توقعت وكالة ستاندرد أند بورز للتصنيف الائتماني، أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الفعلي في إمارة أبوظبي بنسبة 7.5 في المائة هذا العام؛ بسبب انخفاض أسعار النفط والتأثير الناجم عن تفشي فيروس كورونا.
وتنبأت الوكالة بأن يرتفع العجز المالي في الإمارة إلى حوالي 12 في المائة هذا العام من 0.3 في المائة في 2019 وذلك في تفاقم لأزمة اقتصاد الإمارات.
وقالت ستاندرد أند بورز إنه من المتوقع أن تتلقى الإمارات الأصغر في دولة الإمارات العربية المتحدة “دعما ماليا استثنائيا” من الدولة بمساندة أبوظبي في حالة حدوث عُسر مالي.
وتطرح إمارة أبو ظبي مزيداً من السندات المقومة بالدولار الأميركي، فيما سرحت شركة “طيران الاتحاد” الإماراتية مئات الموظفين خلال مايو/ أيار الحالي؛ إثر تراجع الطلب على حركة السفر الدولية بفعل تداعيات الجائحة العالمية.
وأظهرت وثيقة، أن حكومة أبوظبي بدأت تسويق “إصدار” من السندات الدولارية القائمة التي تستحق في 2025 و2030 و2050، والتي طُرحت الشهر الماضي، ويعني ذلك إعادة فتح باب الاكتتاب باستخدام الوثائق ذاتها الخاصة بالطرح السابق.
وتعرض أبوظبي نحو 165 نقطة أساس فوق سندات الخزانة الأميركية للسندات لأجل 2025 وحجمها مليارا دولار، وحوالي 185 نقطة أساس فوق سندات الخزانة الأميركية للسندات استحقاق 2030 وحجمها مليارا دولار أيضاً، ونحو 3.5 إلى 3.55% لسندات بثلاثة مليارات دولار تستحق في 2050.
وتقرر تكليف “بي.ان.بي باريبا” و”بنك أبوظبي الأول” و”جيه.بي مورغان” و”ستاندرد تشارترد” لترتيب الصفقة، بحسب الوثيقة، التي أظهرت أيضا أن حصيلة بيع أدوات الدين، الذي من المرجح استكماله، في وقت لاحق، ستستخدم “لأغراض الميزانية العامة”.
وأصدرت أبوظبي السندات ثلاثية الشرائح بقيمة سبعة مليارات دولار، في إبريل/ نيسان، بعد صفقة سندات ضخمة لقطر بعشرة مليارات دولار.
ويأتي إصدار سندات أبوظبي في ظل الضغوط المالية التي شكلها انتشار فيروس كورونا وتهديد الاقتصاد العالمي بالركود.
وتعتمد الإمارة بشكل رئيس على مبيعات النفط الخام، كمصدر رئيس للدخل، في وقت تسجل فيه أسعار النفط الخام تراجعات حادة هي الأدنى منذ قرابة 18 عاما.
ويكتنف الغموض مصير إنقاذ إمارة دبي عالية الاستدانة، والتي تعاني ظروفاً اقتصادية قاسية في ظل تسبب الوباء في شل أركان الإمارة التي تعتمد بشكل رئيسي على السياحة والاستثمار والتجارة.
وتتصاعد حدة التوتر بين إمارتي أبو ظبي ودبي، عقب الأزمة الاقتصادية الأخيرة التي تسبب فيها انتشار فيروس كورونا داخل دولة الإمارات العربية.
وكشف موقع “نيوز ري” الروسي النقاب عن خشية إمارة دبي، من قبول مساعدات مالية من أبو ظبي لتجاوز الأزمة الحالية، لأن ذلك سيجعلها أكثر تبعية ويضطرها لتقديم تنازلات سياسية مثلما حدث بعد أزمة 2009.
وأشار إلى وجود محادثات بين الإمارتين لتقديم دعم مالي يمكّن دبي من تجاوز آثار الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها جراء انتشار وباء كوفيد 19، والذي جعلها تسجل أخطر ركود في تاريخها الحديث.
وبينما نفت دبي صحة هذه التقارير، يرى المراقبون أن التسريبات عبارة عن بالون اختبار أطلقته أبو ظبي لجس النبض ومعرفة موقف دبي من حزمة المساعدات المالية الجديدة.
وقال الموقع الروسي إن دبي تميل إلى رفض الدعم لأنه سيؤثر مباشرة على توجهاتها السياسية، وهو ما حصل بالضبط حينما قبلت مساعدات أبو ظبي في 2009 وقدّمت تنازلات قاسية.
وأضاف “نيوز ري” أن السنوات الماضية شهدت تباينا حادا في التوجهات السياسية بين أبو ظبي ودبي، ويظهر ذلك خصوصا من خلال الملف الإيراني.
ورأي ديفيد هيرست مدير تحرير صحيفة “ميدل إيست آي” أن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على طهران في 2018، أدت إلى تحويل وجهة الشركات الإيرانية من دبي نحو قطر وتركيا، وهو ما وجّه ضربة كبيرة لاقتصاد الإمارة التي احتفظت لسنوات بمبادلات تجارية قوية مع إيران.
وتابع “نيوز ري” أن دبي تخشى من أن أي سيناريو لمواجهة عسكرية بين الغرب وإيران من شأنه أن يعرضها لخطر كبير، كما أنها لم تكن طيلة الفترة الماضية راضية عن موقف أبو ظبي من الصراع اليمني وقطع العلاقات مع قطر.
ويرى مراقبون أن الامتعاض من سياسات أبوظبي لا يقتصر على دبي وحدها بل يمتد إلى إمارات أخرى.
وأكد أن عددا من شيوخ الإمارات لا ينظرون بعين الرضا للدعم الذي يقدمه محمد بن زايد إلى المشير خليفة حفتر في ليبا وإلى عدد من قيادات الجيش السوداني، ويعتبرون أن مصالح البلاد قد تتضرر جراء تدخل أبو ظبي في مناطق الأزمات.
واعتبر الموقع أن التوزيع غير العادل للثروات، والخلافات القديمة بين الإمارات الغنية مثل أبوظبي ودبي، وباقي الإمارات، كلها مشاكل يمكن أن تهدد وحدة البلاد.
وبحسب بعض التسريبات، فإن الإمارات الشمالية مثل عجمان والشارقة والفجيرة ورأس الخيمة، وهي الأقل ثراء، تمر بأزمة اقتصادية حادة جراء انتشار فيروس كورونا.
وخلص الموقع الروسي إلى أن دولة الإمارات التي استطاعت لفترة طويلة أن تحافظ على استقرارها من خلال توزيع عوائد النفط لضمان الولاء للسلطة المركزية، قد تعيش أزمة غير مسبوقة بسبب الأزمة الاقتصادية الحالية والتناقضات الواضحة بين أبو ظبي ودبي، وهو ما قد يؤثر على المنطقة بأكملها.