موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

دراسة: النظام الإماراتي ينتهج القمع في سحق أي مطالب للإصلاح

314

قال مركز الإمارات للدراسات والإعلام “إيماسك” إن النظام الإماراتي ينتهج القمع في سحق أي مطالب للإصلاح وضمان توفير الحريات والتداول السلمي للسلطات.

وأبرز المركز أنه بعد مرور 11 عاماً على توقيع عريضة الاصلاح في الثالث من شهر مارس لعام 2011، لا تزال السلطات الإماراتية ماضية في نهج الاعتقالات السياسية وقمع حرية الرأي والتعبير.

ويحدث ذلك مع تفاقم الانتهاكات بحق النشطاء السياسيين والحقوقيين، الأمر الذي وثقته عشرات المراكز الحقوقية رغم محاولات السلطات الترويج لصورة زائفة عن واقع حقوق الإنسان في الإمارات وإبراز أنها دولة التسامح والسعادة.

فقد أثارت العريضة الوطنية غضب أجهزة الأمن والسلطات الاتحادية، فشُنت عقبها حملة اعتقالات واسعة استهدفت -في معظمها- الموقعين على العريضة وهم (133) إماراتياً معظمهم مسؤولون على رأس أعمالهم ومسؤولون سابقون ومثقفون وأكاديميون، ومحامون ورجال أعمال وناشطون حقوقيون.

وتعرض هؤلاء لسجون سرية وتعذيب وسوء معاملة وتلفيق تهم كيدية، وأحكام جائرة، كما لم تسلم عائلات المعتقلين أيضا من أطفال ونساء من الاستهداف المباشر بالاعتقال والإخفاء القسري والتضييق عليهم في سبل العيش وسحب الجنسية وحرمانهم من السفر دون وجه حق وغيرها من الانتهاكات، وهي حملة قمع مستمرة حتى اليوم.

بعد عشر سنوات من العريضة، تغيرت وتبدلت الحال في الإمارات من سيء إلى أسوأ، وأثبتت سنوات العقد الماضي أن “عريضة الإصلاحات” وتنفيذ مطالبها كانت ضرورة لمساعدة الدولة في التخفيف من أثار الأزمات الداخلية ومنع فوضى السياسة الخارجية.

وقدم الإماراتيون في 3 مارس/آذار 2011م عريضة إصلاحات وقعها نخبة المجتمع وقياداته الثقافية، مثلت العريضة رقياً قلَّ أن يظهر في دول مجلس التعاون الخليجي الست.

ولم تحتو العريضة على مطالبات شخصية وفئوية بل مثلت مطالب المجتمع الإماراتي بكل أفراده مع وضع الاعتبار بكونه مطالب مثلت روح الاتحاد وطموح الآباء المؤسسين بما في ذلك برنامج التمكين السياسي الذي أعلن عنه رئيس الدولة في 2006م، والتجاوب مع المتغيرات الدولية والإقليمية وتبني نهج ديمقراطي نيابي كما نص على ذلك دستور الدولة الصادر في 1971.

وطالبت المجموعة بإجراء إصلاحات شاملة للنظام البرلماني المتمثل في المجلس الوطني الاتحادي (البرلمان).

واشتملت المطالب على الانتخاب الحر والكامل لجميع أعضاء المجلس من قبل كافة المواطنين، وإصلاح التشريعات المنظمة لعمله، بحيث تصبح له سلطة تشريعية ورقابية كاملتين مع إجراء التعديلات الدستورية الضرورية لضمان ذلك.

في المقابل عمدت السلطات الإماراتية إلى إطلاق الآلة القمعية في الدولة للتصدي لهذه المطالب، وانطلقت حملات قمع منظمة بدأت بـ6 من الإماراتيين عام 2011، ولم تنتهي إلى اليوم، مع وصول المعتقلين لأكثر من 200 شخصاً بينهم نساء.

وضغطت السلطات الإماراتية على بعض الشخصيات الموقعة على العريضة لتكذيب توقيعهم، واتهام العريضة بالتزوير.

