موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

توالي دعاوي قضائية ضد الإمارات على خلفية ممارساتها التجسس

1٬400

يتوالى رفع نشطاء عرب دعاوي قضائية ضد دولة الإمارات على ممارساتها التجسس والمراقبة الإلكترونية بما في ذلك بتقنيات إسرائيلية متقدمة.

وفي أحدث إعلان بهذا الصدد، رفعت الناشطة الحقوقية السعودية البارزة لجين الهذلول، دعوى قضائية بالولايات المتحدة الأمريكية ضد شركة إماراتية للمراقبة الإلكترونية و3 عملاء استخبارات أمريكيين سابقين، بتهمة باختراق هاتفها “الآيفون” الخاص بها.

ورفع محامو الهذلول “دعوى معدلة”، الإثنين الماضي، أمام المحكمة الفيدرالية الأمريكية بولاية أوريغون ضد مجموعة “دارك ماتر” والرجال الثلاثة بعد أسابيع من رفض قضائي سابق للدعوى.

وذكر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني أن الدعوى المعدلة تتهم “دارك ماتر” الإماراتية وعملائها السابقين باستخدام التكنولوجيا الأمريكية وتدريبهم الاستخباري الأمريكي لمساعدة أجهزة الأمن الإماراتية على التجسس على الهذلول.

ويقول محامو الناشطة السعودية إن “الإماراتيين استخدموا معلومات هاتف الهذلول لاعتقالها وتسليمها إلى المملكة العربية السعودية، حيث تم احتجازها وسجنها وتعذيبها”.

وكانت الهذلول، البالغة من العمر 33 عامًا، من أبرز المدافعين عن حقوق المرأة في السعودية، وشاركت في الحملات من أجل حق المرأة السعودية في قيادة السيارات، ورفض نظام ولاية الرجل في المملكة.

وفي مايو/أيار 2018، بعد شهرين من تسليم معلومات هاتفها، ألقت السلطات السعودية القبض على لجين، ومعها عدد من المدافعين البارزين عن حقوق المرأة.

وبعد شهر واحد، رفعت السعودية رسميا الحظر عن قيادة النساء للسيارات، لكن لم يتم إطلاق سراح لجين من السجن إلا في عام 2021، وبعد 1001 يوم من الاحتجاز، ولا تزال خاضعة لحظر السفر وغير قادرة على مغادرة المملكة.

وقالت علياء، شقيقة لجين: “لقد مرت شقيقتنا بمحنة لا يمكن تصورها بسبب دفاعها عن حقوق المرأة. لقد تعرضت للتعذيب والحكم عليها كإرهابية واختطفت واختفت قسرا”، مؤكدة أن “كل هذه الانتهاكات حدثت باستخدام تقنيات برامج التجسس” في الإمارات.

وكانت لجين الهذلول واحدة من مجموعة نشطاء حقوقيين وأكاديميين وصحفيين يُزعم أنهم استهدفوا من قبل مشروع “رافين”، وهي وحدة “دارك ماتر” السرية التي أسسها ويديرها العملاء السابقون بالاستخبارات الأمريكية، كان اسمها الرمزي “السيف الأرجواني Purple Sword”.

ووفقًا لدعوى لجين، فإن المشروع رصدت له الإمارات ميزانية سنوية تقدر بـ 34 مليون دولار وحوالي 40 موظفًا أمريكيًا.

وقبل نحو عام كشفت تقارير بريطانية عن تجهيز نشطاء عرب يقيمون في بريطانيا رفع دعاوي قضائية ضد كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين بشأن استهدافهم واختراق هواتفهم وحساباتهم الشخصية.

وبحسب المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط، أورد موقع “ميدل إيست آي” البريطاني أن هؤلاء النشطاء انتقلوا منذ عدة عقود إلى بريطانيا هربا من “حكوماتهم القمعية”، معتقدين أنهم يستطيعون الحديث بحرية، ولكنهم يتساءلون الآن عما إذا كان بلدهم بالتبني آمنا كما اعتقدوا في البداية أو أرادوا الاعتقاد؟.

وأثبتت تقارير دولية مؤخرا عن استخدام برنامج التجسس “بيغاسوس” (Pegasus) والذي طورته شركة “إن إس أو” الإسرائيلية، في اختراق الهواتف النقالة الذكية لمسؤولين وناشطين ومعارضين وصحفيين حول العالم.

