موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: الإمارات وسجل فاضح من العداء لقيم “الحريات الأكاديمية” الأساسية

157

لدولة الإمارات سجلا أسودا في انتهاك الحريات الأكاديمية بممارسات تعسفية متعددة منها اعتقال أكاديميين وفرض رقابة أمنية واستغلال أسماء مراكز أكاديمية معروفة دون وجه.

وتتزايد ردود الفعل الساخطة على اعتقال الإمارات لطالب دكتوراه بريطاني منذ خمسة أشهر واتهامه مؤخراً بالتجسس.

وقالت زوجته دانييلا تيخادا الأسبوع الماضي إن ماثيو هيدجز احتجز في الحبس الانفرادي خلال الأشهر الخمسة الماضية.

وظهر هيدجز أمام المحكمة في العاصمة الإماراتية أبو ظبي الأسبوع الماضي بعد الجلسة الأولى في وقت سابق من هذا الشهر.

وقالت تيخادا إنه لم يتم إبلاغه بأي تهم. وفي وقت لاحق الأسبوع الجاري أعلنت الإمارات عن اتهامه بالتجسس.

وقررت جامعة دورهام البريطانية إيقاف التعاون مع الجامعات الإماراتية وتعليق إرسال طلابها إلى الإمارات على خلفية اعتقال أبو ظبي الطالب البريطاني.

وتصاعدت الدعوات في بريطانيا لموقف مماثل موقف أخلاقي ضد انتهاكات أبو ظبي لحقوق الإنسان.

ونقلت صحيفة الاندبندت البريطانية عن رادها ستيرلنغ التي تدير منظمة ضد الاحتجاز في دبي، وهي منظمة حقوقية تراقب وتضغط للإفراج عن الأجانب المعتقلين بصورة غير عادلة في الإمارات، القول إن المنظمة تدعو جميع الجامعات إلى تعليق أي سفر أكاديمي إلى الإمارات.

وقالت: “تشتهر الإمارات بالاعترافات القسرية والمحاكمات الجائرة التي لا تتسامح مطلقاً مع حرية التعبير أو المنشورات الأكاديمية التي يمكن اعتبارها تشهيرية للنظام”.

وأضافت “نكتب إلى الجامعات ذات الصلة نقترح تعليق أي رحلات بحثية إلى الإمارات، وكذلك للشركات والمستثمرين. وبينما لا تزال الإمارات تشعر بحرية لتحريض على المواطنين البريطانيين واحتجازهم، لا يمكن اعتبارها دولة آمنة يمكن زيارتها أو القيام بأعمال تجارية فيها”.

من جهتها قالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إن وزير الخارجية جيريمي هانت، أثار قضية اتهام أكاديمي بريطاني بالتجسس في الإمارات مع السلطات هناك.

وأضافت ماي للبرلمان ”مسؤولون من وزارة الخارجية يقدمون المساندة للسيد هيدجز وأسرته وأثاروا القضية مع الإماراتيين على أعلى المستويات“.

وتابعت “وزير الخارجية شخصيا أثار المسألة” مع المسؤولين الإماراتيين.

وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية البريطاني، جيريمي هنت، ، إنه يشعر بـ”قلق بالغ” إزاء استمرار احتجاز المواطن ماثيو هيدجز في الإمارات.

وكانت السلطات في أبوظبي، وجهت  تهمة التجسس إلى ماثيو هيدجز (31 عاما)، طالب الدكتوراه بجامعة درم البريطانية، وذلك بعد خمسة أشهر من القبض عليه في نهاية رحلة دراسية.

من جهته قال جو أوديل، من الحملة الدولية للحرية في الإمارات، إن قضية هيدجز “يجب أن تقدم تحذيراً جدياً لأي شخص يرغب في القيام بعمل ميداني أكاديمي في الإمارات العربية المتحدة.

وتابع في تصريحات لـ”انبدندت”: “من الواضح أن حملة النظام الإماراتي المستمرة منذ عقد من الزمان على حرية التعبير أصبحت الآن على خلاف خطير مع القيم والحريات الأكاديمية الأساسية. إذا كانت الادعاءات ضد ماثيو تستند فقط إلى موضوع في أطروحته، يجب على حكومة المملكة المتحدة إعادة النظر بشكل عاجل في روابطها التعليمية مع البلاد”.

من جهتها قالت منظمة العفو الدولية إنه يجب الإفراج عن هيدجز إذا كانت تهمة التجسس تتعلق فقط بأبحاثه الأكاديمية.

