يسود الغضب في موريتانيا من تزايد النفوذ العسكري لدولة الإمارات في البلاد خدمة لمؤامرات أبو ظبي في كسب النفوذ والتوسع.
ويثير دخول الإمارات بقوة في المجالات الاقتصادية والعسكرية وحتى الإعلامية في موريتانيا مؤخرا، جدلا واسعا في الشارع الموريتاني، فيما يتساءل المراقبون عن الثمن الذي ستدفعه موريتانيا مقابل هذه المساعدات.
وتتهم أحزاب موريتانية الإمارات بأنها تتدخل في شؤونها الداخلية مثلما كانت تدعم الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز ضد المعارضة الموريتانية ودفعته لإغلاق مقرات وممتلكات هذه الأحزاب خاصة الأحزاب الإسلامية منها.
وكان وفد عسكري إماراتي زار موريتانيا أمس السبت لدراسة مشروع تطوير مطار عسكري شمال البلاد، بحسب مصادر عسكرية قالت إن “الوفد سيعقد اجتماعات مع عدد من المسؤولين في الجيش وخاصة قادة المنطقة الشمالية”.
وأضاف المصدر أنه “تم الاتفاق في زيارة سابقة لقائد أركان القوات الجوية الإماراتية لموريتانيا على تطوير المطار الواقع في القاعدة العسكرية الشمالية وهو اتفاق يندرج في إطار التعاون العسكري بين البلدين”.
ويقع المطار في منطقة استراتيجية قريبة من الحدود بين موريتانيا ومالي من جهة وبين موريتانيا والجزائر من جهة أخرى.
وتطور التعاون العسكري الثنائي بين موريتانيا والإمارات منذ أن اصطفت موريتانيا إلى جانب الإمارات والسعودية في حرب اليمن وقررت قطع علاقاتها مع قطر عام 2017.
وإضافة إلى تبادل الزيارات والاجتماعات التي يتكتم الجانبان على نتائجها، منحت الإمارات، قبل أشهر، الجيش الموريتاني طائرة عسكرية تعمل في مهام الاستطلاع الجوي والإنزال المظلي ونقل الجنود والمؤن، كما قامت بافتتاح كلية للدفاع في العاصمة الموريتانية نواكشوط أطلق عليها اسم كلية محمد بن زايد.
ونهاية عام 2018 صادقت الحكومة الموريتانية خلال اجتماع استثنائي، على مرسوم يتضمن المصادقة على عقد تنازل عن مطارها الدولي “أم التونسي” لصالح شركة (Afro Port) الإماراتية، وهي شركة أنشأتها “مطارات أبوظبي” لتولّي تسيير مطار نواكشوط.
وبموجب الصفقة التي يصفها كثيرون بأنها “مشبوهة” وسبق أن أثارت جدلا واسعا على وسائل التواصل الاجتماعي في موريتانيا، فإن نواكشوط تتنازل للشركة الإماراتية عن تسيير البوابة الجوية الوحيدة للبلاد لمدة 25 سنة، فيما لم تعلن الحكومة الموريتانية ولا الشركة الإماراتية عن تفاصيل الصفقة، أو الامتيازات التي سيستفيد كل طرف منها.
وإبرام صفقة منح مطار “أم التونسي” الدولي الوحيد في موريتانيا لشركة “مطارات أبوظبي”، تطلب حضور وفد إماراتي وصل سراً إلى موريتانيا، وعقد لقاءات سرية مع عدد من المسؤولين الموريتانيين أحيطت بسرية تامة بعيدا عن أضواء الإعلام.
وتعطي الصفقة شركة “مطارات أبوظبي” حق استغلال مطار نواكشوط الدولي لمدة 25 سنة، مع ما يترتب على ذلك من امتيازات، بينما ستحصل موريتانيا على نسبة 5% فقط من جميع الخدمات التي تقدمها الشركة الإماراتية.
واعتبر النائب البرلماني المعارض محمد ولد محمد أمبارك أن تسليم مطار نواكشوط الدولي لشركة أجنبية هو امتداد لمسلسل من الفساد قامت به الحكومة الموريتانية، بدأ بتسليم ميناء الصداقة في نواكشوط لشركة أخرى أجنبية، من دون عرضه على البرلمان ليقول كلمته في أموال الشعب.
وقال ولد محمد أمبارك إن “تسليم المطار لشركة إماراتية من دون المصادقة عليه من طرف البرلمان سابقة خطيرة، وقمة الفساد والتلاعب بمصالح العامة، خصوصا المؤسسات العمومية التي راحت ما بين الإفلاس والتنازل عنها للأجنبي”، متسائلا: “ماذا بقي من المؤسسات العمومية؟”.
وأكد أنه سيتم توجيه مساءلة للحكومة عن الصفقة، مشيرا إلى أنه كان من المفترض أن يناقش البرلمان مثل هذه الصفقات وكشف ما يتعلق بها، مضيفا أن تسليم مطار نواكشوط الدولي لشركة إماراتية “عطاء من لا يملك لمن لا يستحق”.
وبرر وزير الاقتصاد والمالية الموريتاني المختار ولد أجاي المصادقة على عقد التنازل عن المطار الذي جري الثلاثاء الماضي، بأنه استثمار أجنبي مباشر، سينعكس بشكل إيجابي على البلد، وسيمكن المطار من أن يصبح نقطة تجميع للمسافرين مثل العديد من المطارات في المنطقة، مما سيضمن عائدات معتبرة للبلد، من خلال تشغيل الفنادق وبيع المحروقات التي تستخدم الطائرات وكذلك خطوط الطيران الموريتانية.
وقال إن الاتفاقية تتضمن التنازل عن خدمات المطار الحالية، وتولي الشركة الإماراتية تطوير الخدمات، لتمكين المطار من القيام بالدور الذي تقوم به المطارات المشابهة.
وبخصوص الجانب المالي للاتفاقية، كشف الوزير أنها تمنح الدولة الموريتانية ملكية بنسبة 5% من هذه الشركة، بما في ذلك كافة المنشآت التي ستقوم بها مستقبلا، مما يمنح الدولة ما يقابل هذه النسبة من الأرباح السنوية من دون أن تشارك في رأس مال الشركة.