كشفت مصادر موثوقة عن خفايا وساطة الإمارات لدى منظمة الشرطة الجنائية الدولية “الإنتربول” لرفع القيود المفروضة على نظام بشار الأسد في سوريا.
وقالت المصادر ل”إمارات ليكس”، إن الإمارات ضغطت على مدار أشهر على الإنتربول واستخدمت علاقاتها في المنظمة لدفع اتخاذ قرار رفع القيود عن نظام الأسد.
وذكرت المصادر أن مسئولي الإمارات المتنفذين في الإنتربول ضغطوا بقوة وأقاموا تفاهمات مشبوهة مع كبار المسئولين في المنظمة الدولية من أجل اتخاذ القرار المذكور.
وبحسب المصادر فإن وساطة الإمارات تأتي في إطار نهج أبوظبي لتعزيز علاقاتها مع نظام الأسد خدمة لمؤامراتها في كسب النفوذ الإقليمي وتوطيد التعاون معه في ملاحق المعارضين.
وأعادت منظمة الإنتربو قبل أيام” منح النظام السوري حق الولوج لشبكة الاتصال الخاصة به وهو ما يعرض المعارضين للنظام في الخارج لخطر التوقيف وحتى التعذيب.
كما أنّ ولوج النظام لشبكة الإنتربول ووصوله لقاعدة البيانات، لها مخاطر على طلبات لجوء السوريين في الخارج.
وتتيح هذه الخطوة للنظام السوري الحق في مراقبة المعارضين واللاجئين السوريين حول العالم وإدراجهم بـ”النشرة الحمراء” للمطلوبين.
وأثار قرار الإنتربول الذي اتخذته اللجنة التنفيذية في الأمانة العامة للمنظمة مخاوف نشطاء وحقوقيين من تمكين نظام الأسد لملاحقة معارضيه حول العالم، وتعريض الذين فروا من الحرب للاحتجاز والتسليم.
وتعليقا على تلك الخطوة، قال توبي كادمان، وهو محامي بريطاني يعمل في محاكمات جرائم الحرب المتعلقة بسوريا: “أشعر بخيبة أمل كبيرة وقلق عميق من اتخاذ مثل هذا القرار”.
وأضاف في تصريحات لصحيفة “الغارديان” البريطانية: “أنظمة ولوائح الإنتربول مبهمة، ولا يوجد إشراف حقيقي أو مساءلة، ويجري إساءة استخدامها بشكل روتيني من قبل بعض الأنظمة، مثل النظام السوري الذي لا يولي أي اهتمام لحقوق الإنسان”.
ويمكن للدول الأعضاء في الإنتربول، البالغ عددها 194 دولة، أن تطلب من المنظمة إصدار “إخطارات حمراء” للأشخاص المطلوبين، والتي تكون بمثابة طلب من حكومات الدول الأعضاء الأخرى تحديد مكان واعتقال الأفراد الذين قد يخضعون بعد ذلك لمزيد من الإجراءات مثل التسليم.
وينص ميثاق تأسيس منظمة الإنتربول، التي تتخذ من مدينة ليون الفرنسية مقرا لها، على أنها هيئة محايدة سياسيا، وتقول إن جميع “الإخطارات الحمراء” تخضع للمراجعة والتدقيق.
وفي هذا الصدد، يوضح كادمان: “من السهل جدًا إصدار إخطار أحمر دون الحاجة إلى تقديم معلومات وافية عن الشخص المطلوب، وبالتالي فإن منظمة الإنتربول التي تعاني نقصا في التمويل وأعداد الموظفين لن تكون قادرة على مراجعة الطلبات بشكل صحيح، ناهيك عن أن إلغاء تلك الإخطارات في العديد من الدول بما فيها أوروبية مثل هولندا وبريطانيا يكون صعبا وبطيئا”.
وتابع “في الماضي، عملت مع أشخاص مستهدفين أمضوا شهورًا رهن الاحتجاز، وأحدهم بقي في الإقامة الجبرية لمدة عام كامل قبل أن نتمكن من إلغاء المذكرة الصادرة بحقه”.