وتقول بولي تراسكوت، من منظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة: “لم يكن ماثيو أول شخص يتم توقيفه في الإمارات لأسباب لا أساس لها، ويتم احتجازه لفترة طويلة دون السماح له بالاتصال بمحام، وإجباره على” الاعتراف”.

وتابعت: “إذا تم اتهامه بالتجسس لمجرد قيامه بإجراء أبحاث أكاديمية حول أجهزة الأمن في البلاد، فيجب الإفراج عنه على الفور. يجب على السلطات أيضا سحب جميع التهم الموجهة إليه.

وأضافت: “إننا ندعو أيضًا حكومة المملكة المتحدة إلى زيادة دعمها لماثيو. يجب أن يعرف هو وعائلته أن المملكة المتحدة تبذل قصارى جهدها لضمان ضمان حقوقه الأساسية في المعاملة الإنسانية والإجراءات القانونية العادلة”.

رقابة أمنية

ثار رفض السلطات الإماراتية المفاجئ تعيين أكاديمية فرنسية بمنصب رفيع في فرع جامعة السوربون في أبوظبي غضبا واسعا في الأوساط الأكاديمية الفرنسية وخارجها وشكوكا بوجود رقابة أكاديمية على الجامعة الفرنسية العريقة.

وتعود بداية القصة إلى يوليو الماضي عندما حصلت الأكاديمية الفرنسية من أصل جزائري ليلى العمراني على وعد مختوم باستلام منصب رئيسة قسم شعبة الفلسفة وعلم الاجتماع في فرع أبوظبي من جامعة السوربون الفرنسية العريقة التي يوجد مقرها بباريس.

وبينما كانت تستعد مع عائلتها للانتقال إلى أبوظبي بعد أن أنهت ترتيبات السكن والتأمين الصحي والحضانة تلقت العمراني (34 عاما) رسالة إلكترونية في 15 أغسطس رسالة من قطاع المواد البشرية مفادها أنه تم إلغاء المنصب الموعود، دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل.

وحسب صحيفة لوموند، فإن العمراني -وهي أستاذة باحثة في الفلسفة والدراسات العربية- كانت قد رفضت عروضا مهنية أخرى، وحلت في المرتبة الأولى ضمن الإجراءات التي قامت بها جامعة السوربون في باريس لاختيار من سيستلم المنصب بأبوظبي.

وأشارت الصحيفة إلى أن المعنية بالأمر ما زالت لا تعرف أن السلطات الإماراتية رفضت الموافقة على منحها تأشيرة الدخول لأراضيها وذلك بداعي التحفظ الأمني على خلفية التحقيق الإداري بشأنها.

وتقول العمراني إنها لم تحصل على شرح واف لما حصل، وإنها متأرجحة بين عدد من الفرضيات بشأن الموضوع، قائلة “أنا امرأة من أصل جزائري، ترأست جمعية من أجل فلسطين في المدرسة العليا للأساتذة وأشتغل على تفسير القرآن..”.

وفي غياب رد السلطات في الإمارات زادت حيرة العمراني بسبب ما وصلها من تعليقات بعض الزملاء في السوربون، وأبلغها أحد المسؤولين “أرجح أنك تدفعين ثمن التزاماتك الاجتماعية والسياسية”، مشيرا إلى أنه من المستحيل الحصول على أي إقرار بشأن الموضوع.

رقابة أكاديمية

وتثير هذه الواقعة شكوكا بحدوث رقابة، حيث عبرت 135 شخصية أكاديمية من فرنسا وخارجها عن تضامنها مع العمراني وأصدرت رسالة مفتوحة، كان من بين أبرز الموقعين عليها الأكاديمي أوليفيي روا -وهو أحد أبرز المتخصصين في شؤون الإسلام والعالم العربي- وأساتذة في جامعتي كولومبيا وأكسفورد.

وتطالب الرسالة بإلقاء الضوء على ما حصل للعمراني، وتساءل الموقعون عليها بنبرة غاضبة “هل من المشروع أن تسمح مؤسسة أكاديمية فرنسية بأن يفرض عليها انتقاء من تختارهم لمنصب ما دون أدنى توضيح؟ وهل ينبغي المضي في التعاون (بين جامعة السوربون وفرعها في أبو ظبي) على حساب الحرية الأكاديمية والاستقلالية الجامعية؟”.

وتنصب الانتقادات على جامعة السوربون الرئيسية المشرفة على فرع أبوظبي الذي رأى النور عام 2006 وفق قوانين الإمارات وبتمويل من حكومتها، لكن المؤسسة الأصل تحتفظ بالقول الفصل في ما يتعلق بالمناهج والمضامين وتنظيم الاختبارات وتسليم الشهادات.

