في تصريح مثير للجدل دعا رجل أعمال إماراتي بارز مقرب من ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد إلى مراقبة الإعلاميين والقائمين على وسائل الإعلام في الإمارات.
ونشر رجل الأعمال خلف الحبتور فيديو نشره عبر حسابه على “تويتر”، قال فيع إن على أبو ظبي، وحكومات مجلس التعاون الخليجي، تشكيل لجنة لمراقبة المسؤولين عن الإعلام (محطات فضائية، صحف، وغيرها)”.
وتابع: “يجب معرفة ما هو انتماؤهم؟ هل هم معنا؟ أم مستفيدون منا؟ هل هم قلبا وقالبا معنا؟ وإلا فقط المنفعة”.
وقال: “إذا كانت فقط المنفعة فنحن لا نريدهم”.
ونوه الحبتور أن “كلامه لا يعني به فقط الأجنبي”، مضيفا: “علينا دراسة تاريخ المواطن أيضا”.
وأردف قائلا: “يجب ألا نجامل، من لم يكن معنا 100 بالمائة فليرحل عنا”.
أحث المسؤولين على تقييم القائمين على المؤسسات الإعلامية في بلادنا في الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي لمعرفة انتماءهم هل هم فعلاً مع مصالحنا امّ انهم في مواقعهم للكسب المادي والمنفعة فقط؟ #خلف_الحبتور #الإعلام pic.twitter.com/dez5aZLMQ3
— Khalaf Ahmad Al Habtoor (@KhalafAlHabtoor) October 14, 2018
ويعرف عن الإمارات فرضها رقابة مشددة على العمل الإعلامي والصحفيين وقيودا مشددة على الحريات العامة وحرية الرأي والتعبير.
وتتحكّم سلطات دولة الإمارات في الإعلام من خلال المجلس الوطني للإعلام الذي يتبع مجلس الوزراء وفقا للقانون الاتحادي رقم 11 لسنة 2016 ولا نفاذ لقراراته إلاّ بعد مصادقته.
وفي ظل سيطرة العقلية الأمنية في التعامل مع الإعلام وحرية الرأي والتعبير عبر سلسلة من القوانين التي تمثل سيفاً مسلطاً على كل من يعبر عن رأيه حول السياسة الداخلية أو الخارجية للدولة، لا تملك وسائل الإعلام الإماراتية القدرة على ممارسة حرية الرأي والتعبير بقدر ما تقوم بممارسة التضليل، لأن هذه الوسائل تخضع لإدارة ورقابة صارمة من جهاز أمن الدولة “حارس البوابة” الذي يناضل لتبقى كلمته هي السائدة والوحيدة في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي.
وبما أن وسائل الإعلام الرسمية تخضع لرقابة جهاز أمن الدولة يلجأ المواطنون للتعبير عن آرائهم على شبكات التواصل الاجتماعي لكن الإمارات تشارك بشكل منتظم في المراقبة على الإنترنت للصحافيين والناشطين الذين غالباً ما يقعون ضحية لقانون الجرائم الإلكترونية لعام 2012. ما جعلهم عرضة للخطر بحسب ما أورده تقريري للمركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة.
وينص القانون في الإمارات على عقوبات بالسجن وغرامات مالية كبيرة بحق كل من ينتقد سياسة الدولة أو يطالب بإصلاحات عبر الإنترنت، وهو الانتقاد الذي يطلقه ناشطون حقوقيون، أشاروا إلى أن الرقابة المفروضة من قبل السلطات الإماراتية على شبكة الإنترنت والصحافة تضاعفت، كما أنها كثفت جهودها لإسكات المعارضين، والحد من حقهم في حرية التعبير.
وبحسب هذه القوانين فعلى المؤسسات الإعلامية أن تلتزم بالأنظمة والضوابط التي تصدر عن المجلس كما تلتزم بتقديم المعلومات والبيانات التي يطلبها المجلس لتحقيق أغراضه في انتهاك للحق في المحافظة على سرية المصادر الصحفية والإعلامية التي كفلتها المعايير الدولية ذات الصلة.