من جهته، أكد المحامي طارق هوان، الذي يعمل في إحدى المنظمات الحقوقية للصحيفة البريطانية، أن النظام السوري معروف بتعامله “الدموي”، إذ اختفى بسبب اعتقالاته وملاحقته عشرات آلاف المواطنين داخل البلاد خلال الحرب التي استمرت نحو 10 أعوام، مشيرا إلى أن دمشق لها “سجل سيء في ملاحقة المنشقين والمعارضين خارج البلاد عبر أجهزة استخباراتها”.
وفي السياق أعرب مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، من الخشية على مصير المعارضين والسوريين المقيمين في بعض الدول العربية ومنها الإمارات، إذ قد تقدم حكومات تلك البلدان على تسليمهم تحت ذرائع ومسوغات أنهم ملاحقون بتهم جنائية”.
ويعد الإنتربول أكبر منظمة دولية لمكافحة الجرائم وتضم 194 دولة عضو، يُسمح لها الوصول لقاعدة البيانات وشبكة الاتصال الخاصة بها.
وقبل يومين كشفت أوساط أوروبية عن خفايا تغلغل الإمارات عبر خطة متدرجة في منظمة الشرطة الدولية “الإنتربول” بهدف حماية مسئوليها المتهمين بجرائم حرب وملاحقة المعارضين.
وقال المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط إن التغلغل المتزايد لدولة الإمارات العربية المتحدة منظمة الشرطة الدولية “الإنتربول” والتحكم بالمناصب الرفيعة فيها يثير المزيد من القلق الحقوقي الدولي.
وذكر المجهر وهو مؤسسة أوروبية تعنى برصد تفاعلات قضايا الشرق الأوسط في أوروبا، أن أوساطا حقوقية أوروبية ودولية عبرت بشكل متزايد عن متابعتها بخطورة لتنامي نفوذ الإمارات في منظمة الإنتربول لأهداف تخدم أجنداتها.
وتعتقد الأوساط الحقوقية أن مخطط الإمارات يقوم على نفوذها في التضييق على معارضيها بما في ذلك المدافعين عن حقوق الإنسان وحماية كبار مسئوليها من مطاردات قادمة بسبب ما ارتكبته من جرائم في حق الشعوب في السنوات القادمة.
وبهذا الصدد نبهت الأوسط الحقوقية إلى مخاطر إنشاء الإمارات مؤسسة (الإنتربول) في جنيف واستخدامها كواجهة لدفع الرشاوي المالية من أجل زيادة نفوذها في المنظمة الدولية وتدعيم فرص تسلم مسئولين مناصب رفيعة فيها.
وبحسب الموقع الالكتروني لمؤسسة الإنتربول فإنها منذ شهر أيار/مايو 2016، قدمت المؤسسة الدعم لسبع مبادرات أساسية للإنتربول، وذلك عبر التبرع بمبلغ 50 مليون يورو على مدى خمس سنوات، كجزء من اتفاق المساهمات المقدمة من حكومة الإمارات.
ورصد المجهر الأوروبي زيادة تغلغل الإمارات في مناصب رفيعة المستوى في الإنتربول على رأس دفعها اللواء أحمد الريسي -الذي شغل المفتش العام رفيع المستوى في وزارة الداخلية الإماراتية- لرئاسة الإنتربول.
يضاف إلى ذلك قائمة من عدد من مسئولي الإمارات يشتغلون عددا من المناصب في الإنتربول بينهم مبارك سعيد الخيل مدير مكتب الخليج في الإنتربول، وعبد العزيز محمد عبيد الله مدير مكتب إقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الإنتربول، وخالد الطائي مدير علاقات العمل في الإنتربول ويختص بالدعم الفني لجميع القارات.
كما تشمل قائمة تغلغل مسئولي الإمارات في الإنتربول: حميد العميمي رئيس قسم مكافحة الفساد في المنظمة، وناصر الثلاي ضابط يعمل في المكتب الإقليمي للشرق الأوسط، إلى جانب سعيد الكعبي مرشح للجنة مراقبة المحفوظات في الإنتربول.
