تبرز نماذج صارخة في دولة الإمارات العربية المتحدة لمعاناة هائلة للنساء وحجم انتهاك حقوقهن بما يكشف زيف ما يتم ترويجه من النظام الحكم من شعارات تزعم المساواة والتسامح.
سواء كانت ناشطة رأي تدعو للإصلاح أو ناشطة حاولت إغاثة أهالي سوريا المنكوبين بدعم مالي أو حتى أميرة في قصر الحاكم فإن التعسف وسلب الحقوق يمثل سمة رئيسية للنساء في الإمارات.
ومن بين آلاف القصص السرية التي لا يسمح النظام الإماراتي وقيوده في خروجها إلى العلن فإن ست قصص لنماذج نساء وجدت طريقها إلى الرأي العام في الإمارات العالم لتكشف حدة التدهور في معاملة النساء والقيود المفروضة على حياتهن في الدولة.
معتقلة الرأي علياء عبدالنور توفيت في الرابع من أيار/مايو الماضي تعذيبا وإهمالا في سجون الإمارات وذلك بعد أعوام من المرض رفضت فيها السلطات الإماراتية علاجها.
وتوفيت علياء بعد معاناة مع المرض وهي مكبلة على سرير مستشفى تحت حراسة مشددة. ورفضت السلطات مناشدات دولية ومحلية السماح لها بالبقاء باقي حياتها مع أفراد العائلة، كانت المدة المتبقية لحياتها أسابيع قليلة، يظهر ذلك “التسامح” السيئ الذي تقدمه السلطات للعالم.
وحُرمت علياء عبدالنور خلال فترة اعتقالها منذ 2015 وحتى يوم وفاتها من أبسط حقوق السجناء، واستمر تعذيبها لأشهر قبل الحكم السياسي عليها بالسجن 10 سنوات لأنها كانت تبعث المال للنازحين السوريين. وتم نقلها بعد ضغط حقوقي دولي ومن عائلتها إلى المشفى لتلقيها العلاج من مرض السرطان.
بينما مريم البلوشي وأمينة العبدولي وغيرهن من المعتقلات تخشيان من مصير مماثل في ظل استمرار تعرضهن للتعذيب الجسدي والنفسي والإهمال الطبي المتعمد.
وتقضي مريم البلوشي حاليًا عقوبة مدتها 5 سنوات بتهمة تمويل الإرهاب بعد تبرعها لعائلة سورية وسط الحرب الأهلية في البلاد، فيما يتم اعتقال العبدولي تعسفيا منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2014.
وحذرت منظمات حقوقية في عدة مناسبات من أن البلوشي والعبدولي، تعيشان ظروف اعتقال سيئة أدت إلى تدهور في حالتهما الصحية، فيما إدارة سجن الوثبة الذي تحتجزان فيه تسيء معاملتهن وتنكل بهن.
كما أن الوضع الصحي لمريم البلوشي وأمينة العبدولي تدهور بشدة نتيجة ظروف اعتقالهما الرديئة داخل سجن الوثبة وبسبب تعرضهما لسوء المعاملة وعدم تلقي العناية الطبية الكافية.
وتعاني البلوشي من تليف في الكبد، وحصى في الكلى، ولا تكفل لها سلطات السجن العناية الطبية المناسبة رغم الألم والإلحاح من طرفها، كما ترفض الإدارة تنقلها إلى العيادة الطبية أو توفير الأدوية المناسبة لها.
كما تشكو العبدولي من فقر الدم ومرض بالكبد ينتج عنه “زيادة إفراز العصارة الصفراوية” ولا تلقى من إدارة سجن الوثبة العناية الطبية اللازمة ولم تنقل إلى المستشفى أو العيادة الطبية للسجن كما لم تصرف لها الأدوية الكفيلة بشفائها.
بموازاة ذلك لم تجد المواطنة هند البلوكي (42 عاما) سوى خيار الهروب والفرار إلى أوروبا العام الماضي للتخلص مما يتم فرضه من قيود وتعنيف لحقها وأمثالها من النساء في الإمارات.
وسلطت حادثة البلوكي المزيد من الضوء على واقع جحيم النساء في الإمارات وانتهاكات حقوقهن.
إذ اضطرت البلوكي إلى ترك بلدها وأطفالها الأربعة وتقديم طلب لجوئها في مقدونيا، بسبب تعرضها للتعنيف المنزلي وفرض وصاية الرجل عليها.
وخيار الهروب لم يكن فقط خيار النساء العاديات في الإمارات، بل لجأت إليه الأميرة الأردنية هيا بن الحسين زوجة حاكم دبي محمد بن راشد قبل أسابيع.
وأفاد موقع “ديلي بيست” الأميركي، أنّ الأميرة الأردنية تعيش الآن في مكانٍ سريّ بعد أن هجرت زوجها منذ أسابيع بسبب سوء معاملتها.
وبحسب الموقع الأمريكي يُعتقد أن الأميرة هيا طلبت اللجوء في البداية في ألمانيا، وقد تم الموافقة على طلبها عليه من حيث المبدأ.
ومع ذلك، -وفقاً للموقع الأمريكي- يُقال إن الأميرة هيا تسعى للحصول على ملاذ آمن في المملكة المتحدة.