وقالت مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة “أكسس ناو” الدولية مروة فتافتة للموقع نفسه: “في العادة تكون الدول كيانات محصنة من الدعاوى القضائية بسبب قانون حصانة الدول عام 1978 وتم تمريره قبل ظهور برامج التجسس الإلكترونية”.

لكنها أوضحت أن محامي المعارض السعودي “غانم الدوسري”، يرى أن ما تعرض له موكله هو استثناء للقانون.

وستكون حالة “الدوسري”، أول قرار لمحكمة بشأن برنامج تجسس ودولة أجنبية، وربما يمثل سابقة لمعارضين تعرضوا مثله لهجمات. وربما يكون مثالا للمحامين وخبراء الرقابة حول العالم.

ولفتت “فتافتة”، إلى أن خوف المعارضين العرب من برنامج التجسس تضاعف بسبب موقف الحكومة البريطانية الصامت على الهجمات ضدهم، أو عدم متابعة قوات حفظ النظام لها.

وكشفت وثائق برنامج التجسس الإسرائيلي “بيغاسوس”، التي تم الكشف عنها العام الماضي، عن تعرض صحفيين وسياسيين ونشطاء في القارة الأوروبية لهجوم ببرنامج التجسس.

وأظهرت الصحف عدد 50 ألف هاتف مرشحة للقرصنة أو تعتبر مهمة للرقابة في المستقبل.

مثل “الدوسري”، لم يكن لدى معظم المعارضين الذين تحدثوا لـ”ميدل إيست آي” أدنى شك في أن بريطانيا كانت محصنة ضد الفشل، حيث نجا أحدهم من حريق في منزله، وعثر آخر على سكين خارج نافذة مطبخه، وفي نفس اليوم تلقى رسالة برموز إيموجي على شكل سكين وكلمة “قريباً” بحسب الموقع.

وتم إغلاق حساب شخصين مع أفراد عائلتهما في بنك، بعدما صنفت الإمارات منظمات في بريطانيا إرهابية.

لكن الاختراق ترك أثره الخاص على المعارضين، الذين وجدوا أن حياتهم الشخصية مخترقة في الفضاء الافتراضي وبدون شهود، وهي “صدمة قوية وغير مرئية”، على حد قول “فتفتة”.

الإمارات تجسست على نجل معارض عراقي بارز

تناول التقرير كذلك قضية “أنس التكريتي” (53 عاما)، نجل معارض عراقي بارز، الذي قضى طفولته وشبابه في الإمارات، وعاد إلى بريطانيا حيث بدأ بالنشاط ضد الحرب والدعوة للديمقراطية في الشرق الأوسط، وأنشأ مؤسسة لنشر الحوار بين الإسلام والغرب وساعد على تحرير رهائن.

وعلم “التكريتي”، في الصيف الماضي، أن هاتفه “آي فون” قد اخترقته الإمارات، ببرنامج “بيجاسوس”.

وقبل أحداث الصيف الماضي كان هاتفه ملازما له مستعدا للرد على أية مكالمة، أما الآن فهو لا يعرف إن كان يريده قريبا منه، ونفس الشعور لدى أصحابه الذين يتمازحون بينهم بأن هاتف “أنس” قريب منهم.

وهناك أيضا مدير مسجد فينزبري بارك في شمال لندن “محمد كزبر” (56 عاما). فقد وصل إلى بريطانيا عام 1990 من لبنان الذي دمرته الحرب، والذي اكتشف في أن هاتفه على القائمة المسربة، وقد استهدف على الأرجح من الإمارات.

وقام “سيتزن لاب” بفحص هاتفه، وأكد أنه اخترق من “بيجاسوس”، وهو ليس متأكدا من سبب استهداف هاتفه، فقط لأنه انتقد سجل الإمارات في مجال حقوق الإنسان.

ومثل “التكريتي”، جمد حسابه المصرفي بعد وضع الرابطة الإسلامية البريطانية على قائمة الإرهاب في الإمارات، والتي شغل هو و”التكريتي” مناصب قيادية فيها.

