وصف موقع المراقب التونسي رئيسة الحزب الدستوري الحر عربي موسي بأنها “مسمار” النظام الحاكم في دولة الإمارات لتخريب البيت التونسي وإثارة القلاقل في البلاد ضمن مؤامرات دعم الثورات المضادة.
ويعتبر رئيس الحكومة هشام المشيشي الاتفاق النهائي الذي وصل إليه مع ‘الكامور” من ولاية تطاوين بعد صراع دام لمدّة ثلاث سنوات انتصاراً تسجله الحكومة في حل قضية من أعقد القضايا التونسية.
رغم أن هذا الاتفاق فتح صمامات الذهب الأسود ”الفانا” وحل قضية ولاية تطاوين، إلا أن هذا الاتفاق أيقظ قضايا حساسة أخرى تعاني منها ولايات تونس الأخرى البالغ عددها 24 ولاية.
وتبرز هذه التحديات أمام حكومة هشام المشيشي، إلى جانب التوتر السياسي الذي يحارب استقرار البلاد والذي تقوده زعيمة الحزب الدستوري الحر عبير موسى، التي تتلقى أموالاً من دولة الإمارات العربية بهدف الإطاحة بكل ما انتجته الثورة التونسية عام 2010.
احتجاجات متفرقة
وشهدت تونس مؤخراً احتجاجات طالت عدة جهات وولايات، القصرين انتفضت على خطى الكامور وتوجّه أهاليها إلى فانة حقل الدولاب النفطي لغلقها وهو ثاني حقل نفطي في تاريخ تونس بعد البرمة وقاموا بغلق الفانة ومنع تدفّق البترول.
في ولاية قابس تمّ نصب الخيام واعتصم المعطلين عن العمل أمام المجمع الكيميائي بقابس بدعوة من اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل بجهة قابس من أجل فتح المناظرات.
فيما انتفضت القيروان الأولى بسبب الفقر والبطالة وتمّ اليوم تنفيذ اعتصام مفتوح أمام فانة القيروان ”مصنع التبغ والوقيد” وهذه عيّنة من بعض التحركات النضالية بالجهات لفت انتباه الحكومة وجعلها تُعيد حساباتها قبل أن يزداد غضب الشعب وتُقبل البلاد على حرب جوع لا مناص منها.
العديد من التنسيقيات الجهوية أجمعت على القيام بتحرّكات داخلية ومنهم من اعتصم بساحة الحكومة بالقصبة احتجاجا على كلّ الأوضاع التي أصبحت لا تُطاق في وطن لم يعُد يهتمّ بشعبه.
احتجاجات الشابة
وخير مثال على هذا أهالي مدينة الشابة الذين طال اعتصامهم واحتجاجاتهم أكثر من شهر ونصف من أجل إعادة نشاط نادي هلال الشابة ولكن لم يلتفت لهم أحد لا رئيس حكومة ولا رئيس دولة فخيّروا ترك تونس خلفهم والتوجّه إلى البحر في اتجاه السواحل الإيطالية علّهم يجدون هناك من يستمع لمشاغلهم.
إضافة إلى هشاشة المنوال التنموي في كلّ الجهات والأزمة الاقتصادية التي ألقت بظلالها على كلّ التونسيين من عملة وعاطلين عن العمل، أصبحت تونس اليوم شبه عاجزة على مقاومة ومجابهة فيروس كورونا.
فبعد فتح الحدود يوم 27 جوان الفارط وصلت تونس اليوم إلى 422988 حالة إصابة بكورونا وسجّلت 2445 حالة وفاة، هذه الأرقام قابلة للارتفاع في كلّ لحظة نظرا إلى الوضع الكارثي الذي تعيشه مستشفيات تونس على كلّ الأصعدة من غياب وسائل الحماية والوقاية للإطارات الطبية وشبه الطبية والعملة وتقنيين وغياب للعديد من الآلات والمعدات الطبية حتى أنّ طاقة استيعاب مرضى كورونا فاقت أعلى درجاتها وتوفي الكثيرون نظرا لعدم توفر سرير إنعاش أو وجود مكان بالمستشفيات.
