موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: الرقابة الاجتماعية تتوسع في الإمارات بذريعة مكافحة كورونا

200

استغل النظام الحاكم في دولة الإمارات مكافحة فيروس كورونا المستجد من أجل توسيع نطاق الرقابة الاجتماعية وسط انتهاكات تتضمنها برامج الرقابة الواسعة التي تعمل بها السلطات في الأماكن العامة، وعلاقاتها بحماية الخصوصية وحماية الحريات.

ويعتقد خبراء أن الإمارات هي إحدى أكثر دول العالم كثافة من حيث عدد كاميرات المراقبة مقارنة بعدد السكان، وتمتد من شوارع أبو ظبي إلى المراكز التجارية في دبي، وتطال مجالات كثيرة بما فيها مراقبة لوحات السيارات والتعرف على وجوه المارة في الشوارع.

ففي مايو/أيار الماضي، صرح العميد خالد ناصر المرزوقي المدير العام لقسم الذكاء الاصطناعي في شرطة دبي بأن نظام “عيون” سيبدأ في مراقبة حرارة الناس والتأكد من احترام التباعد الاجتماعي لمسافة مترين، كما تختبر شرطة دبي خوذات للمراقبة الحرارية للمارة.

وفي الوقت الذي تصر سلطات الإمارات على أن شبكات كاميرات المراقبة هي لحماية البلاد من أي هجمات، فإن هذه الشبكة تمنح للسلطات أداة قمعية لخنق أي تحرك معارض في البلاد، وترى الباحثة في مؤسسة كارنيغي للسلام جودي فيتوري أنه لا توجد حماية للحريات العامة في دولة الإمارات لأنه ببساطة لا توجد حريات عامة.

وقالت وكالة “أسوشيتد برس” الأميركية إن المسؤولين الإماراتيين لم يردوا على طلباتها للتعليق على موضوع دور كاميرات المراقبة الجماعية، وعقب نشر تقرير الوكالة بعثت الحكومة الإماراتية بيانا تقول فيه إن سلطات تنفيذ القانون في الدولة لديها أنظمة وتكنولوجيا متقدمة، يتطلب استخدامها مسارا قانونيا ملائما. ولم يوضح بيان الحكومة الإماراتية طبيعة القوانين والمعايير التي تؤطر العمل بشبكات كاميرات المراقبة.

ويشير البيان إلى أن كاميرا المراقبة تستخدم لأغراض متصلة بالأمن القومي الإماراتي، ولا سيما مواجهة خطر الإرهاب والتطرف، مضيفا أن تلك الشبكات ساعدت البلاد لتكون ضمن أوائل دول المنطقة من حيث الأمن والسلامة.

وعلى أرض الواقع، تمتلك سلطات دبي القدرة على المراقبة الآنية لتحركات الناس في الإمارة، وجهاز الشرطة يمكنه الوصول إلى صور كاميرات المراقبة في مقرات الشركات المملوكة للدولة، وأيضا الكاميرات المنصوبة في باقي المباني.

وتطال عين الرقيب أيضا أكثر من ١٠ آلاف سيارة أجرة في دبي، وسبق أن ذكرت وسائل الإعلام الحكومية في الإمارات عقب حادثة اغتيال جهاز الموساد للقيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) محمود المبحوح بأحد فنادق دبي في أوائل العام 2010 أن الإمارة تضم 25 ألف كاميرا مراقبة.

ومع مرور الوقت أصبحت تكنولوجيا المراقبة لدى السلطات الإماراتية أكثر تطورا وقدرة على رصد حركة الناس، ففي آخر العام 2016 تعاقدت شرطة دبي مع شركة “دارك ماتر” ومقرها في أبو ظبي، لاستعمال برنامج “بيغاسوس” لإدارة كاميرات المراقبة بشكل يتيح للسلطات مراقبة أي شخص داخل دبي.

وقد أثار تعاقد شركة “دارك ماتر” الإماراتية مع خبراء سابقين في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية “سي آي إيه”، ووكالة الأمن القومي الأميركي مخاوف بشأن التجسس على الأجانب، خصوصا أن للإمارات سجلا حافلا في قمع وسجن نشطاء حقوق الإنسان لديها.

وإلى جانب إمارة دبي، تشير وكالة “أسوشيتد برس” إلى أنه من المحتمل أن لدى إمارة أبو ظبي شبكة واسعة من كاميرات المراقبة، كما لباقي سلطات الإمارات المتبقية في الدولة شبكات خاصة بها، ففي فبراير/شباط الماضي أعلنت إمارة رأس الخيمة أنها وضعت أكثر من 140 ألف كاميرا.

