سلطت وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية المتخصصة بالشأن الاقتصادي في تقرير لها الضوء على كواليس السقوط المدوّي المحتمل لأحد أكبر عمالقة الاستثمار في دبي وهو رجل الأعمال الباكستاني عارف نقفي المدير التنفيذي والمؤسس لمجموعة “أبراج”، والأثر الذي قد يحمله ذلك على سمعة الإمارات كمركز مالي عالمي.
وقال التقرير إن أربعة مستثمرين كبار في صندوق الرعاية الصحي الذي يديره نقفي بقيمة مليار دولار – من بينهم مؤسسة بيل وميليندا جيتس التي يقودها بيل جيتس – قرروا توظيف محاسبين ماليين جنائيين بشكل غير علنيّ، للتحقيق ومعرفة أين ذهبت أموالهم.
وفي مارس / آذار، أوقف نقفي الاستثمارات الجديدة في صندوق جديد كان من المفترض أن يكون الصندوق الأكبر التابع لمجموعة أبراج حتى الآن، وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، بدأت الشركة في خفض الوظائف وتقليص حجم أعمالها.
بالنسبة لدولة الإمارات، فإن الانهيار السريع لسُمعة نقفي وحدوث المشاكل في أكبر شركة أسهم خاصة في الشرق الأوسط يهدد سمعتها كمركز تجاري.
ونمت مجموعة أبراج مع رغبة دبي في إنشاء مركز مالي عالمي، وعندما بلغت ذروتها بمحفظة أصول بلغت قيمتها 13.6 مليار دولار في العام الماضي، بدا وكأنها أصبحت اسماً على مسمّى.
وقد بنى نقفي (57 عاماً) سمعته كملك للاستحواذ في الخليج، وحقق عائدات مذهلة في اماكن لا يجرؤ إلا القليلون على المخاطرة فيها حيث على حصص في شركة لمنتجات الألبان في غرب افريقيا ومبنى مكاتب راقي في القاهرة بالإضافة إلى شركة صانعة للمواد الغذائية في كولومبيا، وكان يصرّ في ظهوره المصحوب بالزخم في المؤتمرات، على الإشارة إلى الأسواق الناشئة باسم أسواق النمو.
وفي السنوات الأخيرة، روج لمفهوم الاستثمار في التأثير، وهي الفكرة التي مفادها أنه يمكن توظيف رأس المال الخاص للتخفيف من بعض أكثر مشاكل العالم استعصاء: مثل الفقر، وتغير المناخ، وعدم المساواة.
وبناء على ذلك، قدمت مجموعة أبراج صندوق الرعاية الصحية الخاص بها كمثال بارز على كيفية استخدام الأموال الخاصة بشكل مربح ومفيد في إفريقيا وجنوب آسيا، حيث استثمرت في شركات تتراوح بين عيادات التشخيص الطبي في إسلام آباد والمستشفيات في الهند، وكان هذا هو الطُّعم الذي التقطته مؤسسة جيتس مع مستثمرين كبار آخرين.
ولد نقفي في كراتشي، وكان من المهاجرين الأجانب في البلدان التي صنع اسمه فيها، فقبل وصوله إلى الإمارات، كان يعمل في مجموعة العليان، وهي مجموعة سعودية لها علاقة بالأسرة المالكة تأسست من قبل الملياردير سليمان صالح العليان.
وبدأ قصة نشأته كلاعب قويّ في الخليج في عام 1999 عندما قام هو وشركته الاستثمارية غير المعروفة “كوبولا للاستثمارات المحدودة”، بمواجهة عمالقة الأسهم الخاصة الراسخين للفوز بالمحفظة الاستثمارية لشركة إنشكيب في الشرق الأوسط بقيمة 150 مليون دولار، وكانت هذه أول عملية استحواذ مدعومة بالاستدانة في منطقة الشرق الأوسط كما كانت علامة وصول نقفي إلى المشهد الاستثماري الوليد في دبي، قبل أن تملأ سماءها ناطحات السحاب البراقة بعشر سنوات.
حولت الصفقة أيضاً شركة نقفي ومؤسسته المستحدثة، التي أُسست بمبلغ 75 ألف دولار من أموال نقفي الخاصة، إلى مادة قيمة في طاحونة الشائعات المالية.
وبحلول الوقت الذي خرج فيه نقفي من هذا الاستثمار، محققاً ربحًا قدره 71 مليون دولار، فإن سمعته بالتحركات الجريئة في الأسواق المغمورة كانت قد تأسست بالفعل.
تبع ذلك المزيد من الصفقات بعد تأسيس نقفي لمجموعة أبراج في عام 2002، فقد تحرك هو وفريقه بسرعة للاستحواذ على شركة أرامكس الدولية بعد فترة وجيزة من خسارة الشركة الشرق أوسطية لأكثر من 15 في المائة من قيمتها.
كما استحوذت الشركة في عام 2012 على شركة “أوريوس كابيتال” التي تتخذ من لندن مقراً لها، مما أعطى لمجموعة أبراج موطئ قدم في الأسواق الناشئة خارج منطقة الخليج، ومكنها من الوصول إلى قائمة المستثمرين التي شملت مؤسسة غيتس.
ولكن المشكلات بدأت في مجموعة أبراج أواخر العام الماضي، عندما قام المستثمرون في صندوق الرعاية الصحية بتوظيف شركة أنكورا الاستشارية لتتبع أموالهم، وأظهر التحقيق مخالفات، بما في ذلك تحويل الأموال إلى استثمارات غير ذات صلة.
وردت الشركة في فبراير / شباط قائلة إن مراجعة مالية أجرتها شركة التحقيق ديولت لم تجد أي سوء استخدام للمال في الصندوق، ولكن بحلول ذلك الوقت كان الضرر قد حدث بالفعل، ولم تتمكن الشركة من الاستمرار في خدمة ديونها، البالغة مليار دولار، تزامنا مع توقف جمع التبرعات.
وقد توصل التحقيق التالي الذي أجرته ديلويت إلى أن الشركة خلطت أموال صندوق الرعاية الصحية وصندوق أسهم خاصة مع أموال شركتها القابضة، وهو تحرك من المرجح أنه اتُّخِذ بعد مواجهة مشكلات سيولة ناجمة عن التأخير في إنجاز صفقات معينة.
وتخاطر التحقيقات الجديدة حول سوء الإدارة في أبراج يخاطر بتشويه سمعة المنظمين وتقليل الثقة في الصناعة المالية في الإمارات بشكل أوسع، وقال المدراء التنفيذيون بالفعل في شركات الأسهم الخاصة الإقليمية المنافسة إنهم واجهوا صعوبة في جمع الأموال وإتمام الصفقات.
وأصبحت النكتة السائدة الآن بين المستثمرين في دبي هي أن أبراج التي كانت تعرف باسم “غولدمان ساكس في الشرق الأوسط” تخاطر بأن تصبح مثل بنك ليمان براذرز الذي أفلس في 2008 وأثر على أسواق العالم، وقد يقوّض نقفي الثقة في المنطقة لسنوات.
يقول لودوفيك فاليبو الأستاذ في كلية إدارة الأعمال بجامعة أكسفورد، إن قطاع الأسهم الخاصة بأكمله يعتمد على الثقة، وإذا قامت “أبراج “بشيء لم يتوقعه المستثمرون، فلن يتم التشكيك في الثقة بأبراج فقط، وإنما بقطاع الأسهم الخاصة في الإمارات والشرق الأوسط.