وضمن خططها لترأس الإنتربول، عمدت الإمارات منذ أشهر إلى إطلاق خطة لتسويق مرشحها المنبوذ دوليا اللواء الريسي عبر إعداد زيارات له إلى الدول الأعضاء في الإنتربول لحشد الدعم لانتخابه بما في ذلك تقديم دعما لوجستي ومالي لتلك الدول.
وتتضمن الخطة كذلك حشد مؤسسات علاقة عامة وجماعات ضغط تمولها الإمارات بغرض دعم حظوظ الريسي في ظل ما يواجهه من معارضة دولية واسعة.
وقبل أشهر رفع مركز الخليج لحقوق الإنسان دعوى قضائية ضد الريسي لتعذيبه معتقلي الرأي خاصة الناشط الحقوقي أحمد منصور في سجون النظام الإماراتي.
وقدم الدعوى محامي حقوق الإنسان الفرنسي ويليام بوردون شكوى رسمية، بالنيابة عن مركز الخليج لحقوق الإنسان، إلى مكتب المدعي العام في باريس.
والدعوى ضد الريسي تتعلق بقضية الاعتقال غير القانوني لعضو مجلس إدارة مركز الخليج لحقوق الإنسان أحمد منصور ومعتقلي رأي آخرين في الإمارات.
وتستند الشكوى إلى مفهوم الولاية القضائية العالمية وتسعى إلى تقديم الرئيسي للعدالة أثناء وجوده في فرنسا سعياً لرئاسة الإنتربول هذا العام.
وفي 5 مايو/أيار2021، أصدر مركز الخليج لحقوق الإنسان وهيومن رايتس ووتش نداءً مشتركاً قالا فيه إن ترشيح الريسي لمنصب رئيس الإنتربول قد يعرض للخطر التزام منظمة الشرطة الجنائية الدولية بتعهداتها في مجال حقوق الإنسان.
وسيعين الإنتربول رئيسه الجديد في اجتماع جمعيته العامة بمدينة ليون بين 23-25 نوفمبر/تشرين الثاني 2021.
شغل الريسي منصب المفتش العام رفيع المستوى في وزارة الداخلية الإماراتية منذ أبريل/نيسان 2015، مما جعله مسؤولاً، من بين أمور أخرى، عن التحقيق في الشكاوى ضد الشرطة وقوات الأمن. ويتمتع جهاز أمن الدولة الإماراتي بسجل طويل من الانتهاكات المتعددة.
والريسي هو عضو في اللجنة التنفيذية للإنتربول، وهي الهيئة الإدارية التي تشرف على تنفيذ قرارات الجمعية العامة وعمل الأمانة العامة.
وفي حزيران/يونيو 2021 أعلن 35 برلمانيا فرنسيا موقفا مناهضا لتولى الريسي رئاسة الإنتربول، في ظل سجله الحقوقي الأسود وتورطه بتعذيب معتقلي الرأي والمعارضين في الإمارات.
وأرسل النواب وهم أعضاء في البرلمان ومجلس الشيوخ من الأغلبية والمعارضة، مكتوبا إلى الرئيس إيمانويل ماكرون طالبوا فيه باريس بمعارضة ترشيح الريسي للمنصب.
وقال البرلمانيون إن الريسي “في طريقه” ليتم انتخابه على رأس المؤسسة الدولية ومقرها في مدينة ليون، شرق فرنسا، في حين أن “سجله الثقيل يجب أن يبعده عن مثل هذه المسؤولية”.
وأضاف النواب في رسالتهم أن الريسي “مسؤول بشكل مباشر عن أجهزة الشرطة في بلاده التي تعمل بإفلات شبه كامل من العقاب”، واتهموه بلعب “دور مركزي في الاعتقال التعسفي والانتهاكات التي عانى منها العديد من نشطاء حقوق الإنسان”.