موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق/ الإمارات تفشل في شراء ذمم الصحافة الفرنسية

124

معركة حادة نشبت بين عدد من الصحف الفرنسية اليومية الكبرى ووكالة “نيوفيل بابلكيت” للدعاية والإعلان بباريس، بسبب رفض الصحف نشر مادة “تحريرية ودعائية” تهاجم دول “تركيا وقطر” وتحتوي على أخبار كاذبة تخص حرب الخليج في اليمن.

وقد تعمدت الوكالة “المدعومة من سفارتي الرياض وأبوظبي” بباريس الإساءة لدول “تركيا وقطر” من خلال مادتها الدعائية التي سعت لنشرها في الصحف، وهو ما رفضت الصحف نشره لمخالفته قانون النشر الفرنسي، ومخالف لشروط التعاقد بين الوكالة الدعائية والصحف التي تنص صراحة على ضرورة عدم احتواء المادة الدعائية المنشورة على إساءة لدول أو أشخاص أو مؤسسات، وعدم نشر أخبار كاذبة مغايرة للواقع، وهو ما دفع هذه الصحف لفسخ التعاقد من تلقاء نفسها، في المقابل هددت الوكالة الدعائية بمقاضاة الصحف.

وتستخدم الإمارات شراء الذمم للتحكم في الصحافة والنشر في الكثير من بلدان العالم الثالث، لكنها تواجه صعوبات وفشل في الدول الغربية، بسبب القوانين الصارمة.

 

وكالة الأكاذيب

وقال إيمانويل فيلون، الصحفي بصحيفة “مينيتس 20” الفرنسية إن وكالة “نيوفيل بابلكيت” للدعاية والإعلان تأسست في فبراير عام 2016، ويديرها شخص إماراتي يدعى مانع الفاروق، ويعمل معه في الوكالة أشخاص سعوديون وإماراتيون، إلى جانب فرنسيين.

وفور تأسيسها تعاقدت الوكالة مع الصحف الفرنسية الكبرى “ليبراسيون، ولوموند، ولوبايزيان، ولوفيجارو، وليتربيان، وليكروز”، وبدأت في نشر مادة تحريرية “دعائية” عن مجهودات قوات التحالف في اليمن، وروجت لإنسانية هذه الحرب والجهود المبذولة لمنع انتشار الإرهاب، وغيرها من الشعارات التي لاحظنا بوضوح أنها تهدف لخلق رأي عام فرنسي وأوروبي جيد تجاه هذه الحرب.

وأضاف فيلون: بعد نشوب أزمة الخليج في يونيو 2017، انصبت أغلب المواد الدعائية الواردة للصحف في الهجوم على قطر “العائلة الحاكمة والشعب”، ومن هنا بدأ الخلاف بين الوكالة والصحف، حيث رفضت صحيفة “لوموند” وكنت أعمل بها وقتها، نشر المادة التحريرية المهاجمة لأمير قطر، ونشرت مواد أخرى لاحقة تصف الأوضاع في قطر بعد الحصار وتظهر الشعب وكأنه يعاني من مجاعة، وتأكدت الصحيفة من كذب هذه المادة وتم رفض نشرها.

وأخطرت الصحيفة الوكالة الدعائية بأن المادة المرفوضة تخالف بنود التعاقد وتخالف القانون الفرنسية، لكن الوكالة استمرت في إرسال الموادة المشبوهة.

ولفت الصحفي الفرنسي إلى أنه مع انفجار الأزمة بين الإمارات وتركيا، بدأت الوكالة في إرسال مادة معادية لتركيا لنشرها، لكن صحيفة “لوموند” رفضت أيضا، وأكتشفنا أن الوكالة ترسل نفس المادة للصحف الأخرى المتعاقدة معها، وهم أيضا يرفضون نشرها، واستمر رفض النشر إلى أن هددت الوكالة الدعائية بمقاضاة الصحيفة، لكنها لم تتخذ أي إجراء لعلمها بمخالفة هذه المادة الدعائية للقانون الفرنسي.