شملت الحملة التي شنتها السلطات الاماراتية  94 إماراتياً من بينهم 13 امرأة إماراتية، واستخدمت الإمارات كل أدواتها السياسية والإعلامية والأمنية لتشوية صورتهم، رغم عدم استطاعة جهة الادعاء أن تثبت أي جريمة تستحق ما تعرضوا له من عقوبة وانتهاكات، سوى شهادات ملفقة لمجموعة من ضباط الأمن.

ولم يكتف ضباط جهاز الأمن الإماراتي باعتقال العشرات، بل قاموا بتعذيبهم لمدة تقارب العام، حتى طلب أحدهم في أول جلسة تعقد أمام المحكمة الاتحادية بأبوظبي حمايته وحماية أسرته، لأنه يخشى على حياته وحياة أسرته، ورويت حينها قصص التعذيب التي لم تلتفت لها محكمة أمن الدولة، ولم تحقق فيما ورد بها.

بل كانت المفاجأة أن بعض المتهمين لم يعرفوا أنهم على قائمة المتهمين إلا قبل أيام من جلسة المحاكمة، بل وتدينهم المحكمة دون أن يكون لهم أي أقوال، بل وبدون أدلة أو أسباب توردها المحكمة كدليل على هذه الإدانة

كما أسقطت سلطات الإمارات على بعض من النشطاء والحقوقيين والأساتذة من الموقعين على عريضة الإصلاح الجنسية عليهم وعلى زوجاتهم وأبنائهم وحرموا فوق ذلك من حقّهم في التظلم إداريا وقضائيا ضد قرار سحب الجنسية.

ومن هؤلاء الشيخ محمد عبد الرزاق الصديق أحد الموقعين على عريضة الإصلاح المعتقل حاليا في سجن الرزين على خلفية حكم بالسجن لمدة 10 سنوات صدر بحقّه في إطار القضية المعروفة ” الإمارات 94 “والذي سحبت منه الجنسية كما سحبت من أبنائه أسماء وعمر ودعاء.

وقد طالب مركز الإمارات لحقوق الانسان بالإفراج الفوري واللامشروط عن كل النشطاء و المعتقلين السياسيين و فتح تحقيق جدي في كل ما تعرضوا له من انتهاكات خلال و بعد اعتقالهم خاصة بعد توثيق حالات عديدة من التعذيب و سوء المعاملة.

وشدد المركز على ضرورة المسارعة بتنفيذ ما قبلته دولة الامارات من توصيات حين الاستعراض الدوري الشامل سنة 2017 وتعهّدت بتنفيذها ومنها إنشاء مؤسسة وطنية مستقلة لحقوق الإنسان وتعزيز تعاون الإمارات مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان.

كما حثها على احترام وتطبيق التزاماتها وتعهداتها الدولية من خلال الاتفاقيات والمعاهدات التي وقعت عليها ووعدت بالعمل بها.

ودرجت الإمارات على مدى العقود السابقة منذ التأسيس على توفير الخدمات الاجتماعية ودعم المواد الاستهلاكية والوظائف الحكومية، مقابل مشاركة ضئيلة، أو عدم المشاركة على الإطلاق، من جانب المواطنين في اتخاذ القرار – بما معناه عقود اجتماعية تقوم على أساس المساومات السلطوية.

ومع تراجع الاقتصاد فقدت السلطة توفير الخدمات إضافة إلى زيادة الوعي الجماهيري بالحقوق والحريات والتي مثلت ركيزةً أساسية في اجتذاب نماذج الإصلاح السياسي والاقتصادي للمشاركة في حماية مستقبل الدولة في ظل حالة من الانحدار السكاني والإنساني والاقتصادي المتزايد منذ عام 2009.

لقد أدّى تركيز قوة وهيمنة الدولة بيد جهاز أمن الدولة مدعوماً بوسائل الاجتذاب القسرية إلى خلق “منهجية التبعية” وتحويل “المواطنة” من حق إلى أزمة.

