تتجاهل السلطات الإماراتية القوانين الدولية، والأحكام الخاصة بمعتقلي الرأي في سجونها، بل تتعنت بالإفراج عن معتقلين سياسيين أنهوا فترة اعتقالهما منذ سنوات بينهم ناشطي رأي رغم انتهاء فترة اعتقالهما منذ 3 سنوات.
وترفض السلطات الإماراتية إطلاق سراح الناشطين أحمد محمد الملا وعبد الله الحلو بعد أن أنهى الأول محكوميته في 1 مايو 2017 والثاني يوم 22 أبريل 2017؛ بدعوى الاحتجاز في مركز المناصحة “لإصلاحهم وهدايتهم”.
واعتقل عناصر أمن الدولة في دبي، الحلو، في 22 إبريل/ نيسان 2014م، بعد تفتيش منزليهما وترويع أطفالهما ثم نقلها إلى أبو ظبي لأسباب غير معروفة في الساعات الأولى من اعتقلاهما.
كما تم اعتقال الملا، في 1 مايو/ أيار 2014، بعدما قاموا بتكبيل يديه أمام زوجته وأولاده وأقاربه واقتادوه إلى مكان مجهول مع عدم علم وإدراك أسرته لأسباب اعتقاله.
وحكمت محكمة إماراتية، لاحقا، على كلا من أحمد الملا وبدر البحري وعبد الله الحلو وفيصل الشحي في نفس القضية، وتحديدا في 13 يونيو 2016م، بالسجن ثلاث سنوات.
ووجهت لهما تهمة الانضمام لجمعية الإصلاح وجمع التبرعات والأموال دون الحصول على إذن مسبق من السلطات الإماراتية، وقد قضى المحكومون سنتين من الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي.
و”الاختفاء القسري”: هو الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية يتم على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون.
وفي أغسطس 2019 أعلن رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان العفو عن بدر البحري وإخلاء سبيله بعد أن اضطر مقابل الإفراج عنه إلى إعلان انفصاله عن مجموعة جمعية الإصلاح، والتصريح بتوبته بعد انقضاء سنتين على انتهاء حكمه في ابريل 2017 ونقله للمناصحة.
لكن السلطات الإماراتية لا تزال تعتقل عبد الله الحلو وأحمد الملا دون وجه حق سوى رفضهما الخضوع لمبدأ الابتزاز.
واعتبر المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان، استمرار السلطات الإماراتية اعتقال أحمد محمد الملا وعبد الله الحلو داخل مركز المناصحة في سجن الرزين رغم انتهاء مدة الحكم الصادر بحقهما، ضربا من ضروب الاعتقال التعسفي وخرقا لمقتضيات المادة 9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وللمعايير الدولية ذات الصلة التي أكّدت على أنّه” لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفيا”.
ودعا المركز الدولي سلطات دولة الإمارات إلى الإفراج الفوري عن الحلو والملا وعن غيرهم من سجناء الرأي، والكف عن احتجازهم إداريا بمراكز المناصحة وتعديل قانون مكافحة الإرهاب دون تأخير ليتوافق مع المعايير الدولية بشأن حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
وبحسب منظمات حقوقية، فإن عدد المعتقلين السياسيين في السجون الإماراتية، بلغ 106 معتقلين، بينهم سيدتان (أمينة العبدولي ومريم البلوشي).
وهناك 106 معتقلين على خلفية قضية “دعوة الإصلاح”، و30 من قضية “شباب المنارة”، وثمانية موقوفون على قضايا سياسية أخرى.
وتخشى هذه المنظمات من ضغوطات تمارسها السلطات الإماراتية على المعتقلين للخروج في فيديوهات مصورة تتبرأ من جماعة الإخوان المسلمين وتهاجمها، على غرار ما فعلته مع ثلاثة من المعتقلين (بدر البحري، أسامة النجار، عثمان الشحي)، عند بث تسجيلات لهم تهاجم دعوة الإصلاح، مع صدور قرار رئاسي بالعفو عنهم.
واللافت أن اثنين من الثلاثة أعلاه أفرج عنهما بعد أكثر من سنتين على انتهاء محكومياتهما.
وبدأت أبو ظبي حربها المعلنة ضد “جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي” منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، وتصاعد ذلك بعد صدور عريضة تطالب بالإصلاح وانتخابات حقيقية، تبنتها الجمعية، في آذار/ مارس 2011، وقامت بسحب جنسيات 6 من أعضائها، قبل الزج بالعشرات منهم في السجن.
والعام الماضي، أصدر رئيس دولة الإمارات وحاكم إمارة أبو ظبي خليفة بن زايد آل نهيان، مرسوم إنشاء “المركز الوطني للمناصحة”، بهدف “هداية وإصلاح المحكوم عليهم في الجرائم الإرهابية أو من توافرت فيهم الخطورة الإرهابية”.
وقال الناشط الإماراتي حمد الشامسي: إن هناك قصورا في تطبيق قانون “إنشاء المركز الوطني للمناصحة”.
وذكر الشامسي أن المادة 8 من هذا القانون تنص على أن الأشخاص المدانين بقضايا إرهابية (المحكوم عليهم بالخطورة الإرهابية) يتم إيداعهم بهذا المركز، إلا أن الحقيقة هي وجود هؤلاء المعتقلين في منشآت عقابية، جلّهم في سجن الرزين.
وألمح الناشط المحكوم غيابيا بالسجن 15 سنة إلى أن الإمارات تطبق بحق المنتهية محكومياتهم ما يعرف عالميا بـ”الاعتقال الإداري”، إذ يمدد النائب العام توقيف المعتقلين كل ستة شهور، لزعمه أن خطرهم لا يزال قائما.
وأضاف الشامسي أن “النيابة العامة تستخدم مواد هذا القانون لابتزاز المعتقلين؛ حتى يقوموا بتسجيل أقوالهم التي تستخدم للتشهير بهم، كما فعلت مع البحري والنجار وعثمان الشحي، الذين قضوا أكثر من سنة في منشأة عقابية بعد انتهاء فترة محكوميتهم”.
