يتفاقم التدهور الحاد في اقتصاد إمارة دبي ليقترب من الانهيار في ظل تراجع القدرة الشرائية للمتسوقين إلى جانب قطاع التجزئة خلال الأشهر الماضية، بعدما كان واحداً من أكثر الأماكن زحاماً على مدى سنوات.
وشيدت دبي مركز التسوق “أفينيو البوابة” الفاخر، الذي اعتبر واحداً من أغلى المتاجر في العالم، ليخدم المصرفيين الموسرين الذين لا ينقصهم المال لإنفاقه.
لكن مركز التسوق الواقع وسط المدينة التي تعد أكبر مركز مالي بالشرق الأوسط، كان شبه خالٍ في ذروة ساعة التسوق مساء الأحد الماضي، ولم يعد هذا المشهد مشهداً غير عادي، بحسب ما ذكره موقع “يورو نيوز” الإخباري اليوم السبت.
وبحسب “يورو نيوز”، يعاني اقتصاد متاجر التجزئة بإحدى عواصم التسوق الرائدة في العالم؛ من جراء انخفاض أسعار النفط والعقارات.
وذكر الموقع الإخباري الأوروبي أن مراكز التسوق الضخمة التي تحظى بالإقبال مثل “مول الإمارات” و”مول دبي”، وعدداً من المتاجر خالية من المتسوقين، مع تزايد معدلات تغيير المستأجرين، بالإضافة إلى لافتات التخفيضات الموجودة في كل مكان بهدف كسب الزبائن.
ونقل “يورو نيوز” عن آلان بيجاني، الرئيس التنفيذي لـ”ماجد الفطيم”، التي تدير ستة مراكز تسوق في دبي، قوله: “المستهلكون يحسبون التكلفة أكثر من ذي قبل”.
وألحقت ضريبة القيمة المضافة التي طُبقت العام الماضي بنسبة 5%، إلى جانب تراجع ثقة المستهلكين باقتصاد حقق أسوأ نمو منذ 2009 إلى العام الماضي، الضرر بتجار التجزئة.
وقال باترك شلهوب، الرئيس التنفيذي لمجموعة شلهوب في دبي، التي لديها مشاريع مشتركة مع علامات فاخرة مثل “لويس فيتون” و”ديور” و”سواروفسكي”، إن الشركة أغلقت متاجر أكثر، بنسبة 30%، ممّا فتحته في 2018 بالإمارات، مشيراً إلى أن “الدخل المتاح للإنفاق لدى الناس أقل”.
وفي يونيو الماضي، خفض تجار الجملة والتجزئة الأسعار للشهر الرابع عشر على التوالي، وفقاً لمؤشر بنك الإمارات دبي الوطني لرصد اقتصاد دبي. وتباطأت على وجه الخصوص مبيعات السيارات والحُلي الذهبية والإلكترونيات.
وقطاع تجارة الجملة والتجزئة هو أكبر مساهم منفرد في اقتصاد دبي. وأسهم القطاع بنسبة 26.4% من الناتج المحلي الإجمالي في 2018، لكن هذه المساهمة هي الأدنى منذ الأزمة المالية لعام 2009، وفقاً لما تكشفه أرقام من مركز دبي للإحصاء.
وبحسب دائرة التنمية الاقتصادية في دبي، فإن هناك عديداً من المبادرات الحكومية لتحفيز النمو، من ضمنها تخفيف القيود على التأشيرات وتسريع الإنفاق على مشاريع البنية التحتية.
وقالت إنها تتوقع نمو القطاع 1.9% بالأسعار الحقيقية هذا العام، و4.5% و2.4% في 2020 و2021 على الترتيب.
أظهر مسح أجرته شركة الاستشارات “ماكنزي” في مايو الماضي، أن 80% من المشاركين في الاستطلاع بالإمارات -يشكل المغتربون غالبية السكان- قلقون بشأن خسارة وظائفهم، وقال ما يزيد على 40% إنهم يقلصون الإنفاق ويراقبون الأسعار.
وقال ماثيو لويس مسؤول الشرق الأوسط وأفريقيا لدى وكالة بويدن للتوظيف: “العيش على دخل متوسط يزداد صعوبة”.
وأضاف: “بعد أن اعتاد الناس توافر المال الفائض الذي يرسلونه إلى وطنهم أو ينفقونه في السوق، أصبحوا يجدون أن مصروفاتهم تضاهي دخلهم”.
وبحسب بيانات البنك المركزي، انخفض التوظيف بالإمارات 0.9% في 2018. ورغم انخفاض التضخم هذا العام، فإن تكلفة المعيشة مرتفعة، بسبب انخفاض المزايا والأجور.
تعول الإمارات على دفعة اقتصادية عند استضافة معرض إكسبو 2020 العالمي، الذي تأمل أن يستقطب 11 مليون زائر أجنبي، لكن التحديات المحلية وتدخُّل أبوظبي في حرب اليمن، وكشف تقارير أمنية غربية عن دعمها لمنظمات إرهابية ومسلحة بالمنطقة، والمشاكل العائلية الأخيرة لدى شيوخ دبي، تعتبر من كبرى العوائق أمام تحقيق هذا الهدف.
