موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

دراسة ترصد تسارع وتيرة تقسيم اليمن بفعل مؤامرات الإمارات

542

رصدت دراسة متخصصة أصدرها المركز العربي في العاصمة الأمريكية واشنطن، تسارع وتيرة تقسيم اليمن بفعل مؤامرات دولة الإمارات واعتمادها على ميليشيات انفصالية استغلالها لما تعانيه البلاد من اضطرابات وصراعات داخلية منذ سنوات.

وجاء في الدراسة: تزداد الأخبار المثيرة للقلق القادمة من اليمن مع وصول الأمور في هذا البلد إلى طريق مسدود. وبينما كرس المتمردون الحوثيون وجودهم في العاصمة صنعاء والجزء الشمالي من البلاد، فقد شعروا بالجرأة الكافية لمهاجمة خط أنابيب سعودي ومحطتين لضخ النفط، مما تسبب في توقف مؤقت لتدفق النفط من الشرق إلى منصة التصدير في ينبع على البحر الأحمر في الغرب.

كما هاجموا مرتين على الأقل مطارا سعوديا في نجران على الحدود اليمنية السعودية يومي 21 و 22 مايو/أيار. وفي غضون ذلك، يستغل قادة المجلس الانتقالي الجنوبي -بدعم من الإمارات العربية المتحدة- الحرب لتعزيز سيطرتهم على الجنوب، وبالتالي تعزيز خططهم للانفصال. وستكون هذه ضربة مدمرة للرئيس اليمني الشرعي “عبدربه منصور هادي”، المدعوم من السعودية.

وتثير هذه التطورات وغيرها تساؤلات حول ما إذا كان ينبغي على الرياض مواصلة حربها غير المثمرة في اليمن، التي دخلت الآن في عامها الخامس، في حين أن أبو ظبي تسعى لخدمة أهدافها من خلال دعم الجنوبيين.

بالإضافة إلى ذلك، فإن هجمات الحوثيين على السعودية لا تعكس تصميمهم على تدمير المنشآت السعودية من أجل رفع تكاليف الحرب على المملكة فحسب ولكن أيضا إصرارهم على تسوية سياسية تمنحهم مكانة ودورا رئيسيين في مستقبل اليمن، مما يضر بالمصالح السعودية.

وحول ما إذا كانت المملكة العربية السعودية قد تلقت الرسالة الواضحة أن حربها ضد الحوثيين قد لا تنتهي لصالحها وقد لا تخدم هدف إعادة النظام الصديق إلى صنعاء فإن الأمور لا تزال غامضة، لكن الأمر الواضح هو أن الحرب في اليمن صارت ثقيلة للغاية وهناك شكوك حول قدرة قادة المملكة على تخليص أنفسهم من الكارثة التي تسببوا فيها.

وربما يكون الأمر الأكثر خطورة هو أن هناك شكوك إذا ما كان الحكام السعوديون يفهمون بشكل صحيح التحديات التي قد يشكلها انقسام اليمن بالنسبة لبلادهم في المستقبل وهل سيتصرفون بسرعة لحماية مصالحهم على المدى الطويل.

يجب على القادة السعوديين أيضا إدراك حقيقة أن هجمات الحوثيين لا يمكن فصلها عن التوتر العام الذي يجتاح الخليج العربي ويهدد استقرار المملكة وازدهارها.

كما لا يمكن عزل الهجمات عن حقيقة نجاح الحوثيين في مقاومة الهجوم السعودي الإماراتي ورغبتهم في نقل ميدان المعركة إلى الخليج، وسوف يحقق مكاسب استراتيجية لإيران التي استخدمت قضية المتمردين اليمنيين لصالحها وشجعتهم من أجل استنزاف منافسيها في شبه الجزيرة العربية.

وتعكس التطورات في اليمن اليوم حالة الجمود العسكري القائمة. وبدأ التدخل السعودي الإماراتي في مارس/آذار 2015، بعد قيام المتمردين الحوثيين بتعزيز سيطرتهم على صنعاء ومناطق أخرى.

كما يوضح أحدث تقرير من مجموعة الأزمات الدولية فإن اتفاقية استكهولم التي تم توقيعها في ديسمبر/كانون الأول 2018، والتي تحكم وقف إطلاق النار وغيرها من المسائل المتعلقة بمدينة الحديدة الغربية، قد واجهت مشكلة.

ويعد ميناء المدينة نقطة دخول رئيسية للمساعدة الإنسانية في البلاد، وقد أصبحت السيطرة عليه نقطة خلاف شائكة. ويرغب الطرفان في السيطرة على الميناء بسبب أهميته الاستراتيجية وبسبب مركزيته في تأمين المساعدات الإنسانية إلى مناطق سيطرتهما.

ولكن الأمر الأكثر أهمية بالنسبة للحكومة اليمنية والتحالف الذي تقوده السعودية هو أن إنهاء سيطرة الحوثيين على الميناء يغلق طريقا للتهريب يزعم أن الحوثيين يؤمنون أسلحة من إيران عبره. كما اتهمت الحكومة والتحالف المتمردين بتكديس المساعدات الدولية ومنع توزيعها على المناطق الواقعة خارج سيطرتهم.

