يعاني اقتصاد دولة الإمارات من أزمات مركبة تدفع بتراجع قياسي له على الرغم من اتخاذ النظام الحاكم سلسلة إجراءات لمنع المزيد من الانهيار.
وتتعرض مختلف القطاعات الاقتصادية في الإمارات لضربة مزدوجة بسبب فيروس كورونا واسع الانتشار عالمياً، وتهاوي عائدات النفط مع انهيار أسعار عقود خام برنت العالمي إلى نحو 27 دولاراً للبرميل، لتفقد نحو ثلثي قيمتها منذ بداية العام الحالي.
يأتي ذلك فيما تحتاج الإمارات إلى 65 دولاراً للبرميل لتحقيق التوازن في ماليتها العامة، وفق تقرير صادر عن وكالة فيتش للتصنيف الائتماني العالمية في وقت سابق من إبريل/ نيسان الجاري.
واقترضت إمارة أبوظبي 7 مليارات دولار من السوق الدولية مطلع هذا الأسبوع، وسط صعوبات مالية تواجهها الإمارة الغنية بالنفط، فيما تعاني إمارة دبي المركز المالي والتجاري للدولة من ديون مرتفعة.
وأظهرت بيانات رسمية أن الإمارات اتخذت نحو 100 إجراء خلال 45 يوماً، لإنقاذ الاقتصاد من الأضرار الفادحة التي يخلفها تفشي فيروس كورونا الجديد، فيما يحتاط المصرف المركزي من تعثّر البنوك، بزيادة الاحتياطيات الإلزامية لديه بنسبة ملحوظة.
وأشارت البيانات الصادرة عن الهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء (حكومية) إلى أن هذه الإجراءات متخذة من قبل الحكومة المركزية والحكومات المحلية في الإمارات السبع، واستهدفت دعم الاقتصاد ومجتمع الأعمال والأفراد في ظل الظروف المستجدة.
وتضمنت الإجراءات، تقديم تسهيلات مصرفية للشركات والأفراد، قالت إن نتائجها ستظهر بالأرقام خلال الربع الثاني من عام 2020.
وفي ظل الأضرار المالية التي يخلفها فيروس كورونا وتهاوي أسعار النفط، بدأ مصرف الإمارات المركزي في التحوط من تعثّر مصرفي، في ظل توقف أغلب الأنشطة، بينما ترتفع معدلات مديونية الشركات، ولا سيما في القطاع العقاري.
وأظهرت بيانات صادرة عن “المركزي”، ارتفاع رصيد الاحتياطيات الإلزامية للبنوك لدى المصرف إلى 132.6 مليار درهم (36.1 مليار دولار) خلال الربع الأول من 2020 بزيادة نسبتها 7.7 في المائة، مقارنة بالربع الأول من العام الماضي 2019.
وأوضحت البيانات التي تضمنها تقرير المسح النقدي الصادر عن المصرف المركزي، اليوم، أن الاحتياطي الإلزامي (المخصصات المُجنبة لحالات التعثّر المصرفي ودعم السيولة النقدية) شهد نمواً متواصلاً خلال الأشهر الماضية.
وتزامن ارتفاع الاحتياطي الإلزامي مع إعلان المصرف المركزي طرح حزمة تحفيز للاقتصاد وصلت إلى 256 مليار درهم (69.7 مليار دولار).
في هذه الأثناء أعلن بنك الإمارات دبي الوطني، أكبر بنك في دبي، تراجعاً في أرباح الربع الأول الصافية بمقدار 24%، بسبب زيادة رسوم مخصصات انخفاض القيمة لمواجهة آثار فيروس كورونا الجديد.
وقال البنك في بيان إنه حقق أرباحاً صافية بلغت قيمتها 567 مليون دولار (2.1 مليار درهم) في الأشهر الثلاثة الأولى حتى مارس/ آذار، مقارنة بـ747 مليون دولار خلال الفترة ذاتها في 2019.
وأضاف البيان: “انخفض صافي الأرباح بنسبة 24% مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق، نتيجة ارتفاع حجم المخصصات التي قام البنك بتكوينها”.
وتواجه الإمارات خطر تآكل احتياطياتها النقدية، التي بُنيت خلال أكثر من عقدين. وحذر صندوق النقد الدولي في تقرير له، في مارس/ آذار الماضي، من اندثار ثروات الدولة خلال فترة تراوح بين 4 و32 عاماً وفق وضع كل دولة.
وحقق اقتصاد الإمارات نموا لم يتجاوز 2.9 بالمئة في 2019، وفق البنك المركزي الإماراتي الذي كان أعلن توقعات نمو تتجاوز 3.5 في المائة لنفس العام.
وسجل القطاع غير النفطي نموا محدودا في الإمارات للعام الماضي لم يتجاوز 1.1 في المائة في وقت أفاد البنك المركزي أن أسعار العقارات في دبي انخفضت سبعة بالمئة في الربع الأخير من العام الماضي مقارنة مع هبوط 8.2 بالمئة في الربع الثالث.
وقال المركزي الإماراتي إن “السوق في دبي مازالت تشهد انخفاضا للإيجارات يرجع بصفة أساسية إلى فائض المعروض”.
وقالت مجموعة نايت فرانك العقارية في تقرير الشهر الجاري إن من المقرر الانتهاء من 62 ألفا و500 وحدة سكنية هذا العام، فيما سيكون أكبر عدد من الوحدات الجديدة منذ 2008.
وفي أبوظبي قال البنك المركزي إن “أسعار العقارات السكنية انخفضت 7.5 بالمئة في الربع الرابع مقارنة مع انخفاض بنسبة 8.2 بالمئة في الربع السابق.
ولا يتوقع أن يحقق اقتصاد دولة الإمارات نموا يتجاوز 1.7% هذا العام بحسب استطلاع للرأي نشرته وكالة رويترز العالمية للأنباء شمل آراء 26 خبيرا اقتصاديا، وأُجري في الفترة الممتدة من 7 حتى 21 من يناير/ كانون الثاني الجاري.
وتوقع المحللون نموا قدره 1.7% للإمارات، نزولا من 2.2% في الاستطلاع الذي أُجري قبل ثلاثة أشهر. ولم تتغير التوقعات بالنسبة لعامي 2020 و2021.