أعلنت وزارة الخارجية الهندية أن دولة الإمارات ستقلد رئيس الوزراء ناريندرا مودي أرفع وسام خلال زيارته للبلاد نهاية الأسبوع الجاري، ويأتي ذلك بينما تشتد أزمة بين نيودلهي وباكستان على خلفية التصعيد الهندي الأخير في قضية كشمير.
وذكرت الوزارة في بيان أن “الإمارات ستقلد مودي وسام زايد الذي سبق أن منحته له في أبريل/نيسان، تقديرا للقيادة المتميزة لرئيس الوزراء مودي ولعمله على إعطائه دفعة كبيرة للعلاقات الثنائية بين البلدين”.
وأضافت “الوسام الذي يحمل اسم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس الإمارات يحمل أهمية خاصة”.
وكانت وكالة أنباء الإمارات الرسمية (وام) قد أشارت قبل يومين إلى الزيارة التي يجريها مودي يومي 23 و24 أغسطس/آب الجاري، دون الإشارة إلى ذلك الوسام.
وذكرت الوكالة أن مودي سيبحث خلال الزيارة مع ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد “تعزيز علاقات الصداقة التاريخية والتعاون الإستراتيجي” بين الإمارات والهند إضافة إلى “التطورات ومجمل القضايا الإقليمية والدولية التي تهم البلدين”.
وأضافت أن زيارة مودي تأتي “في إطار الحرص المشترك على تنمية علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين بما يخدم مصالحهما المتبادلة”.
وكانت الإمارات أعربت عن تأييدها لقرار الهند إلغاء الحكم الذاتي لكشمير معتبرة أنها خطوة تشجع على “الاستقرار والسلام” وعلى تحسين ظروف السكان، وهي خطوة أدت إلى طرد السفير الهندي لدى باكستان قبل يومين.
ونقلت صحيفة غلف نيوز الإماراتية بالإنجليزية عن أحمد البنا سفير أبو ظبي في نيودلهي قوله “الخطوة التي اتخذتها الهند لإلغاء الحكم الذاتي لكشمير ستشجع على المزيد من الاستقرار والسلام” مؤكدة أن المسؤولين الإماراتيين بالهند قدموا دعمهم لهذا القرار.
وذكر السفير الإماراتي أن بلاده تتوقع أن تؤدي هذه الخطوة إلى تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقة بالحكم المحلي لدى شعب “ولاية جامو وكشمير”.
وكانت الحكومة الهندية أعلنت مؤخرا أنها ستلغي المادة 370 من الدستور التي تمنح الحكم الذاتي لما يسمى ولاية جامو وكشمير (الشطر الهندي من الإقليم) مما دفع باكستان الأربعاء لطرد السفير الهندي لديها وتعليق الاتفاقات التجارية الثنائية.
ويطالب سكان الإقليم ذي الغالبية المسلمة بالانفصال والانضمام لباكستان، منذ استقلال البلدين عن بريطانيا عام 1947. وقد أدى الصراع بين الجارين النوويين اللدودين إلى اندلاع ثلاث حروب منها اثنتان بسبب كشمير.
وقد بدأ شهر أغسطس/آب الجاري في وادي كشمير بكثير من النشاط لأنه من الأشهر القليلة التي يمكن أن يكسب فيها الكشميريون من السياحة التي تُعتبر أكبر مصدر لدخل عامة الكشميريين قبل حلول الشتاء الطويل القارس.
وكان مئات الألوف من الزوار الهندوس القادمين من كل أنحاء الهند لزيارة كهف “أمارناث” المقدس مستمرين في رحلتهم الطويلة إلى حيث يوجد بأعإلى الجبال، وكانت فنادق كشمير والقوارب الفندقية في بحيرات كشمير مليئة بالسياح.
في هذه الأجواء؛ فجأةً بدأت الهند ترسل المزيد من القوات إلى وادي كشمير المكتظ أصلا بالجنود، وصدرت أوامر لزوار “أمارناث” والسياح وحتى الطلبة غير الكشميريين في جامعات وكليات الوادي، بمغادرته خلال يومين. وكانت الحجة الرسمية هي أن إرهابيين قادمين من باكستان سيشنون هجمات على زوار “أمارناث”.
واحتار الناس من هذه الإجراءات غير العادية واستنتجوا أن شيئا كبيرا سيحدث في كشمير. وفي صباح 5 أغسطس/آب وقف وزير الداخلية الهندي أميت شاه في البرلمان الهندي ليعلن إلغاء المادة 370 من الدستور الهندي، وتقسيم ولاية جامو وكشمير إلى “منطقتين اتحاديتين” أي تابعتين مباشرة للحكومة المركزية.
كانت الخطوة قنبلة لم تفق الهند من آثارها إلى الآن، بينما كانت الغالبية العظمى من الكشميريين لا تعرف شيئا عما جرى لولايتها، إذ كان قد تم تحويله إلى سجن كبير منذ أوائل هذا الشهر، وأعلِن حظر التجول في كل الولاية مع قطع كل قنوات الاتصال بها من هواتف وإنترنت وخدمات تليفزيون، وجرى نشر القوات الهندية النظامية في كل مكان مع نزع سلاح الشرطة الكشميرية (المتكون في غالبيته العظمى من الكشميريين)، وفصلت مناطق عن بعضها بالأسلاك الشائكة، وسُجن مئة من كبار السياسيين والنواب الموالين للهند.
أما الزعماء الانفصاليون فهم بالفعل -منذ شهور وبعضهم منذ سنوات- في السجون أو تحت الإقامة الجبرية في بيوتهم، كما قد سبق حظر منظمات انفصالية غير مسلحة، وتم منع الإعلانات الحكومية عن صحف تؤيد الانفصاليين. وإلى الآن لا تعرف الغالبية العظمى من الكشميريين أن تغييرا سياسيا جذريا قد غيّر حياتهم تماما، وسلب منهم الاستقلال الذاتي الذى وعدته الهند لكشمير عندما انضمت إليها -رغم غالبيتها الإسلامية- سنة 1948.
ويأتي هذا القرار تتويجا لسياسة العصا الغليظة التي اتبعتها الهند في كشمير منذ مجيء رئيس الوزراء الهندي ناريندار مودي إلى الحكم قبل خمس سنوات؛ فخلال هذه المدة امتنعت الهند عن أي محادثات مع الزعماء الانفصاليين، بل إنها دأبت على التضييق عليهم وعلى ذويهم وملاحقتهم وسجنهم بمختلف الحجج.
وكانت الحركة الانفصالية المسلحة فد اندلعت في كشمير أواخر ثمانينيات القرن الماضي، ولا تزال مستمرة إلى الآن رغم أن أعداد المسلحين قد هبطت إلى عدة مئات، بينما كانت تقدر بنحو أربعين ألف مسلح في أوج الحركة الانفصالية المسلحة أوائل التسعينيات. وقد قُتل منهم كثيرون واعتقل آخرون، وألقى بعضهم السلاح وانضموا إلى الأمن الهندي، بينما هرب بعضهم إلى كشمير الباكستانية.
ويقدّر أن نحو مئة ألف شخص ما بين مدني ومسلح وجندي راحوا ضحية الحركة الانفصالية المسلحة، واختفى نحو عشرة آلاف عن وجه الأرض، وهناك نحو عشرة آلاف من النساء لا يعرفن شيئا عن مصير أزواجهن، وتوجد قبور جماعية مجهولة بالمئات في أنحاء كشمير من ضحايا قوات الأمن.