وحاولت رئاسة السوربون تفسير ما حصل للعمراني بالقول إن “إدارة الهجرة في الإمارات قررت مرتين رفض طلبنا وذلك لسبب نجهله، وإننا لا نرى في الأمر رقابة ذات طبيعة أكاديمية”، مشيرة إلى أن هناك سوابق مماثلة حصلت مع أساتذة غير فرنسيين.

وتقول وزارة الخارجية الفرنسية إن هذا المشكل يتم التعامل معه بجدية لكنها ترى أنه ليس من المجدي التراجع عن تعاون أكاديمي لهذا السبب الوحيد.

وفيما يقول مصدر من هيئة رؤساء الجامعات إن رفض اعتماد أستاذ جامعي فرنسي بالخارج يعتبر حالة نادرة يشير مدهي لازار -وهو جغرافي متخصص في الشرق الأوسط- إلى أن الإمارات ترفض بانتظام منح التأشيرة للأساتذة على خلفية “حالة توتر منذ موجة الربيع العربي عام 2011”.

وكانت جامعة نيويورك قد دفعت عام 2017 ثمن هذه السياسة، حيث رفضت أبوظبي منح تأشيرة الدخول إلى اثنين من أساتذتها المنتدبين للتدريس بفرعها في أبوظبي، وعزت الجامعة ذلك القرار إلى “تمييز ديني”، وهو ما دفع جامعيين أميركيين للدعوة إلى مقاطعة فرع نيويورك بأبو ظبي.

استغلال فاضح

سبق أن استنكرت جامعة “أكسفورد” البريطانية قيام دولة الإمارات باستغلال اسم الجامعة للترويج لمركز أبحاث يحمل اسم “مركز محمد بن راشد لأبحاث المستقبل” دون إذن مسبق.

وقالت النائب عن “ويست أكسفورد و أبنغدون” ليلى موران، في بيان صحفي: “من المشين أن تستخدم دبي اسم جامعة أكسفورد الجيد دون إذن مسبق”.

وأكدت أن تصرف حكومة دبي يقلل من قيمة الجامعة وعلامتها التجارية، مطالبة إياها بالكف عن ذلك، وسرعة وقف استخدام اسم الجامعة دون إذن. وأضافت: “سأفعل كل ما بوسعي داخل البرلمان”.

وقالت  موران إن مركز الأبحاث الذي يحمل اسم “مركز محمد بن راشد لأبحاث المستقبل” قلل من قيمة الجامعة.

من جهته، قال مركز الأبحاث إن الإعلان كان بحسن نية.

وأضاف أنه أجرى مناقشات مع الجامعة بشأن إنشاء مثل المركز، لكنه قال إن الإعلان كان قبل وضع الخطط في صيغتها النهائية.

انتهاكات محلية

في آب/أغسطس 2018 أكمل الأكاديمي ناصر بن غيث ثلاثة أعوام من اعتقاله التعسفي في السجون الإماراتية بعد مداهمة منزله وتفتيشه، منهم عام كامل في الاختفاء القسري.

وبعد مرور ثلاثة أعوام على اعتقاله  ماتزال الأخبار عن بن غيث قليلة وتكاد تكون معدومة بحيث تحرص السلطات على سياسة التعتيم في ما يخص كل سجناء الراي وذلك لإخفاء حقيقة ما يعيشونه من معاناة في السجون.

وبحسب مداولات القضية التي حوكم فيها ناصر بن غيث فقد تمت محاكمته على حقه في التعبير عن الرأي، إذ كان قد استنكر مجزرة “رابعة” التي ارتكبها نظام الانقلاب المصري ضد معتصمين سلميين، وذلك في الذكرى الثانية للمذبحة. فهد السبهان، محامي “بن غيث”، أكّد أمام المحكمة أن “النيابة تحاكم موكله بسبب آرائه وأفكاره السياسية.

وبخصوص تغريدة “رابعة”، قال المحامي، “إنه لا توجد أي شكوى من القاهرة من قيام موكله بالإساءة للعلاقات بين الدولتين، وبالتالي فإن تهمة ضرب علاقة البلدين والمساس بها هي تهمة باطلة”.

وقد نقلت هذه الدفوع صحيفة “الاتحاد” الرسمية. ومع ذلك، فإن المحكمة ارتضت أن تحاكم على حرية التعبير، وقضت في مارس 2017 بالسجن 10 سنوات على الخبير الاقتصادي، بعد أن أدانته بنشر “معلومات كاذبة للإضرار بسمعة ومركز الدولة وإحدى مؤسساتها”.

ووقع على بن غيث عدد من الانتهاكات الإنسانية والحقوقية، وكان أبرزها وأكثر ألماً حرمانه من تشييع جنازة والده في يناير 2016، إذ توفي “بن غيث” الأب، ونجله لا يزال في فترة الاختفاء القسري.

