يطرح إقدام دولة الإمارات علنا على تمكين ميليشياتها المسلحة من الانقلاب على الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا تساؤلات حول ماذا تبقي من شرعية أبو ظبي في دورها الرئيسي في تحالف الحرب على اليمن بقيادة السعودية.
إذ رسميا حمّلت الحكومة اليمنية الإمارات مسؤولية “الانقلاب” على الشرعية في العاصمة المؤقتة عدن. وطالبت الخارجية اليمنية في بيان الإمارات بسحب ووقف دعمها العسكري لتلك “المجموعات المتمردة بشكل كامل وفوري”.
وقالت الخارجية إن تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية قد جاء في الأساس استجابة لدعوة من الرئيس عبد ربه منصور هادي للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، استناداً إلى القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة لحماية اليمن من الانقلاب الحوثي المدعوم من إيران.
وأضافت أن ما تعرضت له عدن خلال الأيام الماضية هو “انقلاب على الشرعية”، بما يخالف بشكل صريح وواضح السبب الذي دعي من أجله التحالف السعودي الإماراتي.
يأتي ذلك بعد أيام على تمكن الانفصاليين المدعومين من الإمارات من إكمال السيطرة على عدن، وإسقاط مؤسسات الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.
ويستبعد مراقبون أن تكون السعودية تآمرت مع الإمارات لفصل جنوب اليمن عن شماله، فليس ذلك من مصلحتها. وما حصل في عدن هو هزيمة لها قبل أن يكون هزيمة لحكومة الشرعية اليمنية المقيمة في الرياض.
ويعتبر المراقبون أنه لا تستطيع السعودية تحدّي الإمارات، فولي العهد السعودي محمد بن سلمان مدين بوجوده في موقعه لولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، الذي أوصله إلى موقعه من خلال علاقته الفريدة مع إدارة الرئيس الأميركي ترامب، وسانده في أزمته الكبرى بعد عملية اغتيال جمال خاشقجي، من خلال علاقاته مع الأميركين والإسرائيليين، وهي تتحمّل عبئا عسكريا وماليا كبيريْن في حرب اليمن.
ولا يزال محمد بن سلمان يعتمد على أبو ظبي بيت خبرة في السياسة والاقتصاد، ومتنفسا اجتماعيا للمملكة، على الرغم من خطوات “الانفتاح” الكبرى التي قامت بها. ولا يزال جل مستشاري بن سلمان يقيمون في الإمارات، مثل تركي الدخيل وعبد الرحمن الراشد، ومن لا يقيم، مثل سعود القحطاني، يتردد بشكل شبه دائم.
وقبل أيام علمت إمارات ليكس من مصادر موثوقة أن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي رفض محاولة سعودية لترتيب لقاء بينه وبين ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد.
وذكرت المصادر أن الرياض رغبت بترتيب اللقاء على هامش زيارة بن زايد إلى السعودية يوم أمس بغرض تقريب وجهات النظر فيما يتعلق بالأزمة المتصاعدة بين الشرعية اليمنية والإمارات مؤخرا.
وبينما وافق بن زايد على اللقاء ضمن محاولاته للتهرب ولو بشكل نسبي عن مسئولية الإمارات عن الانقلاب الحاصل ضد الشرعية اليمنية، فإن هادي رفض بشكل قاطع لقاء ولي عهد أبوظبي.
واكتفى بن زايد في زيارته السريعة إلى السعودية لقاء العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده محمد بن سلمان قبل أن يغادر الرياض غاضبا من موقف الرئيس اليمني.
وجاءت الزيارة السريعة لولي عهد أبوظبي، في ظل الأزمة الكبيرة التي يعيشها، على إثر دعم بلاده الانفصاليين للسيطرة على عدن، ولم تحمل الزيارة وما رافقها من تصريحات معلنة، أيّ بوادر جهود لحل الأزمة مع الحكومة اليمنية.
ويوم السبت الماضي سيطرت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعومة إماراتيا على معظم المواقع والمعسكرات التابعة للحرس الرئاسي الموالي للحكومة اليمنية الشرعية، والتي تتخذ من عدن عاصمة مؤقتة، عقب سقوط صنعاء في أيدي المتمردين الحوثيين.
وقبل ساعات من الزيارة، استضافت مكة المكرمة ذاتها، اجتماعين منفصلين للملك وولي عهده مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ومسؤولين يمنيين، للتباحث في التطورات الأخيرة بعدن، بعدما حمل اليمن رسمياً الإمارات المسؤولية عن انقلاب “المجلس الانتقالي الجنوبي” الانفصالي، ضد المؤسسات الحكومية.
وخلال زيارته الرياض زعم بن زايد تأييده دعوة الرياض لحوار في جدة، من دون أن تسفر الزيارة عن أي مؤشرات تقدم بجهود حل الأزمة في عدن، عقب تحميل الحكومة اليمنية رسمياً الإمارات المسؤولية عن انقلاب “المجلس الانتقالي الجنوبي” الانفصالي في عدن.
وتأتي سيطرة القوات المدعومة إماراتيا على عدن بعد أيام من إعلان أبوظبي انسحاب قواتها من اليمن، وهو ما اعتبره مراقبون محاولة من الإمارات لإخلاء مسؤوليتها عن “تحرك مرتقب ومخطط له ضد حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي”.
وعلى عكس الحرص الذي أبدته وسائل الإعلام السعودية، بالتأكيد أن اللقاءين المنفصلين للملك وولي عهده مع بن زايد تركزا على التطورات في اليمن، تجاهلت وسائل الإعلام الإماراتية، الإشارة إلى أن اليمن هو الملف الرئيسي في الاجتماع، واكتفت بنقل التصريح الذي أطلقه ولي عهد أبوظبي بشأن اليمن.
وكان أحمد الميسري وزير الداخلية اليمني في حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي كشف تفاصيل تنفيذ الإمارات الانقلاب الأخير في مدينة عدن جنوبي اليمن.
جاء ذلك في كلمة مسجلة للميسري، اليوم، قبل مغادرة مدينة عدن (جنوب)، بثت على مواقع التواصل الاجتماعي، أقر فيها بالهزيمة، ولكنه أكد أنها لن تكون المعركة الأخيرة.
وقال الميسري إن السعودية صمتت على ما جرى لنا لمدة 4 أيام، وشريكنا في التحالف (الإمارات) يذبحنا من الوريد للوريد.
وكشفت كلمة الميسري المستور، إذ قال إن الإمارات نفذت الانقلاب في عدن مستخدمة 400 عربة على الأقل، قادتها قوات من المجلس الانتقالي الجنوبي (المدعوم إماراتياً).
وتابع: “قاتلناهم بأسلحة بدائية”، مشيراً إلى أن السعودية بقيت صامته حتى نفذت الإمارات الانقلاب، ووصف صمتها بـ”المريب”.
وأشار إلى أنه يتم ترحيله مع آخرين من اليمن إلى الرياض عبر مطار عدن، عقب سرقة ونهب أشيائهم.