ووصلت تونس اليوم التي ينظر لها العالم بأنها مهد ثورات الديمقراطية، إلى مرحلة التمرّد حيث لم تعُد هناك سلطة قادرة على حل مشكلات البلاد ولا تطبيق للقانون.
دور الحزب الدستوري الحر
وما يزيد الطين بله، وجود أحزاب تونسية تتلقى دعماً من جهات أجنبية من أجل تنفيذ مصالح خاصة ضيقة على حساب مصالح تونس، من أجل تجاذبات سياسية مع أحزاب أخرى.
وأبرز مثال على ذلك، الحزب الدستوري الحر وزعيمته عبير موسى، التي اعترفت في أكثر من مناسبة بتلقي تمويلات خارجية من قبل دولة الإمارات العربية في حساباتها البنكية.
لا يكاد يمر يوم في تونس دون أن تقوم عبير موسى بمهاجمة شخصية سياسية أو حزب ما من مختلف الأطياف والتوجهات السياسية، فرغم عدائها الواضح لكل ما أفرزته الثورة التونسية عام 2010، بات عدائها يطال حلفاء سابقين، وشخصيات حزبية يصارعونها على زعامة وقيادة الثورة المضادة في تونس الخضراء.
وتتعمد موسى التي تقدم نفسها كـ”المخلص للشعب التونسي”، على الافتراءات وخلق المناكفات مع الكتل البرلمانية الأخرى وحتى النواب المستقلين الذين اختارهم الشعب التونسي لتمثيلهم تحت قبة البرلمان، مستندة في ذلك على مخطط إماراتي يهدف لإعادة النظام المخلوع (نظام زين العابدين بن علي) إلى سدة الحكم.
فبعد اتهام حزب النهضة (أكبر أحزاب البرلمان) بنشر فيروس كورونا بين النواب، وحزب ائتلاف الكرامة بـ”ممارسة الإرهاب“، كان آخر محاولات عبير موسى لترسيخ التوتر وصنع المزيد من الإخلال في الحياة السياسية في تونس، اتهامها النائب عن الكتلة الوطنية مبروك كرشيد بتعمد دفعها أثناء الخروج من باب قاعة اجتماع مكتب مجلس نواب الشعب.
مناوشات جديدة
كما تجددت المناوشات بين موسى، والنائبة عن التيار الديمقراطي سامية عبو، التي اتهمت موسى بأنها «متحيلة على البرلمان».
وقالت عبو خلال مداخلة لها على هامش اجتماع مكتب مجلس النواب “إن ما قامت به عبير موسى داخل فضاء البرلمان لم يكن نشاطا حزبيا بل كان إحياء لذكرى 7 نوفمبر (ذكرى الانقلاب على بورقيبة)”.
غير أن عبير موسى التي كانت حاضرة في الاجتماع قاطعت سامية عبو واصفة الكتلة الديمقراطية التي تنتمي لها سامية عبو وهي التيار الديمقراطي بـ«أكبر البقايا» – في إشارة إلى بقايا نظام الرئيس زين العابدين بن علي المخلوع إثر ثورة الربيع العربي في تونس عام 2010.
ويرى مراقبون أن هذه المناوشات بين عبو وعبير موسى، وهما شخصيتان معروفتان بعدائيتهما للثورة التونسية التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي عام 2010، تبرز الصراع على زعامة الثورة المضادة في تونس، مشيرين إلى أن الإمارات العربية الممولة لهذه الشخصيات باتت غير مسيطرة على هذه الخلافات.
سخط برلماني
ولاقت خطوة عبير موسى بإحياء ذكرى الانقلاب على “بورقيبة” داخل قبة البرلمان التونسي، سخطا بين الأحزاب والكتل البرلمانية الأخرى، إذ وصف الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي، إقدام موسى بتنظيم هذا الاحتفال بـ”الفضيحة”.
وكتب المغزاوي في تدوينه عبر موقع “فيسبوك”: “فضيحة في مجلس النواب.. رئيس المجلس يسمح للتجمع (حزب عبير) بالاحتفال بذكرى السابع من نوفمبر”.