وإثر الحكم الصادر ضده، وبعد إدانات عشرات المنظمات الحقوقية لهذا الحكم، أصدر “بن غيث رسالة من سجنه المعزول في صحراء أبو ظبي، أكد فيها رفضه لحكم الحبس. وقال: “الحكم جاء ليكشف عن أن لا مكان للرأي الحر في الإمارات”.

وأشار إلى “أن ما تمت محاكمته ليس أفعال ناصر بن غيث وأعماله وإنما أقوال ناصر بن غيث وآراؤه التي عبّر عنها بحرية والتي تقتضيها نواميس الطبيعة وتكلفها القوانين الدولية ويقرها دستور الدولة”، على حدّ تأكيده.

وأكد بن غيث أنه يرفض الطعن على حكم محكمة الاستئناف، حتى لا يمنح “الحكم” شرعية في المحكمة الاتحادية، كونه واثقاً، من تأييد هذه المحكمة للحكم الصادر ضده، نظراً لتجربة عشرات الناشطين بين المحكمتين، حيث حوكم بن غيث بموجب مرسوم مكافحة الجرائم الإرهابية، ومرسوم مكافحة جرائم تقنية المعلومات.

وقبل عدة شهور قالت مصادر حقوقية إماراتية إن إدارة سجن الرزين الإماراتي يرفض السماح لأسرة الأكاديمي ناصر بن غيث بزيارته أو الاتصال بها منذ الإعلان عن دخوله في إضراب عن الطعام احتجاجا على ظروف اعتقاله.

وذكرت المصادر أن أسرة المعتقل الإماراتي تتخوف “من تدهور حالته الصحية، حيث يعاني من إرهاق شديد وهبوط في السكر وارتفاع في ضغط الدم في آخر زيارة له التي كانت في 7/3/2018”.

وفي وقت سابق كشف مركز الخليج لحقوق الإنسان أنّ جهاز أمن الدولة أجبر عالم الاقتصاد الإماراتي الدكتور ناصر بن غيث على إنهاء إضراب عن الطعام بدأ في فبراير/شباط الماضي.

وأشار المركز إلى أنه عِلم أن بن غيث قد أُجبر على إنهاء الإضراب عن الطعام الذي بدأ في 25 فبراير/شباط بسبب تهديدات السلطات بتقييد الزيارات بعد أن أصبحت أخبار احتجاجه معروفة.

وأضاف المركز أن بن غيث أضرب عن الطعام احتجاجاً على الأوضاع السيئة في “سجن الرزين” سيء السمعة في أبوظبي، وسجن الرزين ذو حراسة مشددة وسط الصحراء وتستخدمه السلطات لاحتجاز الناشطين والناقدين للحكومة والمدافعين عن حقوق الإنسان والمطالبين بالإصلاحات.

ورغم العقوبات المغلظة في المرسومين، والانتقادات الدولية الحقوقية الحادة، إلا أنه وتزامناً مع الذكرى الثالثة لاعتقال “بن غيث” صدر مرسوم بقانون اتحادي رقم /‏‏2/‏‏ لسنة 2018 باستبدال نصوص المواد (26)، و(28)، و(42) من المرسوم بقانون اتحادي رقم /‏‏5/‏‏ لسنة 2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات.

وقد شدّد التعديل وضاعف مدة السجن إلى 25 عاماً لبعض “الجرائم”، وزاد الغرامات المالية إلى الضعف تماماً أيضاً، في قضايا تعتبر من صميم الحريات العامة ولا سيما حرية التعبير.

وأراد جهاز الأمن في تشديد العقوبات وإعلانها بالتزامن مع الذكرى الثالثة لاعتقال بن غيث، أن يقول: إنه يفرض سيطرة تامة على حرية التعبير ولن يسمح للناشطين والإماراتيين والمقيمين عموماً، أن يمارسوا حقهم في التعبير عن الرأي والمواقف والاتجاهات، وإن من يفعل ذلك، فله في بن غيث رادع قوي، إلى جانب تعزيز العقوبات.

وناصر بن غيث خبير اقتصادي ومحلل مالي، يعد من أشهر الخبراء الاقتصاديين على مستوى الوطن العربي، حصل على شهادة ليسانس الحقوق، ثم حصل على شهادة الماجستير في القانون الاقتصادي، وتخصص بالتكتلات الاقتصادية في شهادة الدكتوراه التي حصل عليها من جامعة أسيكس البريطانية، ويعدّ هذا التخصص جديدا من نوعه في هذا المجال.