ومع ذلك، أبلغ مبعوث الأمم المتحدة “مارتن غريفيث” مجلس الأمن في منتصف شهر مايو/أيار أن الحوثيين سحبوا قواتهم من الحديدة؛ ومع ذلك، وفقا لتقرير مجموعة الأزمات، يستمر الخلاف حول كيفية الحفاظ على الأمن والنظام داخل الميناء. وإذا استمرت هذه المشكلة وغيرها من المشاكل الناجمة عن انعدام الثقة، فإن اليمن سيدخل في مزيد من الجمود والقتال المستمر.

وتبقى المواجهات العسكرية الأخرى مستمرة في مناطق أخرى من البلاد دون منتصر واضح. علاوة على ذلك، يبدو أن الحملة الجوية التي شنها التحالف الذي تقوده السعودية تقتل مزيدا من المدنيين الأبرياء، كما حدث في الهجوم الأخير على صنعاء وغيرها من المناطق التي قتل فيه ستة وأصيب 60 آخرون.

وتستمر العمليات العسكرية في التأثير على الأوضاع الإنسانية في البلاد. ووفقا لبرنامج الغذاء العالمي، هناك 15.9 ملايين يمني يعانون من المجاعة، كما أن معدل سوء التغذية لدى الأطفال هو واحد من أعلى المعدلات في العالم حيث يعاني ما يقرب من ثلث الأسر تعاني من فجوات في وجباتهم الغذائية ويستهلكون بالكاد طعاما مغذيا.

وقد أفادت المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة، “هنريتا فو”ر، مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 15 مايو/أيار أن نصف أطفال اليمن دون سن الخامسة يعانون من التقزم. ويعاني حوالي 360 ألفا من سوء التغذية الحاد. وأعرب “مارك لوكوك”، مدير الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، عن أسفه لعدم وصول ما يكفي من الغذاء إلى البلاد لإطعام المحتاجين.

وأضاف أن 300 ألف شخص أصيبوا بالكوليرا حتى الآن هذا العام مقارنة بـ370 ألفا خلال عام 2018 كله. وأعلنت منظمة أطباء بلا حدود في أبريل/نيسان أن العدد الإجمالي للحالات بلغ 1.4 ملايين حالة إصابة بالكوليرا منذ بدء تفشي المرض.

ومع استمرار الحرب يرتفع عدد القتلى. نشر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مؤخرا تقريرا يتنبأ بأنه إذا استمرت الظروف الحالية، فقد يموت 233 ألف يمني بحلول نهاية عام 2019 بسبب القتال ونقص الغذاء والمرض. كما أن المدنيين غير آمنين في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.

وقد ذكرت “هيومن رايتس ووتش” في 9 مايو/أيار أن 15 مدنيا قتلوا وأصيب أكثر من 100 في انفجار مستودع أسلحة خزنتها ميليشيا الحوثيين في مناطق مأهولة بالسكان في صنعاء.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2018 ، ذكرت وكالة أسوشيتيد برس أن الحوثيين جندوا حوالي 18 ألف طفل منذ بدء الحرب في عام 2014، وقد مات الكثير منهم. وذكرت شبكة “سي إن إن” يوم 20 مايو/أيار أن الأمم المتحدة اكتشفت أن الحوثيين قد سرقوا بعض المساعدات الدولية للبلاد ووزعوها على مقاتليهم ومؤيديهم.

في ضوء ذلك، لا تبدو العملية السياسية الهادفة لإنهاء الصراع ناجحة. وقد أعرب مبعوث الأمم المتحدة “غريفيث” عن قلقه البالغ إزاء مستوى عدم الثقة بين الحوثيين وخصومهم، مما جعل مهمته أكثر صعوبة. ولا شك أن موقفه لا يختلف عن موقف مبعوثي الأمم المتحدة إلى النقاط الساخنة الأخرى مثل سوريا وليبيا، حيث يحاول اللاعبون المحليون والدوليون تحقيق مصالحهم الضيقة على حساب الحلول السياسية اللازمة.

وفي الحالة اليمنية، تعثرت اتفاقية استكهولم بسبب التفسيرات المتنافسة. وعلاوة على ذلك، لم يتم التوصل إلى اتفاق آخر يمكن أن يحل محل ستوكهولم أو يوسع نطاق وقف إطلاق النار ليشمل أماكن أخرى. وستضيف هجمات الحوثيين على خط الأنابيب السعودي والمطار في نجران دينامياتها إلى الوضع المعقد بالفعل.

وتعكس هذه المشكلات حقيقة الوضع في اليمن باعتبارها ساحة معركة بالوكالة بين الجهات الفاعلة الإقليمية. ومهما كانت العلاقة بين الحوثيين وإيران فإن التصور السائد في السعودية والإمارات وحكومة “هادي” هو أن الحوثيين ليسوا إلا أداة في يد الجمهورية الإسلامية. من ناحية أخرى، ترى إيران الحوثيين كبديل استراتيجي رخيص من أجل استنزاف السعوديين والإماراتيين (خاصة المملكة العربية السعودية التي تتكبد 50 مليار دولار سنويا) دون التعرض لأي عواقب مباشرة.