فيما اعتبر رئيس كتلة ائتلاف الكرامة بالبرلمان أن السماح لعبير موسى (وصفها بالكلوشارة) بتنظيم هذا الاحتفال خرقاً واضحاً للدستور.
وقال مخلوف في تدوينته التي نشرها على حسابه بفيسبوك: “على المجرم الذي سمح للكلوشارة بتنظيم احتفال حزبي استفزازي في مقر السيادة بذكرى الانقلاب على بورقيبة، وفي يوم عطلة بعد أن هيأ لها القاعة التي شهدت الانقلاب والتي كانت خاربة لأكثر من عشر سنوات أن يستقيل فوراً قبل ما نمرمدوه”.
وتتهم موسى حزب ائتلاف الكرامة بشكل مستمر بـ”الإرهاب” والفساد، في إطار سعيها التواصل لهدم كافة انتاجات الثورة التونسية عام 2010 التي أطاحت بنظام المخلوع زين العابدين بن علي.
وأضاف: “استهتار بمشاعر الشعب وتحقير لدماء الشهداء واستفزاز للمشاعر الوطنية، نذكر 7 نوفمبر هو تاريخ الانقلاب على بورقيبة ووضعه في الاقامة الجبرية”.
بقايا النظام البائد
وكانت قالت وزيرة شؤون المرأة التونسية سابقا، سهام بادي إن رئيسة الحزب الدستوري الحرّ عبير موسي “هي إحدى بقايا نظام الاستبداد، وضمن الذين اعتادوا أن يكونوا حطبا وقودا لنار الظلم والفساد”.
وأضافت في تصريحات صحفية نشرها الإعلام التونسي: “الكل يعلم أن هناك بقايا لنظام الاستبداد، وهناك بعض المتأسفين على أن تونس اليوم تنعم بحرية، وتحترم حقوق الإنسان، وحرماته، فهؤلاء اعتادوا على أن يكونوا حطبا وقودا لنار الظلم والاستبداد، فتراهم يستكثرون علينا هذه الثورة وما ننعم به اليوم من الحريات”.
وتابعت: “هؤلاء لم نسمع لهم صوتا عندما كانت السجون ممتلئة، وكانت أصوات التعذيب تتعالى هنا وهناك، وكان الاستبداد خانقا حتى انفجرت البلاد وصارت هذه الثورة”.
وأكملت بادي: “هؤلاء لا يخفى على أحد أنهم مدعومون من الخارج، وتُرصد لهم الأموال من دول لا تخفى على أحد مثل الإمارات وغيرها، من أجل إخفاق هذه الثورة، والعمل على عدم إنجاحها، وانتقاص حقها؛ حتى تجعل الناس يندمون على ما كانوا عليه قبل الثورة”.
مهمة التخريب
وأكدت أن عبير موسى ومن يعمل في فلكها “مُكلفون بهذه المهمة ومدفوعو الأجر لإنجازها، ويقومون بها على أحسن وجه، وبالطبع لهم أنصار لما يمتلكونه من إمكانيات، وخاصة الإمكانيات المادية التي تُرصد لهم، مما يمكنهم من التأثير في بعض النفوس الضعيفة والأشخاص الذين يمكن شراؤهم بحفنة من النقود مع الأسف الشديد”.
وقالت بادي: “عبير موسي وجماعتها هم بقايا ذلك العهد الذي سنتخلص منه رويدا رويدا بالديمقراطية والوعي الشعبي، وبمستقبل أفضل لتونس تكون فيه الغلبة والنصرة للحرية والكرامة ولكل الشعارات التي اُستشهد من أجلها أبناء هذا الوطن”.
وأضافت: “سيكون ذلك بقليل من التأني والصبر والمثابرة، وخاصة بالعمل على توعية الشعب، وألا نستغل حالة الجوع والفقر والتهميش لهؤلاء، ونبيع لهم أوهاما، أو أنه ليس في الإمكان أفضل مما كان”.