والأميرة هيا بنت الحسين (3 مايو 1974)، ابنة الملك الحسين بن طلال من زوجته الملكة علياء، وأخت الملك عبد الله الثاني بن الحسين وقد عينت سنة 2007 رسول السلام التابع للأمم المتحدة.
وأعادت هذه الحادثة إلى الاذهان هروب إحدى بنات محمد بن راشد الشيخة لطفية بعد شكواها من تعرضها السجن لثلاث سنوات وتعرضها لمعاملة قاسية وغير إنسانية.
وفرت لطيفة مع جاسوس فرنسي سابق يدعى جون بيار هرفي جوبير، لديه تاريخ في مساعدة الناس في دبي على الهرب من خلال يخته المسجل في أمريكا.
وقبل هروبها سجلت لطفية فيديو قالت إنه لم يُسمح لها بمغادرة البلاد منذ عام 2000، كما أنه تجري مراقبتها على مدار الساعة.
وذكرت الشيخة لطيفة أن لديها شقيقتين أخريَين من الأم نفسها و”أنه لا يُسمح لنا بالاحتفاظ بجواز السفر”، و اضافت أنه “إذا خرجت فإن لديها سائقاً معيناً، لا تستطيع أن تذهب من دبي إلى أي إمارة أخرى دون إذن”.
ولاحقا أعادت السلطات الإماراتية الشيخة لطفية بالقوة ووضعتها تحت الإقامة الجبرية ثم بدأ الأطباء بإعطائها أدوية مهدئة بعد أن أصيبت بحالة من الهستيريا.
وللإمارات سجل حقوقي أسود فيما يتعلق بوضع المرأة في ظل ما تتعرض له من سلسلة انتهاكات على كافة المستويات في واقع من التهميش والتمييز وسوء المعاملة والتعسف بحقوقها.
ويوصف وضع المرأة في الإمارات بأنه مشين ويشابه ظروف المرأة في العصور الوسطى والجهل في أوروبا قبل قرون بحيث أن نظام أبو ظبي يهين المرأة سواء الإماراتية أو تلك التي تنتمي لأي جنسية أخرى.
وتعتبر الإمارات مركزا للاتجار بالبشر، وذلك حسب التقرير السنوي للخارجية الأميركية وتقارير منظمة (هيومن رايتس ووتش) والعفو الدولية بما في ذلك استعباد نساء والاتجار بهن في سلوك غير إنساني.
كما أن الإمارات لا توفر الحماية للمرأة المغتربة بحيث يتم إجبار الآلاف منهن على العمل في الدعارة في كازينوهات دبي، ويتم الإيقاع بالنساء من خلال استقطابهن للعمل في وظائف عادية ثم يفاجأن بعدم وجود أي فرص سوى العمل بوظائف في البارات والنوادي الليلية وبيوت الدعارة.
كذلك تعاني المرأة في الإمارات من قيود تفرضها إجراءات التمييز والقوانين الإماراتية الخاصة بالمرأة بحيث تطبق على المسلمات وغير المسلمات، إضافة إلى سياسة عامة تقوم على عدم تمكين المرأة والنيل من حقوقها.
ويؤكد ذلك كافة المراكز الحقوقية المعنية برصد الأوضاع الحقوقية في دولة الإمارات، ومنها المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان، الذي يؤكد أن هناك ممارسات قمعية تقوم بها الأجهزة الأمنية في الإمارات ضد المرأة، ورصد جرائم ترتكب بحقها.
ويعد العنف المنزلي ضد المرأة منتشرا بشكل كبير في الإمارات، التي ليس لديها قانون خاص بالعنف المنزلي، وفي الوقت الذي تنطبق فيه مواد قانون العقوبات، مثل تلك التي تنطبق على حالات الاعتداء، على الانتهاكات الزوجية، أخفق القانون الإماراتي في توضيح تدابير الحماية، ومسؤوليات الشرطة والقضاء وغيرهما من المؤسسات الحكومية في التصدي للعنف المنزلي، وغيره من الانتهاكات.
كما تعاني المرأة في الإمارات من عدم احترام وانتهاكات ممنهجة بما في ذلك سجن المئات من “ضحايا الاغتصاب” وسجن المئات من النساء بتهمة ممارسة الجنس خارج نطاق الزواج رغم أنهن ضحايا ولسن مجرمات.
أما عن المرأة الأجنبية الوافدة إلى الإمارات كعمالة في المنازل فهناك أكثر من 146 ألف امرأة يعملن في هذا المجال داخل الإمارات، ووثقت منظمة هيومن رايتس ووتش حالات انتهاكات مختلفة واستغلالا يتعرضن له جراء نظام الوصاية على تأشيرات الدخول المعرف باسم “الكفالة” إلى جانب حرمان العاملات المنزليات من مظلة حماية قوانين العمل.
ويتم التعسف بحقوق المرأة الأجنبية الوافدة إلى الإمارات بمنعهن من الحصول على مستحقاتهن وعدم السماح لهن بالحصول على فترات راحة أو أيام إجازات، وعدم مغادرة منازل أصحاب العمل، إلى جانب العمل المُفرط، الذي يتضمن يوم عمل يصل إلى 21 ساعة.
يضاف إلى ذلك سياسة السلطات الإماراتية الممنهجة والتعسفية إزاء اللاجئات خاصة السوريات الهاربات من واقع ويلات الحرب في بلادهن وإجبارهن على الترحيل دون أي اعتبارات إنسانية أو قانونية.