ورأى فيلون أن السفارة الإماراتية في باريس تراجعت عن الشكوى لعدم إثارة المشكلات وانكشاف خطتها.

 

استقطاب وفضائح

وأضاف بونوا هيرفي، الصحفي بصحيفة “لوبونيون” الفرنسية، أن وكالة “نيوفيل بابلكيت” للدعاية والإعلان ومقرها بشارع فوبور سان أونوريه القريب من شارع الشانزليزيه الشهير في وسط العاصمة الفرنسية باريس، عندما فشلت في تمرير مادتها الدعائية المخالفة للصحف الفرنسية، اتجه مدير الوكالة مانع الفاروق، لمنح صحفيين في الصحف الفرنسية الكبرى هدايا قيمة، لاستقطابهم للعمل بشكل غير مباشر مع الوكالة، وتم فضح هذه اللعبة بسبب خلاف مع أحد الصحفيين الذي تقدم بشكوى ضدهم لشرطة باريس ولوزارة الاتصال الفرنسية في ديسمبر 2017، وعرفنا فيما بعد بعض الصحفيين المتعاونين مع هذه الوكالة، وهؤلاء الصحفيون بعضهم أنهيت خدمته من صحفهم بعد فضحهم، والبعض الآخر نُقل إلى أقسام أخرى في الصحف.

ومنذ بداية شهر فبراير الماضي نشطت الوكالة الدعائية الإماراتية من جديد ويحاول مديرها عن طريق بعض الصحفيين الفرنسيين استقطاب صحفيين لنشر مادة تحريرية في محاولة “لغسل سمعة” الإمارات والسعودية بعد حالة الغضب الشعبي المتزايد في فرنسا والمطالبات المتزايدة بوقف تصدير السلاح الفرنسي لهذه الدول.

وقال هيرفي: سمعنا أن سفارة الإمارات في باريس تسعى لتأسيس وكالة دعائية أخرى لممارسة نفس الدور الذي مارسته وكالة “نيوفيل بابلكيت” التي “حُرقت” وأصبحت مكشوفة للجميع، وأيضا تسعى للتعاقد مع وكالات دعائية كبرى في فرنسا لتمرير مادتها الدعائية، لكني أعتقد أن شركات الدعاية الكبرى لن تغامر بسمعتها في مثل هذه المعارك الإعلامية المكشوفة؛ كون القانون الفرنسي حازم جدا في هذا الأمر، وقد يُلغي ترخيص الشركة لو ثبت أنها تروج لمادة سياسية تعادي دولا أو أشخاصا.

رقابة صارمة

وعن الموقف القانوني لشركة “نيوفيل بابلكيت” للدعاية والإعلان، قالت مارجيريت لوجين، المسؤولة بإدارة مراقبة الأداء الإعلامي بوزارة الإتصال الفرنسية، أن تراخيص هذه الشركة تتبع وزارة الاستثمار والجهات المحلية في باريس، أما المادة الإعلامية الصادرة عنها فمسؤولية وزارة الاتصال، وتصبح محل مراجعة في حالة نشرها فقط، أو في حالة ورود شكوى ضدها من أي جهة، وتكون الصحيفة الناشرة للمادة المسيئة مسؤولة أيضا إلى جانب الشركة.

ولفتت لوجين إلى أنه حتى الآن لم تتمكن هذه الشركة من مخالفة القانون بسبب الرقابة الذاتية لدى الصحف، وفي حالة شكوى الوكالة ضد الصحف الممتنعة عن النشر سوف يتم التحقيق، ولو ثبت أن المادة التحريرية أو الدعائية التي أرسلتها الوكالة الدعائية للصحف مخالفة للشروط المنصوص عليها في العقد الموحد “المعتمد من وزارة الاتصال” سوف يتم إلغاء تراخيص الشركة، ومنعها من العمل في فرنسا، لكن حتى الآن لم تشكو أي صحيفة من الوكالة، ويبدو أن الأمر حتى الآن تحت السيطرة ولم يصل إلى حد الأزمة التي تستوجب تدخل وزارة الاتصال.