أحالت الإمارات الداعية من أصل أردني وسيم يوسف للمحاكمة بتهمة “إثارة الفتنة في المجتمع” في أحدث حلقات غدر النظام الإماراتي بأدواته.
وقد وجهت النيابة العامة في الإمارات خلال محاكمة يوسف، في محكمة الجنايات بأبوظبي، “تهمة نشر معلومات للترويج لبرامج وأفكار من شأنها نشر الكراهية والعنصرية في المجتمع، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي، وطالبت بمحاكمته طبقاً للمواد 1، و24، و41، من قانون جرائم تقنية المعلومات”.
وقدم “المدعي بالحق المدني” لهيئة المحكمة وكالة خاصة منه إلى عدة محامين للدفاع والمرافعة وتقديم الطلبات وغيرها بشأن الدعوى، فيما رفض وسيم يوسف توكيل محامٍ له، واكتفى بالدفاع عن نفسه.
وأجلت المحكمة جلسات المحاكمة إلى 18 آذار/مارس الجاري، لكن الناشط صالح الجسمي، نشر تهنئة لعدد ممن رفع عليهم وسيم يوسف دعوى قضائية، وقال إن دعواته أُسقطت بالتقادم.
وبحسب صحيفة “البيان” الرسمية، سألت المحكمة المتهم (وسيم يوسف) ما إذا كان يرغب في طلب تأجيل القضية لتوكيل محامٍ للدفاع عنه من عدمه، إلا أن الأخير رفض وأكد رغبته في الدفاع عن نفسه، فأخبرته هيئة المحكمة بأنه في حال تمسك بالدفاع عن نفسه وبعدم توكيل محامٍ سيتم حجز القضية للحكم، فأصر المتهم على رأيه، وأبدى موافقته على حجز القضية للحكم.
وبدأ المتهم دفاعه عنه نفسه بطرح تساؤل على هيئة المحكمة قال فيه: “أين التهم؟”، ما دفع المحكمة للفت نظره إلى أنه “موجود للإجابة لا لطرح الأسئلة، مع مطالبته بالنظر إلى المنصة عند الحديث لكونه في المحكمة لا في برنامج تلفزيوني”.
ونفى المتهم ارتكاب التهمة المسندة إليه، مشيراً إلى أن “البينة على من ادعى”، وأكد أن برنامجه الذي يتحدث من خلاله هو “برنامج عالمي وليس برنامجاً يقتصر على المستوى المحلي، وأنه لم يقصد أبداً إثارة الكراهية أو الفتنة أو العنصرية”.
وحول حديثه عن صحيح البخاري ادعى أنه كان القصد منه “رفع مقام القرآن الكريم عن أي كتاب آخر، كما قرر بأن لفظ الظلاميين الذي استخدمه في تغريداته على موقع التواصل الاجتماعي تويتر كان يقصد به تنظيم داعش، وتنظيم الإخوان المسلمين”.
من جانبها كررت هيئة المحكمة على المتهم تخييره ما بين التأجيل لتوكيل محامٍ للدفاع عنه أو حجز القضية للحكم، فتمسك المتهم برغبته في حجز القضية للحكم، في حين طلبت النيابة من هيئة المحكمة أجلاً لها للمرافعة، كما طلبت هيئة الدفاع عن المدعي بالحق المدني السماح لها بتقديم مذكرة ومستندات تثبت التهمة الموجهة للشاكي.
ووسيم يوسف شخصية مثيرة للجدل، طعن في الثوابت الدينية، والسيرة النبوية وتشكيكه في الأحاديث، ووصف أهل السنة بالظلاميين، وتعرض لدور تحفيظ القرآن الكريم.
وكانت أحالت النيابة العامة في أبوظبي في 20 فبراير/شباط الماضي بلاغاً يتهم وسيم يوسف بالترويج على وسائل التواصل الاجتماعي، لأفكار من شأنها إثارة الفتنة في المجتمع والعنصرية، إلى محكمة أبوظبي الابتدائية، بعد أيام من إعفائه من إمامة وخطابة مسجد زايد الكبير في العاصمة أبوظبي.