وتقول “مونيكا سوبيكي”، المشاركة في شركة المحاماة “بيدمان”، والتي تمثل كلا من “التكريتي” و”كزبر”: “لو تم استخدامه ضدك مرة فما الذي يضمن عدم استخدامه ضدك الآن؟”.

تحقيق أوروبي

أفادت تقارير بأن تحقيقا داخليا بالمفوضية الأوروبية وجد أن الهواتف الجوالة لبعض مسؤوليها استهدفت من خلال برنامج بيغاسوس الإسرائيلي للتجسس فيما تحدث مسؤول عن “إشارات على حدوث اختراقات” لكن يصعب نسبتها لـ”مرتكب معين بشكل مؤكد”.

وقال مفوض العدل في الاتحاد الأوروبي ديدييه ريندرز في رسالة موجهة إلى المشرعة الأوروبية صوفي إينت فيلد بتاريخ 25 يوليو/تموز، إن شركة آبل أبلغته في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 باختراق محتمل لهاتفه المحمول بواسطة برنامج بيغاسوس.

وكانت مجموعة “إن إس أو” الإسرائيلية مالكة برنامج “بيغاسوس” التجسسي ومقرها إسرائيل مثار جدل خلال العام الماضي، بعد أن كشفت وسائل إعلام عن استهداف حكومات لمعارضين بهذا البرنامج القادر على تشغيل كاميرات وميكروفونات الهواتف المحمولة وسرقة بياناتها دون علم أصحابها.

وقال ريندرز في رسالته إن تحقيقا داخليا أجري لم يتوصل إلى “إثبات نجاح بيغاسوس في اختراق الأجهزة سواء الشخصية أو المهنية” العائدة له أو لمسؤولين آخرين في الاتحاد الأوروبي.

لكنه أضاف أن “عمليات فحص عدة لأجهزة أدت إلى اكتشاف مؤشرات على حدوث اختراقات” – وهو مصطلح يستخدمه الباحثون في مجال الأمن للإشارة إلى وجود دليل على حدوث اختراق- لافتا إلى أنه “من المستحيل أن تنسب هذه الإشارات إلى مرتكب معين بشكل مؤكد”.

طريقة عمل بيغاسوس

وفي وقت سابق كشفت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير لها عن أن البرمجية الخاصة ببرنامج التجسس بيغاسوس تُحمَّل خلسة على الهواتف المحمولة.

التقرير أكد أنه بمجرد تحميل برنامج التجسس على الجهاز يصبح الزبون قادرا على تحويله إلى أداة مراقبة قوية من خلال الوصول الكامل إلى الكاميرا والمكالمات والصور ومقاطع الفيديو والميكروفون والبريد الإلكتروني والرسائل النصية، وغيرها من الخاصيات، مما يتيح مراقبة الشخص المستهدف وجهات الاتصال.

وأضافت المنظمة “هذه تقنية هجوم متطورة ومعقدة، وفعالة في اختراق الأجهزة، ويصعُب أيضا على المُستهدَف اكتشافها أو منعها”.

وبيغاسوس هو برنامج تجسسي يُمكِن تثبيته على أجهزة تشغيل بعض إصدارات نظام آي أو إس (أبل) أو أي نظام آخر، من أجل التجسس على الشخص المستهدف ومعرفة ما يقوم به على هاتفه المحمول والاطلاع على ملفاته وكل الصور أو الوسائط التي يحتفظ بها في الجوال.

واكتُشفت هذه البرمجية في آب/أغسطس 2016 وذلكَ بعد فشل تثبيتها على آي فون أحد النشطاء في مجال حقوق الإنسان الإماراتي أحمد منصور (معتقل حالياً في سجون أبوظبي)، ما مكَّن شركة أبل من الانتباه لها والانتباه لاستغلالها الثغرات الأمنية بهدف الاختراق والتجسّس.

والبرنامج لا يعمل من تلقاء نفسه بل يستهدف المستخدم من خِلال دفعه بطريقة من الطرق إلى النقر على رابط خبيث مما يُمكّن من تحميل بيغاسوس التي يتمثلُ دورها في كسر آي أو إس على الجهاز وبالتالي التمكن من قراءة الرسائل النصية، المكالمات، جمع كلمات المرور، تتبع موقع الهاتف، جمع بيانات التطبيقات بما في ذلكَ جي ميل، فايبر، فيسبوك، واتساب، تيليجرام وسكايب.