يتجلى التأثير الإقليمي أيضا في الخلافات بين الفصائل اليمنية المعارضة للحوثيين. وبينما تقف الحكومة السعودية حتى الآن خلف الرئيس “هادي” كممثل للسلطة الشرعية في اليمن، فقد فضلت الإمارات العربية المتحدة قيادة بديلة تحمي مصالحها الطويلة الأجل في البلاد والمناطق المحيطة بها.

وترى أبو ظبي جنوب اليمن على وجه التعديد كعقدة في خطة استراتيجية مصممة بعناية تتيح لها الوصول إلى قواعد بحرية محورية من خليج عمان إلى البحر الأبيض المتوسط ​​والتحكم فيها. وتوضح الطريقة التي تتطور بها الأمور ببطء في اليمن أن الخطة الإماراتية على وشك الانتهاء، على حساب اليمن الموحد وحكومته الشرعية.

واتخذ المجلس الانتقالي الجنوبي اليمني المدعوم من الإمارات بعض الخطوات المهمة نحو ترسيخ نفسه كسلطة ذات سيادة في عدن وجنوب البلاد.

وأعلن زعيمه “عيدروس الزبيدي”، في ديسمبر/كانون الأول 2018 أن على الجنوبيين أن يبدأوا خطوات نحو تقرير مصيرهم. ولم تكن دعوته الأولى، لأن الانفصاليين الجنوبيين كانوا يلهثون للانفصال منذ الأيام الأولى لتوحيد اليمن في عام 1990. ولكن ما فعله الزبيدي جاء على ما يبدو بدعم سياسي ومادي كامل من الإمارات .

وقطعت الإمارات خطوة إلى الأمام في هذا الصدد عندما هبطت القوات الانفصالية في 6 مايو/أيار في جزيرة سقطرى اليمنية المطلة على بحر العرب.

وقبل ذلك في 30 أبريل/نيسان 2018، كانت الدبابات والقوات الإماراتية قد هبطتت في الجزيرة، مما أدى إلى مواجهة مع الموالين لـ”هادي” والتي لم يتم حلها إلا عندما توسطت السعودية في النزاع. وفي 9 فبراير/شباط، أعلن المجلس الجنوبي عن إنشاء محطة إذاعية في عدن، لتكون مستقلة عن الحكومة المركزية .

وفي 13 مايو/أيار، تم افتتاح محطة تلفزيونية كجزء من الجهود الإعلامية للجنوب. ولكن ما يثير القلق بشكل خاص – لأنه قد يؤدي إلى حرب مفتوحة وانهيار نهائي للبلاد؛ هو التعبئة العسكرية التي قام بها المجلس الجنوبي للسيطرة على محافظة حضرموت الكبيرة في الجنوب الشرقي، والتي تتاخم الحدود السعودية والعمانية. وكانت حضرموت تابعة لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (جنوب اليمن) قبل التوحيد في عام 1990.

وحتى الآن، لا يبدو أن خطط الإمارات لجنوب اليمن تستدعي ما تستحقه من الاهتمام السعودي. وفي الواقع، قيل إن الرئيس اليمني “هادي” يخضع عمليا للإقامة الجبرية في الرياض في عام 2018. ومؤخرا، حضر اجتماعا لبرلمان البلاد في مدينة سيون الجنوبية الشرقية بدلا من العاصمة المؤقتة عدن.

وهذا يعني أنه ربما خسر معركته مع الإمارات والانفصاليين الجنوبيين الذين يسيطرون على عدن. بعبارة أخرى، مع استمرار الجمود السياسي مع الحوثيين، قد يكون العالم مهيئا لقبول ظهور دولة مستقلة مستقرة في جنوب اليمن.

وإذا كان هذا هو الوضع، فمن الممكن أن نعتقد أن إصرار التحالف بقيادة السعودية على السيطرة الكاملة على الحديدة ليس سوى جزء من خطة لتعويض “هادي” وحكومته عن الخسارة المؤكدة في عدن، والتي ستكون عاصمة لدولة جنوبية تسيطر عليها الإمارات.

ولكن هذه الدولة قد لا ترى مستقبلا أي حكمه في الاستمرار في قتال الحوثيين وقد تدع الشمال ينزف في حرب بين المتمردين وأنصار “هادي” للسيطرة على صنعاء.

وفي هذا الاحتمال، ستُترك المملكة العربية السعودية أمام خيارين أحلاهما مر: إما مواصلة الالتزام بدعم محاولة “هادي” للعودة إلى العاصمة، وبالتالي إدامة العبء على اقتصادها ومكانتها الأخلاقية، أو التخلي عن القتال وترك الحوثيين يسيطرون عليها ويؤسسون دولة جديدة على حدودهم سوف تكون أقرب إلى إيران بكل تأكيد.