سجلت تجارة دولة الإمارات مع روسيا أرقاما قياسية خلال الأشهر الأخيرة رغم العقوبات الدولية المفروضة على موسكو على خلفية حربها على أوكرانيا منذ أكثر من عام ونصف.
وكانت روسيا حتى بداية حربها على أوكرانيا، تصدر معظم إنتاجها من الذهب إلى لندن، ولكن نتيجة العقوبات وعدم الثقة وصعوبة التعاون المصرفي، حولت روسيا أكثر من ثلث إنتاجها إلى الإمارات.
وقد صدرت روسيا إلى الإمارات حوالي 100 طن السنة الماضية، وهو 15 ضعف ما كانت تستورده الإمارات من روسيا سابقا، هذا بالإضافة إلى مصادر الإمارات الأخرى التاريخية مثل الهند، وخصوصا مالي (96 طن) وغانا (81 طن).
هذا يعني أن دبي أصبحت، ربما، أحد أكبر مستوردي الذهب في العالم، بل أيضا أحد أكبر المصدرين، إذ صدرت إلى أوروبا سنة 2022، وتحديدا إلى سويسرا 145 طن، حسب وكالة بلومبيرغ.
اللافت في هذا الخبر هو مسألتين، الأولى هي أن استيراد الذهب يتم بشكل علني بالرغم من العقوبات الغربية على روسيا، وضغوطات الغرب على الإمارات، من وضع مصارفها على اللائحة الرمادية، وإرسال وفد كبير، مؤخرا، لمنع الإمارات من تصدير مواد إلكترونية حساسة إلى روسيا، ومراقبة مشترياتها من النفط الروسي … الخ.
المؤكد هو أن الهند والصين يقومان بممارسات مشابهة، ولكن يصعب الضغط عليهما من قبل الغرب، لذلك فإنه من المتوقع أن تزداد الضغوطات الغربية على الإمارات قريبا.
وربما يلجأ الغرب إلى عقوبات من نوع جديد على الدول الصغيرة المستفيدة من حرب روسيا على أوكرانيا، وهنا تنبغي الإشارة إلى أن الإمارات هي ربما البلد الأكثر استفادة في العالم من هذه الحرب، خاصة وأنها هي أيضا مقر إقامة أكثر الأغنياء الروس في الخارج.
وقد أصبحت روسيا المصدر الرئيسي للذهب لدولة الإمارات في عام 2022، متجاوزة الموردين الرئيسيين السابقين بما في ذلك مالي وزيمبابوي وغانا، وسط العقوبات المفروضة على موسكو بسبب غزوها لأوكرانيا.
وبعد أن قادت الدول الغربية العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا بسبب غزوها في فبراير/شباط 2022، تدخلت الإمارات العربية المتحدة لاستيعاب بعض الإمدادات المتاحة في البلاد.
استوردت الإمارات 96.4 طنًا من الذهب من روسيا العام الماضي، أي أكثر من أي دولة أخرى، حسبما ذكرت بلومبيرغ نقلاً عن بيانات كومتريد للأمم المتحدة.
ويمثل هذا الرقم ما يقرب من ثلث إنتاج المناجم السنوي في روسيا وأكثر من 15 ضعف واردات الإمارات العربية المتحدة من البلاد مقارنة بالعام السابق.
وتأتي مالي بعد روسيا كأكبر مورد، حيث شحنت 95.7 طنًا من الذهب إلى الإمارات العام الماضي، يليها عدد من الدول الأفريقية الأخرى.
وكانت مالي أكبر مصدر لدولة الإمارات في عام 2021، حيث قدمت ما يقرب من 16٪ من الذهب في البلاد بقيمة 7.3 مليار دولار، وفقًا لموقع بيانات التجارة الدولية مرصد التعقيد الاقتصادي (OEC).
تليها زيمبابوي والسودان والنيجر وأوغندا ثم غانا بنسب 7.62% و6.13% و5.82% و4.32% و3.7% على التوالي.
ارتفعت واردات الإمارات من الذهب من روسيا منذ عام 2021. واستوردت الدولة الخليجية 75.7 طنًا من الذهب الروسي على مدار ما يزيد قليلاً عن عام – من 24 فبراير 2022 إلى 3 مارس 2023 – منذ بدء الحرب ضد أوكرانيا.
وذلك مقارنة بـ 1.3 طن في 2021، وفقا لسجلات الجمارك الروسية التي تنظر في بيانات ما يقرب من ألف شحنة من الذهب، حسبما ذكرت رويترز.
وجاءت الصين وتركيا بعد الإمارات في المرتبة الثانية بين أكبر المستوردين، حيث استوردت كل منهما حوالي 20 طنًا خلال تلك الفترة. وإجمالا، استحوذت الدول الثلاث على 99.8% من صادرات الذهب الروسية، وفقا لبيانات الجمارك.
قبل غزو أوكرانيا في فبراير 2022، تم شحن كل الذهب الروسي تقريبًا إلى لندن وتخزينه فيها. ويقال إن المملكة المتحدة استوردت ما قيمته 15.4 مليار دولار من الذهب الروسي في عام 2021، وفقًا لشركة Statista.
ويعد الذهب أحد أهم السلع التجارية لدولة الإمارات، التي استوردت ما قيمته 46 مليار دولار من الذهب في عام 2021، مما يجعلها رابع أكبر مستورد في العالم في ذلك الوقت، بحسب منظمة التعاون الاقتصادي.
وفي العام نفسه، كانت أبوظبي أيضًا ثاني أكبر مصدر للمعادن النفيسة بما يعادل حوالي 32.8 مليار دولار بعد سويسرا (22.5%) والهند (21.5%) وهونج كونج (20%) والمملكة العربية السعودية (9.04%) وجهاتها الرائدة.