ورسم مجلس وزراء دولة الإمارات قرار رقم 23 لسنة 2017 في شأن المحتوى الإعلامي لتبسط بذلك سلطات دولة الإمارات سيطرتها ورقابتها المطلقة على طباعة أو تداول أي محتوى إعلامي.
وفرضت على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وأي شخص يقوم بطباعة أي مطبوع داخل الدولة على الحصول على إذن وترخيص مسبق طبقا للمادة 6 من القرار حتى تضمن بذلك رقابتها المسبّقة على كل محتوى إعلامي وعلى غيره من المطبوعات وللمجلس وقف أو حظر أي مطبوع غير حاصل على الإذن وتوقيع الجزاءات على المخالف.
ويشمل الترخيص والإذن المسبق معارض الكتب وعلى إدارة معارض الكتب تزويد المجلس بقائمة عناوين المطبوعات قبل عرضها كما يشمل الإذن كذلك الأفلام السينمائية قبل عرضها في دور السينما.
كما وضعت سلطات دولة الإمارات ضمن المادة 4 من خلال القرار المذكور خطوطا حمراء يحظر على كل مطبوع أو منشور أن يخرقها ومن الخطوط الحمراء وقائمة الممنوعات نجد احترام نظام الحكم في الدولة ورموزه ومؤسساته والمصالح العليا للدولة وللمجتمع وعدم نشر ما يسيء للوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي واحترام توجهات وسياسات الدولة وعدم الإساءة للنظام الاقتصادي والقضائي والأمني في الدولة وعدم نشر أو تداول ما من شأنه الإساءة للعملة الوطنية أو الوضع الاقتصادي في البلاد.
وتعمدّت سلطات الإمارات صياغة جملة الممنوعات والمحظورات بشكل فضفاض حتى يسهل لها السيطرة على المحتوى الإعلامي وتعقب المدونين والناشطين الحقوقيين والإعلاميين والصحفيين الأحرار فكل منشور أو مطبوع يكشف انتهاك حقوق الإنسان والتفرد بالحكم أو ينتقد تجاوزات الأمنيين ويرصد مخالفة المحاكمات لضمانات المحاكمة العادلة وينتقد الخيارات الاقتصادية لدولة الإمارات وغياب الشفافية والحوكمة والإدارة الرشيدة سيقع تحت طائلة الحظر والمنع.
كما تطال الرقابة الإعلام الإلكتروني وقد تشكلت لجنة هي لجنة رقابة المواقع الإلكترونية مهمتها الرقابة على محتويات المواقع الإلكترونية وهي من تتولى حجب المواقع المخالفة لاشتراطات سلطات دولة الإمارات.
ولم يخوّل القرار الصادر عن مجلس الوزراء المذكور للمتضررين من رفض الإذن أو إلغائه أو الحجب ومنع التداول او الحق في التظلم قضائيا واكتفى بالتظلم أمام المدير العام للمجلس لا غير وهو ما لا يكفل الضمانات الضرورية للمتظلمين للانتصاف خاصة لتبعية المجلس للسلطة التنفيذية.
انتهاك حرية الانترنت
وشدّدت سلطات دولة الإمارات رقابتها على الانترنت وانتهكت حرية الرأي والتعبير على الانترنت وركزت منظومة عين الصقر لاختراق الحسابات والمواقع على الإنترانت والبريد الالكتروني والتجسس على المستخدمين واقتنت لأجل ذلك تقنيات حديثة وتعاقدت مع شركات كبرى وانتدبت خبراء.