ويؤكد كريسجانيس كروستينس، المدير في فريق الشرق الأوسط وأفريقيا، لدى وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني، أن دبي تقترب من أقصى نمو في السياحة والعقارات والاستهلاك، مضيفاً: إن “المشكلة الرئيسة في إكسبو 2020 أنه من غير الواضح كيف سيساعد نمو دبي بعد أن تنحسر الدفعة المؤقتة من التشييد وارتفاع أعداد السائحين”.
ومؤخرا أبرز تحقيق أمريكي أن الفساد المالي بات يضرب بصورة غير مسبوقة اقتصاد إمارة دبي الإماراتي وهو ما يفسر التراجع الملحوظ في الاستثمارات الخارجية في الإمارات.
ونشرت صحيفة (واشنطن تايمز) الأمريكيّة تحقيقا أظهرت فيه أن الفساد الاقتصادي في دبي يستشري وأصبح يخيف المستثمرين المحتملين في المستقبل.
واستندت الصحيفة إلى قضية تم الحكم فيها عام 2018 بشأن شركة “تعمير” التي حكمت لصالح مؤسسها جمال عايش رجل الأعمال الكندي، وضد شركاؤه عائلة الراجحي السعودية.
وقالت الصحيفة: واحدة من المشاكل التي تحول دون تطور الدول النامية هي الفساد عندما لا يحترم الزعماء المحتالون الصفقات مع المستثمرين الأجانب، فإنه يخيف المستثمرين المحتملين في المستقبل ويترك بلادهم في حالة فقر.
وأضافت “هذه ليست مشكلة لجمهوريات الموز في أمريكا اللاتينية أو الدول الأفريقية الغنية بالنفط. هذه مشكلة حتى بالنسبة للقوى المتوسطة مثل الإمارات حيث يبدو أن المستثمر الكندي كان ضحية أكبر قضية احتيال في تاريخ الشرق الأوسط”.
ويُرحب الشيخ محمد بن راشد حاكم دُبي بالمستثمرين عبر العالم، حيث تحاول الإمارات استخدام الاستثمار لتنويع الاقتصاد بعد النفط.
وقال التحقيق “لم يبن الإماراتيون برج خليفة لمجرد أن يكونوا طويلين؛ لقد بنوها كمنارة للعالم. ولكن بعض المخالفات من عائلة سعودية تعرض العمل الشاق للإماراتيين للخطر”.
ويوضح التحقيق ما حدث لشركة تعمير: للمساهمة في الطفرة العقارية في دبي في أوائل عام 2000، قام عمر جمال عايش، وهو رجل أعمال كندي، بتأسيس شركة تعمير القابضة للاستثمارات في دبي، بالشراكة مع أفراد من عائلة الراجحي السعودية القوية في ذروة نجاحها في عام 2005 أصحاب النفوذ في جميع أنحاء ساحل الخليج.
ومن بين الإخوة الراجحي الخمسة عبد الله، رئيس مجلس إدارة كل من الراجحي القابضة وبنك الراجحي – أكبر بنك إسلامي في العالم – وأحمد، الذي تم تعيينه مؤخرًا كوزير للعمل والتنمية الاجتماعية في المملكة العربية السعودية ورئيسًا لغرف التجارة في المملكة.
في عام 2007، حققت الشركة نجاحًا كبيرًا، حيث قام بنك الخليج الدولي بتقييم محفظة استثماراته العقارية على أنها 5 مليارات دولار أمريكي قبل طرح عام أولي مقترح بقيمة حصة السيد عايش البالغة 25 في المائة عند 1.25 مليار دولار، وكان من الممكن أن يحقق النمو المستمر نجاحًا مذهلاً آخر في دبي.
لكن لدى إخوان الراجحي أفكارًا أخرى لحصة السيد عايش من الشركة التي قام ببنائه. قامت عائلة الراجحي بنقل أصول تعمير أو بيعها “تعمير” لشركات مملوكة لها لهدم قيمة تعمير الشاملة وحصة عايش ومئات الودائع التي قدمها مستثمرون أجانب. تشكل تصرفات الراجحي احتيال مالي واختلاس وتضارب للمصالح وانتهاك الواجب الائتماني واختلاس الأصول – كل ذلك كجزء من نمط من أنشطة الابتزاز.
واختتم كاتب التحقيق بالقول: لا يحتاج المرء إلى استخدام كلمة “يزعم” لوصف هذا ، لأنه تم تأكيده من قبل المحكمة العليا في دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2018، والتي عقدت لصالح عايش – ولكن الإخوة الراجحي لم يكتبوا أي شيكات ، فيما أبواب تعمير محاطة بشريط أصفر، ويبدو أن الإمارات ليس لديها آليات لإجبار الراجحي على القيام بذلك”.