كما أدى إلى وضع جهاز أمن الدولة خلال السنوات العشرين الماضية إلى وضع عقبات كبيرة في وجه المحاولات الرامية إلى تنمية مؤسسات قد تشجّع على تطبيق حوكمة شاملة، وتحافظ على النسيج الاجتماعي من استمرار النزيف تارةً بفرز جهاز الأمن وأخرى عبر الخلل في التركيبة السكنية.

والأدهى من ذلك أن جهاز أمن الدولة قاوم بعنف جميع جهود الإصلاح وحرم الإمارات من وحرمت تلك البلدان من مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية الجديدة.

لذلك كانت عريضة الإصلاحات التي قُدمت في 2011م، مع بداية ظهور التحديات السياسية والاقتصادية الجديدة أمام مستقبل الإمارات.

ومع ذلك قاوم جهاز أمن الدولة على مرئ ومسمع من الشيوخ والحكام هذه الإصلاحات ودفع بالمئات من قيادات المجتمع إلى السجون ليتعرضوا للتعذيب والمحاكمات السياسية، ومع هذه المقاومة العنيفة لجهاز أمن الدولة دون تحقيق الإصلاحات تزداد التحديات السياسية والاقتصادية الجديدة حرجاً في وضع الدولة المالي و وضع المواطن المعيشي.

ومازال الطلبُ قائماً ولم يرتفع سقف المطالب ولم يتراجع المطالبون به، فالدور الذي يلعبه المجلس الوطني “البرلمان” لا يخرج عن كونه مجلس استشاري للسلطة التنفيذية وغرفة من غرفها الذي يُظهر صورياً أن الإمارات دولة مؤسسات وتملك سلطة تمثل المواطنين،

فيما الحقيقة الواضحة أن رفض المطلبين من جهاز أمن الدولة هو استئثار بالقرار لنفسه ولا يريد من الإماراتيين مناقشته أو إعلاء المصلحة العليا للدولة على حساب مصالح أفراد تمددوا بداخله وتشعبت جذورهم.

وكل ما يفعله هو تعزيز دفاعاته وتحصين امتيازاته لذلك شن حملة الاعتقالات وأظهر الأحكام السياسية ضد الرأي الراجح والممثل لرغبة الشعب، من أجل وطنه وأودعهم السجون الرسمية وقبل ذلك سجون سرية.

ولا يخفى على أحد ما يُفعل بالمعتقل السياسي والناشط الحقوقي أحمد منصور في تلك السجون من تعذيب وحرمان من حق الحياة، وحتى حق رؤية الشمس، أو معرفته بالتهمة ومعرفة أهله بمكان اختطافه.

ما يكشفه جهاز أمن الدولة- المتحكم بقرار الدولة العابث بشؤونها أنه يُحصن دفاعات بقاء القيادات الأمنية الفاسدة الهاربة من أوطانها بتهم تصل لـ”الخيانة العظمى” على حساب هدم دفاعات وحصون الوطن، في ثنائية التناقضات بتقدم المصلحة الشخصية للفاسدين الهاربين على المصلحة الوطنية العليا، وينهار المستقبل المأمول للإماراتيين، مع كل هدم يمارسه “الغرباء” الأشرار لحصون ودفاعات الإمارات.

وهذا بالتأكيد ما تحيكه سنوات من النسيج المتواصل للأحداث في الإمارات، عندما ساد القمع على حساب كل ما هو وطني وعشعش المرتزقة الفارين على قرار الدولة السيادي، كما لم يكن من قبل، وفوق ذلك النسيج تخيط نضالات الأحرار في السجون -سيئة السمعة و “القذرة”- مستقبلاً مشرقاً لكل إماراتي بما فيه مستقبل أولئك المعادون لهم المتحاملون عليهم، الذين يشوهون سمعتهم ليل- نهار، ومع كل ذلك فنضال الأحرار يتسع ليشمل كل من يقطن في أرض الإمارات الطاهرة.