كما تتكفل الهيئة الوطنية للأمن الالكتروني بعمليات التسرب و الاختراق في انتهاك لخصوصية مستخدمي الانترنت وحرية الرأي والتعبير على الانترنت وتتعقب المدونين على خلفية قوانين وصفتها المقررة الأممية الخاصة المعنية باستقلال القضاء والمحاماة عقب زيارتها لدولة الإمارات العربية المتحدة سنة 2014بالاستثنائية بعد أن عاينت اشتمالها على تعاريف مبهمة وفضفاضة تفتح الباب أمام التأويل التعسفي وإساءة الاستخدام ومن هذه القوانين نجد القانون الاتحادي رقم 5 لسنة 2012 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات والقانون الاتحادي عدد 7 لسنة 2014 بشأن مكافحة الإرهاب والقانون الاتحادي رقم 2 لسنة 2015 في شأن مكافحة التمييز والكراهية وقانون العقوبات وتعديله بمقتضى القانون الاتحادي عدد 7 لسنة 2016.
ولمزيد التضييق على النفاذ للأنترنت جرّمت سلطات دولة الإمارات العربية المتحدة وعاقبت مستخدمي الشبكات الافتراضية الآمنة والمسماة VPNمن أجل جريمة التحايل على العنوان البروتوكولي للشبكة المعلوماتية باستخدام عنوان وهمي أو عنوان عائد للغير وذلك على مقتضى القانون الاتحادي رقم 12 لسنة 2016 والذّي عدّل المرسوم بالقانون الاتحادي رقم 5 لسنة 2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
وتعمدت سلطات دولة الإمارات حجب عديد المواقع بشكل تعسفي ومنها الموقع العربي لوكالة أنباء فارس وموقع “ميدل إيستآي” البريطاني المعني بشؤون الشرق الأوسط وموقع “نون بوست”، وموقع صحيفة “العربي الجديد” باللغتين العربية والإنجليزية كما حجبت في وقت سابق موقع “إيماسك” وشؤون إماراتية وموقع “الإمارات 71” وموقع “عربي21” وموقع المنظمة السويسرية لحماية حقوق الإنسان SPH بالإضافة إلى مواقع أخرى عربية ودولية ومواقع لمنظمات مجتمع مدني ومواقع اعلامية ومنها قناة الجزيرة.
وتعهّدت سلطات دولة الإمارات في أكثر من مرة حين الاستعراض الدوري لحقوق الإنسان سنة 2013 و سنة 2018 بالنظر في الانضمام إلى المعاهدات التي تكفل الحقوق والحريات غير أنها لم تف بذلك.
انتهاكات تطال الصحفيين والمدونين
تعدّدت الانتهاكات التي طالت الصحفيين والمدونين والتي نالت من أمانهم الشخصي وحرمتهم الجسدية والنفسية وحقوقهم وحرياتهم من أجل تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن اعتقلهم جهاز أمن الدولة تعسفيا وأخفاهم قسريا وأخضع البعض منهم للتعذيب ولسوء المعاملة وتكفّلت دائرة أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا بمحاكمتهم دون أن توفر لهم الضمانات الضرورية للدفاع عن أنفسهم.
وكانت آخر المحاكمات هي محاكمة المدافع عن حقوق الإنسان أحمد منصور التي انطلقت يوم 14 مارس 2018 وتمت الجلسة الثانية بتاريخ 11 أبريل 2018 دون إعلام العائلة أو المحامي وقد اعتقل جهاز أمن الدولة أحمد منصور يوم 20 مارس 2017 دون أن يستظهر بأي إذن قضائي واقتادوه بعدها إلى مكان غير معلوم وذلك من أجل تغريدات يدافع فيها عن حقوق الانسان وجدت فيها نيابة الجرائم التقنية “إثارة للفتنة وللطائفية والكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي”.
وزعمت أنّ من شأن هذه التدوينات الإضرار بالوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي والإضرار بسمعة الدولة ومكانتها وتحريض الغير على عدم الانقياد لقوانينها طبقا لمقتضيات القانون الاتحادي سيء الذكر بشأن جرائم تقنية المعلومات.