وقبل ذلك وتحديدا في الأول من شهر فبراير/شباط الحالي، أُعفي وسيم يوسف، من إمامة وخطابة مسجد زايد الكبير في قرار مفاجئ، خاصة أن الداعية كان متماهياً في خطاباته مع توجه القيادة الإماراتية، خاصة فيما يتعلق بمهاجمة المعارضة والثورات العربية ومساندة حصار قطر.
وجاء قرار الإعفاء، بعد جدل أثاره نشر يوسف مقطع فيديو يشكو فيه من معاملة بعض الشباب الإماراتيين له، وإيذائهم له ولعائلته بتعليقاتهم.
ووفق ما نقلته وسائل إعلام إماراتية قيدت النيابة الواقعة جنايةً طبقاً للمواد (1) و (24) و(41) من المرسوم بقانون اتحادي لسنة 2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، المعدل بمرسوم بقانون اتحادي رقم 2 لسنة 2018 بتعديل بعض أحكام قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
كما أمرت النيابة بإحالة المتهم وأوراق القضية إلى محكمة أبوظبي الابتدائية للعقاب، وفقاً للقيد والوصف.
بينما أكد المحامون إبراهيم التميمي، ويوسف آل علي، وربيعة عبدالرحمن، وعلي المنصوري، أنه تقرر تحديد يوم الثلاثاء 3 مارس/آذار المقبل، موعداً للنظر في أولى جلسات محاكمة وسيم يوسف، بتهم تتعلق بإثارة الفتنة والكراهية، والإضرار بالوحدة الوطنية.
إذ سلم المحامي إبراهيم التميمي، اليوم، الدائرة الثانية لمحكمة جنح أبوظبي “أمر إحالة جنايات” في القضية رقم 37 لسنة 2019 جزائي، أصدرته النيابة العامة، ممثلة في إدارة التحقيقات والمعلومات.
ولم يكن وسيم يوسف، البالغ من العمر 38 عاماً، معروفاً قبل سنواتٍ قليلة، لكنه تصدّر المشهد الديني في الخليج منذ عام 2012 بالتزامن مع ثورات “الربيع العربي”.
يوسف ليس إماراتي الأصل؛ بل هو مواطنٌ أردني ينحدر من مدينة إربد، مُنح الجنسية الإماراتية في عام 2014، بعد أشهر من شغل إمامته لجامع الشيخ زايد في العاصمة أبوظبي، أكبر وأهم جوامع العاصمة.
حصل وسيم على بكالوريوس الشريعة من جامعة البلقاء بالأردن، ثم درس الماجستير في تفسير القرآن في 2009، واشتُهر بتفسير الأحلام، وألَّف كُتباً قدم فيها نصائح زوجية، وألقى كثيراً من المحاضرات الاجتماعية في العاصمة الأردنية عمّان.
ومنذ مهاجمته “الربيع العربي” في 2012، لعب دوراً لا يستهان به في التسويق لسياسات الإمارات المناوئة لجماعات الإسلام السياسي.
ويرجع وسيم يوسف الفضل للمكانة التي يحظى بها في الإمارات إلى أنه كان من أوائل المشايخ المهاجمين لثورات “الربيع العربي”، في وقتٍ كانت فيه أغلبية الدعاة يؤيدون الخروج على الحكام والحركات الثورية.
كما اعتبر أن موقفه المضاد لجماعة الإخوان المسلمين في مصر صنع له شعبية كبيرة لحد امتلاء المسجد الصغير الذي كان يخطب فيه حينها بالمصلين، قبل صلاة الجمعة بساعتين؛ لسماع ما يقول.
كما كان لوسيم دور واضح في الأزمة الخليجية، إذ اتهم قطر باحتضان الإرهاب، وادّعى أنها تفتح أبوابها لكل المهاجمين لدول الخليج. وسبق أن هاجم رجل الدين الإماراتي أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مغرداً تحت وسم “نعم لردع تميم وأعوانه”، واصفاً قطر بالبؤرة السرطانية.
في حين لم يَسلم المنتخب القطري من اتهامات يوسف، فبعد هزيمة المنتخب الإماراتي أمام نظيره القطري 0-4 في نصف نهائي كأس آسيا 2019، قال إنه لا بأس من خروج المنتخب الإماراتي من البطولة “طالما أن قطر خرجت من المنظومة الخليجية بالخيانة”.