحب من الفراش لتُضرب، كما حُرمت من الرعاية الطبية ولم تُعطَ فرشاة أسنان حتى الأشهر القليلة الأخيرة.

وحتى بعد إطلاق سراحها في سن التاسعة عشرة، حددت قيود عائلتها حياتها بقدر ما حددتها ثروتها.

حياة الرفاهية المقيدة

تصف السيدة الفنلندية تينا جاوياين حياة الشيخة لطيفة بأنها كانت تعيش في قصر خلف جدرانٍ عالية. ويتألف القصر من 40 غرفةً موزعة على 4 أجنحةٍ وكل غرفة مخصصة لامرأة من الأقارب كانت تعيش هناك.

كان هناك حوالى 100 خادمةٍ ومجمع رياضي مع حوض سباحة ومنتجع. وأينما ذهبت الشيخة تتبعها خادمة فلبينية. ولكن حياة الشيخة كانت حياة رفاهية إجبارية ومقيدة.

كان باستطاعتها إنفاق أموالها فقط على الهوايات والرياضات مثل ركوب الخيل والغوص تحت الماء أو على دعوة أصدقائها إلى الغذاء أو إلى جلسةٍ لتدريم الأظافر. وقال أصدقاؤها إنه لم يُسمح لها بدراسة الطب مثلما أرادت.

كذلك لم يكن مسموح لها السفر، حتى إلى إمارة أبوظبي المجاورة، وهي إحدى الدول-المدن السبع التي تشكل دولة الإمارات العربية المتحدة.

كانت الشيخة تلح على أصدقائها ليصفوا لها كل رحلة يقومون بها، وقالت ستيفانيا مارتينينغو، وهي صديقتها ومدربتها على القفز بالمظلات، “كأنها كانت تسافر معي”. كما مُنعت من زيارة أي أماكن غير عامة، حتى منازل أصدقائها.

كانت من هواة القفز بالمظلات، فقزت ذات مرةٍ بالمظلة سراً إلى جزء غير موافق عليه من المدينة لتمارس رياضة التجديف لمدة 20 دقيقةً مع السيد كولويل.

ما هو معروف عنها الآن

لم يتطرق والدها الشيخ محمد إلى مكان وجودها حتى كانون الأول/ديسمبر، عندما كانت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” على وشك أن تعرض وثائقياً عن الموضوع.

وأصدر مكتبه بياناً أفاد فيه بأن الشيخة بأمانٍ في دبي، وهي تحتفل بعيد ميلادها الثالث والثلاثين مع عائلتها “في جو من الخصوصية والسلام”.

قالت السيدة جاوياين إن الشيخة لم تختَر إمضاء عيد ميلادها مع عائلتها منذ سنوات. واتهم البيان السيد جوبير الذي وصفه بـ”المجرم المدان”، باختطاف الشيخة مقابل الحصول على فدية بقيمة 100 مليون دولار.

وقالت الصحيفة الأمريكية إن الشيخ محمد لم يرد على طلب أُرسل إلى مكتبه لإجراء مقابلةٍ معه. كما لم تردّ السفارة الإماراتية في واشنطن على طلبٍ للتعليق.

وأضافت «نيويورك تايمز»: «عندها أصبحت الأمور أكثر غرابةً منذ ذلك الحين». ففي ليلة عيد الميلاد، نشرت العائلة الحاكمة في دبي صوراً عامة هي الأولى من نوعها للشيخة لطيفة منذ اختفائها.

الشيخة لطيفة مع ماري روبنسون مفوضة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة

وظهرت في الصور تجلس مع ماري روبنسون، الرئيسة السابقة لأيرلندا ومفوض الأمم المتحدة السامي السابق لحقوق الإنسان، التي أكدت أنها التقت بالشيخة بناءً على طلب عائلتها.

وقالت السيدة روبنسون إن الشيخة لطيفة بأمان مع عائلتها، لكنها تتلقى رعايةً نفسية، واصفةً إياها بـ”الشابة المضطربة” التي تعاني من “حالة صحية خطيرة”. وأضافت السيدة روبنسون: “هذه مسألة عائلية الآن”.

وفوجئ المدافعون عن الشيخة بأن مدافِعة محترمة عن حقوق الإنسان قد تبنت على ما يبدو الرواية الرسمية لدبي. واستبعدوا أن يكون لدى الشيخة مرض نفسي، باستثناء أي حالة مرضية قد تكون أصيبت بها بسبب السجن أو التخدير.

قالت السيدة مارتينينغو: “أنا متأكدة 100% أنها لا تحتاج إلى رعايةٍ نفسية. ربما الآن بعد كل ما تعرضت إليه، ولكن ليس قبل ذلك. كيف يمكنك أن تعتقد أن شخصاً سُجن لمدة 9 أشهرٍ لا يبدو مضطرباً؟”.

وأقلق أصدقاء الشيخة لطيفة ظهورها في الصور مشوشة قليلاً وعيناها تتفاديان الكاميرا. ومع تزايد الاهتمام الناقد للسيدة روبنسون، أصدرت بياناً قالت فيه إنها أجرت تقييمها “بحسن نية وبقدر استطاعتي”، مضيفةً أن الشيخة “بدت ضعيفةً بوضوح”.

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فقد ترك محامٍ كان يعمل مع نشطاء قضية الشيخة من دون تفسير، منتصف شهر كانون الثاني/يناير 2019. كما قال الكثير من أصدقائها الذين لا يزالون في دبي إنهم خائفون للغاية من التحدث، في حين توقف السيد جوبير فجأةً عن الرد على طلبات لإجراء مقابلة معه في هذا المقال.

ويظهر التناقض على أشده في دولة الإمارات العربية المتحدة وتبنيها شعار التسامح المزعوم عند النظر لما تتعرض له المرأة من انتهاكات واسعة النطاق.

ويختصر الواقع حاله بقضية معتقلة الرأي علياء عبد النور التي تحتضر دخل السجن بسبب معاناتها من مرض السرطان في ظل رفض السلطات الإماراتية الإفراج عنها.

بموازاة ذلك تبرز قضية الإماراتية هند البلوكي التي فرت من البلاد هربا من جحيم التعسف بحقوقها وواقع التعنيف الذي تعانيه دون حماية رسمية.