كما لايزال تيسر النجار رهن الاعتقال وهو صحفي أردني وعضو نقابة الصحفيين ورابطة الكتاب الأردنيين الذي اعتقل يوم 13 ديسمبر 2015 من أجل تدوينة نشرها سنة 2014 على موقع التواصل الاجتماعي “الفيسبوك” غير أنّ سلطات دولة الإمارات العربية المتحدة وجدت فيها تحريضا وتعريضا لأمن الدولة ومصالحها العليا للخطر ومساسا بالنظام العام وذلك طبق لأحكام القانون الاتحادي عدد 5 لسنة 2012 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
وقضت محكمة الاستئناف الاتحادية بأبو ظبي يوم 15 مارس 2017 بسجنه مدّة ثلاث سنوات وبغرامة مالية وقدرها 500 ألف درهم وذلك على معنى القانون الاتحادي عدد 5 لسنة 2012 بشأن جرائم تقنية المعلومات.
ويقبع الناشط والمدون أسامة النجار بعد قضاء عقوبته بتاريخ 17 مارس 2017 بمركز للمناصحة بسجن الرزين الصحراوي بزعم تشكيله “لخطورة إرهابية” ومعلوم أنه لا حدود زمنية للإيداع بمراكز المناصحة.
وأعلن الأكاديمي ناصر بن غيث عن دخوله في إضراب عن الطعام للمرة الثانية بداية من يوم الأحد 25 فيفري 2018 احتجاجا على سوء معاملته من قبل إدارة سجن الرزين.
وقد حكم عليه في 29 مارس 2017 بالسجن مدّة عشر سنوات بسبب تغريدات انتقد فيها انتهاكات النظام المصري لحقوق الإنسان ووجدت فيها سلطات دولة الإمارات تعكيرا لصفو العلاقات مع الدولة المصرية عبر الانترنت “وإثارة للفتنة والكراهية والعنصرية والطائفية وإضرارا بالوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي” ولم يمكن من الضمانات الضرورية للدفاع عن النفس.
وبمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة جدد المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان في جنيف مطالبته السلطات في الدولة بالإفراج دون تأخير عن معتقلي الرأي والناشطين الحقوقيين والمدونين بدولة الإمارات العربية المتحدة والذين تمّ اعتقالهم ومحاكمتهم في انتهاك لحقهم في حرية الرأي والتعبير وحقهم في الحرية والأمان الشخصي وفي محاكمة عادلة.
كما طالب برفع الحجب الذي طال عديد المواقع على الانترنت والكفّ عن وضع قيود تمنع الحق في حرية التعبير على شبكة الإنترنت وعدم استخدام التدابير الرامية لمنع الجريمة على الإنترنت لاستهداف الناشطين الحقوقيين وقمع المعارضين الإصلاحيين.
وتعديل القانون المنظم للمجلس الوطني للإعلام والقانون الخاص بمكافحة جرائم تقنية المعلومات وغيرها من القوانين التي ثبت عدم دقتها ومخالفتها لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات واستبدالها بقوانين جديدة موافقة للدستور الإماراتي وللمعايير الدولية ذات الصلة من أجل حماية وتعزيز الحق في حرية الرأي والتعبير والإعلام والنفاذ للإنترنت والحق في الخصوصية.
وجدد المركز دعوته للسلطات بالسماح للمقرر الأممي الخاص المعني بالحق في حرية الرأي والتعبير والمقرر الأممي الخاص بحماية المدافعين عن حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية الدولية بزيارة دولة الإمارات العربية المتحدة، إضافة إلى التصديق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبروتوكولين الاختياريين الملحقين به، والبرتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.
وكان تقرير منظمة مراسلون بلا حدود الذي صدر شهر ابريل/نيسان الماضي أكد تراجع الإمارات إلى المرتبة 128 من أصل 180 بعد أن كانت في المرتبة 119 العام الماضي.