ويأتي نصب السلطات الإماراتية لشبكة واسعة من كاميرات المراقبة في وقت تتيح القوانين للسلطات السيطرة على حرية الرأي داخل البلاد، وكان آخر نسخة من التقرير السنوي لمنظمة “فريدم هاوس” الأميركية ذكر أن العشرات من الناشطين وقادة المجتمع المدني والأكاديميين والطلاب ما زالوا قيد الاعتقال ضمن “حملة قمع واسعة”. ويضيف تقرير المنظمة أن “النظام السياسي يعطي لحكام الإمارات الهيمنة على السلطة، ويستبعد أي إمكانية لتغيير الحكومة عن طريق الانتخابات”.

وتشير وكالة أسوشيتد برس إلى أن العديد من كاميرات المراقبة وأجهزة المسح الضوئي في دولة الإمارات آتية من الصين، وقد سبق لشركة صينية أن أعلنت إبرامها عقدا مع سلطات أبو ظبي لإجراء اختبارات لإيجاد لقاح ضد فيروس كورونا.

وفي أوائل يونيو/حزيران الماضي، نقلت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية أن مسؤولي السفارة الأميركية في أبو ظبي رفضوا عرضا من سلطات الإمارات لإجراء فحوصات على طاقم السفارة بالمجان بسبب مشاركة طرف صيني في برنامج الفحوصات.

وفي نيسان/أبريل الماضي دعت أوساط حقوقية في دولة الإمارات إلى مقاطعة تطبيق أطلقته السلطات بغرض التجسس تحت ستار الوقاية من فيروس كورونا المستجد.

وكتب الناشط الحقوقي عبدالله الطويل على حسابه في تويتر أن أزمة كورونا جعلت من أبوظبي تفكر خارج الصندوق، فأطلقت تطبيق جديد للمواطنين والمقيمين بحجة الالتزام بالحجر الصحي.

ونبه الطويل إلى أن المشكلة أن التطبيق المعلن عنه هو تطبيق تجسس بكل ما تحمله الكلمة من معاني فهو يتيح الوصول لجميع محتويات الهاتف وتحديد الموقع.

وتزامنت هذه التحذيرات مع توقيع أكثر من 100 مجموعة من منظمات المجتمع المدني على بيان مشترك يحدد الشروط التي يجب استيفاؤها قبل استخدام تكنولوجيا الرقابة لمكافحة فيروس كورونا.

إذ مع التوسع السريع في استخدام الحكومات للرقابة الرقمية في محاولة لمكافحة وباء كوفيد – 19، وضعت منظمة العفو الدولية، وغيرها من المنظمات غير الحكومية البارزة، شروطًا صارمة يجب استيفاؤها لحماية حقوق الإنسان ومنع الإفراط في الرقابة.

وانضمت أكثر من 100 مجموعة من منظمات المجتمع المدني إلى منظمة العفو في التوقيع على البيان، من بينها منظمات: أكسس ناو،  وهيومن رايتس ووتش، ومنظمة الخصوصية الدولية.

وقالت رشا عبد الرحيم، نائبة مديرة برنامج التكنولوجيا في منظمة العفو الدولية: “يمكن للتكنولوجيا أن تلعب دورًا مهمًا في الجهد العالمي لمكافحة وباء كوفيد – 19، ولكن هذا لا يمنح الحكومات تفويضاً مطلقاً لتوسيع عملية الرقابة الرقمية.

وأضافت “فقد تبين في الآونة الأخيرة أن الحكومات تحجم عن التخلي عن صلاحيات الرقابة المؤقتة. ولا يجب أن نتحول، في غفلة منا، إلى دولة تمارس الرقابة بصفة مستديمة وموسعة”.

وشددت على أنه لا يمكن استخدام الرقابة الرقمية المتزايدة للتعامل مع حالة الطوارئ الصحية العامة هذه إلا في حالة استيفاء بعض الشروط الصارمة. ولا يمكن للسلطات ببساطة أن تتجاهل الحق في الخصوصية، ويتعين عليها ضمان من أن أي إجراءات جديدة يكون لديها ضمانات قوية لحقوق الإنسان. وأينما تستخدم الحكومات قوة التكنولوجيا كجزء من استراتيجيتها للتغلب على كوفيد – 19، يجب أن تفعل ذلك بطريقة تحترم فيها حقوق الإنسان.

وكانت السلطات في الإمارات أعلنت عن إطلاق منصة “وقاية”، الهادفة إلى تعزيز الوعي بالصحة وسلامة المجتمع، الأمر الذي يثير شكاوى جماعات حقوقية بشأن انتهاك الخصوصية.

وحذرت أوساط حقوقية من لجوء المنصة إلى جمع المعلومات والبيانات الشخصية عن مواطني الدولة والوافدين إليها تحت ستار تقديم نصائح التوعية والمتابعة الطبية.

وبحسب زعم السلطات الإماراتية تهدف منصة “وقاية” إلى التعريف بالإجراءات الصحية والوقائية التي يجب اتباعها لسلامة وصحة الأفراد من أي أمراض أو أوبئة، بما في ذلك فيروس كورونا.